علي والعلم - امام علی من المهد الی اللحد نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

امام علی من المهد الی اللحد - نسخه متنی

سید محمد کاظم قزوینی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


علي والعلم


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله فوق حمد الحامدين وصلى الله على سيد الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين.

قال الله تعالى في كتابه العزيز: "قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون"

[ سورة الزمر، الآية: 9.]

لا شك أن العلم فضيلة وكمال، ويعترف البشر بشرفه، ويفضل العالم على الجاهل بالفطرة لا بالتقليد، وعلى هذا الأساس لم يسكت الإسلام عن فضيلة العلم والعالم فقد قال الرسول الأعظم "صلّى الله عليه وآله": طلب العلم فريضة على كل مسلم.

والقرآن الكريم يشير إلى مزية العلم وقيمته وكرامته في كثير من الآيات، ويثني على كل من أوتي العلم نصيباً.

ومن أهم الأسس للوظائف الراقية والمناصب السامية "كالحكم والقضاء" هو العلم بالأحكام الشرعية وتعاليم آداب القضاء والفتوى، ودرجات الإيمان بالله ومعرفته تابعة لمراتب العلم.

ونحن لا نستطيع أن نعرف علم الإمام أميرالمؤمنين "عليه السلام" ومدى إيمانه بالله تعالى، لأن الرسول "صلّى الله عليه وآله" قال في حديث صحيح: يا علي لا يعرف الله إلا أنا وأنت، ولا يعرفني إلا الله وأنت، ولا يعرفك إلا الله وأنا.

ولا نستطيع أن نحدد علم الإمام ونحيط به، لأنه من علم رسول الله "صلّى الله عليه وآله" وعلم رسول الله من الله تعالى، وليس عن طريق الاكتساب والتحصيل بل بالإفاضة من عند الله تعالى، ونجد في القرآن الكريم طائفة كبيرة من الآيات البينات التي تصرح بأن علوم الأنبياء من عند الله تعالى عن طريق الإفاضة والإلقاء في القلب، ومعلوم: أن هذا النوع من العلم لا يشوبه شي ء، ولا مجال للباطل إليه، بل هو الحق الصحيح الصدق المطابق للواقع، وإليكم بعض تلك الآيات: "وقل: رب زدني علماً".

[ سورة طه، الآية: 114.]


"فوجدا عبداً من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علماً".

[ سورة الكهف، الآية: 65.]


"وزاده بسطة في العلم والجسم".

[ سورة البقرة، الآية: 247.]


"وكلاً آتيناه حكماً وعلماً".

[ سورة الأنبياء، الآية: 79.]


"ولوطاً آتيناه حكماً وعلماً".

[ سورة الأنبياء، الآية: 74.]


"ولقد آتينا داود وسليمان علماً".

[ سورة النمل، الآية: 15.]


"فلما بلغ أشده واستوى آتيناه حكماً وعلماً".

[ سورة القصص، الآية: 14.]


"إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي".

[ سورة الأعراف، الآية: 144.]


"إذ قال الله يا عيسى بن مريم أذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلاً، وإذ علمتك الكتاب والحكمة".

[ سورة المائدة، الآية: 110.]


"وعلم آدم الأسماء كلها".

[ سورة البقرة، الآية: 31.]


"يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك".

[ سورة مريم، الآية: 43.]


"ففهمناه سليمان".

[ سورة الأنبياء، الآية:79.]


"ذلكما مما علمني ربي".

[ سورة يوسف، الآية: 37.]


"وأنزل عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم".

[ سورة النساء، الآية: 113.]


"وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء".

[ سورة البقرة، الآية: 251.]


"وإنه لذو علم لما علمناه".

[ سورة يوسف، الآية: 68.]


"إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله".

[ سورة النساء، الآية: 105.]


إذا عرفتم ذلك فكيف نستطيع أن نعرف مقياس علوم الإمام ومستوى معارفه وثقافته الإلهية؟ وكيف نتمكن من الإحاطة بعلم باب مدينة علم الرسول "صلّى الله عليه وآله" والتلميذ الأول للرسول الأعظم الذي فرغ رسول الله علومه في صدر الإمام، وعلمه في وجبة واحدة ألف باب من العلم يفتح له من كل باب ألف باب؟.

وما يدري هل آسف على الإمام الذي ضاع قدره في ذلك العهد فلم يفسح له المجال ليبث للمسلمين شيئاً من علومه الإلهية ومعارفه الربانية؟ أم آسف على المسلمين الذين حرموا من ذلك المنهل العذب وهم بأمس الحاجة إلى العلم؟ فقد مضى خمس وعشرون سنة وعلي "عليه السلام" جليس بيته مسلوب الإمكانيات مكبوتاً عليه لا يستطيع تنوير العقول بعلومه وتزويد النفوس بمواهبه؟ قد نسمع أن بعض الغربيين يبدي أسفه على مكتبة الإسكندرية التي حكم عليها بالإحراق، وما ضاعت هناك من علوم وكنوز وأسرار وفنون وصارت طعمة للحريق، فلو كانت تلك العلوم في متناول البشر اليوم وقبل اليوم لكانوا في أرقى درجات الحضارة وأوج العظمة يتصرفون في تلك الكنوز ويعيشون في أوسع فضاء يستنشقون شتى العلوم ويتنعمون بتلك الثروة الفكرية التي كانت تساعدهم في التقدم بصورة مدهشة.

وسبب تأخر المسلمين خاصة والبشر عامة في خلال هذه القرون إنما هو من بركات ذلك العمل اللالإنساني!.

إن كان احتراق مكتبة تضم الكتب المتنوعة يوجب التأثر والتألم في نفوس هواة العلم ورواد الفضيلة مع العلم أن الكتب كانت صامتة لا ينتفع بها الأميون والذين لا يحسنون لغة تلك الكتب، فإن تجميد شخصية قد تمثلت وتجمعت فيها دوائر المعارف بكافة أنواعها وجميع أقسامها يؤسف له أكثر وأكثر، أليس من المؤسف أن تعيش أمة من الناس في الظلمات، وعندهم الضياء اللامع والسراج المنير الذي يضي ء لهم الدروب والطرق وهم بأمس الحاجة إليه؟؟ وإذا بجماعة يحاولون إخفاء ذلك الضياء والحيلولة بينه وبين الإضاءة والإشراق، ويعجبهم أن يشاهدوا الناس محرومين عن الاستضاءة بأنوار ذلك القمر، وفعلاً وصلوا إلى ما أرادوا، وحكموا على المجتمع الإسلامي بالخيبة والحرمان من العلوم الإلهية وكنوز المعارف الربانية، وذلك حينما حكموا على علي "عليه السلام" بالاعتزال وسلبوه كل نشاط علمي، وضيقوا عليه المجال غاية التضييق خلال خمس وعشرين سنة كما تقدم الكلام.

وبعد أن وجد المجال وعادت إليه الإمكانيات واسترد ما سلب منه، وإذا بالحروب الداخلية والاضطرابات تحط من نشاطه العلمي وتبلبل فكره وتشغل قلبه، وتسلب القرار والاطمئنان من ذلك المجتمع، فينقلب النشاط العلمي إلى طاقة حربية، وتنقلب المعاهد الثقافية إلى معارك دامية ومجازر مشجية وما هنالك من نتائج وخيمة.

بالرغم من هذا كله فقد استطاع الإمام أميرالمؤمنين "عليه السلام" أن يرفع أضوأ مشعل للعلم في سماء الثقافة والمعرفة، فهذا كتاب نهج البلاغة وهو جزء من أربعة وعشرين جزءاً من خطب الإمام وكلماته الحكمية ورسائله القيمة، وهذه الكمية هي التي حفظها التاريخ ولا تسأل عن الخطب والعلوم التي ضاعت ولم تلتقطها الأدمغة ولم تسجلها مسجلات التاريخ، فقد روي أن علياً "عليه السلام" خطب في الناس يوماً من بعد صلاة الصبح إلى قبيل الظهر، فكان الإمام يفيض على الخلائق العلوم بشتى أنواعها طيلة ست ساعات تقريباً.

والآن نذكر لكم ما تيسر من الأحاديث الواردة حول علوم الإمام ومدى سعة معلوماته الجمة: "في البحار" قال أميرالمؤمنين "عليه السلام": لو ثنيت لي الوسادة لحكمت بين أهل القرآن حتى يزهر إلى الله ولحكمت بين أهل التوراة بالتوراة حتى يزهر إلى الله، ولحكمت بين أهل الإنجيل بالإنجيل حتى يزهر إلى الله، ولحكمت بين أهل الزبور بالزبور حتى يزهر إلى الله، ولولا آية في كتاب الله لأنبأتكم بما يكون حتى تقوم الساعة.

وقال علي "عليه السلام": لأنا أعلم بالتوراة من أهل التوراة وأعلم بالإنجيل من أهل الإنجيل.

عن الأصبغ بن نباتة قال: لما قدم علي "عليه السلام" الكوفة صلى بهم أربعين صباحاً فقرأ بهم: "سبح اسم ربك الأعلى"

[ سورة الأعلى، الآية: 1.]

فقال المنافقون: والله ما يحسن أن يقرأ ابن أبي طالب القرآن، ولو أحسن أن يقرأ لقرأ بنا غير هذه السورة، قال: فبلغه ذلك، فقال ويلهم! إني لأعرف ناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه، وفصاله من وصاله، وحروفه من معانيه، والله ما حرف نزل على محمد "صلّى الله عليه وآله" إلا وأنا أعرف فيمن أنزل وفي أي يوم نزل وفي أي موضع نزل، ويلهم أما يقرءون "إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى"

[ سورة الأعلى، الآيتان: 18 و 19.]

والله عندي، ورثتها من رسول الله "صلّى الله عليه وآله" وورثها رسول الله "صلّى الله عليه وآله" من إبراهيم وموسى، ويلهم! والله إني أنا الذي أنزل الله في: "وتعيها أذن واعية"

[ سورة الحاقة، الآية: 12.]

فإنا كنا عند رسول الله "صلّى الله عليه وآله" فيخبرنا بالوحي، فأعيه ويفوتهم، فإذا خرجنا قالوا: ماذا قال آنفاً؟.

عن عبابة بن ربعي قال: سمعت علياً "عليه السلام" يقول: سلوني قبل أن تفقدوني، ألا تسألون من عنده علم المنايا والبلايا والأنساب؟

عن الأصبغ بن نباته، قال: لما بويع أميرالمؤمنين "عليه السلام" بالخلافة خرج إلى المسجد معتماً بعمامة رسول الله "صلّى الله عليه وآله" لابساً برديه، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وأنذر، ثم جلس متمكناً وشبك بين أصابعه ووضعها أسفل سرته، ثم قال: يا معشر الناس سلوني قبل أن تفقدوني، سلوني فإن عندي علم الأولين والآخرين، أما والله لو ثني لي الوسادة لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم وبين أهل الزبور بزبورهم، وبين أهل الفرقان بفرقانهم، حتى ينهى كل كتاب من هذه الكتب ويقول: يا رب إن علياً قضى بقضائك.

والله إني لأعلم بالقرآن وتأوليه من كل مدّعِ علمه، ولولا آية في كتاب الله تعالى لأخبرتكم بما يكون إلى يوم القيامة.

ثم قال: سلوني قبل أن تفقدوني، فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو سألتموني عن آية لأخبرنكم بوقت نزولها وفيم نزلت، وأنبأتكم بناسخها من منسوخها وخاصها من عامها، ومحكمها من متشابهها، ومكييها من مدنيها والله ما من فئة تضل أو تهدي إلا وأنا أعرف قائدها وسائقها وناعقها إلى يوم القيامة.

قال ابن عباس: علي علم علماً علمه رسول الله "صلّى الله عليه وآله" ورسول الله "صلّى الله عليه وآله" علمه الله، فعلم النبي صلوات الله عليه وآله من علم الله، وعلم علي من علم النبي "صلّى الله عليه وآله" وعلمي من علم علي "عليه السلام"، وما علمي وعلم أصحاب محمد "صلّى الله عليه وآله" في علم علي إلا كقطرة في سبعة أبحر.

عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب قال له: يا أباالحسن إنك لتعجل في الحكم والفصل للشي ء إذا سئلت عنه! قال: فأبرز علي كفه وقال له: كم هذا؟ فقال عمر: خمسة، فقال عجلت: أباحفص؟ قال: لم يخف علي، فقال علي "عليه السلام": وأنا أسرع فيما لا يخفى علي.

قال الصادق "عليه السلام" لابن أبي ليلى: أتقضي بين الناس يا عبد الرحمن؟ قال: نعم يا ابن رسول الله، قال: بأي شي ء تقضي؟ قال: بكتاب الله.

قال: فما لم تجد، في كتاب الله؟ قال من سنة رسول الله "صلّى الله عليه وآله" وما لم أجده فيهما أخذته عن الصحابة بما اجتمعوا عليه، قال: فإذا اختلفوا فبقول من تأخذ منهم؟ قال: بقول من أردت وأخالف الباقين، قال أبوعبدالله "عليه السلام": ما تقول يوم القيامة إذا رسول الله "صلّى الله عليه وآله" قال: أي رب إن هذا بلغه عني قول فخالفه؟ قال: وأين خالفت قوله يا ابن رسول الله؟ قال: فبلغك أن رسول الله قال: أقضاكم علي "عليه السلام"؟ قال: نعم، قال: فإذا خالفت قوله ألم تخالف قول رسول الله "صلّى الله عليه وآله"؟ فاصفر وجه ابن أبي ليلى وسكت.

عن الأصبغ بن نباتة وجماعة أن أميرالمؤمنين "عليه السلام" قال بحضرة المهاجرين والأنصار وأشار إلى صدره كيف ملئ علماً لو وجدت له طالباً؟ سلوني قبل أن تفقدوني، هذا سفط العلم هذا لعاب رسول الله "صلّى الله عليه وآله" هذا ما زقني رسول الله "صلّى الله عليه وآله" زقاً، فاسألوني فإن عندي علم الأولين والآخرين أما والله لو ثنيت لي الوسادة..

الخ.

وفي نهج البلاغة: "فوالذي نفسي بيده لا تسألوني عن شي ء فيما بينكم وبين الساعة ولا عن فئة تهدي مائة وتضل مائة إلا نبأتكم بناعقها وقائدها وسائقها ومناخ ركابها ومحط رحالها، ومن يقتل من أهلها قتلاً ويموت موتاً".

وعن سلمان أنه قال "عليه السلام": عندي علم المنايا والبلايا والوصايا والأنساب وفصل الخطاب، ومولد الإسلام ومولد الكفر، وأنا صاحب الميسم، وأنا الفاروق الأكبر، ودولة الدول فسلوني عما يكون إلى يوم القيامة، وعما كان قبلي وعلى عهدي وإلى أن يعبد الله.

علي والخطابة


ألا ترى إلى خطبه "عليه السلام" مثل: التوحيد والشقشقية والهداية والملاحم واللؤلؤة والغراء والقاصعة والافتخار والأشباح والدرة اليتيمة والأقاليم والوسيلة والطالوتية والقصبية والسلمانية والناطقة والدامغة والفاضحة، بل إلى نهج البلاغة عن الشريف الرضي، وكتاب خطب أميرالمؤمنين عن إسماعيل بن مهران السكوني عن زيد بن وهب أيضاً، قال الرضي: كان أميرالمؤمنين "عليه السلام" مشرع الفصاحة وموردها، ومنشأ البلاغة ومولدها ومنه ظهر مكنونها، وعنه أخذت قوانينها.

الجاحظ في كتاب الغرة: كتب علي "عليه السلام" إلى معاوية: غرّك عزّك، فصار قصار ذلك ذلك، فاخش فاحش فعلك فعلك تهدا بهدا.

وقال "عليه السلام": "من آمن أمن".

قال ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة:وأما الفصاحة فهو "عليه السلام" إمام الفصحاء، وسيد البلغاء وعن كلامه قيل: هو "دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوق" ومنه تعلم الناس الخطابة والكتابة.

قال عبدالحميد بن يحيى: حفظت سبعين خطبة من خطب الأصلع، ففاضت ثم فاضت.

وقال نباتة: حفظت من الخطابة كنزاً لا يزيده الإنفاق إلا سعة وكثرة، حفظت مائة فصل من مواعظ علي بن أبي طالب.

ولما قال محفن بن أبي محفن لمعاوية: "جئتك من عند أعيى الناس" قال له: ويحك! كيف يكون أعيى الناس؟! فو الله ما سن الفصاحة لقريش غيره.

ويكفي هذا الكتاب الذي نحن شارحوه دلالة على أنه لا يجارى في الفصاحة، ولا يبارى في البلاغة، وحسبك أنه لم يدون لأحد من فصحاء الصحابة العُشر ولا نصف العُشر مما دون له، وكفاك في هذا الباب ما يقوله أبوعثمان الجاحظ في مدحه في كتاب "البيان والتبيين" وفي غيره من كتبه.

/ 40