حديقة بني النجّار و خدمة رسول الجنّ في حقّ الحسنين
2626/ 1- مدينة المعاجز: ابن بابويه في أماليه، قال: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رحمه الله، قال: حدّثنا عليّ بن الحسين السعدآبادي؛
قال: حدّثنا أحمد بن أبي عبداللَّه البرقي، عن أبيه، عن فضالة بن أيّوب، عن زيد الشحّام، عن أبي عبداللَّه الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ الباقر، عن أبيه عليهم السلام، قال: مرض النبيّ صلى الله عليه و آله المرضة الّتي عوفي منها.
فعادته فاطمة سيّدة النساء عليهاالسلام، و معه الحسن والحسين عليهماالسلام، و قد أخذت الحسن عليه السلام بيدها اليمنى، والحسين عليه السلام بيدها اليسيرى، و هما يمشيان و فاطمة عليهاالسلام بينهما، حتّى دخلوا منزل عائشة.
فقعد الحسن عليه السلام على جانب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله الأيمن، والحسين عليه السلام على جانب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله الأيسر، فأقبلا يغمزان ما بينهما من بدن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، فما أفاق النبيّ صلى الله عليه و آله من نومه.
فقالت فاطمة عليهاالسلام للحسن والحسين عليهماالسلام: حبيبيّ! إنّ جدّكما أغفى، فانصرفا ساعتكما هذه، و دعاه حتّى يفيق و ترجعان إليه.
فقالا: لسنا ببارحين في وقتنا هذا، فاضطجع الحسن عليه السلام على عضد النبيّ صلى الله عليه و آله الأيمن، والحسين عليه السلام على عضده الأيسر.
فانتبها قبل أن ينتبه النبيّ صلى الله عليه و آله- و قد كانت فاطمة عليهاالسلام حين ناما انصرفت
إلى منزلها- فخرجا في ليلة ظلماء مدلهمّة ذات رعد و برق، و قد اُرخت السماء عزاليها، فسطع لهما نور، فلم يزالا يمشيان في ذلك النور، والحسن عليه السلام أخذ بيده اليمنى على يد الحسين عليه السلام اليسرى، و هما يتماشيان و يتحدّثان، حتّى أتيا حديقة بني النجّار، فلمّا بلغا الحديقة حارا، فبقيا لا يعلمان أين يأخذان.
فقال الحسن للحسين عليهماالسلام: إنّا قد حرنا و بقينا على حالتنا هذه، و ما ندري أين نسلك، فلا علينا إلّا أن ننام في وقتنا هذا حتّى نصبح.
فقال له الحسين عليه السلام: دونك يا أخي! فافعل ماترى.
فاضطجعا جميعاً و اعتنق كلّ واحد منهم صاحبه و ناما.
وانتبه النبيّ صلى الله عليه و آله من نومته الّتي نامها، فطلبهما في منزل فاطمة عليهاالسلام، فلم يكونا فيه وافتقدهما، فقام صلى الله عليه و آله قائماً على رجليه، و هو يقول:
إلهي و سيّدي و مولاي! هذان شبلاي خرجا من المخمصة و المجاعة، اللهمّ أنت وكيلي عليهما.
فسطع من النبيّ صلى الله عليه و آله نور، فلم يزل يمضي في ذلك النور حتّى أتى حديقة بني النجّار، فإذا هما نائمان قد اعتنق كلّ واحد منهما صاحبه، و قد تقشّعت فوقهما كطبق، فهي تمطر أشدّ مطر، ما رآى الناس مثله قطّ، و قد منع اللَّه عزّ و جلّ المطر عنهما في البقعة الّتي هما فيها نائمان لايمطر عليها قطرة، قد اكتنفتهما حيّة كآجام القصب و جناحان، جناح قد غطّت به الحسن و جناح قد غطّت به الحسين عليهماالسلام.
فلمّا أن بصر بهما النبيّ صلى الله عليه و آله تنحنح، فانسابت الحيّة، و هي تقول: اللهمّ إنّي أشهدك و أشهد ملائكتك أنّ هذين شبلا نبيّك قد حفظتهما إليه، و دفعتهما إليه صحيحين سالمين.
فقال لها النبيّ صلى الله عليه و آله: أيّتها الحية! فمن أنت؟
قال: أنا رسول الجنّ إليك.
قال: و أيّ الجنّ؟
قال: جنّ نصيبين نفر من بني مليح، نسينا آية من كتاب اللَّه عزّ و جلّ، فلمّا بلغا هذا الموضع سمعنا منادياً ينادي: أيّتها الحيّة! هذان شبلا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، فاحفظهما من العاهات و الآفات من طوارق الليل و النهار.
و قد حفظتهما و سلمتهما إليك سالمين صحيحن، و أخذت الحيّة الآية و انصرفت.
و أخذ النبيّ صلى الله عليه و آله الحسن عليه السلام، فوضعه على عاتقه الأيمن، و وضع الحسين عليه السلام على عاتقه الأيسر.
و خرج عليّ عليه السلام، فلحق رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، فقال له عليّ عليه السلام: بأبي و اُمّي؛ إدفع لي أحد شبليك حتّى أخفف عنك.
فالتفت النبيّ صلى الله عليه و آله إلى الحسن عليه السلام، فقال: يا حسن! هل تمضي إلى كتف أبيك؟
فقال له: واللَّه؛ يا جدّاه! إنّ كتفك لأحبّ إليّ من كتف أبي.
فأقبل بهما إلى منزل فاطمة عليهاالسلام، و قد ادّخرت لهما تميرات، فوضعتها بين أيديهما،فأكلا و شبعا و فرحا.
فقال لهما النبيّ صلى الله عليه و آله: قوما، فاصطرعا.
فقاما ليصطرعا، و قد خرجت فاطمة عليهاالسلام في بعض حاجتها، فدخلت، فسمعت النبيّ صلى الله عليه و آله يقول: إيه يا حسن! شدّ على الحسين، فاصرعه.
فقالت: يا أبه! واعجبا أتشجّع هذا على هذا؟ أتشجّع الكبير على الصغير؟
فقال لها: يا بنيّة! أما ترضين أن أقول: يا حسن! شدّ على الحسين، فأصرعه؟ و هذا حبيبي جبرئيل يقول: يا حسين! شدّ على الحسن، فأصرعه.
مسند فاطمه الزهراء عليهاالسلام: 330- 333.