عبد الله بن مسعدة الفزاري - امام علی بن أبی طالب نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

امام علی بن أبی طالب - نسخه متنی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

عبد الله بن مسعدة الفزاري


بعث به مع ألف و سبعمائة رجل إلى'"تيماء" و أمره ان يصدق من مر به من أهل البوادي و يقتل من امتنع، ففعل ذلك، و بلغ مكة و المدينة و فعل ذلك، و اجتمع إليه بشر كثير من قومه'

[ ابن الأثير/الكامل في التاريخ/ج 3/ص 376، و انضمام قومه إليه بسبب الغنائم التي كان ينهيها من المسلمين، و معنى يصدق أهل البادية أي أن يأخذ منهم الصدقات بالسيف و البطش.]

كما أرسل معاوية غارات اخرى على كل المناطق التي كان يشك بوجود ولاءفيها لعلي بن أبي طالب خليفة المسلمين، و قتل بسبب ذلك الآلاف من المسلمين من رجال و أطفال و نساء، بل و قتل الكثير حتى من أهل الذمة'المعاهدين'، و هم الذين أوصى النبي "ص" بهم و قال إنه سيكون خصما لكل من آذاهم.

أما الإمام علي "ع" فقد كان موقفه صريحا واضحا، و هو الوقوف بوجه تلك الهجمات غير الإنسانية التي كان هدف معاوية منها إرهاب المسلمين و إدخالهم في طاعته و نهب ممتلكاتهم لتمويل الجيوش التي كان يبعث بها لقتل اولئك الأبرياء، قال في أحد رسائله جوابا على رسالة من معاوية:

'إن رأيي جهاد المحلين حتى ألقى الله، لا يزيدني كثرة الناس معي عزة، و لا تفرقهم عني وحشة، لأني محق، و الله مع الحق، و و الله ما أكره الموت على الحق، و ما الخير كله بعد الموت إلا لمن كان محقا'

[ الثقفي/الغارات/ص 433.]

و قال في وصيته "ع" إلى أحد قادته العسكريين الذين بعث بهم للتصدي لهجمات معاوية و غاراته على المسلمين:

'إتق الله الذي إليه تصير، و لا تحتقر مسلما و لا معاهدا، و لا تغصبن مالا و لا ولدا و لا ذرية، و إن حفيت و ترجلت، و صل الصلاة لوقتها'.

أية وصية مباركة؟أن لا يحتقر الناس من مسلمين و غير مسلمين، و أن لا يغصب الأموال و الذرية، حتى لو بلغ به الأمر أن يمشي حافيا بلا نعلين، و أن يكون بلا حصان يقاتل عليه، و أخيرا أمره بالصلاة لوقتها.

و لتقارن هذا مع أوامر معاوية لقادة جيشه الذين بعث بهم و صنعوا ما قرأناه آنفا، لكي تدركوا سر الخلاف بين علي و معاوية، بين مبدئية علي "ع" الإلهية التي جعلت كل حركة من حركاته أو سكنة من سكناته في طلب رضا الله تعالى، و بين ما قام به أعداؤه من أعمال كانت في فظاعتها أبشع حتى مما كان يقع في الجاهلية الاولى.

في ذمة الله


أنهى الإمام "ع" مقاومة المارقين، فشمر عن ساعديه لاستئناف قتال القاسطين في الشام بعد أن فشل التحكيم عند اللقاء الثاني بين الحكمين.

و قد أمر الإمام "ع" بتعبئة جيشه، و أعلن حالة الحرب لتصفية، قوى القاسطين البغاة التي يقودها معاوية، و جاء إعلان الحرب من خلال خطبة لأمير المؤمنين "ع" خطبها في الكوفةـعاصمة الدولة الاسلاميةـفضمنها دعوته للجهاد:

'الجهاد، الجهاد عباد الله، ألا و إني معسكر في يومي هذا، فمن أراد الرواح إلى الله فليخرج! '

[ نهج البلاغة/خطبة رقم 182.]

ثم بادر الإمام "ع" إلى عقد ألوية الحرب، فعقد للحسين راية، و لأبي أيوب الأنصاري اخرى، و لقيس بن سعد ثالثة.

و بينما كان أمير المؤمنين يواصل تعبئة قواته من أجل أن ينهي حركة البغي التي يقودها معاوية في بلاد الشام، كان يجري في الحنفاء تخطيط لئيم من أجل اغتيال الإمام "ع".

فقد كان جماعة من الخصوم قد عقدوا اجتماعا في مكة المكرمة، و تداولوا في أمر حركتهم، التي انتهت إلى أو خم العواقب.

فخرجوا بقرارات كان أخطرها قرار اغتيال أمير المؤمنين "ع" و قد اوكل أمر تنفيذه للمجرم الأثيم "عبد الرحمن بن ملجم المرادي"، و في ساعة من أحرج الساعات التي يمر بها الاسلام و المسيرة الاسلامية، و بينما كانت الامة تتطلع إلى النصر على عناصر البغي و الفرقة التي يقودها معاوية بن أبي سفيان، امتدت يد الأثيم المرادي إلى علي "ع" فضرب الإمام "ع" بسيفه و هو في سجوده عند صلاة الفجر، و في مسجد الكوفة الشريف، و ذلك في صبيحة اليوم التاسع عشر من شهر رمضان المبارك عام 40 هجرية.

لقد اغتيل الإمام "ع" و هو في أفضل ساعة قائما بين يدي الله في صلاة خاشعة، و في أشرف الأيام إذ كان يؤدي صوم شهر رمضان.

ثم هو "ع" في أعظم تكليف اسلامي حيث كان في طريقه لخوض غمار حرب جهادية، كما كان في بقعة من أشرف بقاع الله و أطهرها "مسجد الكوفة".

فطوبى لعلي و حسن مآب.

لكن جريمة قتل علي "ع" تبقى أشرس جريمة و أكثرها فظاعة و وحشية، لأنها جريمة لم تستهدف رجلا كباقي الرجال، إنما استهدفت القيادة الاسلامية الراشدة بعد رسول الله "ص".

و استهدفت كذلك اغتيال رسالة، و تأريخ، و حضارة، و امة كلها تتمثل في شخص علي أمير المؤمنين "ع".

و بهذا خسرت الامة الاسلامية مسيرة و حضارة، و أروع فرصة و أطهرها في حياتها بعد رسول الله "ص".

و لقد بقي الإمام علي "ع" يعاني من علته ثلاثة أيام، عهد خلالها بالإمامة إلى ولده الحسن السبط "ع" ليمارس بعده مسؤولياته في قيادة الامة الفكرية و الاجتماعية.

و كان "ع" طوال الأيام الثلاثةـكما كان طول حياتهـلهجا بذكر الله و الثناء عليه و الرضا بقضائه، و التسليم لأمره، كما كان يصدر الوصية تلو الوصية، و التوجيه الحكيم إثر التوجيه، مرشدا للخير، دالا على المعروف، محددا سبل الهدى، مبينا طريق النجاة، داعيا لإقامة حدود الله تعالى و حفظها، محذرا من الهوى و النكوص عن حمل الرسالة الإلهية.و هذه واحدة من وصاياه بهذا الشأن، مخاطبا بها الحسن و الحسين سبطي رسول الله "ص" و أهل بيته و أجيال الامة:

'أوصيكما بتقوى الله، و ألا تبغيا الدنيا و إن بغتكما، و لا تأسفا على شي ء منها زوي عنكما، و قولا بالحق، و اعملا للأجر، و كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا.

أوصيكم، و جميع ولدي و أهلي و من بلغه كتابي، بتقوى الله، و نظم أمركم، و صلاح ذات بينكم، فإني سمعت جدكما "ص" يقول: "صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة و الصيام".

الله الله في الأيتام، فلا تغبوا أفواههم، و لا يضيعوا بحضرتكم.

الله الله في جيرانكم، فإنهم وصية نبيكم، ما زال يوصي بهم، حتى ظننا أنه سيورثهم.

الله الله في القرآن، لا يسبقكم بالعمل به غيركم.

الله الله في الصلاة، فإنها عمود دينكم.

الله الله في بيت ربكم، لا تخلوه ما بقيتم، فإنه إن ترك لم تناظروا.

الله الله في الجهاد بأموالكم و أنفسكم و ألسنتكم في سبيل الله.

و عليكم بالتواصل و التباذل، و إياكم و التدابر و التقاطع، لا تتركوا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فيولى عليكم شراركم، ثم تدعون فلا يستجاب لكم.

ثم قال:

يا بني عبد المطلب! لا ألفيتكم تخوضون دماء المسلمين خوضا، تقولون: "قتل أمير المؤمنين"، ألا لاتقتلن بي إلا قاتلي.

انظروا إذا أنا مت من ضربته هذه، فاضربوه ضربة بضربة، و لا تمثلوا بالرجل، فإني سمعت رسول الله "ص" يقول: "إياكم و المثلة و لو بالكلب العقور"'

[ نهج البلاغة/خطبة رقم 47.]

و هكذا كانت النهاية المؤلمة لهذا الرجل العظيم.

فلقد كانت خسارة الرسالة و الامة بفقده من أفدح الخسائر التي اصيبت بها الامة بعد رسول الله "ص".

فبموت علي "ع" فقدت الامة:

بطولة غدت انشودة للزمان.

و شجاعة ما حلم التأريخ بمثلها.

و حكمة لا يعلم بعدها إلا الله.

و طهرا ما اكتسى به غير الأنبياء.

و زهدا في الدنيا ما بلغه إلا المقربون.

و بلاغة كأنما هي رجع صدى لكتاب الله.

و فقها و علما و تضلعا في أحكام الرسالة رشحته لأن يكون باب مدينة علم الرسول "ص" و مرجعا للامة الاسلامية في جميع شؤونها.

فسلام على أمير المؤمنين علي يوم ولد، و يوم قضى شهيدا في محرابه، و يوم يبعث حيا.

/ 49