نوادر الأثر فی علم عمر نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

نوادر الأثر فی علم عمر - نسخه متنی

عبدالحسین امینی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




أما قوله تعالى " أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا " فإن السلف
قد تنازعوا في معنى الملامسة المذكورة في هذه الآية فقال علي وابن عباس وأبو موسى
والحسن وعبيدة والشعبي: هي كناية عن الجماع وكانوا لا يوجبون الوضوء لمن مس
امرأته. وقال عمر وعبد الله بن مسعود: المراد اللمس باليد وكانا يوجبان الوضوء بمس
المرأة ولا يريان للجنب أن يتيمم، فمن تأوله من الصحابة على الجماع لم يوجب
الوضوء من مس المرأة ومن حمله على اللمس باليد أوجب الوضوء من مس المرأة ولم
تجز التيمم للجنب.




ثم أثبت عدم نقض الوضوء بمس المرأة على كل حال لشهوة أو لغير شهوة بالسنة
النبوية فقال: اللمس يحتمل الجماع على ما تأوله علي وابن عباس وأبو موسى. و
يحتمل اللمس باليد على ما روي عن عمر وعبد الله بن مسعود، فلما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ. أبان ذلك عن مراد الله تعالى.




ووجه آخر يدل على أن المراد منه الجماع وهو أن اللمس وإن كان حقيقة للمس
باليد فإنه لما كان مضافا إلى النساء وجب أن يكون المراد منه الوطئ كما أن الوطئ
حقيقته المشي بالاقدام فإذا أضيف إلى النساء لم يعقل منه غير الجماع، كذلك هذا ونظيره
قوله تعالى وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن، يعني من قبل أن تجامعوهن.




وأيضا فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الجنب بالتيمم في أخبار مستفيضة ومتى ورد عن
النبي صلى الله عليه وسلم حكم ينتظمه لفظ الآية وجب أن يكون فعله إنما صدر عن الكتاب كما
أنه قطع السارق وكان في الكتاب لفظ يقتضيه كان قطعه معقولا بالآية وكسائر الشرايع
التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم مما ينطوي عليه ظاهر الكتاب.




ويدل على أن المراد الجماع دون لمس اليد إن الله تعالى قال: إذا قمتم إلى
الصلاة فاغسلوا وجوهكم. إلى قوله: وإن كنتم جنبا فاطهروا. أبان به عن حكم
الحدث في حال وجود الماء ثم عطف عليه قوله: وإن كنتم مرضى أو على سفر. إلى قوله:




فتيمموا صعيدا طيبا. فأعاد ذكر حكم الحدث في حال عدم الماء فوجب أن يكون قوله:




أو لامستم النساء على الجنابة لتكون الآية منتظمة لهما مبينة لحكمهما في حال وجود
الماء وعدمه، ولو كان المراد اللمس باليد لكان ذكر التيمم مقصورا على حال الحدث


دون الجنابة غير مفيد لحكم الجنابة في حال عدم الماء، وحمل الآية على فائدتين أولى
من الاقتصار بها على فائدة واحدة، وإذا ثبت أن المراد الجماع انتفى اللمس باليد لما بينا
من امتناع إرادتهما بلفظ واحد.




فإن قيل: إذا حمل على اللمس باليد كان مفيدا لكون اللمس حدثا وإذا جعل
مقصورا على الجماع لم يفد ذلك، فالواجب على قضيتك في اعتبار الفائدتين حمله عليهما
جميعا فيفيد كون اللمس حدثا، ويفيد أيضا جواز التيمم للجنب، فإن لم يجز حمله
على الأمرين لما ذكرت من اتفاق السلف على أنهما لم يرادا ولامتناع كون اللفظ
مجازا وحقيقة أو كناية وصريحا، فقد ساويناك في إثبات فائدة مجددة بحمله على اللمس
باليد مع استعمالنا حقيقة اللفظ فيه، فما جعلك إثبات فائدة من جهة إباحة التيمم
للجنب أولى ممن أثبت فائدته من جهة كون اللمس باليد حدثا؟.




قيل له: لأن قوله تعالى: إذا قمتم إلى الصلاة مفيد لحكم الأحداث في حال
وجود الماء ونص مع ذلك على حكم الجنابة، فالأولى أن يكون ما في نسق الآية
من قوله: أو جاء أحد منكم من الغايط - إلى قوله: أو لامستم النساء. بيانا لحكم
الحدث والجنابة في حال عدم الماء، كما كان في أول الآية بيانا لحكمهما في حال
وجوده، وليس موضع الآية في بيان تفصيل الأحداث، وإنما هي في بيان حكمها
وأنت متى حملت اللمس على بيان الحدث فقد أزلتها عن مقتضاها وظاهرها فلذلك كان
ما ذكرناه أولى؟




ودليل آخر على ما ذكرناه من معنى الآية وهو أنها قد قرئت على وجهين: أو لامستم
النساء. ولمستم. فمن قرأ: أو لامستم. فظاهره الجماع لا غير، لأن المفاعلة لا تكون إلا
من اثنين إلا في أشياء نادرة كقولهم: قاتله الله وجازاه وعافاه الله ونحو ذلك، وهي
أحرف معدودة لا يقاس عليها أغيارها، والأصل في المفاعلة إنها بين اثنين كقولهم: قاتله،
وضاربه، وسالمه، وصالحه، ونحو ذلك، وإذا كان ذلك حقيقة اللفظ فالواجب حمله
على الجماع الذي يكون منهما جميعا، ويدل على ذلك أنك لا تقول لامست الرجل و
لامست الثوب إذا مسته بيدك لانفرادك بالفعل، فدل على أن قوله: أو لامستم. بمعنى
أو جامعتم النساء فيكون حقيقته الجماع، وإذا صح ذلك وكانت قراءة من قرأ:






أو لمستم. يحتمل اللمس باليد ويحتمل الجماع وجب أن يكون ذلك محمولا على ما لا يحتمل
إلا معنى واحد لأن ما لا يحتمل إلا معنى واحدا فهو المحكم، وما يحتمل معنيين فهو
المتشابه، وقد أمرنا الله تعالى بحمل المتشابه على المحكم ورده إليه بقوله: هو
الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب. الآية. فلما جعل المحكم
أما للمتشابه فقد أمرنا بحمله عليه، وذم متبع المتشابه باقتصاره على حكمه بنفسه
دون رده إلى غيره بقوله: فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه. فثبت
بذلك أن قوله " أو لمستم " لما كان محتملا للمعنيين كان متشابها وقوله " أو لامستم "
لما كان مقصورا في مفهوم اللسان على معنى واحد كان محكما، فوجب أن يكون معنى
المتشابه مبينا عليه.




ويدل على أن اللمس ليس بحدث: أن ما كان حدثا لا يختلف فيه الرجال والنساء
ولو مست امرأة امرأة لم يكن حدثا، كذلك مس الرجل إياها (1) وكذلك مس
الرجل الرجل ليس بحدث. فكذلك مس المرأة. ودلالة ذلك على ما وصفنا من
وجهين: أحدهما إنا وجدنا الأحداث لا تختلف فيها الرجال والنساء فكل ما كان حدثا
من الرجل فهو من المرأة حدث، وكذلك ما كان حدثا من المرأة فهو حدث من الرجل،
فمن فرق بين الرجل والمرأة فقوله خارج عن الأصول، ومن جهة أخرى: أن العلة
في مس المرأة المرأة والرجل الرجل إنه مباشرة من غير جماع فلم يكن حدثا كذلك
الرجل والمرأة. ا هـ.




فترى بعد هذه كلها أن رأي الخليفة شاذ عن الكتاب والسنة الثابتة وإجماع
الأمة، واجتهاد محض تجاه النصوص المسلمة، ولذلك خالفته الأمة الإسلامية
جمعاء من يومها الأول حتى اليوم، وأصفقت على وجوب التيمم على الجنب الفاقد للماء
ولم يتبعه فيما رآه أحد إلا عبد الله بن مسعود - إن صحت النسبة إليه -.




ويظهر من صحيحة الشيخين - البخاري ومسلم - عن شقيق أن الاجتهاد المذكور
في آيتي التيمم والتأويل في قوله (أو لامستم) كما ذكر من مختلفات التابعين ومن بعدهم،
وكان مفاد الآيتين متفقا عليه عند الصحابة ولم يكن قط اختلاف بينهم فيه وإنما كره







(1) يعني ليس بحدث بالنسبة إلى المرأة.

/ 167