لعلماء الشيعة موقفان متغايران بالنسبة للاجماع. فهم يحتجون بالاجماع اذا كان يؤلد ما ذهبوا اليه من أقول. فالطبطبانى مثلا يستعمل كثيرا قول: «كلاً من الشيعة و السنة » و « و اتفق الجميع على اقراره».25 أما من ناحية أخرى فان علماء الشيعة يرفضون الاجماع فمثلا يقولون بأن الصحابة - و هم عشرات الألوف - قد تأمروا على مخالفة الرسول صلى 1 الله عليه و سلم عقب وفاته و لم يثبت على سنته الا أقل من عشرة، لهذا يرجحون هذه الأقلية - المكذوب عليها - على الأغلبية الساحقة يعتقدون بأن ملايين المسلمين عبر الأزمنة و الأمكنة على مر التاريخ لا يتوافر فيهم صفة الاسلام و الايمان لأنهم يرفضون 2 أحد اركان الاسلام و الايمان فى اعتقاد الشيعة - و هو الايمان بركن الامامة - أى بركن الايمان بوجود أثنى عشر اماما معصومين نص عليهم الرسول لتكون لهم القيادة السياسية و الدينية يبوار ثونه واحدابعد الأخر يشككون فى صحة القرآن و كماله و قد وثقه علماء المسلمين قاطبة 2 أما جمهور علماء المسلمين فانهم يعتبرون الاجماع المصدر الثالث للشريعة الاسلامية بعد القرآن و السنة كما يؤكد ذلك ابن تيمية.26 فأوثق النصوص ما وصل اسناده درجة التواتر حيث يروى مجموعة من الصحابة خبرا يتناقله عنهم مجموعة أخرى من التابعين.27 و أرفع درجات الاستنباط و الفتاوى ما أجمع عليه العلماء.28، فالله سبحانه و تعالى يقول فى محكم تيزيله و اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا).29 و يستتكر الله على أولئك الذينن فرقوا دينهم شيعا فيقول مخاطبا نبيه (ان الذين) فرقوا دينهم و كانوا شيعا لست منهم فى شىء انما أمرهم الى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون).30 و عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «أوصيكم بأصحابى، ثم الذين يلونهم عليكم بالجماعة، و اياكم و الفرقة فان الشيطان مع الواحد، و هو من الاثنين أبعد، من اراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة».31 ولا شك أن المقصود بجماعة المسلمين علماؤهم و ليش عامة المسلمين الذين يعتمدون على التقليد فقط دون الرجوع الى المصارد الاساسية الاسلام «و فى حديث أخر قال الرسول صلى الله عليه و سلم «لا تجتمع أمتى على خطا»، وقال: «لم يكن الله ليجمع امتى على الضلالة و قال: «ما راه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن». و ذلك لأن اتفاِ جميع المجتهدين على حكم واحد مع اختلاف خلفياتهم و بيناتهم لا يحصل الا أن يجمعهم الحق.32 و قد ذكر الرسول صلى الله عليه و سلم أيضا أن امته ستفترِ على ثلاث و سبعين الرسول صلى الله عليه و سلم و أصحابه، وفى رواية أخرى أن الفرقة الناجية هم الجماعة.33 أيها الأخ و أيتها الأخت: ألا تعتقدون أن فعالية أى معيار يعتمد على ثبات استعماله و استخلاص النتانج به فلا يقبل مرة و الاعتراف بالدليل نفسه اذا كان فى غير صالحه و يعتمد عليه اذا كان فى صالحه أيها الأخ و أيتها الأخت: لنفرض أن مسملا يسأل عن الطريق الى الجنة فأجابت عليه مجموعة لاتقل عن العشرة من الناس بأنهم يعرفون الطريق حق المعرفة، غير أن واحدا منهم أعطاه و صفا يتعارض مع بقية الأوصاف، فبماذا تنصح هذا المسلم هل يتبع و صف المجموعة التى لا تقل عن العشرة أشخاص أم ذلك المنفرد برايه و ذلك مع افتراض أنه لا يعلم شيئا عن أى من هؤلاء و أن كلا الوصفين قد ظهر معقولا ثم ماذا لو اتضح أن الشخص المنفرد برأيه له مصلحة شخصية فى الوصف الذى تفرد به و ليس للبقية مصلحة ذاتية و ماذا لو علمت أن الشخص المنفرد برايه سوف يحقد على السائل اذا لم يتبع ارشاداته بينما البقية ترى أن من يخالفها لا يستحق الحقد أو الكراهية أيها الاخ و ايتها الاخت: فكروا فى الموضوع و تذكروا ان الموضوعات التى يختلف فيها جمهور علماء المسلمين مع غير هم تدخل فى صنفين أن راى جمهور علماء المسلمين هو الصواب الذى يحتمل الخطا، و أن راى سواهم هو الخطا الذى يحتمل الصواب (1) أن راى جمهور علماء المسلمين هو الصواب الذى لا يتطرِ اليه الخطا، و أن راى سواهم هو الخطا الذى لا يحتمل وجها (2) من الصحة مطلقا ميقع اغلب الامور التى اختلف فيها علماء الشيعة مع جمهور علماء المسلمين ضمن الصنف الثانى و تذكروا - اخى المسلم و اختى المسلمة - أن هناك فرقا بين (جمهور المسلمين) من جهة، (و جمهور علماء المسلمين) من جهة اخرى، فبينما لا يعتبر الاول دليلا ملزما، فان الاخر يستوجب الالزام، و هذا هو المقصود بالاجماع