ومن خطبة له عليه السلام - خطبه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

خطبه - نسخه متنی

السید جعفر الحسینی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ومن خطبة له عليه السلام

وهي من خطب الملاحم

الْحَمْدُ لله الْمُتَجَلِّي
لِخَلْقِهِ بِخَلْقِهِ ، وَالظَّاهِرِ
لِقُلُوبِهِمْ بِحُجَّتِهِ . خَلَقَ
الْخَلْقَ مِنْ غَيْرِ رَوِيَّة ، إِذْ
كَانَتِ الرَّوِيَّاتُ لاَتَلِيقُ إِلاَّ
بِذَوي الضَّمَائِرِ [1491] وَلَيْسَ بِذِي
ضَمِير فِي نَفْسِهِ . خَرَقَ عِلْمُهُ
بَاطِنَ غَيْبِ السُّتُرَات [1492] ،
وَأَحَاطَ بِغُمُوض عَقَائِدِ
السَّرِيرَاتِ .

ومنها

في ذكر النبي
صلى الله عليه واله وسلم :

اخْتَارَهُ مِنْ شَجَرَةِ
الاَْنْبِيَاءِ ، وَمِشْكَاةِ الضِّيَاءِ [1493] ،
وَذُؤَابَةِ الْعَلْيَاءِ [1494] وَسُرَّةِ
الْبَطْحَاءِ [1495] ، وَمَصَابِيحِ
الظُّلْمَةِ ، وَيَنَابِيعِ الْحِكْمَةِ .

ومنها

طَبِيبٌ دَوَّارٌ بِطِبِّهِ ، قَدْ
أَحْكَمَ مَرَاهِمَهُ ، وَأَحْمَى
مَوَاسِمَهُ [1496] ، يَضَعُ ذلِكَ
حَيْثُ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ ، مِنْ قُلُوب
عُمْي ، وَآذَان صُمٍّ ، وَأَلْسِنَة بُكْم;
مُتَتَبِّعٌ بِدَوَائِهِ مَوَاضِعَ
الْغَفْلَةِ ، وَمَوَاطِنَ الْحَيْرَةِ;
لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِأَضْوَاءِ
الْحِكْمَةِ; وَلَمْ يَقْدَحُوا بِزِنَادِ
الْعُلُومِ الثَّاقِبَةِ; فَهُمْ فِي ذلِكَ
كَالاَْنْعَامِ السَّائِمَةِ ،
وَالصُّخُورِ الْقَاسِيَةِ.

قَدِ انْجَابَتِ السَّرَائِرُ [1497]
لاَِهْلِ الْبَصَائِرِ ، وَوَضَحَتْ
مَحَجَّةُ الْحَقِّ لِخَابِطِهَا [1498] ،
وَأَسْفَرَتِ السَّاعَةُ عَنْ وَجْهِهَا ،
وَظَهَرَتِ الْعَلاَمَةُ لِمتَوَسِّمِهَا .
مَا لِي أَرَاكُمْ أَشْبَاحاً بِلاَ
أَرْوَاح ؟ وَأَرْوَاحاً بَلاَ أَشْبَاح ،
وَنُسَّاكاً بِلاَ صَلاَح ، وَتُجَّاراً
بِلاَ أَرْبَاح ، وَأَيْقَاظاً نُوَّماً ،
وَشُهُوداً غُيَّباً ، وَنَاظِرَةً
عَمْيَاءَ ، وسَامِعَةً صَمَّاءَ ،
وَنَاطِقَةً بَكْمَاءَ ؟!! رَايَةُ ضَلاَل )

رأيت
ضلالةً( قَدْ قَامَتْ عَلَى قُطْبِهَا [1499] ،
وَتَفَرَّقَتْ بِشُعَبِهَا [1500] ،
تَكِيلُكُمْ بِصَاعِهَا [1501] ، وَتَخْبِطُكُمْ
بِبَاعِهَا [1502] . قَائِدُهَا
خَارجٌ مِنْ الْمِلَّةِ ، قَائِمٌ عَلَى
الضِّلَّةِ; فَـلاَ يَبْقَى يَوْمَئِذ
مِنْكُمْ إِلاَّ ثُفَالَةٌ [1503]
كَثُفَالَةِ الْقِدْرِ ، أَوْ نُفَاضَةٌ
كَنُفَاضَةِ الْعِكْمِ [1504] ، تَعْرُكُكُمْ
عَرْكَ الاَْدِيمِ [1505] ، وَتَدُوسُكُمْ
دَوْسَ الْحَصِيدِ [1506] ، وَتَسْتَخْلِصُ
الْمُؤْمِنَ مِنْ بَيْنِكُمُ اسْتِخْـلاَصَ
الطَّيْرِ الْحَبَّةَ الْبَطِينَةَ [1507]
مِنْ بَيْنِ هَزِيلِ الْحَبِّ .

أَيْنَ تَذْهَبُ بِكُمُ الْمَذَاهِبُ
، وَتَتِيهُ بِكُمُ الْغَيَاهِبُ
وَتَخْدَعُكُمُ الْكَوَاذِبُ ؟ وَمِنْ
أَيْنَ تُؤْتَوْنَ ، وَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ؟
فَلِكُلِّ أَجَل كِتَابٌ ، وَلِكُلِّ
غَيْبَة إِيَابٌ ، فَاسْتَمِعُوا )

فاستمعوه(
مِنْ رَبَّانِيِّكُمْ [1508] ، وَأَحْضِرُوهُ
قُلُوبَكُمْ ، وَاسْتَيْقِظُوا إِنْ هَتَفَ
بِكُمْ [1509] . وَلْيَصْدُقْ رَائِدٌ [1510]
أَهْلَهُ ، وَلْيَجْمَعْ شَمْلَهُ ،
وَلْيُحْضِرْ ذِهْنَهُ ، فَلَقَدْ فَلَقَ
لَكُمُ الاَْمْرَ فَلْقَ الْخَرَزَةِ ،
وَقَرَفَهُ قَرْفَ الصَّمْغَةِ [1511] .
فَعِنْدَ ذلِكَ أَخَذَ الْبَاطِلُ مَآخِذَهُ
، وَرَكِبَ الْجَهْلُ مَرَاكِبَهُ ،
وَعَظُمَتِ الطَّاغِيَةُ ، وَقَلَّتِ
الدَّاعِيَةُ ، وَصَالَ الدَّهْرُ صِيَالَ
السَّبُعِ الْعَقُورِ ، وَهَدَرَ فَنِيقُ [1512]
الْبَاطِلِ بَعْدَ كُظُوم [1513] ، وَتَوَاخَى
النَّاسُ عَلَى الْفُجُورِ ، وَتَهَاجَرُوا
عَلَى الدِّينِ ، وَتَحَابُّوا عَلَى
الْكَذِبِ ، وَتَبَاغَضُوا عَلَى الصِّدْقِ .فَإِذَا
كَانَ ذلِكَ كَانَ الْوَلَدُ غَيْظاً [1514]
، وَالْمَطَرُ قَيْظاً [1515] ، وَتَفِيضُ
اللِّئَامُ فَيْضاً ، وَتَغِيضُ الْكِرَامُ
غَيْضاً [1516] ، وَكَانَ أَهْلُ ذلِكَ الزَّمَانِ
ذِئَاباً ، وَسَلاَطِينُهُ سِبَاعاً ،
وَأَوْسَاطُهُ أُكَّالاً ، وَفُقَرَاؤُهُ
أَمْوَاتاً; وَغَارً الصِّدْقُ ، وَفَاض
الْكَذِبُ ، وَاسْتُعْمِلَتِ الْمَوَدَّةُ
بِاللِّسَانِ ، وَتَشَاجَرَ النَّاسُ
بِالْقُلُوبِ ، وَصَارَ الْفُسُوقُ نَسَباً
، وَالْعَفَافُ عَجَباً ، وَلُبِسَ
الاِْسْلاَمُ لُبْسَ الْفَرْوِ مَقْلُوباً .

ومن خطبة له عليه السلام

في بيان قدرة الله وانفراده بالعظمة
واوصاف الملائكة وعصيان الخلق وأمر البعث
وفضائل النبي صلى الله عليه واله وسلم
واهل بيته الاطهار :

كُلُّ شَيْء خَاشِعٌ )

خاضِعٌ( لَهُ ،
وَكُلُّ شَيْء قَائِمٌ بِهِ : غِنى كُلِّ
فَقِير ، وَعِزُّ كُلِّ ذَلِيل ، وَقُوَّةُ
كُلِّ ضَعِيف ، وَمَفْزَعُ كُلِّ مَلْهُوف .
مَنْ تَكَلَّمَ سَمِعَ نُطْقَهُ ، وَمَنْ
سَكَتَ عَلِمَ سِرَّهُ ، وَمَنْ عَاشَ
فَعَلَيْهِ رِزْقُهُ ، وَمَنْ مَاتَ
فَإِلَيْهِ مُنْقَلَبُهُ . لَمْ تَرَكَ
الْعُيُونُ فَتُخْبِرَ عَنْكَ ، بَلْ كُنْتَ
قَبْلَ الْوَاصِفِينَ مِنْ خَلْقِكَ . لَمْ
تَخْلُقِ الْخَلْقَ لِوَحْشَة ، وَلاَ
اسْتَعْمَلْتَهُمْ لِمَنْفَعَة ، وَلاَ
يَسْبِقُكَ مَنْ طلَبْتَ ، وَلاَ يُفْلِتُكَ [1517]
مَنْ أَخَذْتَ ، وَلاَ يَنْقُصُ سُلْطَانَكَ
مَنْ عَصَاكَ ، وَلاَ يَزِيدُ فِي مُلْكِكَ
مَنْ أَطَاعَكَ ، وَلاَ يَرُدُّ أَمْرَكَ
مَنْ سَخِطَ قَضَاءَكَ ، وَلاَ يَسْتَغْنِي
عَنْكَ مَنْ تَوَلَّى عَنْ أَمْرِكَ . كُلُّ
سِرٍّ عِنْدَكَ عَلاَنِيَةٌ ، وَكُلُّ غَيْب
عِنْدَكَ شَهَادَةٌ . أَنْتَ الاَْبَدُ
فَـلاَ أَمَدَ لَكَ ، وَأَنْتَ الْمُنْتَهَى
فَـلاَ مَحِيصَ عَنْكَ ، وَأَنْتَ
الْمَوْعِدُ فَـلاَ مَنْجَى مِنْكَ إِلاّ
إِلَيْكَ . بِيَدِكَ نَاصِيَةُ كُلِّ دَابَّة
، وَإِلَيْكَ مَصِيرُ كُلِّ نَسَمَة .)

سُبْحَانَكَ
مَا أَعْظَمَ شَأ نَكَ (سُبْحَانَكَ مَا
أَعْظَمَ مَا نَرَى مِنْ خَلْقِكَ ؟ وَمَا
أصْغَرَ كُلَّ عَظِيمَة )

وما أصْغَر عِظَمَهُ(
فِي جَنْبِ قُدْرَتِكَ ؟ وَمَا أَهْوَلَ مَا
نَرَى مِنْ مَلَكُوتِكَ ؟ وَمَا أَحْقَرَ
ذلِكَ فِيَما غَابَ عَنَّا مِنْ سُلْطَانِكَ
؟ وَمَا أَسْبَغَ نِعَمَكَ فِي الدُّنْيَا ،
وَمَا أَصْغَرَهَا فِي نِعَمِ )

نعيم(
الاخِرَةِ !

ومنها :

مِنْ مَلاَئِكَة أَسْكَنْتَهُمْ
سَمَاوَاتِكَ ، وَرَفَعْتَهُمْ عَنْ
أَرْضِكَ; هُمْ أَعْلَمُ خَلْقِكَ بِكَ ،
وَأَخْوَفُهُمْ لَكَ ، وَأَقْرَبُهُمْ
مِنْكَ; لَمْ يَسْكُنُوا الاَْصْلاَبَ ،
وَلَمْ يُضَمَّنُوا الاَْرْحَامَ ، وَلَمْ
يُخْلَقُوا مِنْ مَاء مَهين [1518] ، وَلَمْ
يَتَشَعَّبْهُمْ رَيْبُ الْمَنُونِ [1519]
; وَإِنَّهُمْ عَلَى مَكَانِهمْ مِنْكَ ،
وَمَنْزِلَتِهِمْ عِنْدَكَ ،
وَاسْتِجَمَاعِ أَهْوَائِهِمْ فِيكَ ،
وَكَثْرَةِ طَاعَتِهِمْ لَكَ ، وَقِلَّةِ
غَفْلَتِهِمْ عَنْ أَمْرِكَ ، لَوْ
عَايَنُوا كُنْهَ مَا خَفِيَ عَلَيْهِمْ
مِنْكَ لَحَقَّرُوا أَعْمَالَهُمْ ،
وَلَزَرَوْا [1520] عَلَى
أَنْفُسِهِمْ ، وَلَعَرَفُوا أَنَّهُمْ لَمْ
يَعْبُدُوكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ ، وَلَمْ
يُطِيعُوكَ حَقَّ طَاعَتِكَ .

عصيان الخلق

سُبْحَانَكَ خَالِقاً وَمَعْبُوداً !
بِحُسْنِ بَلاَئِكَ [1521] عِنْدَ خَلْقِكَ
خَلَقْتَ دَاراً ، وَجَعَلْتَ فِيهَا
مَأْدُبَةً [1522] : مَشْرَباً
وَمَطْعَماً ، وَأَزْوَاجاً وَخَدَماً ،
وَقُصُوراً ، وَأَنْهَاراً ، وَزُرُوعاً ،
وَثِمَاراً; ثُمَّ أَرْسَلْتَ دَاعِياً
يَدْعُو إِلَيْهَا ، فَـلاَ الدَّاعِيَ
أَجَابُوا ، وَلاَ فِيَما رَغَّبْتَ
رَغِبُوا ، وَلاَ إِلَى مَا شَوَّقْتَ
إِلَيْهِ اشْتَاقُوا . أَقْبَلُوا عَلَى
جِيفَة قَدْ افْتَضَحُوا بِأَكْلِهَا ،
وَاصْطَلَحُوا عَلَى حُبِّهَا ، وَمَنْ
عَشِقَ شَيئاً أَعْشَى [1523] بَصَرَهُ ،
وَأَمْرَضَ قَلْبَهُ ، فَهُوَ يَنْظُرُ
بِعَيْن غَيْرِ صَحِيحَة ، وَيَسْمَعُ
بِأُذُن غَيْرِ سَمِيعَة ، قَدْ خَرَقَتِ
الشَّهَوَاتُ عَقْلَهُ ، وَأَمَاتَتِ
الدُّنْيَا قَلْبَهُ ، وَوَلِهَتْ عَلَيْهَا
نَفْسُهُ ، فَهُوَ عَبْدٌ لَهَا ،
وَلِمَنْ فِي يَدَيْهِ )

يَدِهِ( شَيْءٌ
مِنْهَا ، حَيْثُما زَالَتْ زَالَ إِلَيْهَا ،
وَحَيْثُما أَقْبَلَتْ أَقْبَلَ عَلَيْهَا;
لاَ يَنْزَجِرُ مِنَ اللهِ بِزَاجِر ،
وَلاَيَتَّعِظُ مِنْهُ بِوَاعِظ ، وَهُوَ
يَرَى الْمَأْخُوذِينَ عَلَى الْغِرَّةِ [1524]
- حَيْثُ لاَ إِقَالَةَ وَلاَ رَجْعَةَ -
كَيْفَ نَزَلَ بِهمْ مَا كَانُوا
يَجْهَلُونَ ، وَجَاءَهُمْ مِنْ فِرَاقِ
الدُّنْيَا مَا كَانُوا يَأْمَنُونَ ،
وَقَدِمُوا مِنَ الاخِرَةِ عَلَى مَا
كَانُوايُوعَدُونَ . فَغَيْرُ مَوْصُوف مَا
نَزَلَ بِهمْ : اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِمْ
سَكْرَةُ الْمَوْتِ وَحَسْرَةُ الْفَوْتِ ،
فَفَتَرَتْ لَهَا أَطْرَافُهُمْ ،
وَتَغَيَّرَتْ لَهَا أَلْوَانُهُمْ ، ثُمَّ
ازْدَادَ الْمَوْتُ فِيهِمْ وُلُوجاً [1525]
، فَحِيلَ بَيْنَ أَحَدِهِمْ وَبَيْنَ
مَنْطِقِهِ ، وَإِنَّهُ لَبَيْنَ أَهْلِهِ
يَنْظُرُ بِبَصَرِهِ ، وَيَسْمَعُ
بِأُذُنِهِ ، عَلَى صِحَّة مِنْ عَقْلِهِ ،
وَبَقَاء مِنْ لُبِّهِ ، يُفَكِّرُ فِيمَ
أَفْنَى عُمْرَهُ ، وَفِيمَ أَذْهَبَ
دَهْرَهُ ! وَيَتَذَكَّرُ أَمْوَالاً
جَمَعَهَا ، أَغْمَضَ [1526] فِي مَطَالِبِهَا
، وَأَخَذَهَا مِنْ مُصَرَّحَاتِهَا
وَمُشْتَبِهَاتِهَا ، قَدْ لَزِمَتْهُ
تَبِعَاتُ [1527] جَمْعِهَا ،
وَأَشْرَفَ عَلَى فِرَاقِهَا ، تَبْقَى
لِمَنْ وَرَاءَهُ يَنْعَمُونَ فِيهَا ،
وَيَتَمَتَّعُونَ بِهَا ، فَيَكُونُ
الْمَهْنَأُ [1528] لِغَيْرِهِ ،
وَالْعِبءُ [1529] عَلَى ظَهْرِهِ .
وَالْمَرْءُ قَدْ غَلِقَتْ رُهُونُهُ [1530]
بِهَا ، فَهُوَ يَعَضُّ يَدَهُ نَدَامَةً
عَلَى مَا أَصْحَرَ [1531] لَهُ عِنْدَ
الْمَوْتِ مِنْ أَمْرِهِ ، وَيَزْهَدُ
فِيَما كَانَ يَرْغَبُ فِيهِ أَيَّامَ
عُمُرِهِ ، وَيَتَمَنَّى أَنَّ الَّذِي
كَانَ يَغْبِطُهُ بِهَا وَيَحْسُدُهُ
عَلَيْهَا قَدْ حَازَهَا دُونَهُ ! فَلَمْ
يَزَلِ الْمَوْتُ يُبَالِغُ فِي جَسَدِهِ
حَتَّى خَالَطَ لِسَانُهُ سَمْعَهُ [1532] ،
فَصَارَ بَيْنَ أَهْلِهِ لاَ يَنْطِقُ
بِلِسَانِهِ ، وَلاَ يَسْمَعُ بِسَمْعِهِ :
يُرَدِّدُ طَرْفَهُ بِالنَّظَرِ
فِيوَجُوهِهِمْ ، يَرَى حَرَكَاتِ
ألسِنَتِهِمْ ، وَلاَ يَسْمَعُ رَجْعَ
كَـلاَمِهِمْ ثُمَّ ازْدَادَ المَوْتُ
الْتِيَاطاً [1533] )

بِهِ( ، فَقُبِضَ
بَصَرُهُ كَمَا قُبِضَ سَمْعُهُ ،
وَخَرَجَتِ الرُّوحُ مِنْ جَسَدِهِ ،
فَصَارَ جِيفَةً بَيْنَ أَهْلِهِ ، قَدْ
أَوْحَشُوا مِنْ جَانِبِهِ ،
وَتَبَاعَدُوا مِنْ قُرْبِهِ . لاَ يُسْعِدُ
بَاكِياً ، وَلاَ يُجِيبُ دَاعِياً . ثُمَّ
حَمَلُوهُ إِلَى مَخطّ )

مَحَطّ ( فِي
الارْض ، فَأَسْلَمُوهُ فِيهِ إِلَى
عَمَلِهِ ، وَانْقَطَعُوا عَنْ زَوْرَتِهِ [1534]
.

القيامة

حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْكِتَابُ
أَجَلَهُ ، وَالاَْمْرُ مَقَادِيرَهُ ،
وَاُلحِقَ آخِرُ الْخَلْقِ بِأَوَّلِهِ ،
وَجَاءَ مِنْ أَمْرِ اللهِ مَا يُرِيدُهُ
مِنْ تَجْدِيدِ خَلْقِهِ ، أَمَادَ [1535]
السَّمَاءَ وَفَطَرَهَا [1536] ، وَأَرَجَّ
الاَْرْضَ وَأَرْجَفَهَا ، وَقَلَعَ
جِبَالَها وَنَسَفَهَا ، وَدَكَّ بَعْضُهَا
بَعْضاً مِنْ هَيْبَةِ جَلاَلَتِهِ
وَمَخُوفِ سَطْوَتِهِ ، وَأَخْرَجَ مَنْ
فِيهَا ، فَجَدَّدَهُمْ بَعْدَ إِخْلاَقِهمْ [1537]
، وَجَمَعَهُمْ بَعْدَ تَفَرُّقِهِمْ ،
ثُمَّ مَيَّزَهُمْ لِما يُريدُهُ مِنْ
مَسْألتِهِمْ عَنْ خَفَايَا الاعْمَالِ
وَخَبَايَا الافْعَالِ ، وَجَعَلَهُمْ
فَرِيقَيْنِ : أنْعَمَ عَلَى هؤُلاَءِ
وَانْتَقَمَ مِنْ هؤُلاَءِ . فَأَمَّا أَهْلُ
الطَّاعَةِ فَأَثَابَهُمْ بِجِوَارِهِ ،
وَخَلَّدَهُمْ فِي دَارِهِ ، حَيْثُ
لاَيَظْعَنُ النُّزَّالُ ، وَلاَ تَتَغَيْرُ
بِهِمُ الْحَالُ ، وَلاَ تَنُوبُهُمُ
الاَْفْزَاعُ [1538] ، وَلاَ
تَنَالُهُمُ الاَْسْقَامُ ، وَلاَ تَعْرِضُ
لَهُمُ الاَْخْطَارُ ، وَلاَ تُشْخِصُهُمُ [1539]
الاَْسْفَارُ . وَأَمَّا أَهْلُ
الْمَعْصِيَةِ فَأَنْزَلَهُمْ شَرَّ دَار ،
وَغَلَّ الاَْيْدِيَ إِلَى الاَْعْنَاقِ ،
وَقَرَنَ النَّوَاصِيَ بِالاَْقْدَامِ ،
وَأَلْبَسَهُمْ سَرَابِيلَ الْقَطِرَانِ [1540]
، وَمُقَطَّعَاتِ [1541] النِّيرَانِ ، فِي
عَذَاب قَدِ اشْتَدَّ حَرُّهُ ، وَبَاب قَدْ
أُطْبِقَ عَلَى أَهْلِهِ ، فِي نَار لَهَا
كَلَبٌ [1542] وَلَجَبٌ [1543] ، وَلَهَبٌ
سَاطِعٌ ، وَقَصِيفٌ [1544] هَائِلٌ ، لاَ
يَظْعَنُ مُقِيمُهَا وَلاَ يُفَادَى
أَسِيرُهَا ، وَلاَتُفْصَمُ كُبُولُهَا [1545]
. لاَ مُدَّةَ لِلدَّارِ فَتَفْنَى ، وَلاَ
أَجَلَ لِلْقَوْمِ فَيُقْضَى .

ومنها

في ذكر النبي
صلى الله عليه واله وسلم

قَدْ حَقَّرَ الدُّنْيَا
وَصَغَّرَهَا وَأَهْوَنَ بِهَا )

وأهونها(
وَهَوَّنَهَا ، وَعَلِمَ أَنَّ اللهَ
زَوَاهَا [1546] عَنْهُ
اخْتِيَاراً ، وَبَسَطَهَا لِغَِيْرِهِ
احْتِقَاراً ، فَأَعْرَضَ عَنِ الدُّنْيَا
بِقَلْبِهِ ، وَأَمَاتَ ذِكْرَهَا عَنْ
نَفْسِهِ ، وَأَحَبَّ أَنْ تَغِيبَ
زِينَتُهَا عَنْ عَيْنِهِ ، لِكَيْلاَ
يَتَّخِذَ مِنْهَا رِيَاشاً [1547] ،
أَوْ يَرْجُوَ فِيهَا مَقَاماً . بَلَّغَ
عَنْ رَبِّهِ مُعْذِراً [1548] ، وَنَصَحَ
لاُِمَّتِهِ مُنْذِراً ، وَدَعاَ إِلَى
الْجَنَّةِ مُبَشِّراً )

وَخَوَّفَ مِنَ
النَّارِ مُحَذِّراً(.

أهل البيت

نَحْنُ شَجَرَةُ النّبُوَّةِ ،
وَمَحَطُّ الرِّسَالَةِ ، وَمُخْتَلَفُ
الْمَلاَئِكَةِ [1549] ، وَمَعَادِنُ
الْعِلْمِ ، وَيَنَابِيعُ الْحُكْمِ )

الحِكَمْ(
نَاصِرُنا وَمُحِبُّنَا يَنْتَظِرُ
الرَّحْمَةَ وَعَدُوُّنا وَمُبْغِضُنَا
يَنْتَظِرُ السَّطْوَةَ .

ومن خطبة له عليه السلام

في أركان الدين

الاسلام

إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَوَسَّلَ بِهِ
الْمُتَوَسِّلُونَ إِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ
وَتَعَالَى ، الاِْيمَانُ بِهِ
وَبِرَسُولِهِ ، وَالْجِهادُ فِي سَبِيلِهِ
، فَإِنَّهُ ذِرْوَةُ الاِْسْلاَمِ;
وَكَلِمَةُ الاِْخْلاَص فَإِنَّهَا
الْفِطْرَةُ; وَإِقَامُ الْصَّلاَةِ
فَإِنَّهَا الْمِلَّةُ; وَإِيتَاءُ
الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا فَرِيضَةٌ وَاجِبَةٌ;
وَصَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ
جُنَّةٌ مِنَ الْعِقَابِ; وَحَجُّ الْبَيْتِ
وَاعْتَِمارُهُ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ
الْفَقْرَ وَيَرْحَضَانِ الذَّنْبَ [1550]
; وَصِلَةُ الرَّحِمِ فَإِنَّهَا مَثْرَاةٌ
فِي الْمَالِ ، وَمَنْسَأَةٌ [1551] فِي
الاَْجَلِ; وَصَدَقَةُ السِّرِّ فَإِنَّهَا
تُكَفِّرُ الْخَطِيئَةَ ; وَصَدَقَةُ
الْعَلاَنِيَةِ فَإِنَّهَا تَدْفَعُ
مِيتَةَ السُّوءِ; وَصَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ
فَإِنَّهَا تَقِي مَصَارِعَ الْهَوَانِ .

أَفِيضُوا فِي ذِكْرِ اللهِ
فَإِنَّهُ أَحْسَنُ الذِّكْرِ . وَارْغَبُوا
فِيَما وَعَدَ الْمُتَّقِينَ فَإِنَّ
وَعْدَهُ أَصْدَقُ الْوَعْدِ . وَاقْتَدُوا
بِهَدْيِ نَبِيِّكُمْ فَإِنَّةُ أَفْضَلُ
الْهَدْيِ . وَاسْتَنُّوا بِسُنَّتِهِ
فَإِنَّهَا اَهْدَى السُّنَنِ .
وَتَعَلَّمُوا الْقرْآن فَإِنَّهُ أَحْسَنُ
الْحَدِيثِ ، وَتَفَقَّهُوا فِيهِ فَإِنَّهُ
رَبِيعُ الْقُلُوبِ ، وَاسْتَشْفُوا
بِنُورِهِ فَإِنَّهُ شِفَاءُ الصُّدُورِ ،
وَأَحْسِنُوا تِلاَوَتَهُ فَإِنَّهُ
أَنْفَعُ الْقَصَص . وَإِنَّ )

فانّ(
الْعَالِمَ الْعَامِلَ بِغَيْرِ عِلْمِهِ
كَالْجَاهِلِ الْحَائِرِ الَّذِي لاَ
يَسْتَفِيقُ مِنْ جَهْلِهِ ; بَلِ الْحُجَّةُ
عَلَيْهِ أَعْظَمُ ، وَالْحَسْرَةُ لَهُ
أَلْزَمُ ، وَهُوَ عِنْدَ اللهِ ألوَمُ [1552]
.

ومن خطبة له عليه السلام

في ذم الدنيا :

أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي
أُحَذِّرُكُمُ الدُّنْيَا ، فَإِنَّهَا
حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ ، حُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ
، وَتَحَبَّبَتْ بِالْعَاجِلَةِ ، وَرَاقَتْ
بِالْقَلِيلِ ، وَتَحَلَّتْ بِالامَالِ ،
وَتَزَيَّنَتْ بِالْغُرُورِ . لاَ تَدُومُ
حَبْرَتُهَا [1553] ، وَلاَ تُؤمَنُ
فَجْعَتُهَا . غَرَّارَةٌ ضَرَّارَةٌ ،
حَائِلَةٌ [1554] زَائِلَةٌ ،
نَافِدَةٌ [1555] بَائِدَةٌ [1556]
، أَكَّالَةٌ غَوَّالَةٌ [1557] . لاَ تَعْدُو ـ
إِذَا تَنَاهَتْ إِلَى أُمْنِيَّةِ أَهْلِ
الرَّغْبَةِ فِيهَا وَالرِّضَاءِ بِهَا -
أَنْ تَكُونَ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى
سُبْحَانَهُ : (كَمَاء أَنْزَلْنَاهُ مِنَ
السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ
الاَْرْض فَأَصْبَحَ هَشِيماً [1558]
تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللهُ عَلَى
كُلِّ شَيْء مُقْتَدِراً)

[1559] . لَمْ يَكُنِ
امْرُؤٌ مِنْهَا فِي حَبْرَة إِلاَّ
أَعْقَبَتْهُ بَعْدَهَا عَبْرَةً [1560] ; وَلَمْ
يَلْقَ في سَرَّائِهَا بَطْناً [1561] ، إِلاَّ
مَنَحَتْهُ مِنْ ضَرَّائِهَا ظَهْراً [1562]
; وَلَمْ تَطُلَّهُ [1563] فِيهَا دِيمَةُ [1564]
رَخَاء [1565] ، إِلاَّ هَتَنَتْ [1566] عَلَيهِ
مُزْنَةُ بَلاَء ! وَحَرِيٌّ إِذَا
أَصْبَحَتْ لَهُ مُنْتَصِرَةً أَنْ تُمْسِيَ
لَهُ مُتَنَكِّرَةً ، وَإِنْ جَانِبٌ
مِنْهَا اعْذَوْذَبَ وَاحْلَوْلَى ، أَمَرَّ
مِنْهَا جَانِبٌ فَأَوْبَى [1567] ! لاَ
يَنَالُ امْرُؤٌ مِنْ غَضَارَتِهَا [1568] رَغَباً [1569]
، إِلاَّ أَرْهَقَتْهُ [1570] مِنْ
نَوَائِبِهَا تَعَباً ! وَلاَ يُمْسِي
مِنْهَا فِي جَنَاحِ أَمْن ، إِلاَّ أَصْبَحَ
عَلَى قَوَادِمِ [1571] خَوْف !
غَرَّارَةٌ ، غُرُورٌ مَا فِيهَا ، فَانِيَةٌ
، فَان مَنْ عَلَيْهَا ، لاَ خَيْرَ فِي شَيْء
مِنْ أَزْوَادِهَا إِلاَّ التَّقْوَى . مَنْ
أَقَلَّ مِنْهَا اسْتَكْثَرَ مِمَّا
يُؤمِنُهُ ! وَمَنِ اسْتَكْثَرَ مِنْهَا
اسْتَكْثَرَ مِمَّا يُوبِقُهُ [1572] ،
وَزَالَ عَمَّا قَلِيل عَنْهُ . كَمْ مِنْ
وَاثِق بِهَا قَدْ فَجَعَتْهُ ، وَذِي
طُمَأْنِينَة إِلَيْهَا قَدْ صَرَعَتْهُ ،
وَذِي اُبّهَة [1573] قَدْ جَعَلَتْهُ
حَقِيراً ، وَذِي نَخْوَة [1574] قَدْ رَدَّتْهُ
ذَلِيلاً ! سُلْطَانُهَا دُوَّلٌ [1575] ،
وَعَيْشُهَا رَنِقٌ [1576] ، وَعَذْبُهَا
أُجَاجٌ [1577] ، وَحُلْوُهَا صَبِرٌ [1578] ،
وَغِذَاؤُهَا سِمَامٌ [1579] ،وَأَسْبَابُهَا
رِمَامٌ [1580] ! حَيُّهَا بِعَرَض مَوْت ،
وَصَحِيحُهَا بِعَرَض سُقْم ! مُلْكُهَا
مَسْلُوبٌ ، وَعَزِيزُهَا مَغْلُوبٌ ،
وَمَوْفُورُهَا [1581] مَنْكُوبٌ ،
وَجَارُهَا مَحْرُوبٌ [1582] ! أَلَسْتُمْ فِي
مَسَاكِنِ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَطْوَلَ أَعْمَاراً
، وَأَبْقَى آثَاراً ، وَأَبْعَدَ آمَالاً
، وَأَعَدَّ عَدِيداً ، وَأَكْثَفَ جُنُوداً !
تَعَبَّدُوا لِلدُّنْيَا أَيَّ تَعَبُّد ،
وَآثَرُوهَا أَيَّ إِيثَار ، ثُمَّ ظَعَنُوا
عَنْهَا بِغَيْرِ زَاد مُبَلِّغ وَلاَ ظَهْر
قَاطِع [1583] . فَهَلْ بَلَغَكُمْ أَنَّ
الدُّنْيَا سَخَتْ لَهُمْ نَفْساً بِفِدْيَة [1584]
، أَوْ أَعَانَتْهُمْ بِمَعُونَة ، أَوْ
أَحْسَنَتْ لَهُمْ صُحْبَةً ؟ بَلْ
أَرْهَقَتْهُمْ بِالْقَوَادِحِ [1585] ،
وَأَوْهَقَتْهُمْ بِالْقَوَارِعِ [1586] ،
وَضَعْضَعَتْهُمْ [1587] بِالنَّوَائِبِ ،
وعَفَّرَتْهُمْ [1588] لِلْمَنَاخِرِ ،
وَوَطِئَتْهُمْ بِالْمَنَاسِمِ [1589] ،
وَأَعَانَتْ عَلَيْهِمْ رَيْبَ الْمَنُونِ .
فَقَدْ رَأَيْتُمْ تَنَكُّرَهَا لِمَنْ
دَانَ لَهَا [1590] ، وَآثَرَهَا
وَأَخْلَدَ إِلَيْهَا [1591] ، حِينَ ظَعَنُوا
عَنْهَا لِفِرَاقِ الابَدِ . وَهَلْ
زَوَّدَتْهُمْ إِلاَّ السَّغَبَ [1592] ، أَوْ
أَحَلَّتْهُمْ إِلاَّ الضَّنْكَ [1593] ، أَوْ
نَوَّرَتْ لَهُمْ إِلاَّ الظُّلمَةَ ، أَوْ
أَعْقَبَتْهُمْ إِلاَّ النَّدَامَةَ !
أَفَهذِهِ تُؤْثِرُونَ ، أَمْ إِلَيْهَا
تَطْمَئِنُّونَ ، أَمْ عَلَيْهَا
تَحْرِصُونَ ؟ فَبِئْسَتِ الدَّارُ لِمَنْ
لَمْ يَتَّهِمْهَا ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا
عَلَى وَجَل مِنْهَا ! فَاعْلَمُوا ـ
وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ـ بِأَنَّكُمْ
تَارِكُوهَا وَظَاعِنُونَ عَنْهَا ،
وَاتَّعِظُوا فِيهَا بِالَّذِينَ قَالُوا
: مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً : حُمِلُوا
إِلَى قُبُورِهِمْ فَـلاَ يُدْعَوْنَ
رُكْبَاناً [1594] ، وَأُنْزِلُوا
الاَْجْدَاثَ [1595] فَـلاَ
يُدْعَوْنَ ضِيفَاناً ، وَجُعِلَ لَهُمْ
مِنَ الصَّفِيحِ [1596] أَجْنَانٌ [1597]
، وَمِنَ التُّرَابِ أَكْفَانٌ وَمِنَ
الرُّفَاتِ [1598] جِيرَانٌ ،
فَهُمْ جِيرَةٌ لاَ يُجِيبُونَ دَاعِياً ،
وَلاَ يَمْنَعُونَ ضَيْماً ، وَلاَ
يُبَالُونَ مَنْدَبَةً . إِنْ جِيدُوا [1599]
لَمْ يَفْرَحُوا ، وَإِنْ قُحِطُوا لَمْ
يَقْنَطُوا . جَمِيعٌ وَهُمْ آحَادٌ ،
وَجِيرَةٌ وَهُمْ أَبْعَادٌ . مُتَدَانُونَ
لاَ يَتَزَاوَرُونَ ، وَقَرِيبُونَ لاَ
يَتَقَارَبُونَ . حُلَمَاءُ قَدْ ذَهَبَتْ
أَضْغَانُهُمْ ، وَجُهَلاءُ قَدْ مَاتَتْ
أَحْقَادُهُمْ . لاَ يُخْشَى فَجْعُهُمْ [1600]
، وَلاَ يُرْجَى دَفْعُهُمْ ، اسْتَبْدَلُوا
بِظَهْرِ الاَْرْض بَطْناً ، وَبِالسَّعَةِ
ضِيقاً ، وَبِالاَْهْلِ غُرْبَةً ،
وَبِالنُّورِ ظُلمَةً ، فَجَاؤُوهَا
كَمَا فَارَقُوهَا ، حُفَاةً عُرَاةً ،
قَدْ ظَعَنُوا عَنْهَا بِأَعْمَالِهِمْ
إِلَى الْحَيَاةِ الْدَّائِمَةِ وَالدَّارِ
الْبَاقِيَةِ ، كَمَا قَالَ
سُبْحَانَهُوَتَعَالَى : (كَمَا بَدَأْنَا
أَوَّلَ خَلْق نُعِيدُهُ ، وَعْداً
عَلَيْنَا ، إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ)

[1601] .

[1491] المراد «بذوي
الضمائر» ذوو القلوب والحواسّ البدائية .

[1492] السّترات : جمع
سُتْرة ، ما يُسْتَرُ به ، أيّاً كان .

[1493] المِشْكاة : كل
كُوّة غير نافذة ومن العادة أن يوضع فيها
المصباح .

[1494]
الذّؤابة : الناصية ، أو مَنْبِتُها من الرأس
.

[1495] البَطْحاء : مابين
أخْشَبَيْ مكة ، كانت تسكنه قبائل من قريش ،
ويقال لهم قريش البِطاح .

[1496] مَوَاسِمُه : جمع
مِيسَم - بكسر الميم - وهو المِكْواة ، يجمع
على مواسم وَمَيَاسم .

[1497] انجابَتْ : من
قولهم : انجابت الناقة ، إذا مدت عُنُقَها
للحَلْب .

[1498] خابطها : السائر
عليها .

[1499] قامت على قُطْبها:
تمثيل لانتظام أمرها واستحكام قوتها .

[1500]
شُعَب : جمع شُعْبة : وهو الفرع .

[1501]
تَكيلكم : أي تأخذكم للهلاك جملةً كما يأخذ
الكيّال ما يكيله من الحَبّ .

[1502]
تَخْبِطكم : من «خَبَطَ الشجرة» ضربها
بالعصيّ ليتناثر ورقها ، أو من خبط البعير
بيده الارضَ أي ضربها . وعبّر بالباع ليفيد
استطالتها عليهم ، وتناولها لقريبهم
وبعيدهم .

[1503] الثُفالة - بالضم
- كالثّفل والثافل : هو ما أستقرّ تحت الشيء
من كُدْرة . وثُفالة القدْر : ما يبقى في
قَعْرِهِ من عُكارة . والمراد الارذال
والسِّفْلة.

[1504]
النّفَاضة : ما يسقط بالنفض . والعِكْم -
بالكسر - العِدْل بالكسر أيضاً ، وَنَمَطٌ
تجعل فيه المرأة ذخيرتها . والمراد ما يبقى
بعد تفريغه في خلال نسيجه فينفض لينظف .

[1505]
العَرْك : شديد الدّلْك . وَعَركَه حَكّهُ
حتى عفاه . والاديم : الجلد .

[1506] الحَصِيد :
المحصود .

[1507] البَطينة :
السمينة .

[1508] الرّبّاني : -
بتشديد الباء - المتألّهِ العارف بالله عز
وجل .

[1509] هتف بكم : صاح بكم
.

[1510]
الرائد : من يتقدم القوم ليكشف لهم مواضع
الكَلا، ويتعرف سهولة الوصول إليها من
صعوبته .

[1511] قرف الصّمْغة :
قشرها . وخصّ هذا بالذكر لان الصمغة إذا
قُشرت لا يبقى لها أثر .

[1512] الفَنِيق : الفحل
من الابل .

[1513]
كُظُوم : إمساك وسكون .

[1514] كان الولد غيظاً :
يغيظ والده لشُبُوبِهِ على العقوق .

[1515] القَيْظ : شدة
الحر : والمراد بكون المطر قَيْظاً عدم
فائدته .

[1516]
تغيض : من «غاض الماء» إذا غار في الارض وجفّت
ينابيعُهُ .

[1517] لا يُفْلِتُكَ :
لا يَنْفَلِتُ منكَ .

[1518] المَهِين :
الحقير ، يريد النُطْفَة .

[1519]
المَنُون : الدهر . والرّيْب : صَرْفُهُ أي لم
تفرّقهم صروف الزمان .

[1520] زَرَى عليه - كرمى
- عَابَهُ .

[1521] البلاء يكون نعمة
ويكون نقمةً ، ويتعيّن الاول بإضافة الحسن
اليه . أي ما عبدوك إلا شكراً لنعمتك
عليهم .

[1522] المَأدُبة : بضم
الدال وفتحها : ما يصنع من الطعام للمدعوِّين
في عرس ونحوه ، والمراد منها هنا نعيم الجنة .

[1523] أعْشاه : أعماه .

[1524] على الغِرّة :
بكسر الغين - بغتة وعلى غفلة .

[1525] وُلُوجاً :
دُخُولاً .

[1526] أغْمَضَ : لم
يفرّق بين حلال وحرام ، كأنه أغمض عينيه فلا
يميّز .

[1527] تَبِعاتها - بفتح
فكسر - ما يطالبه به الناس من حقوقهم فيها ،
وما يحاسبه به الله من منع حقه منها وتخطّي
حدود شرعه في جمعها .

[1528] المَهْنَأ : ما
أتاك من خير بلا مشقة .

[1529]
العِبء : الحِمْل والثِّقَل .

[1530] غَلِقَتْ
رهُونُهُ : استحقّها مُرْتَهِنُهَا ،
وأعْوَزَتْهُ القدرةُ على تخليصها ، كناية
عن تعذّر الخلاص .

[1531]
أصْحَرَ له : من «أصْحَرَ» إذا برز في الصحراء
، أي على ما ظهر له وأنكشف من أمره .

[1532] «خالَطَ لسانُه
سَمْعَهُ» : شارك السمع اللسان في العجز عن
أداء وظيفته .

[1533] الْتِياطاً :
التصاقاً به .

[1534] زَوْرَته : زيارته
.

[1535] أمادها : حركها على
غير انتظام .

[1536]
فَطَرَها : صَدَعَهَا .

[1537] إخْلاقهم : من
قولهم : «ثوب خَلَق ، وثياب أخلاق» ، والمراد
أن البِلى يشملهم كما يشمل الثياب البالية .

[1538] لا تَنُوبهم
الافْزَاع : جمع فَزَع ، بمعنى الخوف . تنوبهم :
تنتابهم .

[1539] أشْخَصَهُ : أزعجه
.

[1540] السّرْبال :
القميص . والقَطِران معروف .

[1541]
المقَطّعات : كل ثوب يُقَطّعُ كالقميص والجبة
ونحوها ، بخلاف ما لا يُقَطّع كالازار
والرداء .

[1542] عبّر «بالكَلَب» -
محركاً - عَن هَيَجَانها .

[1543]
اللّجَب : الصوت المرتفع .

[1544]
القَصِيف : أشدّ الصوت .

[1545] كُبُول : جمع كَبْل
- بفتح فسكون : القيد . وتُفْصَمُ : تنقطع .

[1546] زَوَاها :
قَبَضَهَا .

[1547] الرِّيَاش :
اللباس الفاخر .

[1548]
مُعْذِراً : مبيّناً لله حجةً تقوم مقام العذر
في عقابهم إن خالفوا أمره .

[1549] مُخْتَلَف
الملائكة - بفتح اللام - : محل اختلافهم أي ورود
واحد منهم بعد الاخر ، فيكون الثاني كأنه
خَلَف للاول ، وهكذا .

[1550] رَحَضَه - كمنعه -
غَسَلَه .

[1551]
مَنْسَأة : مُطَالٌ فيه ومَزيد .

[1552] ألْوَمُ : أشد
لوماً لنفسه ، لانه لا يجد عذراً يقبل أو يرد .

[1553] الحَبْرَة ـ
بالفتح - السرور والنعمة .

[1554]
حائلة : متغيّرة .

[1555] نافذة : فانية .

[1556]
بائدة : هالكة .

[1557]
غَوّالة : مُهْلِكة .

[1558] الهَشِيم : النبت
اليابس المكسّر .

[1559] الكهف : 45.

[1560]
العَبْرَة - بالفتح - : الدمعة قبل أن تفيض .

[1561] كنى «بالبطن» عن
الاقبال .

[1562]
كنى «بالظهر» عن الادبار .

[1563]
الطَلّ : المطر الخفيف . وطَلّتْهُ السماء :
أمطرتْه مطراً قليلاً .

[1564] الدّيمة : مطر يدوم
في سكون ، لا رعد ولا برق معه .

[1565]
الرّخاء : السّعة .

[1566]
هَتَنَتِ المُزْن : أنصبّت .

[1567] أوْبى : صار كثير
الوباء ، والوباء هو المعروف بالريح الاصفر .

[1568]
الغَضَارة : النعمة والسّعة .

[1569]
الرّغَب ـ بالتحريك - الرغبة والمرغوب .

[1570] أرْهَقَتْهُ
التعبَ : ألحقَتْهُ به .

[1571] القَوَادِم : جمع
قادمة ، الواحدة من أربع أو عشر ريشَات في
مقدّم جناح الطائر ، وهي القوادم ، والعَشْر
التي تحتها هي الخَوَافي .

[1572] يُوبِقُهُ :
يُهْلكه .

[1573] أُبّهَة : ـ بضم
فتشديد - عَظَمَة .

[1574] النَّخْوَة ـ بفتح
النون - الافتخار .

[1575]
دُوّل ـ بضم الدال وفتح الواو المشددة -
المتحول .

[1576]
رَنِق - بفتح فكسر - كّدِر .

[1577]
أُجاج : شديد المُلوحة .

[1578] الصّبِر ـ كّكَتِف
- عُصارة شجر مُرّ .

[1579]
سِمام : جمع سم ، مثلَث السين وهو من المواد ما
إذا خالط المزاجَ أفسده فقتل صاحبه .

[1580]
رِمام : جمع رُمّة بالضم : وهي القطعة البالية
من الحبل .

[1581] مَوْفُورها: ما
كثر منها . مصاب بالنكبة ، وهي المصيبة: أي في
مَعْرِض لذلك .

[1582] مَحْرُوب : من «حَرَبَهُ
حَرْباً» - بالتحريك - إذا سلب ماله .

[1583] ظهر قاطع : راحلة
تُرْكَبُ لقطع الطريق .

[1584]
الفِدْية : الفِداء .

[1585] أرْهَقَتْهُـمْ :
غَشِيَتْهُمْ ، القوادح : جمع قادح وهو أكال -
كزُكام - يقع في الشجر والاسنان .

[1586] أوْهَقَتْهُمْ :
جعلتهم في الوَهَق - بفتح الهاء - وهو حبل
كالطِّوَل . والقوارع : المِحَن والدّواهي .

[1587]
ضَعْضَعَتْهُمْ : ذَلّلَتْهُمْ .

[1588]
عَفّرَتْهم : كَبّتْهُمْ على مَنَاخِرِهِم في
العَفَر ، وهو التراب .

[1589] المَنَاسِم : جمع
مِنْسَمْ ، وهو مقدم خف البعير ، أو الخُفّ
نفسه .

[1590] دانَ لها : خضع .

[1591]
أخلدَ لها : ركن اليها .

[1592] السّغَب -
بالتحريك - الجوع .

[1593]
الضّنْكَ : الضّيق .

[1594] لا يُدْعَوْنَ
رُكباناً : لا يقال لهم رُكْبان : جمع راكب ،
لان الراكب من يكون مختاراً ، وله التصرّف في
مركوبه .

[1595] الاجْدَاث :
القبور .

[1596]
الصّفِيح : وَجْهُ كل شيء عريض ، والمراد وجه
الارض .

[1597]
الاجْنان : جمع جَنَن - بالتحريك - وهو القبر .

[1598] الرُفات : العظام
المندقّة المحطومة .

[1599] جِيدُوا - بالبناء
للمجهول - مُطِرُوا .

[1600] لا يُخْشى
فَجْعُهم : لا تَخافُ منه أن يَفْجعوك بضرر .

[1601] الانبياء : 104.

/ 35