على ميت حتى يصلي عليه حذيفة يخشى أن يكون من المنافقين. كذا قاله ابن العماد
الحنبلي في شذرات الذهب 1 ص 44).
71 - قدوم أسقف نجران على الخليفة
قدم أسقف نجران على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في صدر خلافته فقال: يا
أمير المؤمنين إن أرضنا باردة شديدة المؤنة لا يحتمل الجيش وأنا ضامن لخراج أرضي
أحمله إليك في كل عام كملا. قال: فضمنه إياه فكان يحمل المال ويقدم به في كل سنة و
يكتب له عمر البرائة بذلك فقدم الأسقف ذات مرة ومعه جماعة وكان شيخا جميلا
مهيبا فدعاه عمر إلى الله وإلى رسوله وكتابه وذكر له أشياء من فضل الاسلام وما تصير
إليه المسلمون من النعيم والكرامة فقال له الأسقف: يا عمر! أتقرؤن في كتابكم وجنة
عرضها كعرض السماء والأرض فأين يكون النار؟ فسكت عمر وقال لعلي: أجبه أنت: فقال
له علي: أنا أجيبك يا أسقف أرأيت إذا جاء الليل أين يكون النهار؟ وإذا جاء النهار أين
يكون الليل؟ فقال الأسقف: ما كنت أرى أن أحدا ليجيبني عن هذه المسألة. من هذا
الفتى يا عمر؟ فقال: علي بن أبي طالب ختن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وابن عمه وهو أبو الحسن
والحسين. فقال الأسقف: فأخبرني يا عمر! عن بقعة من الأرض طلع فيها الشمس مرة واحدة
ثم لم تطلع قبلها ولا بعدها؟ قال عمر: سل الفتى. فسأله فقال: أنا أجيبك هو البحر حيث
انفلق لبني إسرائيل ووقعت فيه الشمس مرة واحدة لم تقع قبلها ولا بعدها. فقال الأسقف:
أخبرني عن شئ في أيدي الناس شبه بثمار الجنة. قال عمر: سل الفتى. فسأله فقال
علي أنا أجيبك هو القرآن يجتمع عليه أهل الدنيا فيأخذون منه حاجتهم فلا ينقص منه
شئ فكذلك ثمار الجنة. فقال الأسقف: صدقت قال: أخبرني هل للسموات من
قفل؟ فقال علي: قفل السموات الشرك بالله فقال الأسقف: وما مفتاح ذلك القفل؟ قال:
شهادة أن لا إله إلا الله لا يحجبها شئ دون العرش. فقال: صدقت. فقال: أخبرني عن أول
دم وقع على وجه الأرض؟ فقال علي: أما نحن فلا نقول كما يقولون دم الخشاف ولكن أول
دم وقع على وجه الأرض مشيمة حواء حيث ولدت هابيل بن آدم. قال: صدقت وبقيت
مسألة واحدة أخبرني أين الله؟ فغضب عمر فقال علي: أنا أجيبك وسل عنا شئت كنا
عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أتاه ملك فسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أين أرسلت؟
فقال: من السماء السابعة من عند ربي، ثم أتاه آخر فسأله فقال: أرسلت من الأرض
السابعة من عند ربي، فجاء ثالث من الشرق، ورابع من المغرب فسألهما فأجابا كذلك
فالله عز وجل هيهنا وهيهنا في السماء إله وفي الأرض إله.
أخرجه الحافظ العاصمي في زين الفتى في شرح سورة هل أتى.
72 - جلد صائم قعد على شراب
أخرج أحمد - إمام الحنابلة - في الأشربة عن عمرو بن عبد الله بن طلحة الخزاعي
إن عمر بن الخطاب أتي بقوم أخذوا على شراب فيهم رجل صائم فجلدهم وجلده معهم
قالوا: إنه صائم، قال لم جلس معهم؟. (1)
هل علم الخليفة الوجه في جلوس الرجل معهم في منتدى الشرب وهو صائم
لا يشاركهم في العمل؟ فلعل الضرورة ألجأته إلى ذلك فما كان يسعه مفارقتهم خشية بوادرهم،
أو ضرر آخر يستقبله إن فارقهم، أو أن قصد ردعهم عن المنكر حدى الصائم المسكين
إلى مصاحبتهم، والملاينة معهم في بدء الأمر، وإذا احتمل شئ من هذه فإن الحدود
تدرأ بالشبهات.
وهب إنه لم يحتمل شيئا منها فإن غاية ما هنالك أن تعزر الرجل تأديبا وقد
عرفت في ص 175 حد التعزير، وإنه لا يتجاوز العشرة أسواطا، فكيف ساوى بينه و
بينهم في الجلد؟.
73 - رأي الخليفة في مسك بيت المال
أتي عمر مرة بمسك فأمر أن يقسم بين المسلمين ثم سد أنفه فقيل له في ذلك، فقال:
وهل ينتفع منه إلا بريحه؟ ودخل يوما على زوجته فوجد معها ريح مسك فقال: ما هذا؟
قالت: إني بعت من مسك في بيت مال المسلمين ووزنت بيدي فلما وزنت مسحت إصبعي
في متاعي هذا فقال: ناوليني متاعك فأخذه فصب عليه الماء فلم يذهب فجعل يدلكه في
(1) كنز العمال 3 ص 101، منتخب الكنز هامش مسند أحمد 2 ص 427.