ويقبلونه ويجددون العهد والميثاق فيما بينهم وبين الله قال اليهودي: أشهد بالله لقد صدقت.
قال له علي: وأما أول شجرة نبتت على وجه الأرض فإن اليهود يزعمون إنها
الزيتونة وكذبوا ولكنها نخلة العجوة نزل بها معه آدم من الجنة فأصل التمر كله من
العجوة. قال له اليهودي: أشهد بالله لقد صدقت.
قال: وأما أول عين نبعت على وجه الأرض فإن اليهود يزعمون إنها العين التي
تحت صخرة بيت المقدس وكذبوا ولكنها عين الحياة التي نسي عندها صاحب موسى السمكة
المالحة فلما أصابها ماء العين عاشت وسمرت فاتبعها موسى وصاحبه فأتيا الخضر. فقال
اليهودي: أشهد بالله لقد صدقت.
قال له علي: سل. قال: أخبرني عن منزل محمد أين هو في الجنة؟ قال علي:
ومنزل محمد من الجنة جنة عدن في وسط الجنة أقربه من عرش الرحمن عز وجل.
قال له اليهودي: أشهد بالله لقد صدقت.
قال له علي: سل. قال: أخبرني عن وصي محمد في أهله كم يعيش بعده وهل يموت
أو يقتل؟ قال علي: يا يهودي يعيش بعده ثلثين سنة ويخضب هذه من هذه وأشار إلى
رأسه. قال. فوثب اليهودي وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
أخرجه الحافظ العاصمي في زين الفتى في شرح سورة هل أتى. وفي الحديث سقط
كما ترى، وفيه نص عمر على إن عليا أعلم الأمة بنبيها وبكتابه، وموسى الوشيعة
يقول: عمر أعلم الأمة على الإطلاق بعد أبي بكر، والانسان على نفسه بصيرة.
84 - الخليفة أول من أعال الفرائض
عن ابن عباس قال: أول من أعال الفرائض عمر بن الخطاب لما التوت عليه الفرائض.
ودافع بعضها بعضا قال: والله ما أدري أيكم قدم لله ولا أيكم أخر وكان امرءا ورعا
فقال: ما أجد شيئا هو أوسع لي من أن أقسم المال عليكم بالحصص وادخل على كل ذي حق
ما أدخل عليه من عول الفريضة.
وعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال: دخلت أنا وزفر بن أوس بن الحدثان
على ابن عباس بعد ما ذهب بصره فتذاكرنا فرائض الميراث فقال: ترون الذي أحصى رمل
عالج عددا لم يحص في مال نصفا ونصفا وثلثا إذا ذهب نصف ونصف فأين موضع الثلث؟
فقال له زفر: يا ابن عباس! من أول من أعال الفرائض؟ قال: عمر بن الخطاب رضي
الله عنه. قال: ولم؟ قال: لما تدافعت عليه وركب بعضها بعضا قال: والله ما أدري كيف
أصنع بكم؟ والله ما أدري أيكم قدم الله ولا أيكم أخر. قال: وما أجد في هذا
المال شيئا أحسن من أن اقسمه عليكم بالحصص. ثم قال ابن عباس: وأيم الله لو
قدم من قدم الله، وأخر من أخر الله ما عالت فريضة. فقال له زفر: وأيهم قدم وأيهم
أخر؟ فقال: كل فريضة لا تزول إلا إلى فريضة فتلك التي قدم الله وتلك فريضة الزوج
له النصف فإن زال فإلى الربع لا ينقص منه، والمرأة لها الربع فإن زالت عنه صارت
إلى الثمن لا تنقص منه، والأخوات لهن الثلثان والواحدة لها النصف، فإن دخل عليهن
البنات كان لهن ما بقي فهؤلاء الذين أخر الله، فلو أعطى من قدم الله فريضته كاملة ثم
قسم ما يبقى بين من أخر الله بالحصص ما عالت فريضة. فقال له زفر: فما منعك أن تشير
بهذا الرأي على عمر؟ فقال هبته والله. (1)
وفي أوائل السيوطي وتاريخه ص 93، ومحاضرة السكتواري ص 152: إن عمر أول
من قال بالعول في الفرائض.
قال الأميني: ما عساني أن أقول بعد قول الخليفة: والله ما أدري كيف أصنع بكم،
والله ما أدري أيكم قدم الله ولا أيكم أخر؟ أو بعد قول ابن عباس: وأيم الله لو قدم
من قدم الله وأخر من أخر الله ما عالت فريضة؟
كيف لك يتزحزح الرجل عن القضاء في الفرائض والحال هذه ويحكم بالرأي؟
وهو القائل في خطبة له: ألا إن أصحاب الرأي أعداء السنن أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها
فأفتوا برأيهم فضلوا وأضلوا، ألا وإنا نقتدي ولا نبتدي، ونتبع ولا نبتدع، ما نضل
ما تمسكنا بالأثر. (2) أهكذا الاقتداء والاتباع، أم هذه هي الابتداء والابتداع؟
وكيف يسوغ لمثل الخليفة أن يجهل الفرائض وهو القائل: ليس جهل أبغض إلى
(1) أحكام القرآن للجصاص 2 ص 109، مستدرك الحاكم 4 ص 340 وصححه، السنن
الكبرى 6 ص 253، كنز العمال 6 ص 7.
(2) سيرة عمر لابن الجوزي ص 107.