ثمّ إنّ السيوطي عقد فصلاً آخر لتضعيف ما أفتى به الجوجري، وذكر فيه أربعة وجوه، ثلاثة منها جدليّة ينبغي أن تطوى ولا تروى!
وأمّا الوجه الرابع الذي ردّ به عليه من جهة التحقيق ـ كما قال ـ فهو ما ذكره بقوله:
قال البغوي في «معالم التنزيل»: يريد بـ: (الاَتقى * الذي يؤتي ماله يتزكّى) يطلب أن يكون عند الله زكيّاً، لا رياءً ولا سمعةً ـ يعني أبا بكر الصدّيق في قول الجميع ـ؛ وقال ابن الخازن في تفسيره: (الاَتقى) هنا أبو بكر الصدّيق في قول جميع المفسّرين؛ وقال الاِمام فخر الدين الرازي في تفسيره: أجمع المفسّرون منّا على أنّ المراد بـ: (الاَتقى) أبو بكر، وذهبت الشيعة إلى أنّ المراد به عليٌّ، فانظر إلى نقل هؤلاء الاَئمّة الثلاثة إجماع المفسّرين على أنّ المراد بـ: (الاَتقى) أبو بكر، لا كلَّ تقيّ. انتهى.
أقـول:
لا نقيم لاِجماعهم وزناً؛ لِما انكشف من حال الاَحاديث والآثار التي ليس لها من الحقيقة مسـيـس، ولا من القوّة والمتانة رسـيـس، فلا ينعقد على دعواهم إجماع إلاّ إجماعاً هو أوهن من بيت العنكبوت.
وأمّا عزو الرازي إلى الشيعة بأسرهم نزول الآية في حقّ عليِّ بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام فافتراء ظاهر، وقد عرفت قولهم في ذلك.
نعم، حكى هو في تفسيره(88) عن بعض الشيعة الاستدلال على ذلك بقوله تعالى: (ويؤتون الزكاة وهم راكعُون)(89)، بتقريب أنّ قوله عزَّ من