عبادة الشاكرين
لقد عظم المعبود عز و جل في نفس الإمام "ع" فصارت عبادته تعبيرا عن الحب له و الشوق إليه، و استشعار أهليته للعبادة دون سواه، و من أجل ذلك كان علي "ع" لا يعبد الله خوفا من عذابه، و لا طمعا في جنته و لا فيما أعده من نعيم للمتقين، و إنما سما الإمام "ع" في علاقته بالله تعالى إلى أعلى الدرجات اسوة باستاذه الرسول "ص".
و قد كشف الإمام "ع" عن جوهر علاقته بالله تعالى و طبيعتها بقوله:
'إلهي! ما عبدتك خوفا من عقابك و لا طمعا في ثوابك، و لكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك' [ المصدر السابق/ص 14، عن نهج البلاغة.سبط ابن الجوزي/تذكرة الخواص/ص 144.]فأعظم به من يقين، و أكرم به من إيمان! !
و لقد حدد الإمام "ع" ألوان العبادة في كلمة خالدة:
'إن قوما عبدوا الله رغبة، فتلك عبادة التجار، و إن قوما عبدوا الله رهبة، فتلك عبادة العبيد، و إن قوما عبدوا الله شكرا، فتلك عبادة الأحرار' [ المجلسي/بحار الأنوار/ج 41/ص 14، عن نهج البلاغة.]و كانت عبادته "ع" من النوع الأخير، حيث تصدر حصيلة للشعور بأهلية المعبود و استحقاقه لها.
أما إيقاف العبادة على حصول الثواب فحسب، فهي عبادة من وصفهم الإمام "ع" بالتجار، الذين يبتغون الثمن و ينتظرون التعويض، و شتان بين هدف الشاكرين، و هدف التجار في ميزان الله تعالى و حسابه.
صلاة الرسول
و لقد كانت صلاة علي "ع" ـاسوة بسائر نشاطاتهـكصلاة رسول الله "ص" في كيفية الأداء و الخشوع و الانشداد و التعلق بالله تعالى.فعن مطرف بن عبد الله قال: 'صليت أنا و عمران بن حصين خلف علي بن أبي طالب، فلما انصرفنا أخذ عمران بيدي فقال: لقد صلى صلاة محمد، و لقد ذكرني صلاة محمد "ص"' [ أنساب الأشراف/ج 2/ص 180.و فضائل الخمسة من الصحاح الستة/ج 1، نقلا عن البخاري و مسلم و النسائي و غيرهم.]