وأسند أبو داود في كتاب الجنائز عن القاسم، قال: دخلت على عائشة فقلت: يا أمه، اكشفي لي عن قبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وصاحبيه؛ فكشفت عن ثلاثة قبور لا مشرّفة ولا لاطئة(113) . وأسند ابن جرير، عن الشعبي، أنّ كلّ قبور الشهداء مسنّمة.(114) انتهى ما أردنا نقله منه. وأقول بعد ذلك: لو كان قوله: «مشرفاً» بمعنى عالياً، فليس يعمّ كلّ قبر ارتفع عن الأرض ولو بمقدار قليل، فأنّه لا يصدق عليه القبر العالي، فإنّ العلوّ في كلّ قبر إنّما هو بالإضافة إلى سائر القبور، فلا يبعد أن يكون أمراً بتسوية القبور العالية فوق القدر المتعارف المعهود في ذلك الزمان إلى حدّ المتعارف، وقد أفتى جمع من العلماء بكراهة رفع القبر أزيد من أربع أصابع(115) . ولتخصيص الكراهة ـ لو ثبت ـ بغير قبور الأنبياء والمصطفين من الأولياء وجهُ. * الرابع: لو سلم أيّ دلالة في الرواية، فلا ربط لها ببناء السقوف والقباب ووجوب هدمها، كما هو واضح. وأمّا قول السائل: «وإذا كان البناء في مسبلة ـ كالبقيع ـ وهو مانع... إلى آخره». فقد أجاب بعض المعاصرين عنه بما حاصله: (113) سنن أبي داود 3/ 215 ح 3220؛ ولاطئة: أي لازقة بالأرض. انظر: لسان العرب 15/ 247 ـ لطا. (114) كنز العمّال 15/ 736 ح 42932. (115) منتهى المطلب 1/ 462.