هي مراجع أهل السنة في علم القرآن؟ أليس هؤلاء أعلامهم وأئمتهم في التفسير؟
أليس من واجب الباحث أن يراجع تلكم الكتب ثم ينقض ويبرم، ويزن ويرجح؟
أيوجه قوارصه إلى مثل ابن عباس ترجمان القرآن، وأبي بن كعب أقرأ الصحابة - عندهم -
وعبد الله بن مسعود (عالم الكتاب والسنة) وعمران بن حصين، والحكم، وحبيب
بن أبي ثابت، وسعيد بن جبير، وقتادة، ومجاهد؟ أيرى كلا منهم جاهلا يدعي ولا يعي؟
أليس هذا سب الصحابة والسلف الصالح الذي تتهم به الشيعة عند قومه؟
أم يرى رجالات قومه من الشيعة ويسلقهم بألسنة حداد؟ فإن لم تكن عنده قيمة
لمثل البخاري. ومسلم. وأحمد. والطبري. ومحمد بن كعب. وعبد بن حميد. وأبي داود.
وابن جريج. والجصاص. وابن الأنباري. والبيهقي. والحاكم. والبغوي. والزمخشري.
والأندلسي. والقرطبي. والفخر الرازي. والنووي. والبيضاوي. والخازن. وابن جزي.
وأبي حيان. وابن كثير. وأبي السعود. والسيوطي. والشوكاني. والآلوسي. فمن قدوته
وأسوته في العلم والدين؟
نعم: لا يفوتنا أن أكاذيب الرجل وأساطيره المسطرة وعز والقول بنزول الآية
إلى الشيعة فحسب كلها تقدمة لسب الإمامين الطاهرين الباقر والصادق، وهو يعلم وكل
ذي نصفة يدري إن أئمة قومه الأربعة عايلة الإمامين في علمهما، فإن يوجد عندهم
شئ من العلم فمن ذلك النمير العذب، والباقران هما الباقران، وموسى الوشيعة هو
موسى الوشيعة، والله هو الحكم العدل، وإلى الله المشتكى.
وهلم نسائل الرجل عن أدب البيان الذي شعر به هو وخفي على هؤلاء الأعلام
في القرون الخالية، وعن الاختلال الذي عرفه هو وجهله أئمة القوم على تقدير القول
بنزول الآية في المتعة ما هو؟ وأين كان؟ وعمن يؤثر؟ ومن الذي قال به؟ وما الحجة
عليه؟ وممن أخذه؟ ولم كتمه الأولون والآخرون حتى انتهت النوبة إليه؟ لا أحسب
إنه يحير جوابا يشفي الغليل، ولعله يعيد سبابه المقذع إلى أناس آخرين.
حدود المتعة في الاسلام:
1: الأجرة.
2: الأجل.
3: العقد المشتمل للإيجاب والقبول.
4: الافتراق بانقضاء المدة أو البذل.
5: العدة أمة وحرة حائلا وحاملا.
6: عدم الميراث.
إن هذه الحدود ذكرها الفقهاء في مدوناتهم الفقهية، والمحدثون في الصحاح
والمسانيد، والمفسرون في ذيل الآية الكريمة الآنفة، فوقع إصفاقهم على أنها حدود
شرعية إسلامية لا محيص عنها، سواء فيها من يقول بالإباحة الدائمة أو بالإباحة
الموقتة المنسوخة، فأين يكون مقيل كلمة الرجل: إنها من الأنكحة الجاهلية
التاريخية ولم تكن بإذن من الشارع؟ ومتى كان في الجاهلية نكاح بهذه الحدود،
وقد ضبطوا أنكحتها وعاداتها وتقاليدها وليس فيها ما يشابه نكاح المتعة. نعم: الرجل
يتقول ولا يكترث لما يقول، وقد أسلفنا جمعا ممن ذكر حدود نكاح المتعة في الجزء
الثالث ص 331.
ولماذا يكون ابن جريج مسرفا في إتيان الفاحشة التي نزلت في أشد المحرمات
في مزعمة (موسى)، ولو كان ابن جريج متهاونا بالدين، فلماذا أخرج عنه أئمة الحديث
أرباب الصحاح الست كلهم، وحشو المسانيد مروياته وأسانيده؟ وقد سمعوا منه اثني
عشر ألف حديث يحتاج إليها الفقهاء (1) ولو فسد مثله أو فسدت روايته لوجب أن تمحى صحائف
جمة من جوامع الحديث، ولا تبقى قيمة لتلكم الصحاح عندئذ، ولو كان كما يزعمه
فلماذا أطرته أئمة الرجال بكل ثناء جميل؟ وكيف رآه أحمد إمام الحنابلة أثبت الناس،
وكيف كانوا يسمون كتبه كتب الأمانة؟ (2).
ثم ماذا على الرجل إن عمل بما أدى إليه اجتهاده وهو يروي في ذلك ثمانية عشر
حديثا؟ وأما حديث عدوله عن رأيه فإن صدق نقل الرجل عن أبي عوانه وصدق إسناد
أبي عوانة، ولو كان لبان وظهر وتناقلته الفقهاء، ولم ينحصر نقله بواحد عن واحد، ولا سيما
وابن جريح هو ذلك المصر على رأيه عمليا وعلميا، وإني أحسب أن عز والعدول
(1) مفتاح السعادة 2 ص 120.
(2) راجع تهذيب التهذيب 6 ص 404.