أقول: ذكر في كتاب «فاطمة الزهراء عليهاالسلام بهجة قلب المصطفى صلى الله عليه و آله» مجعولة نكاح ابنة أبي جهل ومجعولات اُخرى، وأنّ معاوية وضع قوماً من الصحابة وقوماً من التابعين على رواية أخبار قبيحة في عليّ عليه السلام تقتضي الطعن فيه والبراءة منه، وجعل لهم على ذلك جعلاً يرغب في مثله، (وذلك لأنّ بريق الدينار والدرهم أهمّ من كلّ شي ء عند اُولئك، بل أهمّ من العقيدة).
فاختلقوا ما أرضاه؛ منهم أبوهريرة... فروى عنه الحديث الّذي معناه: أنّ عليّاً عليه السلام خطب ابنة أبي جهل في حياة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فأسخطه.
فخطب على المنبر وقال: «لاها اللَّه لاتجتمع ابنة وليّ اللَّه وابنة عدوّاللَّه أبي جهل،... فليفارق ابنتي و ليفعل ما يريد»، أو كلاماً هذا معناه، والحديث مشهور من رواية الكرابيسي.
قلت: هذا الحديث أيضاً مخرج في صحيحي مسلم والبخاري، عن المسور ابن مخرمة الزهريّ، وقد ذكره المرتضى رحمه الله في كتابه المسمّى «تنزيه الأنبياء والأئمّة»...
و قال أيضاً: الزهري من المنحرفين عنه عليه السلام...
وأيضاً عن المسور بن مخرمة قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول و هو على المنبر: «إنّ بني هشام بن المغيرة استأذنوا في أن ينكحوا ابنتهم عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فلا آذن، ثمّ فلا آذن إلّا أن يريد ابن أبي طالب عليه السلام أن يطلّق ابنتي، وينكح ابنتهم!! فإنّما هي بضعة منّي يريبني ما أرابها، ويؤذيني ما آذاها».
وذكر الجواب عن هذه المجعولات بالتفصيل، وذكر بعض الأشعار من المعاندين والناصبين مثل مروان بن أبي حفصة شاعر الرشيد... وكان يتقرّب إلى الرشيد بهجاء العلويّة، ذكر في شعره الحديث الموضوع، وقد بالغ حين ذمّ عليّاً عليه السلام ونال منه، وأوّلها:
سلام على جمل و هيهات من جمل | و يا حبّذا جمل وإن صرمت حبلي |
يقول فيها:
عليّ أبوه كم كان أفضل منكم | أباه ذوو الشورى و كانوا ذوي الفضل |
وساء رسول اللَّه إذ ساء بنته | بخطبة بنت اللعين أبي جهل |
وقد ردّ على هذا المعاند الكافر هذه الاُكذوبة ردّاً مبيناً سيّد الأعلام... وحيد عصره... آيةاللَّه العظمى السيّد المهدي البحر العلوم في قصيدة تناهز ثلاثمائة بيت، أوّلها:
ألا عدّ عن ذكرى بثينة أو جمل | فما ذكرها عندي يمرّ ولا يحلي |
... إلى قوله:
شعر=
بذلك فاعلم جهل قوم تحدّثوا
فاطمة الزهراء عليهاالسلام بهجة قلب المصطفى صلى الله عليه و آله وسلم: 496
.
فذكر القصّة المجعولة وردّها، والجواب القاطع عنها في المأخذ، أخذت منه هذا المقدار رعاية للاختصار، واختصرت في النقل، وأنّ الأعداء اختلقوا أساطير اُخرى لتنقيصه عليه السلام لايغيب عن البصير المتأمّل الناقد، مثل حديث بريدة أخرجه اَحمد في مسنده، وأخرج الطبراني أيضاً بالتفصيل: أنّ بريدة قدم من اليمن فسألوا المسلمين عنه ما ورائك؟
قال: فتح اللَّه على المسلمين.
قالوا: ما أقدمك؟
قال: جارية أخذها عليّ من الخمس...
فقالوا: أخبره أخبره
فخرج رسول اللَّه صلى الله عليه و آله مغضباً.
فقال: ما بال أقوام ينتقصون عليّاً؟ من أبغض عليّاً فقد أغضبني...
فاطمة الزهراء عليهاالسلام بهجة قلب المصطفى صلى الله عليه و آله: 507.