2569/ 1- من طريق الخصم، عن أنس، قال: سألني الحجّاج بن يوسف عن حديث عائشة و القدر، رأت فاطمة عليهاالسلام تحرّكها بيدها و هي تغلي و تفور؟ فقلت: نعم، دخلت عائشة على فاطمة عليهاالسلام، و هي تعمل للحسن والحسين عليهماالسلام حريرة بدقيق ولبن و شحم في قدر و القدر على النار تغلي و تفور، و فاطمة عليهاالسلام تحرّك ما في القدر بيدها. فخرجت عائشة فزعة مرعوبة، فدخلت على أبيها، و قالت: يا أبتي! إنّي رأيت من فاطمة عليهاالسلام عجباً؛ رأيتها و هي تعمل في القدر، و القدر على النار تغلي و هي تحرّك ما في القدر بيدها. فقال: يا بنيّة! اكتمي هذا، فإنّه أمر عظيم. فبلغ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله ذلك، فصعد المنبر، فحمد اللَّه و أثنى عليه، ثمّ قال: إنّ الناس يستعظمون و يستكبرون ما رأوا من القدر و النار؛ والّذي بعثني بالنّبوّة و اصطفاني بالرسالة؛ لقد حرّم اللَّه عزّ و جلّ النار على لحم فاطمة عليهاالسلام ودمها و عصبها و شعرها، و فطم من النار ذرّيتها و شيعتها. إنّ من نسل فاطمة عليهاالسلام من تطيعه النار و الشمس و القمر، و تضرب بين يديه الجنّ بالسيف، و توفي إليه الأنبياء بعهودها، و تسلم إليه الأرض كنوزها، و تنزل عليه السماء بركات ما فيها. الويل، ثمّ الويل، الويل لمن شكّ في فضل فاطمة عليهاالسلام، و لعنة اللَّه، ثمّ لعنة اللَّه على من يبغض بعلها عليّ بن أبي طالب عليه السلام، ولم يرض بإمامة ولديها.
إنّ لفاطمة عليهاالسلام موقفاً، و لشيعتها أحسن موقف. و إنّ فاطمة عليهاالسلام تدعو قبلي و تشفع و تشفّع على رغم كلّ راغم. و لقد أجاد فيها الفاضل الشيخ حسن الدمستاني حيث يقول:
أيكبر عن قدر البتول أنّها تلامس ما في القدر و هي تفور
أما هي بنت المصطفى طابع الحصى بخاتمه والمسلمون حضور
ومظهر أسرار الإله الّتي لها على باطن السرّ الخفيّ ظهور
و من كان الحور الحسان تزورها لهن لديها غبطة و سرور فاطمه الزهراء عليهاالسلام بهجه قلب المصطفى صلى الله عليه و آله: 102.
.
2570/ 2- محمّد بن إسماعيل البرمكيّ، عن الحسين بن الحسن، عن يحيى بن عبدالحميد، عن شريك بن حمّاد، عن أبي ثوبان الأسدي- و كان من أصحاب أبي جعفر عليه السلام- عن الصلت بن المنذر، عن المقداد بن الأسود الكنديّ: أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله خرج في طلب الحسن والحسين عليهماالسلام و قد خرجا من البيت، و أنا معه، فرأيت أفعي على الأرض. فلمّا أحسّت بوطى ء النبيّ صلى الله عليه و آله قامت و نظرت، و كانت أعلى من النخلة و أضخم من البكر، يخرج من فيها النار، فهالني ذلك. فلمّا رأت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله صارت كأنّها خيط، فالتفت إليَّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فقال: ألا تدري ما تقول هذه يا أخا كندة؟ قلت: اللَّه و رسوله أعلم. قال: قالت: الحمد للَّه الّذي لم يمتني حتّى جعلني حارساً لابني رسول اللَّه صلى الله عليه و آله. و جرت في الرمل؛ رمل الشعاب، فنظرت إلى شجرة لا أعرفها بذلك الموضع، لأنّي ما رأيت فيه شجرة قطُّ قبل يومي ذلك، و لقد أتيت بعد ذلك اليوم أطلب الشجرة، فلم أجدها، و كانت الشجرة أظلّتهما بورق. و جلس النبيُّ صلى الله عليه و آله بينهما، فبدأ بالحسين عليه السلام فوضع رأسه على فخذه الأيمن، ثمّ وضع رأس الحسن عليه السلام على فخذه الأيسر، ثمّ جعل يرخي لسانه في فم الحسين عليه السلام، فانتبه الحسين عليه السلام فقال: يا أبه! ثمّ عاد في نومه، فانتبه الحسن عليه السلام، و قال: يا أبه! و عاد في نومه. فقلت: كأنَّ الحسين عليه السلام أكبر. فقال النبيُّ صلى الله عليه و آله: إنّ للحسين عليه السلام في بواطن المؤمنين معرفة مكتومة، سل اُمّه عنه. فلمّا انتبها حملهما على منكبه. ثمّ أتيت فاطمة عليهاالسلام فوقفت بالباب، فأتت حمامة، و قال: يا أخا كندة! قلت: من أعلمك أنّي بالباب. فقالت: أخبرتني سيّدتي أنَّ بالباب رجلاً من كندة من أطيبها أخباراً، يسألني عن موضع قرَّة عيني. فكبر ذلك عندي، فولّيتها ظهري، كما كنت أفعل حين أدخل على رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في منزل أُمّ سلمة. فقلت لفاطمة عليهاالسلام: ما منزلة الحسين عليه السلام؟ قالت: إنّه لمّا ولدت الحسن عليه السلام أمرني أبي أن لا ألبس ثوباً أجد فيه اللذَّة حتّى أفطمه. فأتاني أبي زائراً، فنظر إلى الحسن عليه السلام و هو يمصُّ الثدي، فقال: فطمته؟ قلت: نعم. قال: إذا أحبَّ عليٌّ الاشتمال، فلا تمنعيه، فإنّي أرى في مقدَّم وجهك ضوءاً و نوراً، و ذلك أنّك ستلدين حجّة لهذا الخلق. فلمّا تمَّ شهر من حملي وجدت فيَّ سخنة، فقلت لأبي ذلك، فدعا بكوز من ماء، فتكلّم عليه و تفل عليه، و قال: اشربي. فشربت فطرد اللَّه عنّي ما كنت أجد، و صرت في الأربعين من الأيّام فوجدت دبيباً في ظهري كدبيب النمل في بين الجلدة و الثوب. فلم أزل على ذلك حتّى تمَّ الشهر الثاني، فوجدت الاضطراب و الحركة، فواللَّه؛ لقد تحرَّك و أنا بعيد عن المطعم و المشرب، فعصمني اللَّه كأنّي شربت لبناً حتّى تمّت الثلاثة أشهر و أنا أجد الزِّيادة، و الخير في منزلي. فلمّا صرت في الأربعة آنس اللَّه به وحشتي، و لزمت المسجد لا أبرح منه إلّا لحاجة تظهر لي، فكنت في الزِّيادة و الخفّة في الظاهر و الباطن حتّى تمّت الخمسة. فلمّا صارت الستّة كنت لا أحتاج في الليلة الظلماء إلى مصباح، و جعلت أسمع إذا خلوت بنفسي في مصلّاي التسبيح و التقديس في باطني. فلمّا مضى فوق ذلك تسع ازددت قوَّة، فذكرت ذلك لاُمّ سلمة. فشدَّ اللَّه بها أزري، فلمّا زادت العشر غلبتني عيني و أتاني آتٍ فمسح جناحه على ظهري، فقمت و أسبغت الوضوء، و صلّيت ركعتين، ثمّ غلبتني عيني، فأتاني آت في منامي، و عليه ثياب بيض، فجلس عند رأسي، و نفخ في وجهي و في قفاي. فقمت و أنا خائفة فأسبغت الوضوء و أدَّيت أربعاً، ثمّ غلبتني عيني فأتاني آتٍ في منامي، فأقعدني و رقاني و عوَّذني. فأصبحت و كان يوم اُمّ سلمة، فدخلت في ثوب حمامة، ثمّ أتيت اُمّ سلمة، فنظر النبيُّ صلى الله عليه و آله إلى وجهي، فرأيت أثر السرور في وجهه، فذهب عنّي ما كانت أجد، و حكيت ذلك للنبيِّ صلى الله عليه و آله. فقال: أبشري أمّا الأوَّل، فخليلي عزرائيل الموكّل بأرحام النساء، و أمّا الثاني؛ فخليلي ميكائيل الموكّل بأرحام أهل بيتي، فنفخ فيك؟ قلت: نعم. فبكى، ثمّ ضمّني إليه، و قال: و أمّا الثالث؛ فذاك حبيبي جبرئيل يخدمه اللَّه ولدك. فرجعت فنزل تمام السنة. قال العلّامة المجلسي رحمه الله: بيان: قال الجوهريُّ: «وإنّي لأَجد في نفسي سخنة»- بالتحريك- و هي فضل حرارة تجدها مع وجع. قولها عليهاالسلام: «وأنا بعيد، عن المطعم و المشرب» أي: لا أجدهما، أو لا أشتهيهما. و لا يخفى تنافي الأخبار الواردة في مدَّة الحمل، و أخبار السّتّة أكثر و أقوى. البحار: 43/ 271- 273 ح 36،عن الخرائج.