سوره احزاب، آيه 25
في قوله تعالى: "وردَّ الله الّذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويّاً عزيزاً" |الاحزاب: 25|.
قال الذهبي في كتابه 'ميزان الاعتدال' |2: 380|: وقال ابن المقري: حدّثنا إسماعيل بن عبّاد البصري، حدّثنا عبّاد بن يعقوب، حدّثنا الفضل بن القاسم، عن سفيان الثوري، عن زبيد، عن مرّة، عن ابن مسعود أنه كان يقرأ: "وكفى الله المؤمنين القتال"بعليّ.
وروى السيوطي في 'الدر المنثور' |5: 192 ط. مكتبة المرعشي النجفي|، في ذيل تفسير قوله تعالى: "وردَّ اللهُ الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً وكفى اللهُ المؤمنينَ القتالَ وكان الله قوياً عزيزاً"قال: أخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن عساكر، عن ابن مسعود"رضي الله عنه" أنه كان يقرأ هذا الحرف: "وكفى الله المؤمنين القتال" بعلىّ بن أبي طالب.
وفي تفسير الميزان |16: 314|: روى المؤلف ما ذكره ابن اسحاق: أن عمرو بن عبدودّ كان ينادي: من يبارز؟ فقام عليّ وهو مقنّع في الحديد فقال أنا له يا نبي الله. فقال"صلى الله عليه وآله": إنّه عمرو إجلس. ونادى عمرو: ألا رجل؟ وهو يؤنّبهم ويقول: أين جنّتكم التي تزعمون أن من قتل منكم دخلها؟ فقام عليّ"عليه السلام" فقال: أنا له يا رسول الله. فنادى عمرو الثالثة فقال:
لقد بححت عن النداء++
بجمعكم هل من مبارز
ووقفت إذ جَبُن المشجع++
موقف البطل المناجز
إنّ السماحة والشجاعة++
في الفتى خير الغرائز
فقام عليٌ: فقال يا رسول الله أنا له، فقال: إنّه عمرو، فقال: وإن كان عمرواً، فاستأذن رسول الله"صلى الله عليه وآله" فأذن له رسول الله. قال ابن اسحاق: فمشى إليه وهو يقول:
لا تعجلن فقد أتاك++
مجيب صوتك غير عاجز
ذونيّة وبصيرة++
والصدق منجي كل فائز
إنّي لأرجو أن اُقيم++
عليك نائحة الجنائز
من ضربة نجلاء يبقى++
ذكرها عند الهزاهز
قال له عمرو: من أنت؟ قال: أنا عليّ قال: ابن عبد مناف؟ قال: أنا علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. فقال: غيرك يابن أخي من أعمامك من هو أسن منك، فإنّي أكره أن اُهريق دمك. فقال عليّ: لكني والله ما أكره أن أهريق دمك. فغضب ونزل وسلّ سيفه كأنه شعلة نار، ثم أقبل نحو عليّ مغضباً، فاستقبله عليّ بدرقته فضربه عمرو بالدرقة فقدها، وأثبت فيها السيف وأصاب رأسه فشجّه، وضربه عليّ على حبل العاتق فسقط.
وفي رواية حذيفة: وتسيّف عليّ رجليه بالسيف من أسفل، فوقع على قفاه، وثارت بينهما عجاجةٌ، فسمع عليّ يكبر، فقال رسول الله"صلى الله عليه وآله": قتله والذي نفسي بيده، فكان أوّل من ابتدر العجاج عمر بن الخطاب وقال: يا رسول الله قتله، فجزّ عليٌ رأسه، واقبل نحو رسول الله"صلى الله عليه وآله"ووجهه يتهلل.
قال حذيفة: فقال النبي"صلى الله عليه وآله": أبشر يا علي، فلو وزن اليوم عملك بعمل اُمّة محمد لرجح عملك بعملهم، وذلك أنه لم يبق بيت من بيوت المشركين إلاّ وقد دخله وهن بقتل عمرو، ولم يبق بيت من بيوت المسلمين إلاّ وقد دخله عزّ بقتل عمرو.
وعن الحاكم بن أبي القاسم أيضاً بالاسناد عن سفيان الثوري، عن زبيد الثاني، عن مرّة، عن عبدالله بن مسعود، قال: كان يقرأ: "وكفى اللهُ المؤمنين القتال" بعليّ. الآية.
وفي مناقب ابن شهر آشوب |3: 134|: روى عن ابن مسعود والصادق"عليه السلام"في قوله تعالى: "وكفى الله المؤمنين القتال" بعليّ بن أبي طالب وقتله عمرو بن عبدود.
وقد رواه أبو نعيم الأصفهانّي في كتاب 'ما نزل من القرآن في علي' بالإسناد عن سفيان الثوري عن مرّة عن رجل، عن عبدالله:
وقال جماعة من المفسرّين في قوله تعالى: "اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود": إنها نزلت في عليّ يوم الأحزاب.
وفي المناقب أيضاً ما رواه الواقدي، والخطيب، والخوارزمي، عن عبد الرحّمن السعدي، بإسناده عن بهرم بن حكيم عن أبيه عن جدّه عن النبي"صلى الله عليه وآله" قال: لمبارزة عليّ ابن أبي طالب لعمرو بن عبدود أفضل من عمل أمتي إلى يوم القيامة.
وعن أبي بكر بن عيّاش قال: لقد ضرب عليّ ضربةً ما كان في الاسلام أعزّ منها، وضُرب ضربةً ما كان فيه أشأم منها، ويقال: إن ضربة ابن ملجم وقعت على ضربة عمرو.
ومن كلمات السيد الحميري:
وفي يوم جاء المشركون بجمعهم++
وعمرو بن عبد في الحديد مقنّع
فجدّله شلواً صريعاً لوجهه++
رهيناً بقاع حوله الضبع يجمع
وأهلكهم ربّي ورُدّوا بغيظهم++
كما أهلكت عاد الطغاة وتبع
وقال المرزكي:
وفي الأحزاب جاءتهم جيوش++
تكاد الشامخات لها تميد
فنادى المصطفى فيه علياً++
وقد كادوا بيثرب أن يكيدوا
فأنت لهذه ولكل يوم++
تذلّ لك الجبابرة الاُسود
فسقى العامري كؤوس حتف++
فهزّمت الجحافل والجنود
وقد أخرج الحاكم في 'المستدرك' |3: 32 ط. دار المعرفة| بعين اللفظ والسند المذكورين وفي |ص34| ذكر فيه ما قاله يحيى بن آدم: ما تنبهت قتل عليّ عمرواً إلاّ بقول الله عزوّجلّ: "فهزمهم بإذن الله * وقتل داودُ جالوتَ".
قال الامام المظفر في 'دلائله' |2: 174 ط. بصيرتيـ قــم|: فيما ارتبط من قراءة ابن مسعود، في قوله تعالى: "وكفى اللهُ المؤمنين القتال بعلي" وكيف كان فلتفرض قراءة ابن مسعود رواية بأن يكون قد روى إنّ الله سبحانه أنزل هذه الآية لبيان هذه الفضيلة لعليّ"عليه السلام"، وأن الله تعالى كفى به المؤمنين القتال يوم الأحزاب، حيث قتل عمرو بن عبدود، وردّ الأحزاب خاسرين، فيكون جهاده أفضل من جهاد المسلمين جميعاً، لأن به الفتح مع حفظ نفوسهم، فمنه"عليه السلام" حياة الاسلام والمسلمين، ولولا أن يكفيهم الله تعالى بعليّ، لاندرست معالم الاسلام، لضعف المسلمين ذلك اليوم وظهور الوهن عليهم.
وفي 'ينابيع المودة' |ص94 ط. بصيرتيـ قــم| للحافظ سليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي، قال في تفسير قوله تعالى: "وكفى الله المؤمنين القتال": قال الحافظ جلال الدّين السيوطي: في مصحف ابن مسعود: "وكفى الله المؤمنين القتال بعليّ".
وفي المناقب، عن ابن مسعود"رضي الله عنه" قال: لما برز عليّ إلى عمرو بن عبدود، قال النبيّ"صلى الله عليه وآله": برز الإيمان كلّه إلى الشرك كلّه، فلما قتله قال"صلى الله عليه وآله" له: أبشر يا عليّ فلو وزن عملك اليوم بعمل اُمتي لرجح عملك بعملهم.
: وفي 'المناقب' بالسند عن زياد بن مطرب قال: كان ابن مسعود يقرأ: "وكفى اللهُ المؤمنين القتال بعلي" وسبب نزوله: أنّ عمرو بن عبدود كان فارساً مشهوراً، يعدل بألف فارس، وكان قد شهد بدراً ولم يشهد اُحداً، ويوم الخندق ونادى هل من مبارز؟ فلم يجبه أحدٌ، فقام علي"عليه السلام" وقال: أنا يا رسول الله، فقال"صلى الله عليه وآله": إنه عمرو، اجلس. فنادى ثانيةً فلم يجبه أحد، فقام عليّ وقال: أنا يا رسول الله، فقال: إنه عمرو، فقال علي"عليه السلام": وإن كان عمرواً. فاستاذن النبيّ"صلى الله عليه وآله"، قال حذيفة بن اليمان: ألبسه رسول الله"صلى الله عليه وآله"درعه 'الفضول' وعمّمه بعمامته 'السّحاب' على رأسه تسعة أدوار، وقال له: تقدّم، فلما ولّى قال النبي"صلى الله عليه وآله": 'برز الإيمان كلّه إلى الشرك كلّه'، وقال: 'رب لا تذرني فرداً، اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله، ومن فوق رأسه ومن تحت قدميه'. فاستقبل علي"عليه السلام"عمرواً فعمرو ضربه بسيفه فشجّ رأسه. ثم إن علياً"عليه السلام" ضربه على حبل عاتقه، فسقط إلى الأرض، فسمعنا تكبير عليّ"عليه السلام" فقال رسول الله"صلى الله عليه وآله": قتله عليّ. وقال"صلى الله عليه وآله" أبشر يا عليّ، فلو وزن اليوم عملك بعمل اُمة محمّد لرجح عملك بعملهم. فنزلت آية: "وكفى اللهُ المؤمنين القتال" بعليّ لأنه قتل عمرو بن عبدود.
وروى ابن شيرويه الديلمي في كتابه 'الفردوس' بسنده عن عروة بن الزبير، عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: لما قتل عليٌ عمرو بن عبدود العامري، وجاء عند النبي"صلى الله عليه وآله"وسيفه يقطر دماً، فلما رأى النبي علياً قال: 'اللهم أعط عليّاً فضيلةً لم تعطها أحداً قبله ولا بعده'، فهبط جبرئيل ومعه أترجّة الجنة فقال: إن الله يقرئك السلام ويقول: حيّ هذه عليّاً فدفعها إليه، فانفلقت في يده فلقتين فإذا فيها حريرة خضراء مكتوب سطران: 'تحفة من الطالب الغالب إلى عليّ بن أبي طالب'. قال: أيضاً الخطيب الخوارزمي أخرجه عن ابن عبّاس. وأيضاً صاحب 'روضة الفضائل' وصاحب 'ثاقب المناقب' أخرجاه عن سالم بن الجعد عن جابر بن عبدالله.
وروى الشبلنجي في 'نور الأبصار' |ص97|: أنه لما بلغ رسول الله"صلى الله عليه وآله" أن قريشاً تجمعت وقائدهم أبو سفيان بن حرب، وأن غطفان تجمعت وقائدهم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر، واتفقوا مع بني النضير من اليهود على قصد رسول الله"صلى الله عليه وآله" وحصار المدينة، أخذ النبيّ"صلى الله عليه وآله" في حراسة المدينة بحفر الخندق عليها، وعمل النبي"صلى الله عليه وآله" بنفسه الشريفة وأحكمه في أيام، فلما فرغ رسول الله"صلى الله عليه وآله" من حفره أقبلت قريش بمجموعها وجيوشها ومن تبعها من كنانة وأهل تهامة في عشرة آلاف. وأقبلت غطفان ومن تبعها من أهل نجد، فنزلوا من فوق المسلمين ومن أسفلهم، كما قال تعالى: "إذ جاءوكُم من فَوقِكُم ومِن أسفَلَ منكم" |الاحزاب: 10|.
فخرج النبي"صلى الله عليه وآله" ومن معه من المسلمين وكانوا ثلاثة آلاف وجعلوا الخندق بينهم، واتفق اليهود مع المشركين على قتال رسول الله"صلى الله عليه وآله". فلما رأى المسلمون ذلك اشتدّ الأمر عليهم، وكان مع المشركين من قريش عمرو بن عبدود، وكان من مشاهيرهم الصناديد. 'إلى أن قال': وقال عمرو: هل من مبارز؟ فأراد عليّ أن يبرز إليه، فأرسل النبي"صلى الله عليه وآله"لعليّ أن لا يبرز إليه. فجعل عمرو ينادي: هل من مبارز؟ وجعل يقول: أين حميّتكم؟ أين جنّتكم التي تزعمون أنّ من قتل دخلها؟ أفلا يبرز إليّ رجل منكم؟ وذكر أخيراً نزول قوله تعالى بعد مقتل عمرو:"وردّ اللهُ الّذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً وكفى الله المؤمنين القتال"|الاحزاب: 25|.
سوره حديد، آيه 19
في قوله تعالى: "والذينَ آمَنُوا باللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ والشُّهدَاءُ عِندَ ربّهم" |الحديد الآية: 19|.
إنّ للعلماء في تفسير معنى الصّدّيقين والشهداء في هذه الآية، ومن المراد بهم أقوالاً، منهمـ كما ذكر الطبرسي في 'مجمع البيان' |5: 302; ط. مؤسسة التأريخ العربي| ـ: من قال: كلّ من آمن بالله ورسله فهو صدّيقٌ وشهيدٌ. وهذا القول لمجاهد.
وقيل: إنّ الشهداء منفصل مما قبله مستأنف، والمراد بالشّهداء الأنبياء"عليهم السلام"الذين يشهدون للاُمم وعليهم، وهو قول ابن عبّاس ومسروق ومقاتل بن حيان، واختاره الفرّاء والزجّاج، وقيل: هم الذين استشهدوا في سبيل الله، وهذا القول عن مقاتل بن سليمان وابن جرير.
ومنهم من يستدل في تحقيق معنى الصّدّيقين بما ورد من الأحاديث النبوية. إذ ليس كل مؤمن يصلح بأن يكون صدّيقاً وشهيداً للاُمم أو عليهم عند ربهم، وكانوا يرون إنّما الصّدّيقون ثلاثة، كما دلّت على ذلك الأخبار والآثار، وأخرجها حفظة السنن والمحدّثون في كتبهم، منهم:
المتقي الهندي في كتابه 'منتخب الكنز' بهامش مسند الامام أحمد |5: 30|: الصديقون ثلاثة: حبيب النجّار، مؤمن آل يس قال: "يا قوم اتبعوا المرسلين"، وحز قيل مؤمن آل فرعون قال: "أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله"، وعليّ بن أبي طالب وهو أفضلهم.ـ أخرجه أبو نعيم في 'المعرفة' وابن عساكر عن أبي ليلى.
وابن حجر العسقلاني في 'الإصابة' |4: 170| بترجمه أبي ليلى الغفاري، قال: سمعت رسول الله"صلى الله عليه وآله" يقول: سيكون من بعدي فتنة، فإذا كان كذلك فالزموا عليّ بن أبي طالب، فإنه أوّل من آمن بي، وأوّل من يصافحني يوم القيامة، وهو الصدّيق الأكبر، وهو فاروق هذه الاُمّة، وهو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب المنافقين.
والحاكم في 'المستدرك' |3: 112| أخرجه مسنداً عن عليّ"رضي الله عنه" قال: إني عبدالله وأخو رسوله، وأنا الصدّيق الأكبر لا يقولها بعدي إلاّ كاذبٌ. صلّيت قبل النّاس بسبع سنين، قبل أن يعبده أحدٌ من هذه الاُمّة.
والسيوطي في 'الجامع الصغير' |ص190 ط. دار القلم| روى عن ابن النجّار عن ابن عبّاس قال: الصدّيقون ثلاثة: حزقيل مؤمن آل فرعون، وحبيب النجّار صاحب آل يس، وعليّ بن أبي طالب.
ورواه ابن حجر الهيثمي في 'الصواعق' |ص124| في الحديث الثلاثين عن ابن النجّار عن ابن عبّاس. وفي الحديث الحادي والثلاثين ما أخرجه أبو نعيم وابن عساكر عن أبي ليلى الغفّاري بالسندين واللفظين المذكورين.
وأخرج الحديثين أيضاً الفقيه الحافظ ابن المغازلي الشافعي في 'المناقب' |ص245|. كلاهما عن أبي يعلى الغفارّي.
وفي ذيل الكتاب قال محمّد باقر البهبودي: أخرجه الامام أحمد بن حنبل في كتاب المناقب تارة |ص193| واُخرى |ص156|ـ مخطوطـ بالإسناد إلى الحسن بن عبد الرّحمن بن محمّد بن عبد الرّحمن بن أبي ليلى المكفوف الأنصاري 'أبي حصين' بعين السند واللفظ. وهكذا أخرجه الحافظ الكنجي في 'كفاية الطالب' في الباب 24 |ص123|بعين السند، ولفظه 'سبّاق الاُمم ثلاثة وهم الصدّيقون' ثم قال: هذا سند اعتمد عليه الدارقطني واحتجّ به.
وقال الامام المظفر في 'دلائل الصدق' |2: 126|: في ذيل قوله تعالى: "والذين آمنوا بالله ورسُلِه اُولئك هم الصّدّيقون": روى أحمد بن حنبل أنها نزلت في عليّ"عليه السلام".
وقال في |ص 128|: وقد نقل في كنز العمال هذا الحديث |6: 394| عن ابن أبي شيبة، والنسائي في 'الخصائص' وابن أبي عاصم في 'السنة' والعقيلي، وأبي نعيم في 'المعرفة' ونقل أيضاً |6: 405| عن العقيلي ومحمد بن أيوب الرازي: أنّ أمير المؤمنين"عليه السلام"قال على منبر البصرة: 'أنا الصّدّيق الأكبر'.
وقال: ونقل في 'الكنز' أيضاً |6: 156| عن الطبراني عن سلمان وأبي ذر معاً، وعن البيهقي وابن عدي عن حذيفة: أنّ النبي"صلى الله عليه وآله" قال في حق عليّ"عليه السلام": 'إن هذا أول من آمن بي، وهو أول من يصافحني يوم القيامة، وهذا الصّدّيق الأكبر، وهذا فاروق هذه الاُمة، يفرق بين الحق والباطل، وهذا يعسوب الدّين، والمال يعسوب الظالمين'.
فإذا ثبت أن علياً"عليه السلام" هو أكمل الاُمّة تصديقاً، وجب أن يكون أفضلهم، ولا سيما هو أفضل صدّيقي اُمم الأنبياء، والأفضل هو الإمام. ولكن القوم سرقوا هذا الاسم، ونحلوه إلى أبي بكر فسمّوه صدّيقاً.
ولما علم الله سبحانه ذلك منهم، أثبت دليلاً واضحاً على كذبهم، وهو ما ألحقه بهذا الوصف من وصف الشهداء. وهذه السرقة ليست بغريبة منهم، فإنهم سرقوا أيضاً وصف الفاروق من أمير المؤمنين"عليه السلام" إلى عمر، فقد صرّح بأن علياً هو الفاروق.... 'الحديث المتقدم وغيره' كالذي نقله في كنز العمال |6: 155| عن أبي نعيم عن أبي ليلى 'الحديث'.
ثم قال أخيراً: وقال الطبري في 'المنتخب' من كتاب 'ذيل المذيل' المطبوع في ذيل تأريخه |ص9|: قال ابن سعد: أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن صالح ابن كيسان قال: قال ابن شهاب: بلغنا أنّ أهل الكتاب كانوا أول من قال لعمر: الفاروق، وكان المسلمون يؤثرون ذلك من قولهم، وما بلغنا أنّ رسول الله"عليه السلام" ذكر من ذلك شيئاً.