بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدیدمنتدى المنهاج الامام الحسين(ع) في مولفات الشيخ عبداللّه العلايلي المنتدون: د. عصام نور الدين، د. حسن عباس نصر اللّه، د. حسن جابر. عقد منتدى المنهاج ندوته السابعة في مقره، وموضوعها: ((الامام الحسين(ع) في مولفات الشيخ عبداللّهالعلايلي))، يوم الثلاثاء الواقع فيه 29/ربيع الاخر 1418ه الموافق 2/9/1997، قدم للندوة وادارها د. عبدالمجيد زراقط، وشارك فيها د. عصام نور الدين ود. حسن عباس نصر اللّه ود. حسن جابر. رحب د. زراقط بالمشاركين والحضور، وقدم موضوع البحث فقال: الشيخ عبداللّه العلايلي علم من اعلام العلماء المسلمين الكبار في هذا العصر. ومن الاشارات الدالة علىذلك ان اديبا كبيرا مثل امين نخلة قال: ((نحن، يا صاحبي، انما نعيش في عصر عبداللّه العلايلي)). وقداسهم في صناعة احداث عصره في غير ميدان من ميادين الحياة، فهو لغوي عريق مجدد، واديب مبدع:شعرا ونثرا، وفقيه مجتهد، ومصلح اجتماعي سياسي يكاد يصل في رويته الى حد الدعوة الى الثورة التيتبتهج بسقوط قرابين الحرية، ومن اقواله في هذا المجال: ((... نحن، ابناء النضال، نصفق كلما سقطت فيالميدان ضحية لانها الاعلان بانتصار قضيتنا: قضية الحرية)). يشير هذا القول الى اتخاذه النهج الحسيني خيارا ينبثق من اعلانه الانتماء الى آل البيت(ع) نسبا وعقيدةوفكرا، فعلى مستوى النسب يرجح الشيخ ان يكون اسم الاسرة: ((العلايلي)) نسبة الى الامام عليبن ابيطالب(ع)، من طريق الحاق اداة النسب التركية ((لي)) باسم علي. وكانت هذه النسبة تتم ايام كان العربمتاثرين بالاتراك في كثير من شوون حياتهم. وعلى مستوى العقيدة والفكر الف الشيخ كتبا في ثورة الامامالحسين(ع) رائده فيها ان يقدم جديدا، وهذا شانه في كل ما كتب. راح الشيخ يتامل التاريخ الاسلامي ليعيد كتابته، فالف كتاب ((سمو المعنى في سمو الذات او اشعة منحياة الحسين...))، 1358ه، وهدفه الافادة من هذا الحدث التاريخي العظيم في مواجهة الحياة المعاصرةبعدما راى انها بحاجة الى تضحيات جسام ورجالات عظام. فموت العظيم، كما يقول، ليس سكونا هامدا،بل هو خروج الحركة من مركزها لتنتشر في احياء كثيرين على امتداد التاريخ. وعاد، بعد آونة، يسعى الى ان يصل الحاضر بالماضي، فالف كتاب ((تاريخ الحسين نقد وتحليل)). عام1940م.، وكتاب ((ايام الحسين)) عام 1947م وكتاب ابي ذر الغفاري عام 1948م. وبدا واضحا له ان ثورةالامام الحسين كانت واجبا دينيا، انسانيا، وقد حقق هدفه، فكما محا الجد آلهة الوثنيين والاساطير، محاالسبط المتالهين من الناس فحال بكفاحه دون ان يستعبد الانسان الانسان، ومحو الانسان المتاله الطاغيةيتيح للمرء مجال الحرية، ويعطي الحياة معناها، فيكون يوم الامام الحسين في حقيقته وجوهره يوما منايام النبوة. موضوع هذه الندوة هو ((الامام الحسين في مولفات الشيخ عبد العلايلي))، والبحث فيها يتركز فيمحورين، اولهما، كتابة التاريخ وبخاصة الكتابة عن الامام الحسين: ضرورتها، منهجها، شروطها، النتائجالتي توصل اليها الشيخ العلايلي. يتحدث، في هذا المحور، د. حسن جابر، وهو استاذ محاضر في الجامعة اللبنانية، قسم التاريخ، ورئيستحرير مجلة المنطلق، شارك في كثير من الموتمرات والندوات، واطروحته في الدكتوراه تناولت الفكرالسياسي عند الامام عليبن ابي طالب(ع). وعنوان كلمته: ((شروط البحث التاريخي عند العلايلي)). د. حسن جابر: في التمهيد المنهجي الذي استهل العلايلي به ((تاريخ الحسين)) اضاءات علمية كثيفةتصلح، في مجملها معايير للكتابة التاريخية، وهي على الرغم من تقدمها الزمني (صدرت الطبعة الاولىمن الكتاب سنة 1941. راجع: ((تاريخ الحسين، نقد وتحليل))، بيروت: دار الجديد، 1994، ط2، ص13).لم تظهر عليها عوارض التقادم، فقد تضمنت معظم الصيغ المنهجية التي يوظفها، اليوم، الباحثونالمعاصرون. لقد اعتقد، وهو على حق، ان التاريخ لا يكتب مفصولا عن حركة الحياة، وانما بمحاولةاستحضاره حيا، اي بعث الحياة في ظروف الواقع وملابساته، لتكون كتابته شكلا من المعاينة لمرحلة كانيصنعها بشر لهم مصالحهم واهواوهم وميولهم، لا ان تكون الكتابة مجرد عرض للوقائع مفصولة عنسياقاتها المجتمعية والحياتية، وقد اطلق العلامة العلايلي على المنهج الاجتماعي في كتابة التاريخمصطلحا خاصا به سماه ((الحيوية التاريخية)) (م.ن، ص 11). والحيوية التاريخية التي قصدها، تعني اعادة تركيب المشهد التاريخي بكل انفعالاته وخلجاته ليتمكنالباحث من رصد مختلف العناصر فيه، والحكم على السلوك العام والتحولات بادق ما يمكن، هذاالمنهج الذي يرادف ما يعرف اليوم بالمنهج الاجتماعي في الكتابة التاريخية، الذي يفترض بالباحث،وفق منطقه، ان يتوطن في التاريخ، وبالتحديد، في اللحظة السياسية والاجتماعية التي وقعت فيهاالاحداث موضوع البحث، هذا الشرط المنهجي يقف في محصلته العلمية على طرف النقيض منالاسلوب الاخباري الذي وسم مختلف الكتابات التاريخية التراثية، ومنها روايات الاخباريين الذينتصدوا لنقل الوقائع مفصولة عن سياقاتها بل مبتورة عن مناخاتها التي وقعت في ظلها. وقد قاده النقد لصورة عرض الوقائع الى المادة الخبرية نفسها باعتبارها لم تخضع لمعايير دقيقة حتى فيالتوثيق والتوهين والتصديق او التكذيب للراوي. فالمادة التاريخية الواصلة الينا ليست كلها صحيحة وانما قد اعترى بعضها التدليس، ومن مهمة الباحث انيعيد قراءة المادة وفق معايير منهجية هي من طبيعة الاتجاه الاجتماعي الذي يبدو لي انه كان يلتزمه، وهوعلى حق، في الكتابة التاريخية. وقد احسن التعبير عن المراد الاجتماعي من خلال بيتين من الشعر لاحمد شوقي يتضمنان المراد الدقيقمن البحث الاجتماعي في التاريخ: افضى الى ختم الزمان ففضه وحبا الى التاريخ في محرابه وطوى القرون القهقرى حتى اتى فرعون بين طعامه وشرابه (م.ن.، ص 15) فكتابة التاريخ، وفق منطوق البيت الثاني، هي رحلة في الزمن، يخترق فيها الباحث طبقات التاريخ فياطار عمل حفري تنقيبي شبيه بمهمات علماء الاثار ليصل الى الطبقة التاريخية التي يريدها، وقد اصطلحعلماء المنهج على تسمية الرحلة عبر الطبقات، او عمليات الحفر، بالمنهج التاريخي الذي يختص فقطبالغوص في الزمن ليصل الى الطبقة المقصودة، اي حتى ياتي فرعون بين طعامه وشرابه. غير ان سعي الباحث للتبيو في الواقع موضوع البحث، او الحفر عبر الطبقات للوصول الى الحقبة المرادة،لا يعطل البتة دور الباحث، اذ يبقى، في مختلف المهام التي يضطلع بها، محور النتاج التاريخي، طالما انقراءة المعطيات وتقديم تفسيرات منطقية للاحداث لا تعدوان الاجتهاد الشخصي للباحث. في هذا الاطار اولى العلايلي شخصية المورخ وقوة حدسه ومهارته في تاويل الوقائع والاحداث وتقديمهالحدث المدروس في سياق تسلسل منطقي معقول، اولى كل هذه العناصر المطلوبة في المورخ اهميةخاصة. ذلك ان تناول المادة التاريخية بعد التدقيق فيها بالتحقيق والمتابعة لكل متعلقاتها، من اللغة والفيلولوجيا،الى تطور استعمالاتها من عصر الى عصر، الى الوثائق والاثار، واخيرا الحيزين: الجغرافي الطبيعيوالجغرافي السياسي اللذين شكلا الاطار المكاني للحدث او الوقائع المراد بحثها، هذا التناول للمادةالتاريخية يصبح مسرحا يتحرك عليه المورخ ويستقل في قراءته وتاويله وتفسير مجرياته بعيدا عناسقاطات الفهم السائد، وهنا تلعب مهارة المورخ دورها في تقديم السياقات ومتابعة الانفعالاتوتداعيات الاحداث، تماما كاي ممارسة فنية تكون مجالا للاجتهاد والابداع. فبمجرد انجاز المادة موضوع البحث وتحقيقها يستقل عقل الباحث في التعامل معها، وتتحرر المادة منمختلف الموثرات الاخرى، وعلى المورخ ان يتابع الحقيقة متسلحا بحاستي الالهام والاتجاه (م.ن، ص15)، ويقصد بحاسة الالهام، ((القدرة الفنية التي يدخل في جملة عناصرها، سرعة الانتقال الذهني مع دقةالملاحظة)) (م.ن، ص 16). غير ان الجانب الذي لا نوافقه الراي فيه هو مشروعية السفر الى التاريخ مثقلابزاد العصر المنتقل منه، ففيما نقول بشرطية التخفف ما امكن من مخزون المفاهيم المعاصرة كي لا نبتلىبالاسقاطات، يسقط العلايلي هذا الشرط ولا يرى مانعا من الانشحان بكل الصور والافكار والمفاهيمالمعاصرة والتخفف منها تدريجيا، اتساقا مع فهمه او تبنيه لنظرية المسيرات الرئيسية المتاثرة بالعلومالبيولوجية، التي يعتقد ان شكسبير هو اول من كشفها او مارسها عمليا فيما يعرف بطريقة تشخيصالماضي وتفسيره بالحاضر (م.ن، ص 17). فنظرية المسيرات الرئيسية تقوم على تصور وجود نسبة اشتراك بين الماضي والحاضر اكبر من نسبةالاختلاف لامتناع الطفرات، استنادا الى نظرية داروين، وقد قاده تبنيه لنظرية المسيرات الرئيسية الىالدخول في آليات التطور من جيل الى جيل ونسبه، ولشدة تاثره بهذه النظرية اسهب في شرحها، وهذهالنظرية التي اشتغل عليها ليفي ستراوس في البنيوية عندما اعتقد ان آليات التفكير البشري هي واحدةوكذا طرق اشتغالها، وحاول ان يماهي بين بنية عقل القبائل البدائية والانسان المعاصر(راجع: م.ن.، ص19-27)، مع العلم ان الانسان في مسيرة تطوره يخضع لعناصر كثيرة تتضافر كلها في اطار جهد ابداعييكون للانسان دور فاعل فيه. والعلايلي، عندما يتحدث متبنيا نظرية المسيرات، لا يغفل عوامل الاسراع والابطاء لكنه يبدو فيهااختزاليا، اذ لا يولي الحرية حقها في دفع مسيرات الشعوب قدما، ولعل الانجازات التي تحققت في القرنالجاري خير دليل على وهن تلك النظرية، اذ شهدت البشرية قفزات هائلة تكاد تفقدها توازنها في قرنواحد بل في جيل واحد. في هذا السياق لم يغفل العلامة العلايلي دور اللاشعور في تحريك المجتمع، وهذا العامل، كما هومعروف تحول، بعد تطوير صيغة فرويد، الى حقل منهجي جديد لم يقتصر على السلوك الفردي فحسبوانما تم تطويره ليطاع الشق السياسي، وقد لحظ العلايلي ان الافكار والمبادى والممارسات الاجتماعية،عندما تنغرس في وجدان المجتمع ويتفاعل هو معها تنقلب من حالة شعورية الى لا شعورية تتحكمبنسبة من النسب في حركة المجتمعات. جهد العلامة العلايلي، عندما شرع بالحديث عن ثورة الامام الحسين(ع)، لتطبيق منهجه الذي حددمعالمه في التمهيد، وقد باشر هذا التطبيق في فصل ((مقدمات لا محيد عن درسها لفهم التاريخ العربي))،حيث جال في النسيج الاجتماعي والفكري متابعا العناصر التي يعتقد انها اسهمت في توجيه اتجاهاتالاحداث او اثرت فيها. وقد توقف مليا عند الوحدة السياسية الاجتماعية في المجتمع العربي، التي بقيت تحكم الصراع توظيفااو استهدافا، نقصد القبيلة ولم يتناولها بوصفها معطى ناجزا في التركيب الاجتماعي وانما دخل فيمجادلة مع الواقع ليخرج الى ان الشعور بالانتماء للقبيلة كان نتاجا لواقع اقتصادي، ولا يرى مسوغالاستمراره لدى الجماعات التي هجرت الجزيرة العربية. وقد تتبع توظيفات الانتماء القبلي في الاطارالسياسي، في السقيفة وما بعدها الى قيام التصنيفات الاوسع عرب موال والتي انضجت التياراتالشعوبية وغذتها. اما دور الحضور القبلي في التمهيد لثورة الحسين، فقد رصده في قوة العصبية الاموية وتفردها بالنفوذوالغنائم في عهد الخليفة الثالث عثمان