مقدّمة:
تعتبر مسألة رؤية الله من
المسائل الكلامية المهمة التي حظيت بنطاق
واسع من البحث والتحقيق والأخذ والرد بين
المسلمين منذ الصدر الأوّل للإسلام وحتى
الآن، وذلك لما لها من مدخلية كبيرة في أصل
قضية التوحيد من جهة، وإلحاح العقل في
استيضاحها من جهة ثانية، ولعلّ أهميتها في
هاتين الجهتين جعلها عرضة للتأثر السلبي
بالتراث اليهودي من جهة، والمشارب
الفلسفية من جهة ثانية، بحثاً عن أسباب
إضافية تستكمل بها حاجتها الى الاشباع
الكافي.
وهذه الدراسة عبارة عن محاولة
لتسليط الأضواء على هذه المسألة ، ورائدنا
فيها هو البحث عن الحقيقة التي يثبتها
العقل ويدلّل عليها النقل.
وقبل أن ندخل في صميم البحث،
لابدّ لنا من التنويه بأنّ مسألة الرؤية
تتداخل مع مسألة التجسيم تداخلاً
صميمياً، وليس بإمكاننا الفصل بين
المسألتين، ولذا فدراستنا هذه تتناولهما
معاً في آن واحد، لأجل التلازم القائم
بينهما الذي يجعل البحث في أيٍّ منهما
بحثاً فيهما معاً ، وإن كان العنوان
مقتصراً على واحد منهما فقط .