إن رسول الله دعا اللَّه تعالى أن يجبر قلب فاطمة فأجبر اللَّه قلبها
2622/ 1- روي عن بعض الثقات الأخيار: أنّ الحسن والحسين عليهماالسلام دخلا يوم عيد إلى حجرة جدّهما رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، فقالا:
يا جدّاه! اليوم يوم العيد، و قد تزيّن أولاد العرب بألوان اللباس، و لبسوا جديد الثياب، و ليس لنا ثوب جديد، و قد توجّهنا لذلك إليك.
فتأمّل النبيّ صلى الله عليه و آله حالهما و بكى، ولم يكن عنده في البيت ثياب يليق بهما، ولا رآى أن يمنعهما فيكسر خاطرهما، فدعا ربّه، و قال: إلهي أجبر قلبهما، و قلب أُمّهما.
فنزل جبرئيل و معه حلّتان بيضاوان من حلل الجنّة، فسرّ النبيّ صلى الله عليه و آله و قال لهما: يا سيّدي شباب أهل الجنّة! خذا أثواباً خاطها خيّاط القدرة على قدر طولكما.
فلمّا رأيا الخلع بيضاً قالا: يا جدّاه! كيف هذا و جميع صبيان العرب لابسون ألوان الثّياب.
فأطرق النبيّ صلى الله عليه و آله ساعة، متفكّراً في أمرهما.
فقال جبرئيل: يا محمّد! طب نفساً و قرّ عيناً؛ إنّ صابغ صبغة اللَّه عزّ و جلّ يقضي لهما هذا الأمر، و يفرّح قلوبهما بأيّ لون شاء، فأمر يا محمّد! بإحضار الطست و الإبريق.
فأُحضرا، فقال جبرئيل: يا رسول اللَّه! أنا أصبّ الماء على هذه الخلع، و أنت تفركهما بيدك، فتصبغ لهما بأي لون شاءا.
فوضع النبيّ صلى الله عليه و آله حلّة الحسن عليه السلام في الطست، فأخذ جبرئيل يصبّ الماء، ثمّ أقبل النبيّ صلى الله عليه و آله على الحسن عليه السلام و قال له: يا قرة عيني! بأيّ لون تريد حلّتك؟
فقال: أُريدها خضراء.
ففركها النبيّ صلى الله عليه و آله بيده في ذلك الماء، فأخذت بقدرة اللَّه لوناً أخضرا فائقاً كالزبرجد الأخضر، فأخرجها النبيّ صلى الله عليه و آله و أعطاها الحسن عليه السلام، فلبسها.
ثمّ وضع حلّة الحسين عليه السلام في الطست، و أخذ جبرئيل يصبّ الماء، فالتفت النبيّ صلى الله عليه و آله إلى نحو الحسين عليه السلام- و كان له من العمر خمس سنين- و قال له: يا قرّة عيني! أيّ لون تريد حلّتك؟
فقال الحسين عليه السلام: يا جدّاه! اُريدها حمراء.
ففركها النبيّ صلى الله عليه و آله بيده في ذلك الماء، فصارت حمراء كالياقوت الأحمر، فلبسها الحسين عليه السلام.
فسرّ النبيّ صلى الله عليه و آله بذلك، و توجّه الحسن والحسين عليهماالسلام إلى اُمّهما فرحين مسرورين.
فبكى جبرئيل عليه السلام لمّا شاهد تلك الحال.
فقال النبيّ صلى الله عليه و آله: يا أخي جبرئيل! في مثل هذا اليوم الّذي فرح فيه ولداي تبكي و تحزن؟ فباللَّه عليك إلّا ما أخبرتني.
فقال جبرئيل: اعلم يا رسول اللَّه! أنّ اختيار ابنيك على اختلاف اللون، فلابدّ للحسن عليه السلام أن يسقوه السمّ و يخضرّ لون جسده من عظم السمّ، و لابدّ للحسين عليه السلام أن يقتلوه و يذبحوه و يخضب بدنه من دمه.
فبكى النبيّ صلى الله عليه و آله وزاد حزنه لذلك.
البحار: 44/ 245 و 246 ح 45.