تشیید المراجعات و تفنید المکابرات (20) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تشیید المراجعات و تفنید المکابرات (20) - نسخه متنی

السید علی المیلانی الحسینی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید











تشـييد المـراجَعـاتوتفنيد المكابَـرات(20)

السـيّد عليّ الحسـيني الميلاني



المبحث الثاني
في الإمامة العامّة وهي الخلافة عن رسول الله

أقـول :


كان المبحـث الأَوّل في : (إمامـة المذهـب) في الأُصول والفروع ، وقـد أورد السـيّد فيه أدلّـةً من الكتاب والسُـنّة على وجوب الرجوع إلى أهـل البـيت عليهم السلام بعـد رسـول الله صـلّى الله علـيه وآله وسلّـم ، فـي القضايا الاعتقادية والأحكام العملية والآداب والسُـنن الشرعية ، وأشار إلى حكم العقـل في الباب ، في نهايـة المراجـعة 18 بقوله : « دعنا من نصوصـهم وبيّناتهم ، وانظر إليـهم بقطع النظر عنهما ، فهل تجد فيهم قصـوراً في علم أو عمـلٍ أو تقـوىً عن الإمام الأشـعري أو الأئمّـة الاَربعة أو غيرهم ، وإذا لم يكن فيهم قصور ، فبمَ كان غيرهم أوْلى بالاتّباع وأحقُّ بأنْ يطاع ؟ ! » . .


هذا ، وقد تقرّر عندنا وعند الجمهور قبح تقدُّم المفضول على الفاضل ، الأمر الذي أذعن به حتّى ابن تيميّة[1].


وعنوان المبحث الثاني : (الإمامة العامّة وهي الخلافة عن رسول الله) وفي هذا العنوان إشارة إلى مطلبين :


* أحدهما : تعريف الإمامـة ؛ فقد اتّفق الفريقان على أنّ الإمامـة رئاسة عامّة في أُمور الدين والدنيا لشخصٍ من الأشخاص نيابة عن النبيّ[2]. . .


فالإمامة رئاسة عامّة في أُمور الدين والدنيا ، وزعامة مطلقة في جميع شؤون الأُمّة المادّية والمعنوية ، وهي نيابة عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسـلّم ؛ فيكون للإمام كلّ ما كان للنـبيّ من المنازل والحالات والصفات ، إلاّ النـبوّة .


* والآخـر : المرادفـة بـين « الإمامـة العامّـة » و « الخلافـة الكـبرى » و « الولاية المطلقة » . .


فالخليفة عن رسول الله لا بُدّ وأن تتوفّر فيه كلّ ما يعتبر فيه من الصفات والحالات ، وحينئذٍ يجب على الأُمّة الاقتداء به في كلّ الأُمور ، والإطاعة له في كلّ ما يأمـر به أو ينهى عنه ، وتنفذ فيهم جميع تصرّفاته ، ولا يجوز لأحدٍ الاعتراض عليه في شيء من ذلك .


وممّا ذكرنا يظهر أنّ « الحكومة » شأنٌ من شؤون الإمام ، ومن الواجب على أفراد الأُمّة أن يتعاونوا معه في القيام بمهامّها ، لينالوا بذلك الخير والفلاح في الدنيا والآخرة .


فموضوع هذا المبحث هو : « إمامة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام بعد النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم مباشرةً » .


قال السيّد ـ رحمه الله ـ :


« من أحاط علماً بسيرة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم في تأسيس دولة الإسلام ، وتشريع أحكامها ، وتمهيد قواعدها ، وسـنّ قوانينها ، وتنظيم شؤونها عن الله عزّ وجلّ ، يجد عليّاً وزير رسول الله في أمره ، وظهيره على عدوّه ، وعيبة علمه ، ووارث حكمه ، وولي عهده ، وصاحب الأمر من بعده . .


ومن وقف على أقوال النبيّ وأفعاله ، في حلّه وترحاله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، يجد نصوصه في ذلك متواترةً ، من مبدإ أمره إلى منتهى عمره » .


أقول :


فهذا موضوع المبحث الثاني .


وأمّا بالنسبة إلى غير عليّ عليه السلام ، فقد نصّ كبار أئمّة القوم على عدم النصّ على إمامة أبي بكر وولايته وخلافته بعد رسول الله ؛ قال القاضي العضد الإيجي : « إنّ طريقه إمّا النصّ أو الإجماع ، أمّا النصّ فلم يوجد»[3].


وقد اكتفى السـيّد لإثبات المدّعى بذكر عدّة نصوص ، مع التعرّض لشبهات الخصوم بشأنها ، والجواب عنها ، بحيث يصلح كلّ واحد من تلك النصوص لأنْ يكون دليلاً على الإمامة العامّة حتّى لو لم يكن دليل غيره ، ومن هنا ، فقد استغرق كلّ واحدٍ منها عدّة مراجعات :



المراجعة (20) ـ المراجعة (25)


نصُّ الدار يوم الإنذار

قال السـيّد :


« وحسبك منها ما كان في مبدأ الدعوة الإسلامية قبل ظهور الإسلام بمكّة ، حين أنزل الله تعالى عليه : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) ، فدعاهم إلى دار عمّه أبي طالب ، وهم يومئذ أربعون رجلاً ، يزيدون رجلاً أو ينقصونه ، وفيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعبّـاس وأبو لهب ، والحديث في ذلك في صحاح السُـنن المأثورة ، وفي آخر ما قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم :


يا بني عبـد المطلب! إنّي ـ والله ـ ما أعلم شابّاً من العرب جاء قومه بأفضل ممّا جئتكم به ، جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني أنْ أدعوكم إليه ، فأيّكم يؤازرني على أمري هذا ، على أنْ يكون أخي ووصيّي فيكم ؟ !


فأحجم القوم عنه غير عليّ وكان أصغرهم ، إذْ قام فقال : أنا يا نبيّ الله أكون وزيرك عليه .


فأخذ رسول الله برقبته ، وقال : إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا . فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع . انتهى .


أخرجه بهذه الألفاظ كثير من حفظة الآثار النبوية ، كابن إسحاق ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، وأبي نعيم ، والبيهقي في سُننه وفي دلائله ، والثعلبي والطبري في تفسير سورة الشعراء من تفسيريهما الكبيرين .


وأخرجه الطبري أيضاً في الجزء الثاني من كتابه : تاريخ الأُمم والملوك[4].


وأرسله ابن الأثير إرسال المسلّمات في الجزء الثاني من كامله[5]، عند ذكره أمر الله نبـيّه بإظهار دعوته .


وأبو الفداء في الجزء الأوّل من تاريخه[6]، عند ذكره أوّل من أسلم من الناس .


ونقله الإمام أبو جعفر الإسكافي المعتزلي في كتابه : نقض العثمانية ، مصـرّحاً بصـحّته[7].


وأورده الحلبي في باب استخفائه صلّى الله عليه وآله وسلّم وأصحابه في دار الأرقم[8]، من سـيرته المعروفة .


وأخرجه بهذا المعنى مع تقارب الألفاظ غير واحد من أثبات السُـنّة وجهابذة الحديث ، كالطحاوي ، والضياء المقدسي في المختارة ، وسعيد بن منصور في السُـنن .


وحسبك ما أخرجه أحمد بن حنبل من حديث عليّ في ص 111 وفي ص 159 من الجزء الأوّل من مسـنده ، فراجع .


وأخرج في أوّل ص 331 من الجزء الأوّل من مسـنده أيضاً حديثاً جليلاً عن ابن عبّـاس يتضمّن هذا النصّ في عشر خصائص ممّا امتاز به عليّ على من سواه .


وذلك الحديث الجليل أخرجه النَسائي أيضاً عن ابن عبّـاس في ص6 من خصائصه العَلَوية ، والحاكم في ص 132 من الجزء الثالث من المستدرك ، وأخرجه الذهبي في تلخيصـه معترفاً بصـحّته .


ودونك الجزء السادس من كتاب كنز العمّال ، فإنّ فيه التفصيل[9].


وعليك بـ : منتخب الكنز وهو مطبوع في هامش مسند الإمام أحمد ، فراجع منه ما هو في هامش ص 41 إلى ص 43 من الجزء الخامس تجد التفصيل ؛ وحسبنا هذا ونعم الدليل .


تصحيح هذا النصّ :


لولا اعتباري صـحّته من طريق أهل السُـنّة ما أوردته هنا .


على أن ابن جرير ، والإمام أبا جعفر الإسكافي ، أرسلا صـحّته إرسال المسلّمات[10].


وقد صـحّحه غير واحد من أعلام المحقّقين .


وحسبك في تصحيحه ثبوته من طريق الثقات الأثبات ، الّذين احتجّ بهم أصحاب الصحاح بكلّ ارتياح .


ودونك ص 111 من الجزء الأوّل من مسند أحمد ، تجده يخرج هذا الحديث عن أسـود بن عامر، عن شريك[11] [12]، عن الأعمش[13]، عن المنهال[14]، عن عباد بن عبـد الله الأسـدي[15]، عن عليّ مرفوعاً .


وكلّ واحد من سلسلة هذا السند حجّة عند الخصم ، وكلّهم من رجال الصحاح بلا كلام ، وقد ذكرهم القيسراني في كتابه الجمع بين رجال الصـحيحين ؛ فلا مندوحة عن القول بصـحّة الحديث .


على أنّ لهم فيه طرقاً كثيرة يؤيّد بعضها بعضاً ، وإنّما لم يخرجه الشيخان وأمثالهما ؛ لأنّهم رأوه يصادم رأيهم في الخلافة ، وهذا هو السبب في إعراضهم عن كثير من النصوص الصحيحة ، خافوا أن تكون سلاحاً للشيعة ، فكتموها وهم يعلمون . .


وإنّ كثيراً من شيوخ أهل السُـنّة ـ عفا الله عنهم ـ كانوا على هذه الوتيرة ، يكتمون كلّ ما كان من هذا القبيل ، ولهم في كتمانه مذهب معروف ، نقله عنهم الحافظ ابن حجر في فتح الباري .


وعقد البخاري لهذا المعنى باباً في أواخر كتاب العلم من الجزء الأوّل من صـحيحه ، فقال[16]: (باب من خصّ بالعلم قوماً دون قوم) .


ومن عرف سريرة البخاري تجاه أمير المؤمنين وسائر أهل البيت ، وعلم أنّ يراعته ترتاع من روائع نصوصهم ، وأنّ مداده ينضب عن بيان خصائصـهم ؛ لا يسـتغرب إعراضـه عـن هذا الحديث وأمثالـه ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم .


الوجه في احتجاجنا بهذا الحديث .


الخلافة الخاصّة منفيّة بالإجماع .


النسـخ هنا محال .


إنّ أهل السُـنّة يحتجّون في إثبات الإمامة بكلّ حديث صحيح ، سواء كان متواتراً أو غير متواتر ، فنحن نحتجّ عليهم بهذا لصـحّته من طريقهم ، إلزاماً لهم بما ألزموا به أنفسهم ، وأمّا استدلالنا به على الإمامة فيما بيننا ، فإنّما هو لتواتره من طريقنا كما لا يخفى .


ودعوى : أنّه إنّما يدلّ على أنّ عليّاً خليفة رسول الله في أهل بيته خاصّة ، مردودة بأنّ كلّ من قال بأنّ عليّاً خليفة رسول الله في أهل بيته ، قائل بخلافته العامّة ، وكلّ من نفى خلافته العامّـة ، نفى خلافته الخاصّـة ، ولا قائل بالفصل ، فما هذه الفلسفة المخالفة لإجماع المسلمين ؟ !


وما نسـيت فلا أنسَ القول بنسـخه ، وهو محال عقلاً وشرعاً ، لأنّه من النسـخ قبل حضـور زمن الابتلاء كما لا يخـفى ، على أنّه لا ناسـخ هنا إلاّ ما زعمه من إعراض النبيّ عن مفاد الحديث . .


وفيه : إنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يعرض عن ذلك ، بل كانت النصـوص بعده متوالية ومتواترة ، يؤيّد بعضها بعضاً ، ولو فرض أنّ لا نصّ بعده أصـلاً ، فمن أين علم إعراض النبيّ عن مفاده ، وعدوله عن مؤدّاه ؟ ! ( إن يتبعون إلاّ الظنّ وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربّهم الهدى)[17] ، والسلام » .


أقـول :


يقع الكلام في هذا المقام في جهات :


* الجهة الأُولى : في متن الحديث ورواته .


لقد روى الشيخ علي المتّقي الهندي هذا الحديث في كتاب كنز العمّال بعدّة ألفاظٍ ، عن جمعٍ كثيرٍ من أئمّة الحديث ، ونحن نورد هنا محلّ الحاجة ، ومن أراد النصوص الكاملة فليرجع إليه :


(36408) ـ « . . . عن عليٍّ ، قال : لمّا نزلت هذه الآية ( وأنذر عشيرتك الأقربين)[18] جمع النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم من أهل بيته ، فاجتمع ثلاثون ، فأكلوا وشربوا ، فقال لهم : من يضمن عنّي ديني ومواعيدي ويكون معي في الجنّة ويكون خليـفتي في أهلي ؟ وقال رجل : يا رسول الله! أنت كنت بحراً ، من يقوم بهذا ؟ ! ثمّ قال الآخر . فعرض هذا على أهل بيته واحداً واحداً .


فقال عليّ : أنا . حم ، وابن جرير وصحّحه ، والطحاوي ، والضياء »[19].


(36419) ـ « . . . عن عليٍّ ، قال : لمّا نزلت هذه الآية على رسول الله ( وأنذر عشيرتك الأقربين ). . . تكلّم النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم فقال : يا بني عبـد المطّلب! إنّي ـ والله ـ ما أعلم شابّاً في العرب جاء قومه بأفضل ما جئتكم به، إنّي قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، فأيّكم يؤازرني على أمري هذا[20]؟


فقلت ـ وأنا أحدثهم سنّاً وأرمصهم عيناً وأعظمهم بطناً وأحمشهم ساقاً ـ : أنا يا نبيّ الله أكون وزيرك عليه .


فأخذ برقبتي فقال : إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا . فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع وتطيع لعليّ .


ابن إسحاق ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، وأبو نعيم والبيهقي معاً في الدلائل »[21].


(36465) ـ « . . . عن عليٍّ ، قال : لمّا نزلت هذه الآية ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) دعا بني عبـد المطّلب . . . ثمّ قال لهم ـ ومدّ يده ـ : من يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ووليّكم من بعدي ؟ !


فمددت وقلت : أنا أبايعك ، وأنا يومئذٍ أصغر القوم ، عظيم البطن ، فبايعني على ذلك . . . (قال : ) وذلك الطعام أنا صنعته . ابن مردويه »[22].


(36520) ـ « . . . عن عليٍّ إنّه قيل له : كيف ورثت ابن عمّك دون عمّك ؟ !


فـقـال : جـمـع رسـول الله صلّـى الله عـلـيـه [وآلـه] وسـلّـم بـنـي عبـد المطّلب . . . فقال : يا بني عبـد المطّلب! إنّي بعثت إليكم خاصّةً وإلى الناس عامّةً ، وقد رأيتم من هذه الآية ما رأيتم ، فأيّكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ووارثي ؟ فلم يقم إليه أحد ، فقمت إليه ـ وكنت من أصغر القوم ـ فقال : اجلس . ثمّ قال ثلاث مرّات . كلّ ذلك أقوم إليه فيقول لي : اجلس . حتّى كان في الثالثة ضرب بيده على يدي . قال : فلذلك ورثت ابن عمّي دون عمّي .


حم ، وابن جرير ، والضياء »[23].


أقـول :


وهذا سند الرواية الأُولى ـ التي رواها المتّقي برقم (36408) عن أحمد ، وابن جرير وصـحّحه ، والطحاوي ، والضياء ـ في مسـند أحمد : « أسـود بن عامـر ، ثنا شـريك ، عن الأعـمش ، عن المـنهال ، عن عباد بن عبـد الله الأسـدي ، عن عليٍّ »[24].


وهذا سند الرواية الأخيرة ـ التي رواها برقم (36520) عن أحمد ، وابن جرير ، والضياء ـ في مسـند أحمد : « عفّان ، ثنا أبو عوانة ، عن عثمان ابن المغيرة ، عن أبي صادق ، عن ربيعة بن ناجذ ، عن عليٍّ رضي الله عنه ، قال : جمع رسـول الله ـ أو : دعا رسول الله ـ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم بني عبـد المطّلب . . . »[25].


وقد أخرج الحافظ الهيثمي الرواية الأُولى ، ثمّ قال : « رواه أحمد ، ورجاله ثقات »[26].


وأخرج النَسائي أيضاً الرواية الأخيرة ـ بسـند أحمد بن حنبل نفسـه ـ في خصائص سـيّدنا أمير المؤمنين عليه السلام[27]، وأهل العلم يعلمون بأنّ هذا الكتاب جزء من سنن النَسائي . . ولا يخفى عليهم أيضاً صحّة السند المذكور .


وأخرجه الهيثمي : « عن عليٍّ ، قال : لمّا نزلت ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) ، قال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم : يا عليّ! اصنع رجل شاةٍ بصاعٍ من طعام واجمع لي بني هاشم . . . فأكلوا وشربوا ، فبدرهم رسول الله فقال : أيّكم يقضي عنّي ديني ؟ قال : فسكت وسكت القوم . فأعاد رسول الله المنطق . فقلت : أنا يا رسول الله . فقال : أنت يا عليّ ، أنت يا عليّ .


رواه البزّار ـ واللفظ لـه ـ وأحمد باختصار ، والطبرانـي باختصارٍ أيضاً ، ورجال أحمد وأحد إسنادي البزّار رجال الصحيح غير شريك وهو ثقـة »[28].


أقـول :


فهذه نصوص الحديث ، وهؤلاء رواته . .


أمّا من حيث السند ، فقد رأيت كيف ينصّون على صـحّته . .


وأمّا من حيث الدلالة ، فكلُّ لفظٍ من ألفاظه دليل على إمامة عليٍّ عليه السلام بعد رسـول الله ، وهو بمجموع ألفاظه من أقوى النصوص سنداً ودلالةً على ذلك .


ويضاف إلى جهة السند :


1 ـ الحديث من روايات تفسير الطبري ، وابن أبي حاتم الرازي ، والبغوي ، وقد احتجَّ ابن تيميّة في منهاج السُـنّة بهذه الكتب[29]، ووصف الطبري وابن أبي حاتم ـ في جماعةٍ من المفسّـرين ـ بأنّهم : « لم يذكروا الموضوعات »[30]، وبأنّهم : « الّذين لهم في الإسلام لسان صدق ، وتفاسيرهم متضمّنة للمنقولات التي يعتمد عليها في التفسـير »[31].


2 ـ الحديث من روايات كتاب المختارة للضياء المقدسي ، وهو ممّن التزم بالصحّة ، بل قال الحافظ ابن حجر ـ لإثبات صحّة أحد الأحاديث ـ : « قلت : وأخرجه الضياء في المختارة من المعجم الكبير للطبراني . . . (قال : ) وابن تيميّة يصرّح بأنّ أحاديث المختارة أصـحّ وأقوى من أحاديث المسـتدرك »[32].


3 ـ الحديث من جملة الفضائل العشر المختصّة بأمير المؤمنين عليه السلام ، في الصحيح عن ابن عبّـاس ، وسيأتي الكلام حوله بالتفصيل .


* الجهة الثانية : في النظر في كلام ابن تيميّة .


والآن فلننظر في كلام ابن تيميّة حول هذا الحديث ، وهذا نصّـه :


« هذا الحديث ليس في شيء من كتب المسلمين التي يستفيدون منها علم النقل ، لا في الصحاح ولا في المسانيد والسُـنن والمغازي والتفسير التي يذكر فيها الإسناد الذي يُحتجّ به ، وإذا كان في بعض كتب التفسير التي ينقل منها الصحيح والضعيف ، مثل تفسير الثعلبي والواحدي والبغوي بل وابن جرير وابن أبي حاتم ، لم يكن مجرّد رواية واحدٍ من هؤلاء دليلاً على صـحّته . . .


( قال : ) إنّ هذا الحديث كذب عند أهل المعرفة بالحديث ، فما من عالمٍ يعرف الحديث إلاّ وهو يعلم أنّه كذب موضوع ، ولهذا لم يرْوه أحد منهم في الكتب التي يرجع إليها في المنقولات ، لأنّ أدنى من له معرفة بالحديث يعلم أنّ هذا كذب . . .


( قال : ) وقد رواه ابن جرير والبغوي بإسنادٍ فيه عبـد الغفّار بن القاسم ابن فهد أبو مريم الكوفي ، وهو مجمع على تركه . . . ورواه ابن أبي حاتم ، وفي إسناده عبـد الله بن عبـد القدّوس ، وهو ليس بثقة . . .


( قال : ) إن بني عبـد المطّلب لم يبلغوا أربعين رجلاً حين نزلت هذه الآية . . .


( قال : ) ليس بنو هاشـم معروفـين بمـثل هـذه الكثـرة فـي الأكـل ، ولا عرف فيهم من كان يأكل جذعةً ، ولا يشرب فرقاً . . .



( قال : ) إنّ الذي في الصحاح من نزول هذه الآية غير هذا . . . »[33].


أقـول :


أوّلاً : إنّ هذا الحديث موجود في سُـنن النَسائي[34]، ومسند أحمد ، ومسند البزّار، وفي المعجم الأوسط للطبراني ، والمختارة للضياء ، وغيرها من كتب الحديث . . كما عرفت .


ورواه ابن إسحاق صاحب المغازي . .


وهو في كثير من التفاسير المعتمدة .


وعرفت أنّ عدّةً من أسانيده صحيحة ، باعتراف الحافظ الهيثمي ، الذي هو عندهم من نقّاد الحديث ، وأنّ جمعاً من أكابرهم يقولون بصحّته . . وأنّ البيهقي وأبا نعيم الأصبهاني يجعلان القضية من دلائل النبوّة .


فكلام ابن تيميّة يشتمل على أكاذيب لا كذبة واحدة .


وثانياً : قد عرفت أنّ غير واحدٍ من أسانـيده الصحيحة ليس فيه « عبـد الغفّار بن القاسم » ولا « عبـد الله بن عبـد القدّوس » .


وثالثاً : إنّ « عبـد الغفّار بن القاسم » ليس بمجمعٍ على تركه ، بل هو مختلف فيه . .


قال الحافظ ابن حجر : « قال أبو حاتم : ليس بمتروكٍ ، وكان من رؤساء الشـيعة »[35].


ونقلوا عن شعبة بن الحجّاج أنّه كان يروي عنه ، ويثني عليه ، ويقول : لم أرَ أحفظ مـنه[36].


وعن ابن عـقدة أنّه كان يثني عليه ويطريه ؛ قال ابن عدي : وتجاوز الحدّ في مدحـه حتّى قال : لو ظهر علم أبي مريم لَما احتاج الناس إلى شعبة . قال ابن عدي : وإنّما مال إليه ابن عقدة هذا الميل لإفراطه في التشـيّع[37].


قلت : وإنّما تكلّم من تكلّم في أبي مريم ، لأنّه كان يحدّث ببلايا عثمان وعائشة[38].


وقد بحثنا سابقاً عن هذا الموضوع بالتفصيل ، وذكرنا أنّ في رجال الصحاح من يتكلّم في الشيخين فضلاً عن عثمان ، وأنّ التشـيّع أو الرفض غير مضـرٍّ بالوثاقة . . . فلا نعيد .


ورابعاً : إنّ « عبـد الله بن عبـد القدّوس » من رجال البخاري في التعاليق ، ومن رجال الترمذي ، وأخرج له أبو داوُد ، وذكره ابن حبّان في الثقات . .


وقال البخاري : هو في الأصل صـدوق إلاّ أنّه يروي عن أقوامٍ ضعاف ، وقال يحيى بن المغيرة : أمرني جرير أنْ أكتب عنه حديثاً ، وقال ابن عدي : عامّة ما يرويه في فضائل أهل البيت[39].


وهذا هو الذنب الوحيد!! ولذا قال الحافظ في التقريب : « صدوق رمي بالرفض »[40].














[35]. تعجيل المنفعة : 297 .


[10]. راجع : الحديث 6045 من أحاديث الكنز في ص 396 من جزئه السادس تجد هناك تصحيح ابن جرير لهذا الحديث ، وإذا راجعت من منتخب الكنز ما هو في أوائل هامش ص 43 من الجزء 5 من مسـند أحمد تجد تصحيح ابن جرير لهذا الحديث أيضاً .
أمّا أبو جعفر الإسكافي فقد حكم بصـحّته جزماً في كتابه نقض العثمانية ، فراجع ما هو موجود في ص 263 من المجلّد 3 من شرح نهج البلاغة للحديدي ، طبع مصر .


[12]. احتجّ به مسلم في صـحيحه ، كما أوضحناه عند ذكره في المراجعة 16 .


[16]. في ص 25 .


[18]. سورة الشعراء 26 : 214 .


[17]. سورة النجم 53 : 23 .


[3]. المواقف في علم الكلام : 400 .


[22]. كنز العمّال 13|149 .


[25]. مسـند أحمد 1|159 .


[19]. كنز العمّال 13|128 ـ 129 ، و « حم » : رمز أحمد في المسـند ، و « الضياء » : هو المقدسي صاحب كتاب المختارة .


[24]. مسند أحمد 1|111 .


[40]. تقريب التهذيب 1|430 .


صـحيحه ، وأحمد في مسـنده ، وعبـد الله بن أحمد في زيادات المسـند ، والهيثـمي في مجمع الزوائـد ، وابن قتـيبة في عيون الأخبار ، وأحمد بن عبـد ربّه في العقد الفريد ، وعمرو بن بحر الجاحظ في رسالته عن بني هاشم ، والإمام أبي إسحاق الثعلبي في تفسـيره . .
قلت : ونقل هذا الحديث جرجس الانگليزي في كتابه الموسوم مقالة في الإسلام ، وقد ترجمه إلى العربية ذلك الملحد البروتستانتي الذي سمى نفسه بهاشم العربي ، والحديث تجده في صفحة 79 من ترجمة المقالة في الطبعة السادسة .


ولشهرة هذا الحديث ذكره عدة من الإفرنج في كتبهم الفرنسية والانگليزية والألمانية ، واختصره توماس كارليل في كتابه الأبطال .


ومن تتبع كنز العمّال وجد هذا الحديث في أماكن أُخر شتى ، وإذا راجعت ص 255 من المجلد الثالث من شرح النهج للإمام المعتزلي الحديدي ، أو أواخر شرح الخطبة القاصعة منه ، تجد هذا الحديث بطوله .


[39]. تهذيب التهذيب 5|265 .


[34]. السُـنن الكبرى 6|248 .


[29]. انظر احتجاجه بـتفسير البغوي في : منهاج السُـنّة 1|457 .


[30]. منهاج السُنّة 7|13 .


[31]. منهاج السُـنّة 7|178 ـ 179 .


[6]. ص 116 .


[15]. هو عباد بن عبـد الله بن الزبـير بن العوّام القرشي الأسدي ، احتجّ به البخاري ومسلم في صحيحيهما ، سمع أسماء وعائشة بنتي أبي بكر ، وروى عنه في الصحيحين ابن أبي مليكة ، ومحمّـد بن جعفر بن الزبير ، وهشام بن عروة .


[33]. منهاج السُـنّة 7|299 ـ 307 .


[4]. ص 217 ، بطرق مختلفة .


[9]. راجع منه : الحديث 6008 في ص 392 تجده منقولاً عن ابن جرير . . والحديث 6045 في ص 396 تجده منقولاً عن أحمد في مسنده ، والضياء المقدسي في المختارة ، والطحاوي ، وابن جرير وصـحّحه . . والحديث 6056 في ص 397 تجده منقولاً عن ابن إسحاق ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، وأبي نعيم ، والبيهقي في شعب الإيمان وفي الدلائل . . والحديث 6102 ص 401 تجده منقولاً عن ابن مردويه . . والحديث 6155 في ص 408 تجده منقولاً عن أحمد في مسنده ، وابن جرير ، والضياء في المختارة . .


[27]. خصائص أمير المؤمنين عليّ : 133 ح 66 .


[37]. الكامل ـ لابن عدي ـ 7|18 .


[21]. كنز العمّال 13|131 ـ 133 .


[26]. مجمع الزوائد 8|302 .


[28]. مجمع الزوائد 8|302 .


[5]. ص 22 .


[32]. فتح الباري في شرح صحيح البخاري 7|217 .


[1]. منهاج السُـنّة 6|475 .


[7]. كما في ص 263 من المجلّد 3 من شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، طبع مصر . أمّا كتاب نقض العثمانية ، فإنّه ممّا لا نظير له ، فحقيق بكلّ بحّاث عن الحقائق أن يراجعه ، وهو موجود في ص 257 وما بعدها إلى ص 281 من المجّلد 3 من شـرح النهج ، في شرح آخر الخطبة القاصعة .


[14]. احتجّ به البخاري ، كما أوضحناه عند ذكره في المراجعة 16 .


[20]. وفي تفسير البغوي ـ الملتزم فيه بالصحّة ـ توجد هنا إضافة : « ويكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم » .


[2]. انظـر من كتب أصحابـنا : مناهج اليقين في أُصول الدين : 289 ، النافع يوم الحشر : 44 ، شوارق الإلهام في شرح تجريد الكلام ، وغيرها . .
ومن كتب الجمهور : شـرح المواقف ، شرح المقاصـد ؛ في أوّل مباحث الإمامة .


[11]. احتجّ به البخاري ومسلم في صـحيحيهما ، وقـد سمع شـعبة عندهما ، وسمع عبـد العزيز بن أبي سلمة عند البخاري ، وسمع عند مسلم زهير بن معاوية ، وحمّاد ابن سلمة ، روى عنه في صحيح البخاري محمّـد بن حاتم بن بزيع ، وروى عنه في صحيح مسلم هارون بن عبـد الله ، والناقد ، وابن أبي شيبة ، وزهير .


[38]. تعجيل المنفعة : 297 .


[36]. تعجيل المنفعة : 297 .


[8]. راجع الصفحة الرابعة من ذلك الباب ، أو ص 381 من الجزء الأوّل من السيرة الحلبية ، ولا قسط لمجازفة ابن تيميّة وتحكّماته التي أوحتها إليه عصبيّته المشهورة .
وهذا الحديث أورده الكاتب الاجتماعي المصري محمّـد حسين هيكل ، فراجع العمود الثاني من الصفحة الخامسة من ملحق عدد 2751 من جريدته (السياسة) الصادر في 12 ذي القعـدة سنة 1350 ، تجده مفصّلاً ، وإذا راجعت العمود الرابع من صفحة 6 من ملحق عدد 2785 من (السياسة) تجـده ينقل هذا الحديـث عن كلّ من : مسلم في


[23]. كنز العمّال 13|175 .


[13]. احتجّ به البخاري ومسلم في صـحيحيهما ، كما بيّـنّاه عند ذكره في المراجعة 16 .

/ 1