سورة الاَعلى: (ويتجنّبها الاَشقى * الذي يصلى النار الكبرى)(93) نزل في الوليد وعتبة وأُبَيّ.
قال: وأنت تعلم أنّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. انتهى.
قلـت:
هذا الكلام جارٍ بعينه فيما نحن فيه، ويستفاد منه أنّ (الاَتقى) في الآية ليس أفعل تفضيل، وإلاّ لَما صدق الوصف على الثلاثة؛ لاَنّ (أفعل) التي للتفضيل موضوعة لتفرّد الموصوف بالصفة وأنّه لا مساوي له فيها ـ كما قال السيوطي أيضاً ـ فهي كقوله تعالى: (أصحاب الجنّة يؤمنذٍ خير مستقرّاً وأحسن مقيلاً)(94)، وعلى فرض إرادة خصوص (الاَتقى) و(الاَشقى) فإنّ الاتّقائية والاِشقائية نسـبيّة، فأبو بكر مثلاً أتقى بالنسبة إلى أُميّة بن خلف، لا أنّه كذلك مطلقاً، وإلاّ لزم أن يكون (الاَشقى) في سورتَي الليل والاَعلى واحـداً.. وليس كذلك.
هـذا، مع أنّ ابن أبي الحديد المعتزلي ـ وليس هو ممّن يُـتّهم في أبي بكر ـ حكى عن بعضهم أنّ السورة نزلت في مصعب بن عمير(95)، فمع احتمال هذا القول ـ على الاَقلّ ـ وكذا ما سلف من القول بنزولها في أبي الدحداح لا يتأتّى الجزم بنزولها في أبي بكر؛ فتأمّل جيّداً.
قـال:
وقال الاَصبهانيّ في تفسيره: خـصّ الصَلْي بالاَشقى والتجنّب بالاَتقى