مع الإمام أميرالمؤمنين وليد البيت
[أنشئت في رجب 1365 ه، من ديوان "مع النبيّ وآله" لآية اللَّه السيّد محمّد جمال الهاشمي "1332-1397 ه"، الجزء الأوّل، 1406 ه، قم.]
وقال السيّد محمّد جمال الهاشمي "1332-1397 ه" بعنوان:
يحتفل التاريخُ باليوم الأغرّ++
يا شعرُ أبدعْ في المعاني أو فَذَرْ
هذا مجالٌ يعثرُ الفكرُ بِهِ++
ويخفقُ القلبُ ويحسرُ النظرْ
صفْ كلّما تشاءُ واتركْ صورةً++
علّقها بالعرش بارى ءُ الصورْ
ماذا تقولُ في هيولى نقطةٍ++
تضيقُ في عالمها دُنيا الفِكرْ
إنْ قلت هذا بشرٌ، قال الحِجا++
استغفرُ الوجدان، ما هذا بشرْ
أو قلت فيه ملكٌ أجابني++
هل ملكٌ يحكيه عيناً وأثرْ
حارتْ به الشعوبُ، شعبٌ منكرٌ++
لهُ وشعبٌ فيهِ غالى فكفرْ
هذا مقامٌ يقفُ العقلُ بهِ++
مردّداً بينَ الورودُ والصدرْ
قدّمتُ قلبي لكم في يومهِ++
والعقل أزويهِ لأيّام اُخرْ
يا قلبُ هذا مسرحُ الحبِّ فنلْ++
جائزةَ الخُلد بدورك الأغرّ
واختصر الحديثَ فيه إنّما++
رسالةُ الشوق حديثٌ مختصرْ
وسائِلِ الكعبةَ عن وَليدها++
مَنْ شرّفَ البيتَ وقدّسَ الحجرْ
واسترقِ السمعَ بِنادي مضرٍ++
فالخبرُ الموثوقُ في نادي مضرْ
وانظرْ أبا طالب في مجلسهِ++
يمتلكُ القلبَ ويملأُ النظرْ
وحولَهُ مِن هاشمٍ عصابةٌ++
يُنمى لها المجدُ ويُنسبُ الخطرْ
تصغي إلى أسمارِهِ مُرتاحةً++
في الليلةِ القمراءِ ما أحلى السمرْ
قد سَحَرَ الأسماعَ في حديثِهِ++
فلمْ تفُقْ حتّى تجاوزَ السحرْ
لا غروَ إنْ أسكرَهُ منطقُهُ++
فمنطقُ الشاعرِ شهدٌ وسكرْ
يدورُ في الحديثِ حولَ حادثٍ++
قد حيّرَ البدوَ وأذهلَ الحضرْ
في البيتِ حيثُ الطيرُ لا يعبُرُهُ++
قدساً وحيثُ الوحشُ لايَرعى الحذرْ
قد وضعتْ فاطمةٌ وليدَها++
منزَّهاً من كلّ رجسٍ وكدرْ
وأقبلتْ بِهِ إلينا باسِماً++
وقبلَه لمْ نَرَ بسمةَ القمرْ
إنّي أرى لابنيَ شأناً تنطوي++
فيهِ شؤونُ غيرِهِ إذا انتشرْ
سيُدهِشُ التأريخَ في أعمالهِ++
ويملأُ الدُنيا عظاتٍ وعبرْ
يهنى أبو طالب فيهِ إنّه++
معجزةُ الدهر وآيةُ القدرْ
لولاهُ ما قامَ لدينِ أحمدٍ++
ركنٌ وما انهدَّ الضلالُ واندثرْ
لا غروَ إمّا احتفلَ الإسلامُ في++
ميلادِهِ فإنّهُ ذكرى الظفرْ
ويا وليدَ البيتِ هذي نفحةٌ++
فاضَ بِها القلبُ سُرُوراً وانهمرْ
جئتُ بها مبتكراً طريقةً++
في المدح فامنحني عطاءً مبتكرْ
وانظرْ لدُنيا الدينِ والعلمِ فقدْ++
أمستْ تُعالجُ الخُطوبَ والغيرْ
وانصرْ رِجالاً جاهدوا دونَ الحِمى++
وهاجموا الخطبَ وقاوموا الخطرْ
مولايَ واغفرْ لي إذا ما زلّ بي++
شعري فزلّاتُ الأديبِ تغتفرْ
وقال بعنوان:
سيزدهم رجب
[ألقيت "في رجب 1361 ه" في الحفل الكبير الذي أقامته لجنة إزاحة الستار عن الشباك الفضّي الجديد لحرم أمير المؤمنين عليه السلام في الصحن الشريف.]
يومٌ عنتْ لجلالهِ الأيّامُ++
الدينُ يفخرُ فيهِ والإسلامُ
يومٌ بهِ وُلِدَ الوَصِيُّ فهلهلتْ++
منّا القلوبُ وغنت الأحلامُ
وسما بهِ البيتُ الحرامُ جلالةً++
وتنكسّتْ ذُلاًّ لهُ الأصنامُ
وتلألأ القرآنُ في إعجازِهِ++
وزهتْ به الآياتُ والأحكامُ
ومشى النبيُّ ووجهُهُ مُتهلّلٌ++
بالبشرياتِ وثغرُهُ بَسّامُ
يتلو بِهِ الآياتِ وهيَ نشائدٌ++
فيهِ تسامى الوحيُ والإلهامُ
الحقُّ أشرقَ فجرُهُ من بعدِما++
غطّى عليهِ من الضلالِ ظلامُ
والدينُ أينعَ حقلُهُ وتمايلتْ++
أغصانُهُ وانشقّتِ الأكمامُ
ومضى يجدُّ بنشرِ كلّ فضيلةٍ++
في اُمةٍ لعبتْ بها الآثامُ
ويبلّغ الأعوام دعوته التي++
سارتْ على أضوائها الأعوامُ
ويوحدّ الأقوام في دستورهِ++
وكم انمحتْ بخصامها الأقوامُ
ساوى الأنامَ بعدلِهِ فتحررتْ++
بإخائها الأقوالُ والأقلامُ
فإذا السلامُ على الأنامِ مرفرفٌ++
وإذا القلوبُ على الصفاء حيامُ
وُلِدَ الوصيُّ ومَن بحدّ حسامِهِ++
للدينِ والإسلامِ قامَ دِعامُ
سلْ عنهُ بدراً، خيبراً أُحُداً وقلْ++
مَنْ خاضَ فيك الموتَ وهو زُؤامُ
يا ليلةَ الغارِ التي تأريخُها++
نورٌ تشعُّ بقدسِهِ الأيّامُ
باللَّهِ مَنْ فادى النبيَّ بنفسِهِ++
وحلا لَهُ تحتَ السيوفِ نِيامُ
عرفَ الهدايةَ في نبوّةِ أحمدٍ++
حقاً فآمَنَ فيهِ وهو غلامُ
وسرى يُميطُ عن الحقائق حجبَها++
والناسُ قد غمرتْهم الأوهامُ
في الحقّ لم تأخذْهُ لومةُ لائمٍ++
أبداً ولا الإكبارُ والإفخامُ
يقضي كما شاءَ الإلهُ فلم يفدْ++
في ما أفادَ النقضُ والإبرامُ
غذّتهُ أخلافُ النبوّةِ دَرَّها++
فنما ولمْ يعرضْ عليهِ فِطامُ
حتّى غدا بابَ العلوم وحولَهُ++
للوفدِ قامتْ ضجّةٌ وزحامُ
وسمتْ بِهِ للَّهِ ذاتٌ لم يكنْ++
لسوى الهدى يوماً لَهُ استسلامُ
ذاتٌ مقدّسةٌ تحارُ بكنهِها++
مِنّا العقولُ وتقصرُ الأفهامُ
هنّيتَ يا رجبَ الأصبَّ بِمولِدٍ++
طهرتْ به الأصلابُ والأرحامُ
حفلتْ لِمقدمِهِ الملائكُ وازدهتْ++
فيهِ الجنانُ ورفّت الأنسامُ
وعلى الطبيعةِ روعةٌ سحريّةٌ++
تزهو بها الآكامُ والآجامُ
دُنيا الهدى احتفلتْ بِهِ وتفايضتْ++
من أُفقها الأنوارُ والأنغامُ
والكعبةُ الغرّاءُ شعشعَ بيتُها++
وزها بها حجرٌ وطاب مقامُ
وسما بهِ وادي السلامِ ولألأتْ++
منهُ السهولُ وشعت الآكامُ
وعليهِ من حَرَمِ الولايةِ حُرمةٌ++
ولهُ من القبرِ الشريفِ وِسامُ
حَرَمٌ تطوفُ به الملائكُ خشّعاً++
فلها قعودٌ حولَهُ وقيامُ
مشت الملوكُ إليه خاشعةً وقد++
عنت الوجوهُ وذلّ منها الهامُ
تسعى لتقبيلِ الضريحِ ونحوَهُ++
تتسابقُ الألحاظُ والأقدامُ
أضريحُ قدسٍ ذاكَ أمْ هو هالةٌ++
للنور فيها ينجلي الإظلامُ
قد زخرفتْهُ يدُ الصناع بريشةٍ++
فتّانةٍ يعيى بها الرسّامُ
واستودعتْهُ الهندُ سحرَ فُنونِها++
يبدو بها الإبداعُ والإحكامُ
جاءتْ لتكتسبَ الخُلودَ بنصبِهِ++
قومٌ لهمْ في المكرُماتِ مقامُ
تبدي الولاءَ إلى الإمامِ بِهِ وقدْ++
كرمتْ وحقّ لِمِثلها الأكرامُ
لَكَ يا أميرَالمؤمنين قصيدةٌ++
رقَّ الشعورُ بها وراقَ نظامُ
وعواطفٌ علويّةٌ قد هاجها++
منّي هيامٌ بالولا وغرامُ
هذا العراقُ بِهِ تباشر شعبُهُ++
طَرَباً ترفُّ باُفقهِ الأعلامُ
وقال: