ومن كلام له عليه السلام
في ذكر يوم النحر وصفة الاضحيةوَمِنْ تَمَامِ الاُضْحِيَةِ [601]
اسْتِشْرَافُ أُذُنِهَا [602] ، وَسَلاَمَةُ
عَيْنِهَا ، فَإِذَا سَلِمَتِ الاُْذُنُ
وَالْعَيْنُ سَلِمَتِ الاَْضْحِيَةُ
وَتَمَّتْ ، وَلَوْ كَانَتْ عَضْبَاءَ
الْقَرْنِ [603] تَجُرُّ رِجْلَهَا إِلَى
الْمَنْسَكِ [604] .
قال السيد الشريف الرضي رضي الله عنه
: والمنسك ها هنا المذبح .
ومن خطبة له عليه السلام
وفيها يصف أصحابه بصفين حين طال منعهم له منقتال أهل الشام
فَتَدَاكُّوا [605] عَلَيَّ تَدَاكَّ
الاِْبِلِ الْهِيمِ [606] يَوْمَ وِرْدِهَا [607] ،
وَقَدْ أَرْسَلَهَا رَاعِيهَا ، وَخُلِعَتْ
مَثَانِيهَا [608] ، حَتَّى ظَنَنْتُ
أَنَّهُمْ قَاتِلِي ، أَوْ بَعْضُهُمْ
قَاتِلُ بَعْض لَدَيَّ . وَقَدْ قَلَّبْتُ
هـذَا الاَْمْرَ بَطْنَهُ وَظَهْرَهُ حَتَّى
مَنَعَنِي النَّوْمَ . فَمَا وَجَدْتُنِي
يَسَعُني إِلاَّ قِتَالُهُمْ أَوِ
الْجُحُودُ بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صلى
الله عليه واله ; فَكَانَتْ مُعَالَجَةُ
الْقِتَالِ أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ
مُعَالَجَةِ الْعِقَابِ ، وَمَوْتَاتُ
الدُّنْيَا أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ مَوْتَاتِ
الاخِرَةِ .
ومن كلام له عليه السلام
وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفينأَمَّا قَوْلُكُمْ : أَكُلَّ ذلِكَ
كَرَاهِيَةَ الْمَوْتِ ؟ فَوَاللهِ مَا
أُبَالِي ; دَخَلْتُ إِلَى الْمَوْتِ أَوْ
خَرَجَ الْمَوْتُ إِلَيَّ . وَأَمَّا
قَوْلُكُمْ شَكَّاً في أَهْلِ الشَّامِ !
فَوَاللهِ مَا دَفَعْتُ الْحَرْبَ يَوْماً
إِلاَّ وَأَنَا أَطْمَعُ أَنْ تَلْحَقَ بِي
طَائِفَةٌ فَتَهْتَدِيَ بِي ، وَتَعْشُوَ [609]
إِلَى ضَوْئِي ، وَذلِكَ أَحَبُّ إِلَيَّ
مِنْ أَنْ أَقْتُلَهَا عَلَى ضَلاَلِهَا ،
وَإِنْ كَانَتْ تَبُوءُ [610] بِآثَامِهَا .
ومن كلام له عليه السلام
يصف أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله وذلكيوم صفين حين أمر الناس بالصلح
وَلَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ صلى
الله عليه واله ; نَقْتُلُ آبَاءَنَا
وَأَبْنَاءَنَا وَإِخْوَانَنَا
وَأَعْمَامَنَا : مَا يَزِيدُنَا ذلِكَ
إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً ، وَمُضِيّاً
عَلَى اللَّقَمِ [611] ، وَصَبْراً عَلَى
مَضَضِ الاَْلَمِ [612] ، وَجِدّاً في
جِهَادِ الْعَدُوِّ ; وَلَقَدْ كَانَ
الرَّجُلُ مِنَّا وَالاخَرُ مِنْ عَدُوِّنَا
يَتَصَاوَلاَنِ تَصَاوُلَ [613]
الْفَحْلَيْنِ ، يَتَخَالَسَانِ
أَنْفُسَهُمَا [614] : أَيُّهُمَا
يَسْقِي صَاحِبَهُ كَأْسَ الْمَنُونِ ،
فَمَرَّةً لَنَا مِنْ عَدُوِّنَا ،
وَمَرَّةً لِعَدُوِّنا مِنَّا ، فَلَمَّا
رَأَى اللهُصِدْقَنَا أَنْزَلَ بِعَدُوِّنَا الْكَبْتَ [615]
، وَأَنْزَلَ عَلَيْنَا النَّصْرَ ، حَتَّى
اسْتَقَرَّ الاسْلاَمُ مُلْقِياً جِرَانَهُ [616]
، وَمُتَبَوِّئاً أَوْطَانَهُ . وَلَعَمْرِي
لَوْ كُنَّا نَأْتِي مَا أَتَيْتُمْ ، مَا
قَامَ لِلدِّينِ عَمُودٌ ، وَلاَ اخْضَرَّ
لِلاِيمَانِ عُودٌ . وَايْمُ اللهِ
لَتَحْتَلِبُنَّهَا دَماً [617] ،
وَلَتُتْبِعُنَّهَا نَدَماً !
ومن كلام له عليه السلام
في صفة رجل مذموم ، ثم في فضله هو عليه السلامأَما إِنَّهُ سَيَظْهَرُ [618]
عَلَيْكُمْ بَعْدِي رَجُلٌ رَحْبُ
الْبُلْعُومِ [619] ، مُنْدَحِقُ
الْبَطْنِ [620] ، يَأْكُلُ مَا
يَجِدُ ، وَيَطْلُبُ مَا لاَ يَجِدُ ،
فَاقْتُلُوهُ ، وَلَنْ تَقْتُلُوهُ ! ألاَ
وَإنَّهُ سَيَأْمُرُكُمْ بِسَبِّي
وَالْبَرَاءَةِ مِنِّي ; فَأَمَّا السَّبُّ
فَسُبُّونِي ، فَإِنَّهُ لِي زَكَاةٌ ،
وَلَكُم نَجَاةٌ ; وَأَمَّا الْبَرَاءَةُ
فَلاَ تَتَبَرَّؤوا مِنِّي ; فَإِنِّي
وُلِدْتُ عَلَى الْفِطْرَةِ ، وَسَبَقْتُ
إِلَى الايمَانِ وَالْهِجْرَةِ .
ومن كلام له عليه السلام
كلم به الخوارج حين اعتزلوا الحكومة وتنادوا :أن لا حكم إلا لله
أَصَابَكُمْ حَاصِبٌ [621] ، وَلاَ
بَقِيَ مِنْكُمْ آثِرٌ [622] . أَبَعْدَ
إِيمَانِي بِاللهِ وَجِهَادِي مَعَ رَسُولِ
اللهِ صلى الله عليه واله ، أَشْهَدُ عَلَى
نَفْسِي بِالْكُفْرِ ! (لَقَدْ ظَلَلْتُ
إِذاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) [623]
فَأُوبُوا شَرَّ مَآب [624] ، وَارْجِعُوا
عَلَى أَثَرِ الاَْعْقَابِ [625] أَمَا
إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي ذُلاًّ
شَامِلاً ، وَسَيْفاً قَاطِعاً ، وَأَثَرَةً [626]
يَتَّخِذُهَا الظَّالِمونَ فِيكُمْ سُنَّةً
.
قال السيد الشريف الرضي رضي الله عنه
: قوله عليه السلام : « ولا بقي منكم آبر » يروى
على ثلاثة أوجه : أحدها : أن يكون كما ذكرناه (آبِرٌ) بالراء ، من قولهم للذي يأبر النخل ـ أي :
يصلحه ـ ويروى «آثِرٌ» وهو الذي يأثر الحديث
ويرويه أي يحكيه ، وهو أصح الوجوه عندي ،
كأنه عليه السلام قال : لا بقي منكم مخبر !
ويروى «آبِز» ـ بالزاي المعجمة ـ وهو الواثب .
والهالك أيضاً يقال له : آبز .
وقال عليه السلام
لماعزم على حرب الخوارج ، وقيل له : إن القوم
عبروا جسر النهروان !
مَصَارِعُهُمْ دُونَ النُّطْفَةِ ،
وَاللهِ لاَ يُفْلِتُ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ ،
وَلاَ يَهْلِكُ مِنْكُمْ عَشَرَةٌ .
قال السيد الشريف الرضي رضي الله عنه
: يعني بالنطفة ماء النهر ، وهي أفصح كناية عن
الماء وإن كان كثيراً جماً . وقد أشرنا إلى ذلك
فيما تقدّم عند مضيّ ما أشبهه .
وقال
عليه السلام
لما قتل الخوارج فقيل له : ياأمير المؤمنين ، هلك القوم بأجمعهم !
كَلاَّ وَالله ; إِنَّهُمْ نُطَفٌ فِي
أَصْلاَبِ الرِّجَالِ ، وَقَرَارَاتِ
النِّسَاءِ [627] كُلَّمَا نَجَمَ [628]
مِنْهُمْ قَرْنٌ قُطِعَ ، حَتَّى يَكُونَ
آخِرُهُمْ لُصُوصاً سَلاَّبِينَ .
وقال عليه السلام
لاَ تُقَاتِلُوا الْخَوَارِجَبَعْدِي ; فَلَيْسَ مَنْ طَلَبَ الْحَقَّ
فَأَخْطَأَهُ ، كَمَنْ طَلَبَ الْبَاطِلَ
فَأَدْرَكَهُ .
قال السيد الشريف الرضي رضي الله عنه
: يعني معاوية وأصحابه .
ومن كلام له عليه السلام
لما خُوّف من الغيلة [629]وَإِنَّ عَلَيَّ مِنَ اللهِ جُنَّةً [630]
حَصِينَةً ، فَإِذَا جَاءَ يَوْمِي
انْفَرَجَتْ عَنِّي وَأَسْلَمَتْنِي ،
فَحِينَئِذ لاَ يَطِيشُ السَّهْمُ [631] ، وَلاَ
يَبْرَأُ الْكَلْمُ [632] .
ومن خطبة له عليه السلام
يحذر من فتنة الدنياأَلاَ إِنَّ الدُّنْيَا دَارٌ لاَ
يُسْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ فِيهَا ، وَلاَ
يُنْجَى بِشَىْء كَانَ لَهَا : ابْتُلِيَ
النَّاسُ بِهَا فِتْنَةً ، فَمَا أَخَذُوهُ
مِنْهَا لَهَا أُخْرِجُوا مِنْهُ
وَحُوسِبُوا عَلَيْهِ ، وَمَا أَخَذُوهُ
مِنْهَا لِغَيْرِهَا قَدِمُوا عَلَيْهِ
وَأَقَامُوا فِيهِ ; فَإِنَّهَا عِنْدَ ذُوِي
الْعُقُولِ كَفَيءِ الظِّلِّ ، بَيْنَا
تَرَاهُ سَابِغاً [633] حَتَّى قَلَصَ [634]
، وَزَائِداً حَتَّى نَقَصَ .
ومن خطبة له عليه السلام
في المبادرة إلى صالح الاعمالفَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ ،
وَبَادِرُوا آجَالَكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ [635]
، وَابْتَاعُوا [636] مَا يَبْقَى
لَكُمْ بِمَا يَزُولُ عَنْكُمْ ،
وَتَرَحَّلُوا [637] فَقَدْ جُدَّ
بِكُمْ [638] ، وَاسْتَعِدُّوا لِلْمَوْتِ
فَقَدْ أَظَلَّكُمْ [639] ، وَكُونُوا
قَوْماً صِيحَ بِهِمْ فَانْتَبَهُوا ،
وَعَلِمُوا أَنَّ الدُّنْيَا لَيْسَتْ
لَهُمْ بِدَار فَاسْتَبْدَلُوا ; فَإِنَّ
اللهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَخْلُقْكُمْ
عَبَثاً ، وَلَمْ يَتْرُكْكُمْ سُدىً [640]
، وَمَا بَيْنَ أَحَدِكُمْ وَبَيْنَ
الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ إِلاَّ الْمَوْتُ
أَنْ يَنْزِلَ بِهِ . وَإِنَّ غَايَةً
تَنْقُصُهَا اللَّحْظَةُ ، وَتَهْدِمُهَا
السَّاعَةُ ، لَجَدِيرَةٌ بِقِصَرِ
الْمُدَّةِ . وَإِنَّ غَائِباً يَحْدُوهُ [641] الْجَدِيدَانِ
: اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ، لَحَرِيٌّ [642]
بِسُرْعَةِ الاَْوْبَةِ [643] . وَإِنَّ قَادِماً
يَقْدُمُ بِالْفَوْزِ أَوِ الشِّقْوَةِ
لَمُسْتَحِقٌّ لاَِفْضَلِ الْعُدَّةِ .
فَتَزَوَّدُوا فِي الدُّنْيَا ، مِنَ
الدُّنْيَا ، مَا تَحْرُزُونَ بِهِ
أَنْفُسَكُمْ غَداً [644] . فَاتَّقَى عَبْدٌ
رَبَّهُ ، نَصَحَ نَفْسَهُ ، وَقَدَّمَ
تَوْبَتَهُ ، وَغَلَبَ شَهْوَتَهُ ، فَإِنَّ
أَجَلَهُ مَسْتُورٌ عَنْهُ ، وَأَمَلَهُ
خَادِعٌ لَهُ ، وَالشَّيْطَانُ مُوَكَّلٌ
بِهِ ، يُزَيِّنُ لَهُ الْمَعْصِيَةَ
لِيَرْكَبَهَا ، وَيُمَنِّيهِ التَّوْبَةَ
لِيُسَوِّفَهَا [645] ، حَتَّى ) إِذَا(
هَجَمَتْ مَنِيَّتُهُ عَلَيْهِ أَغْفَلَ مَا
يَكُونُ عَنْهَا . فَيَا لَهَا حَسْرَةً
عَلَى كُلِّ ذِي غَفْلَة أَنْ يَكُونَ
عُمُرُهُ عَلَيْهِ حُجَّةً ، وَأَنْ
تُؤَدِّيَهُ أَيَّامُهُ إِلَى الشِّقْوَةِ !
نَسْأَلُ اللهَ سُبْحَانَهُ أَنْ
يَجْعَلَنَا وَإِيَّاكُمْ مِمَّنْ لاَ
تُبْطِرُهُ نِعْمَةٌ [646] ، وَلاَ تُقَصِّرُ
بِهِ عَنْ طَاعَةِ رَبِّهِ غَايَةٌ ، وَلاَ
تَحُلُّ بِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ نَدَامَةٌ
وَلاَ كَآبَةٌ .
ومن خطبة له عليه السلام
وفيها مباحث لطيفة من العلم الالهيالْحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ
تَسْبِقْ لَهُ حَالٌ حَالاً ، فَيَكُونَ
أَوَّلاً قَبْلَ أَنْ يَكُونَ آخِراً ،
وَيَكُونَ ظَاهِراً قَبْلَ أَنْ يَكُونَ
بَاطِناً ; كُلُّ مُسَمّىً بِالْوَحْدَةِ
غَيْرُهُ قَلِيلٌ ، وَكُلُّ عَزِيز غَيْرُهُ
ذَلِيلٌ ، وَكُلُّ قَوِيٍّ غَيْرُهُ ضَعِيفٌ
، وَكُلُّ مَالِك غَيْرُهُ مَمْلُوكٌ ،
وَكُلُّ عَالِم غَيْرُهُ مُتَعَلِّمٌ ،
وَكُلُّ قَادِر غَيْرُهُ يَقْدِرُ ويَعْجَزُ
، وَكُلُّ سَمِيع غَيْرُهُ يَصَمُّ [647] عَنْ
لَطِيفِ الاَْصْوَاتِ ، وَيُصِمُّهُ
كَبِيرُهَا ، وَيَذْهَبُ عَنْهُ مَا بَعُدَ
مِنْهَا ، وَكُلُّ بَصِير غَيْرُهُ يَعْمَى
عَنْ خَفِيِّ الاَْلْوَانِ وَلَطِيفِ
الاَْجْسَامِ ، وَكُلُّ ظَاهِر غَيْرُهُ
بَاطِنٌ ، وَكُلٌ بِاطِن غَيْرُهُ غَيْرُ
ظَاهِر . لَمْ يَخْلُقُ مَا خَلَقَهُ
لِتَشْدِيدِ سُلْطَان ، وَلاَ تَخَوُّف
مِنْ عَوَاقِبَ زَمَان ، وَلاَ اسْتِعَانَة
عَلَى نِدٍّ [648] مُثَاوِر [649] ، وَلاَ
شَرِيك مُكَاثِر [650] ، ) مُكابِر( وَلاَ
ضِدٍّ مُنَافِر [651] ; وَلكِنْ
خَلاَئِقُ مَرْبُوبُونَ [652] ، وَعِبَادٌ
دَاخِرُونَ [653] ، لَمْ يَحْلُلْ
فِي الاَْشْيَاءِ فَيُقَالَ : هُوَ فيها
كَائِنٌ ، وَلَمْ يَنْأَ [654] عَنْهَا فَيُقَالَ
: هُوَ مِنْهَا بَائِنٌ [655] . لَمْ يَؤُدْهُ [656]
خَلْقُ َا ابْتَدَأَ ، وَلاَ تَدْبِيرُ مَا
ذَرَأَ [657] ، وَلاَ وَقَفَ بِهِ عَجْزٌ عَمَّا
خَلَقَ ، وَلاَ وَلَجَتْ [658] عَلَيْهِ شُبْهَةٌ
فِيمَا قَضَى وَقَدَّرَ ، بَلْ قَضَاءٌ
مُتْقَنٌ ، وَعِلْمٌ مُحْكَمٌ ، وَأَمْرٌ
مُبْرَمٌ [659] . الْمَأْمُولُ
مَعَ النِّقَمِ ، الْمَرْهُوبُ مَعَ
النِّعَمِ!
ومن كلام له عليه السلام
في تعليم الحرب والمقاتلةوالمشهور أنه قاله
لاصحابه ليلة الهرير أو أول اللقاء بصفين
مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ :اسْتَشْعِرُوا الْخَشْيَةَ [660] ،
وَتَجَلْبَبُوا [661] السَّكِينَةَ ،
وَعَضُّوا عَلَى النَّوَاجِذِ [662] ،
فَإِنَّهُ أَنْبَى [663] لِلسُّيُوفِ عَنِ
الْهَامِ [664] وَأَكْمِلُوا
اللاَّْمَةَ [665] ، وَقَلْقِلُوا [666]
السُّيُوفَ فِي أَغْمَادِهَا [667] قَبْلَ
سَلِّهَا وَالْحَظُوا الْخَزْرَ [668] ،
وَاطْعَنُوا الشَّزْرَ [669] ، وَنَافِحُوا
بِالظُّبَا [670] ، وَصِلُوا
السُّيُوفَ بِالْخُطَا [671] ، وَاعْلَمُوا
أَنَّكُمْ بِعَيْنِ اللهِ ، وَمَعَ ابْنِ
عَمِّ رَسُولِ اللهِ . فَعَاوِدُوا الْكَرَّ ،
وَاسْتَحْيُوا مِنَ الْفَرِّ [672] ،
فَإِنَّهُ عَارٌ فِي الاَْعْقَابِ [673] ،
وَنَارٌ يَوْمَ الْحِسَابِ . وَطِيبُوا عَنْ
أَنْفُسِكُمْ نَفْساً ، وَامْشُوا إِلَى
الْمَوْتِ مَشْياً سُجُحاً [674] ،
وَعَلَيْكُمْ بِهـذَا السَّوَادِ
الاَْعْظَمِ ، وَالرَّوَاقِ المُطَنَّبِ [675]
، فَاضْرِبُوا ثَبَجَهُ [676] ، فَإِنَّ
الشَّيْطَانَ كَامِنٌ فى كِسْرِهِ [677] ، وَقَدْ
قَدَّمَ لِلْوَثْبَةِ يَداً ، وَأَخَّرَ
لِلنُّكُوصِ رِجْلاً . فَصَمْداً صَمْداً [678] !
حَتَّى يَنْجَلِيَ لَكُمْ عَمُودُ الْحَقِّ (وَأَنْتُمُ
الاَْعْلَوْنَ ، وَاللهُ مَعَكُمْ ، وَلَنْ
يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ [679] ) [680] .[601] الاضحية : الشاة
التي طلب الشارع ذبحها بعد شروق الشمس من عيد
الاضحى .
[602] اسْتِشراف أُذُنِها : تَفَقّدُها
حتى لا تكون مجدوعةً أو مشقوقة .
[603] عَضْباء القَرْن :
مكسورته .
[604] تَجُرّ رِجْلَها
إلى المَنْسَك : أي عرجاء; والمنسك : المذبح .
[605] تَدَاكّوا :
تزاحموا عليه ليبايعوه رغبةً فيه .
[606] الهِيم : العِطاش من الابل .
[607] يوم وِرْدِها : يوم شربها الماء .
[608] المَثاني : جمع
المثناة - بفتح الميم وكسرها : حبل من صوف أو
شعر يُعْقَلُ به البعير .
[609] تَعْشُو إلى ضوْئي:
تستدل عليه ببصر ضعيف.
[610] تَبُوء بآثامها:
ترجع.
[611] اللّقَم -
بالتحريك وبوزنْ صُرَد أيضاً- : معظم الطريق
أو جادّته .
[612] مَضَض الالم : لذعته وبُرَحاؤه .
[613] التّصاول : أن
يحمل كل واحد من النّدّين على صاحبه .
[614] يتخالَسان أنْفُسَهُما : كل منهما
يطلب اختلاس روح الاخر .
[615] الكَبْت : الاذلال
.
[616] جِران البعير -
بالكسر- : مقدّمُ عنقه من مذبحه إلى
مَنْحَره، وإلقاء الجِران : كناية عن
التمكّن .
[617] الاحتلاب :
استخراج ما في الضّرْعِ من اللبن .
[618] سَيَظْهَرُ
عليكُم : سيغلب .
[619] رَحْبُ البُلْعُوم : واسعُهُ .
[620] مُنْدَحِقُ البَطْن : عظيم البطن
بارزه، كأنه لِعِظَمِهِ مُنْدَلق من بدنه
يكاد يَبِينُ عنه - وأصل «اندحق» بمعنى انزلق
.
[621] الحاصِبُ : ريح
شديدة تحمل التراب والحصى ، والجملة دعاء
عليهم بالهلاك .
[622] الاثِر : الذي يأثر الحديث، أي
يرويه ويحكيه . والمراد : لا بقي منكم مخبر
يروي أثراً . وهذا اللفظ آثر أقرب إلى السياق
هنا من آبر و آبز . وقد اختاره السيد الشريف
الرضيرضي الله عنه ووجده أصح الوجوه .
[623] أنعام : 56 .
[624] فأوبُوا شرّ مَآب : انقلبوا شرّ
منقلب بضلالتكم في زعمكم .
[625] الاعقاب : جمع عقِب - بكسر القاف -
وهو مؤخر القدم .
[626] الاثَرة :
الاستبداد بفوائد المُلك .
[627] قَرارات النساء :
كناية عن الارحام .
[628] «كُلّما نَجَمَ
منهم قَرْنٌ قُطِعَ» : كلما ظهر أو طلع منهم
رئيس قُتل .
[629] الغَيْلة : القتل
على غِرّة بغير شعور من المقتول كيف يأتيه
القاتل .
[630] الجُنّة - بالضم - :
الوقاية والملجأ والحصن، وقد سبقت .
[631] طاش السهم عن
الهدف - من باب باع - أي جاوره ولم يصبه .
[632] الكَلْمُ - بالفتح
- : الجرح .
[633] سابغاً : ممتداً
ساتراً للارض وعامّاً، شاملاً .
[634] قَلَصَ : انقبض .
[635] «بَادِرُوا
آجالَكُم بأعمالِكْم» أي : سابقوها وعاجلوها
بها .
[636] ابتاعوا : اشتروا ما يبقى من النعيم
الابدي، بما يفنى من لذة الحياة الدنيا
وشهواتها المنقضية .
[637] الترحّل :
الانتقال، والمراد هنا لازمه، وهو : إعداد
الزاد الذي لا بد منه للراحل .
[638] جُدّ بكم : أي حُثِثْتم وأُزْعجتم
إلى الرحيل .
[639] أظَلكم : قرب منكم
من كأنّ له ظلا قد ألقاه عليكم .
[640] سُدىً : مهملين .
[641] يحدوه: يسوقه ،
والجديدان : الليل والنهار .
[642] حَرِيّ : جدير .
[643] الاوْبَة : الرجعة .
[644] «ما تَحْرُزْون
به أنفسَكُمْ» أي : تحفظونها به .
[645] يُسَوّفها :
يؤجّلها، ويؤخرها .
[646] لا تُبْطِرُهُ
النعمة : لا تطغيه، ولا تسدل على بصيرته حجاب
الغفلة عما هو صائر إليه .
[647] يَصَمّ - بفتح
الصاد - مضارع «صَمّ» - من باب علم - : إذا أصيب
بالصمم وفقد السمع; وما عظم من الاصوات حتى
فات المألوف الذي يستطيع احتماله يحدث فيها
الصمم بصدعه لها .
[648] النِّد - بكسر
النون - : النظير والمثل، ولا يكون إلا
مخالفاً، وجمعه أنداد مثل : حِمْل وأحْمال .
[649] المُثَاور : المُوَاثِب والمُحارِب
.
[650] الشريك المكاثِر :
المُفاخِرُ بالكثرة، هذا إذا قرىء بالثاء
المثلثة، ويروى «المكابر» - بالباء الموحدة -
أي : المفاخر بالكِبْر والعظمة .
[651] الضّدّ المُنافِر : الذي يحاكي ضده
في الرفعة والنسب فيغلبه .
[652] مَرْبُوبُون : أي مملوكون .
[653] داخِرون : أذِلاّء
- من دخر - .
[654] «لم يَنْأ عنها» أي : لم ينفصل
انفصالَ الجسم .
[655] بائن : منفصل .
[656] لم يؤدْه : لم يُثْقِلْهُ، آدَهُ
الامرُ يَؤودُهُ : أثقله وأتعبه .
[657] ذرأ: خلق .
[658] ولَجَتْ عليه : دَخَلَتْ .
[659] مُبْرَمِ : محتوم،
وأصله من «أبْرَمَ الحبلَ» جعله طاقَيْن، ثم
فتله . وبهذا أحكمه .
[660] اسْتَشْعِرُوا
الخَشْيَةَ : اجعلوها من شِعاركم . والشعار
هو ما يلي البدنَ من الثياب .
[661] تَجَلْببَ : لبِسَ الجِلْبَابَ،
وهو ما تغطي به المرأة ثيابها من فوق .
[662] النوجذ : جمع
ناجذ، وهو أقصى الاضراس . ولكل إنسان أربعة
نواجذ وهي بعد الارْحاءِ . ويسمى الناجذ
ضرْسَ العقل . وإذَا عضضت على ناجِذك
تصلّبَتْ أعصابك وعضلاتك المتصلة بدماغك .
[663] أنْبَى للسيوف : أبعد عنها .
[664] الهام : جمع هامة : وهي الرأس .
[665] اللامَة : الدّرع . وإكمالها أن
يُزَاد عليها البَيْضَةُ ونحوها . وقد يراد
من اللامة آلات الحرب والدفاع وإكمالها على
هذا استيفاؤها .
[666] قَلْقِلُوا
السيوف : حرّكوها في أغمادها .
[667] الاغْماد - جمع غمد : وهو بيت السيف .
[668] الخَزَر - محركةً، وسكّنها مراعاةً
للسجعة الثانية - : النظر من أحد الشقّيْن،
وهو علامة الغضب .
[669] الشّزْر - بفتح
الشين - : الطعن في الجوانب يميناًو شمالاً .
[670] نافحوا بالظّبا : نافحوا : كافحوا
وضاربوا، والظّبا - بالضم - : جمع ظبة، وهي طرف
السيف وحدّه .
[671] صِلُوا السّيُوفَ بالخُطَا : صلوا
من الوصل - أي : اجعلوا سيوفكم متصلةً بخطا
أعدائكم، جمع خطوة .
[672] الفَرّ : الفرار .
[673] «عارٌ في
الاعْقاب» : هنا الاولاد لانهم يُعَيّرُون
بفرار آبائهم .
[674] السُجُح - بضمتين -
: السهل .
[675] الرّوَاق
اُلمطَنّب : الرواق ككتاب وغراب الفسطاط .
واُلمطَنّب : المشدود بالاطْنَاب جمع طُنُب -
بضمتين - وهو حبل يشدّ به سُرَادِقُ البيت .
[676] الثَبَج - بالتحريك - الوسط .
[677] كِسْرُه - بالكسر - شِقّة الاسفل،
كناية عن الجوانب التي يفر إليها المنهزمون .
[678] الصَّمْد : القصد -
أي فاثبتوا على قصدكم .
[679] «لن يَتِركُم
أعمالكم» : لن ينقصكم شيئاً من جزائها .
[680] محمدصلى الله عليه وآله وسلم : 35 .