تشـييد المـراجَعـات وتفنيد المكابَـرات (22)
السـيّد عليّ الحسـيني الميلاني
المراجـعة (40) ـ (46)
آيـة الولايـة
قال السـيّد ـ رحمه الله ـ :
« نعم أتلوها عليك آية محكمة من آيات الله عزّ وجلّ في فرقانه العظيم ، ألا وهي قوله تعالى في سورة المائدة : (إنما وليّكم الله ورسوله والّذين آمنوا الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون * ومن يتوّل[1] الله ورسوله والّذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون)[2]. .
حيث لا ريب في نزولها في عليّ حين تصدّق راكعاً في الصلاة بخاتـمه ، والصـحاح ـ في نزولها بعليّ إذ تصـدّق بخاتمه وهو راكع في الصلاة ـ متواترة عن أئمّة العترة الطاهرة .
وحسبك ممّا جاء نصّاً في هذا من طريق غيرهم حديث ابن سلام مرفوعاً إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فراجعه في صحيح النسائي أو في تفسير سورة المائدة من كتاب الجمع بين الصحاح السـتّة . .
ومثله حديث ابن عبّـاس وحديث عليّ ، مرفوعين أيضاً . فراجع حديث ابن عبّـاس في تفسير هذه الآية من كتاب أسباب النزول للإمام الواحدي ، وقد أخرجه الخطيب في المتّفق[3]. وراجع حديث عليّ في مسندي ابن مردويه وأبي الشيخ . وإن شئت فراجعه في كنز العمّال[4].
على أنّ نزولها في عليّ ممّا أجمع المفسّرون عليه ، وقد نقل إجماعهم هذا غير واحد من أعلام أهل السُـنّة كالإمام القوشجي في مبحث الإمامة من شرح التجريد .
وفي الباب 18 من غاية المرام 24 حديثاً من طريق الجمهور في نزولها بما قلناه ، ولولا مراعاة الاختصار ، وكون المسألة كالشمس في رائعة النهار ، لاستوفينا ما جاء فيها من صحيح الأخبار ، لكنّها ـ والحمد لله ـ ممّا لا ريب فيه ، ومع ذلك فإنّا لا ندع مراجعتنا خالية ممّا جاء فيها من حديث الجمهور ، مقتصرين على ما في تفسير الإمام أبي إسحاق أحمد بن محمّـد ابن إبراهيم النيسابوري الثعلبي[5]. .
فنقول : أخرج عند بلوغه هذه الآية في تفسيره الكبير بالإسناد إلى أبي ذرّ الغفاري ، قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، بهاتين وإلاّ صمّتا ، ورأيته بهاتين وإلاّ عميتا ، يقول : عليّ قائد البررة ، وقاتل الكفرة ، منصور من نصره ، مخذول من خذله ، أما إنّي صلّيت مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ذات يوم ، فسأله سائل في المسجد ، فلم يعطه أحد شيئاً ، وكان عليّ راكعاً فأومأ بخنصره إليه وكان يتختّم بها ، فأقبل السائل حتّى أخذ الخاتم من خنصره ، فتضرّع النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى الله عزّ وجلّ يدعوه ، فقال : اللّهمّ إنّ أخي موسى سألك : (قال رب اشرح لي صدري * ويسّر لي أمري * واحْلُل عقدة من لساني * يفقهوا قولي * واجعل لي وزيراً من أهلي * هارون أخي * اشْدُد به أزري * وأشركه في أمري * كي نسبّحك كثيراً * ونذكرك كثيراً * إنّك كنت بنا بصيراً)[6] فأوحيت إليه : (قد أُوتيت سؤلك يا موسى)[7] اللّهمّ وإنّي عبـدك ونبيّك ، فاشرح لي صدري ، ويسّر لي أمري ، واجعل لي وزيراً من أهلي عليّاً اشدد به ظهري . .
قال أبو ذرّ : فوالله ما استتمّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم الكلمة حتّى هبط عليه الأمين جبرائيل بهذه الآية : (إنّما وليّكم الله ورسوله والّذين آمنوا الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون * ومن يتولّ الله ورسوله والّذين آمنوا فإنّ حزب الله هم الغالبون) . انتهى .
وأنت ـ نصر الله بك الحقّ ـ تعلم أنّ الوليّ هنا إنّما هو الأوْلى بالتصرّف كما في قولنا : فلان وليّ القاصر ، وقد صرّح اللغويون[8] بأنّ كلّ من ولي أمر واحد فهو وليّه؛ فيكون المعنى : إنّ الذي يلي أُموركم فيكون أوْلى بها منكم ، إنّما هو الله عزّ وجلّ ورسوله وعليّ ، لأنّه هو الذي اجتمعت به هذه الصفات : الإيمان ، وإقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة في حال الركوع ، ونزلت فيه الآية ، وقد أثبت الله فيها الولاية لنفسه تعالى ولنبيّه ولوليّه على نسق واحد ، وولاية الله عزّ وجلّ عامّة ، فولاية النبيّ والوليّ مثلها وعلى أُسلوبها ، ولا يجوز أن يكون هنا بمعنى النصير أو المحبّ أو نحوهما؛ إذ لا يبقى لهذا الحصر وجه ، كما لا يخفى . وأظنّ أنّ هذا ملحق بالواضحات . والحمد لله ربّ العالمين .
لفظ ( الّذين آمنوا ) للجمع فكيف أُطلق على الفرد ؟
والجواب : إنّ العرب يعبّرون عن المفرد بلفظ الجمع لنكتة تستوجب ذلك .
والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة آل عمران : ( الّذين قال لهم الناس إنّ الناس قد جمعوا لكم فاخْشَوْهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل )[9]. .
وإنّما كان القائل نعيم بن مسعود الأشجعي وحده ، بإجماع المفسّرين والمحدّثين وأهل الأخبار .
فأطلق الله سبحانه عليه وهو مفرد لفظ : « الناس » ، وهي للجماعة ؛ تعظيماً لشأن الّذين لم يصغوا إلى قوله ، ولم يعبأوا بإرجافه .
وكان أبو سفيان أعطاه عشراً من الإبل على أن يثبّط المسلمين ويخوّفهم من المشركين ، ففعل ، وكان ممّا قال لهم يومئذ : (إنّ الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم)[10] ، فكره أكثر المسلمين الخروج بسبب إرجافه ، لكنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم خرج في سبعين فارساً ، ورجعوا سالمين ، فنزلت الآية ثناءً على السبعين الّذين خرجوا معه صلّى الله عليه وآله وسلّم ، غير مبالين بإرجاف من أرجف .
وفي إطلاق لفظ الناس هنا على المفرد نكتة شريفة؛ لأنّ الثناء على السبعين الّذين خرجوا مع النبيّ يكون بسببها أبلغ ممّا لو قال : الّذين قال لهم رجل : إنّ الناس قد جمعوا لكم ، كما لا يخفى .
ولهذه الآية نظائر في الكتاب والسُـنّة وكلام العرب؛ قال الله تعالى : ( يا أيّها الّذين آمنوا اذكروا نعمتَ الله عليكم إذ همّ قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكفّ أيديهم عنكم )[11]. .
وإنّما كان الذي بسط يده إليهم رجل واحد من بني محارب يقال له : غورث ، وقيل : إنّما هو عمرو بن جحاش ، من بني النضير ، استلّ السيف فهزّه وهمّ أن يضرب به رسول الله ، فمنعه الله عزّ وجلّ عن ذلك ، في قضية أخرجها المحدّثون وأهل الأخبار والمفسّرون ، وأوردها ابن هشام في غزوة ذات الرقاع من الجزء 3 من سيرته .
وقد أطلق الله سبحانه على ذلك الرجل ، وهو مفرد لفظ : « قوم »، وهي للجماعة ؛ تعظيماً لنعمة الله عزّ وجلّ عليهم في سلامة نبيّهم صلّى الله عليه وآله وسلّم .
وأطلق في آية المباهلة لفظ : « الأبناء » و « النساء » و « الأنفس » ـ وهي حقيقة في العموم ـ على الحسنين وفاطمة وعليّ بالخصوص ، إجماعاً وقولاً واحداً؛ تعظيماً لشأنهم عليهم السلام . .
ونظائر ذلك لا تحصى ولا تستقصى .
وهذا من الأدلّة على جواز إطلاق لفظ الجماعة على المفرد إذا اقتضته نكتة بيانية .
وقد ذكر الإمام الطبرسي في تفسير الآية من مجمع البيان : إنّ النكتة في إطلاق لفظ الجمع على أمير المؤمنين تفخيمه وتعظيمه ، وذلك أنّ أهل اللغة يعبّرون بلفظ الجمع عن الواحد على سبيل التعظيم . . . (قال : ) وذلك أشهر في كلامهم من أن يحتاج إلى الاستدلال عليه .
وذكر الزمخشري في كشّافه نكتة أُخرى حيث قال : فإن قلت : كيف صحّ أن يكون لعليّ رضي الله عنه واللفظ لفظ جماعة ؟
قلت : جيء به على لفظ الجمع ، وإن كان السبب فيه رجلاً واحداً؛ ليرغب الناس في مثل فعله ، فينالوا مثل نواله ، ولينبّه على أنّ سجيّة المؤمنين يجب أن تكون على هذه الغاية من الحرص على البرّ والإحسان وتفقّد الفقراء ، حتّى إن لزمهم أمر لا يقبل التأخير ، وهم في الصلاة ، لم يؤخّروه إلى الفراغ منها .
قلت : عندي في ذلك نكتة ألطف وأدقّ ، وهي : أنّه إنّما أتى بعبارة الجمع دون عبارة المفرد بقياً منه تعالى على كثير من الناس ، فإنّ شانئي عليّ وأعداء بني هاشم وسائر المنافقين وأهل الحسد والتنافس لا يطيقون أن يسـمعوها بصـيغة المفـرد؛ إذ لا يـبقى لهم حـينئذ مطمع في تمويـه ، ولا ملتمس في التضليل ، فيكون منهم ـ بسبب يأسهم ـ حينئذ ما تُخشى عواقبه على الإسلام ، فجاءت الآية بصيغة الجمع مع كونها للمفرد اتّقاءً من معرّتهم ، ثمّ كانت النصوص بعدها تترى بعبارات مختلفة ومقامات متعدّدة ، وبثّ فيهم أمر الولاية تدريجاً تدريجاً حتّى أكمل الله الدين وأتمّ النعمة ، جرياً منه صلّى الله عليه وآله وسلّم على عادة الحكماء في تبليغ الناس مايشـقّ عليهم ، ولو كانت الآية بالعبارة المختصّة بالمفرد ، لـ( جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصّروا واستكبروا استكباراً )[12].
وهذه الحكمة مطردة في كلّ ما جاء في القرآن الحكيم من آيات فضل أمير المؤمنين وأهل بيته الطاهرين ، كما لا يخفى .
وقد أوضحنا هذه الجمل وأقمنا عليها الشواهد القاطعة والبراهين الساطعة في كتابينا : سبيل المؤمنين وتنزيل الآيات .
والحمد لله على الهداية والتوفيق .
السياق دالّ على إرادة المحبّ ؟ !
إنّ الآية بحكم المشاهدة مفصولة عمّا قبلها من الآيات الناهية عن اتّخاذ الكفّار أولياء ، خارجة عن نظمها ، إلى سياق الثناء على أمير المؤمنين وترشيحه ـ للزعامة والإمامة ـ بتهديد المرتدّين ببأسه ، ووعيدهم بسطوته؛ وذلك لأنّ الآية التي قبلها بلا فصل إنّما هي قوله تعالى : ( يا أيها الّذين آمنوا من يرتدّ منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبّهم ويحبّونه أذلّة على المؤمنين أعزّة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم )[13]. .
وهذه الآية مختصّة بأمير المؤمنين ، ومنذرة ببأسه[14] وبأس أصحابه ، كما نصّ عليه أمـير المؤمنين يوم الجـمل ، وصـرّح به الباقر والصادق ، وذكره الثعلبي في تفسيره ، ورواه صاحب مجمع البيان عن عمّار ، وحذيفة ، وابن عبّـاس ، وعليه إجماع الشيعة . .
وقد رووا فيه صحاحاً متواترة عن أئمّة العترة الطاهرة؛ فتكون آية الولاية على هذا واردة بعد الإيماء إلى ولايته والإشارة إلى وجوب إمامته ، ويكون النصّ فيها توضيحاً لتلك الإشارة ، وشرحاً لما سبق من الإيماء إليه بالإمارة . .
فكيف يقال بعد هذا : إنّ الآية واردة في سياق النهي عن اتّخاذ الكفّار أولياء ؟ !
على أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم جعل أئمّة عترته بمنزلة القرآن ، وأخبر أنّهما لا يفترقان ، فهم عدل الكتاب ، وبهم يعرف الصواب ، وقـد تواتـر احتجاجـهم بالآيـة ، وثبت عنهم تفسـير الوالي فيها بما قلناه ، فلا وزن للسياق ، لو سلّم؛ كونه معارضاً لنصوصهم[15]. .
فإنّ المسلمين كافّة متّفقون على ترجيح الأدلّة على السياق ، فإذا حصل التعارض بين السياق والدليل ، تركوا مدلول السياق واستسلموا لحكم الدليل ، والسرّ في ذلك عدم الوثوق حينئذ بنزول الآية في ذلك السياق؛ إذ لم يكن ترتيب الكتاب العزيز في الجمع موافقاً لترتيبه في النزول بإجماع الأُمّة ، وفي التنزيل كثير من الآيات الواردة على خلاف مايعطيه سياقها ، كآية التطهير المنتظمة في سياق النساء مع ثبوت النصّ على اختصاصها بالخمسة أهل الكساء .
وبالجملة ، فإنّ حمل الآية على ما يخالف سياقها غير مخلّ بالإعجاز ، ولا مضرّ بالبلاغة ، فلا جناح بالمصير إليه؛ إذا قامت قواطع الأدلّة عليه .
اللواذ إلى التأويل حملاً للسلف على الصحّة ! !
إنّ خلافة الخلفاء الثلاثة رضي الله عنهم ، هي موضع البحث ومحلّ الكلام ، فمعارضة الأدلّة بها مصادرة .
على أنّ حملهم وحمل من بايعهم على الصحّة ، لا يستلزم تأويل الأدلّة ، فإنّ لكم في معذرتهم مندوحة عن التأويل ، كما سنوضّحه إذا اقتضى الأمر ذلك .
وهيهات التأويل في ما تلوناه عليك من النصوص ، وفي ما لم نتله ، كنصّ الغدير ونصوص الوصية ، ولا سيّما بعد تأييدها بالسُـنن المتضافرة المتناصرة ، التي لا تقصر بنفسها عن النصوص الصريحة ، ومن وقف عليها بإنصاف ، وجدها بمجرّدها أدلّة على الحقّ قاطعة ، وبراهين ساطعة . والسلام » .
أقـول :
قال شيخ الطائفة : « وأمّا النصّ على إمامته من القرآن ، فأقوى ما يدلّ عليها قوله تعالى : (إنّما وليّكم الله ورسوله والّذين آمنوا الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)[16]. .
ووجه الدلالة من الآية هو : إنّه ثبت أنّ المراد بلفظة : (وليّكم) المذكورة في الآية : مَن كان متحقّقاً بتدبيركم والقيام بأُموركم وتجب طاعته عليكم . .
وثبت أنّ المعنيّ بـ : (الّذين آمنوا) : أمير المؤمنين عليه السلام؛ وفي ثبوت هذين الوصفين دلالة على كونه عليه السلام إماماً لنا »[17].
لكنّ « ثبوت هذين الوصفين » لا يتمّ عند الخصم إلاّ بما يراه حجّةً؛ ولذا فإنّا نثبت له الوصفين من الأخبار الواردة في كتبه ، ومن أقوال مشاهير علماء طائفته ، فإن لم يقبل فهو متعصّب معاند ! !
نزول الآية في عليّ عليه السلام :
أمّا أنّ المعنيّ بـ : ( الّذين آمنوا ) هو : أمير المؤمنين عليه السلام؛ فقد رواه القوم بأسانيدهم عن : أمير المؤمنين عليه السلام ، وعن : المقداد ، وعمّار ، وابن عبّـاس ، وأبي ذرّ ، وجابر ، وأبي رافع ، وأنس ، وعبـد الله بن سلاّم ، وحسّان بن ثابت ، من الصحابة . .
وعن : محمّـد بن الحنفية ، وابن جريج ، وسعيد ، وعطاء ، ومجاهد ، والسدّي ، والضحّاك ، ومقاتل ، من التابعين .
ومن أشهر رواته من الأئمّة والحفّاظ :
الأعمش ، معمر بن راشد ، الثوري ، الواقدي ، عبـد الرزّاق ، أبو نعيم ، عبـد بن حـميد ، البلاذري ، المطـيَّن ، النسائـي ، ابن جـرير الطبري ، ابن أبـي حاتـم ، الطبرانـي ، أبـو الشـيخ ، الجـصّاص ، ابن شاهـين ، الحاكم ، ابن مردويه ، الثعلبي ، أبو نعيم الأصفهاني ، الماوردي ، الخطيب ، الواحدي ، ابن المغازلي ، البغوي ، ابن عساكر ، ابن الجوزي ، الفخر الرازي ، ابن الأثير ، البيضاوي ، النسفي ، الخازن ، أبو حيّان ، القاضي العضـدي ، النيسابـوري ، التفتازانـي ، ابن حـجر العسقلاني ، السيوطـي ، ابن حجر المكّي ، الشوكاني ، والآلوسي . . .
وهؤلاء كبار العلماء في الحديث والتفسير والكلام .
ومن أشهر الكتب التي روي فيها الخبر :
تفسير ابن أبي حاتم 4|1162 ، تفسير الطبري 6|186 ، المعجم الأوسط 7|129 ، جامع الأُصول 9|478 ، تاريخ دمشق 42|356 ـ 357 ، تفسير العزّ الدمشقي 1|393 ، تفسير ابن كثير 2|64 ، الكاف الشاف ـ مع الكشّاف ـ 1|649 ، الدرّ المنثور 3|105 ، أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ 2|625 ـ 626 ، تفسير القرطبي 6|221 . .
فهم يروون نزول الآية المباركة في عليّ أمير المؤمنين عليه السلام عندما تصدّق على السائل أثناء الصلاة وفي حال الركوع .
من أسانيده الصحيحة :
وكثير من أسانيد رواية هذا الخبر صحيح بلا ريب ، من ذلك : ما رواه ابن أبي حاتم في تفسيره : « حدّثنا الربيع بن سليمان المرادي ، ثنا أيوب بن سويد ، عن عتبة بن أبي حكيم » . .
و : « حدّثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا الفضل بن دكين أبو نعيم الأحول ، ثنا موسى بن قيس الحضرمي ، عن سلمة بن كهيل » .
فإنّ رجال كلا الإسنادين ثقات ومن رجال الصحاح السـتّة .
ورواية ابن جرير الطبري في تفسيره .
ورواية الحاكم النيسابوري في المستدرك .
ورواية ابن عساكر : عن الحدّاد ، عن أبي نعيم الأصفهاني ، عن الطبراني ، عن عبـد الرحمن بن سلّم الرازي ، عن محمّـد بن يحيى بن الضريس ، عن عيسى بن عبـد الله . .
فإنّ هؤلاء كلّهم ثقات بلا كلام .
وابن كثير أورد عدّة روايات، وتكلّم في بعضها، وسكت عن آخر، وقال بعد واحد منها : « هذا إسناد لا يقدح به »[18]. .
بل إنّ نزول الآية المباركة في أمير المؤمنين عليه السلام ممّا أجمع عليه المفسّرون ، كما اعترف بذلك أئمّة علم الكلام في كتبهم ، كالقاضي العضد في مواقفه ، والشريف الجرجاني في شرحه[19]، والتفتازاني في شرح المقاصد [20]، والقوشجي في حاشية التجريد[21].
وعليه أغلب المحدّثين ، كما قال الآلوسي[22].
الحكم على ابن تيمية ! !
إذاً ، فقد ثبت نزول الآية في أمير المؤمنين عليه السلام ، ولا يناقش أحد في هذه الجهة إلاّ إذا كان جاهلاً أو كان مغرضاً عنيداً .
فما رأيك ـ حينئذٍ ـ بابن تيمية القائل : « وقد وضع بعض الكذّابين حديثاً مفترى : إنّ هذه الآية نزلت في عليّ لمّا تصدّق بخاتمه في الصلاة . وهذا كذب بإجماع أهل العلم بالنقل »[23]. .
و : « أجمع أهل العلم بالنقل على أنّها لم تنزل في عليّ بخصوصه ، وإنّ عليّاً لم يتصدّق بخاتمه في الصلاة ، وأجمع أهل العلم بالحديث على أنّ القصّة المروية في ذلك من الكذب الموضوع »[24]. .
و : « جمهور الأُمّة لم تسمع هذ الخبر »[25].
فاحكم عليه بما يقتضيه الدين والعلم والعدل ! !
وأمّا أتباع ابن تيمية فلا يسوون عندنا فلساً ، لكونهم جهّالاً لايملكون إلاّ التقليد الأعمى له والتعصّب للهوى؛ وإن كنت في ريب فانظر إلى كلامهم هنا :
قـيل :
« إنّا نجزم أنّ هذه الأحاديث لا يصحّ منها شيء ولم يثبت منها حديث تقوم به الحجّة . . أمّا مجرّد عزوها إلى تفسير الثعلبي أو أسباب النزول للواحدي فليس ذلك بحجّة باتّفاق أهل العلم ، لأنّ أهل السُـنّة لايثبتون بهذه المراجع شيئاً يريدون إثباته مهما كان هذا الشيء؛ لأنّها جمعت بين الصحيح والضعيف والموضوع ، وإنّ المفسّرين لم يتفقّوا على أنّ الآية نزلت في عليّ بن أبي طالب ، بل اختلفوا ».
أقـول :
قد عرفت أنّ غير واحدٍ من أسانيد الحديث صحيح ، وأنّ الإحالة لم تكن إلى مجرّد تفسير الثعلبي و أسباب النزول للواحدي و كنز العمّال . .
ونحن أيضاً نرى أنّ هذه الكتب تجمع بين الصحيح والضعيف والموضوع ، وكذلك الكتب الأُخرى ، وحتّى الموسومة بالصحاح ، لكنّ الاستدلال في هذا المقام إنّما هو بما صـحَّ ، سواء كان في الكتب المذكورة أو غيرها .
على أنّه قد تقدّم عن الآلوسي : إنّ عليه أغلب المحّدثين ، وما كان عليه أغلب محدّثي السُـنّة ، وكافّة الإماميّة أيضاً فلا شكّ في صدقه وثبوته .
وأمّا اجماع المفسّرين ، فقد عرفت أنّه اعتراف جملةٍ من أكابر القوم ، فإن كانوا كاذبين عليهم فما ذنبنا ؟ !
وعلى الجملة ، فقد تبيّن أنْ ليس عند أتباع ابن تيمية إلاّ التقليد ، ولم نرَ منهم إلاّ تكرار أباطيله من غير تحقيق أو تدبّر .
ونكتفي بهذا في بيان نزول الآية في أمير المؤمنين على ضوء روايات القوم وكلمات علمائهم ، وهذا هو المهمُّ في الاستدلال؛ لأنّ دلالة الآية على مطلوب أهل الحقّ واضحة تماماً .
دلالة الآية على إمامة عليّ عليه السلام :
وما ذكره السـيّد ـ رحمه الله ـ في وجه الاستدلال كافٍ . . . وقد سبقه إلى ذلك سائر علماء الطائفة[26] .
وما ذكره القوم ـ كالرازي والإيجي والتفتازاني ـ في الاعتراض عليه فالأصل فيه هو : عبـد الجبّار المعتزلي في كتابه المغني ، فهم عيال على المعتزلة ، وقد أجاب عنه السـيّد المرتضى في كتابه الشافي .
فإنّ الآية المباركة أثبتت لعليّ عليه السلام ما ثبت لله ولرسوله من الولاية العامّـة؛ إذْ نزلت فـي قضـية تصـدّقه في حال الركوع ، كما أثبت النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم له عليه السلام يوم غدير خمّ ما ثبت له صلّى الله عليه وآله وسلّم بقوله تعالى : (النبيّ أوْلى بالمؤمنين من أنفسهم . . . )[27].
وعلى الجملة ، فلا وجـه للإشكال في دلالة الآية على « الأوْلوية » ولا في دلالتها على « عموم الولاية » . . . كما لم يكن وجه لإنكار نزولها في تلك القضية؛ لثبوته بالأخبار الصحيحة عند الفريقين ، حتّى أنّ بعض فقهاء السُـنّة كالجصّاص وغيره استنبط منها حكماً شرعيّاً[28]، وحتّى أنّ حسّان بن ثابت الأنصاري قال فيها شعراً[29].
ويبقى الإشكال من بعض الجهات الأُخرى :
1 ـ لفظ : (الّذين آمنوا) للجمع ، فكيف أُطلق على المفرد ؟
وهو إشكال ذكره القاضي عبـد الجبّار وتبعه الرازي وغيره .
والجواب : إنّه بعد ثبوت نزول الآية في أمير المؤمنين عليه السلام ، كما سبق ، فلا بُدّ وأنْ يكون لإطلاق لفظ الجمع فيها عليه بمفرده نكتة . .
فذكر السـيّد ـ رحمه الله ـ وجوهاً ، وكلّ واحدٍ منها محتمل ، ولا مانع من أنْ يكون كلّها مراداً ، وقد لا يكون شيء منها هو الوجه . . لكنّ المهمّ أنّ الآية نازلة في الإمام عليه السلام ولا يضـرّ بالاستدلال جهلنا بالنكتة الحقيقية لإطلاق لفظ الجمع عليه بوحده . . كما لا يخفى .
فالآية التي ذكر السيّد أنّ المراد فيها هو : « نعيم بن مسعود الأشجعي » تجد القول بذلك في تفاسير : الزمخشري ، وابن الجوزي ، والرازي ، والقرطبي ، وابن كثير ، والخازن وغيرهم .
وكقوله تعالى : (لا ينهاكم الله عن الّذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم)[30]. .
فـقد رووا في كتب الحـديث والتفسـير أنّها : نزلت في أسماء بنت أبي بكر؛ وذلك أنّ أُمّها قـدمت عليها بهدايا وكانت مشـركةً فأبت أسـماء أنْ تقبلها حتّى تستأذن النبيّ ، فسألته ، فأنزل الله الآية ، فأمرها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنْ تدخلها منزلها وأنْ تقبل هديّتها وتحسن إليها . .
والخـبر في الصـحيحين ، و مسـند أحمد ، و تفسـير الطبري ، وابن أبي حاتم ، وعنها في تفسير القرطبي ، و تفسير ابن كثير ، و تفسير الخازن . . . وغيرها .
ولو أردنا التفصيل لطال بنا المقام . .
فهذه كتبهم . . وهذه رواياتهم . . وعلى ضوئها تكلّم السـيّد .
2 ـ السياق دالّ على إرادة المحبّ أو نحوه .
فقد زعم القاضي المعتزلي ـ وتبعه الأشاعرة كالرازي وابن روزبهان وغيرهـما ـ : إنّ الآيـة واردة في سياق النهي عن اتّخاذ الكفّار أولياء ، ولاعلاقة لها بالموضـوع .
أقـول :
بعض هذا الكلام تهريج ناشئ من سوء الفهم؛ لأنّ الآية الكريمة موضوعها « الولي » وهي بصدد الإخبار عنه . .
فالآية تقول : إنّ « الولي » ليس إلاّ « الله » و« الرسول » و« عليّ » ، فكيف كان يمكن الإتيان بصيغة الجمع بالنسبة إلى « الله ورسوله » ؟ !
أمّا في الموارد التي تكلّم الله سبحانه عن نفسه ، فقد صحّ الإتيان بصيغة الجمع بأن يقول : « إنّا » و : « نحن » ؛ وهو أيضاً لنكتةٍ توجب ذلك .
وبعضه بهتان وافتراء؛ فإنّ الإمامية لا يفضّلون عليّاً على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وإنْ كانوا يفضّلونه على سائر الأنبياء ، كما تحقّق في مبحث آية المباهلة .
وبعضه دفاع عن النواصب؛ إذ يقول السـيّد : « فإنّ شانئي عليّ وأعداء بني هاشم . . . » وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها ، ولا يحاول ذلك إلاّ من كان على طريقتهم .
وبعضه دعوىً كاذبة ؛ فإنّه قال عمّا ذكره صاحب الكشّاف : « وقد أثبتنا . . . » ، والحال أنّ أحداً لا يمكنه إثبات كذب الرواية في نزول الآية في عليّ عليه السلام ، فكيف بمثل هؤلاء المقلِّدة ؟ ! !
وعلى كلّ حالٍ . . . فإنّ الرواية ثابتة قطعاً؛ ولأجلها قالوا بأنّه : لا بُدّ من نكتةٍ .
وأمّا نظائرها في القرآن الكريم فكثيرة ، حسب ما جاء في تفاسير القوم . .
فقيل :
« سبحان الله ! وهل كان عليّ بن أبي طالب أعلى منزلة عند الله من رسوله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم حتّى يخاطبه بصيغة الجميع ( الّذين آمنوا ) ويخاطب نبيّه بصيغة الإفراد ( ورسـوله ) » ؟ ! بل إنّ الله جلّ جلاله أفرد نفسه في هذه الآية . . . ويلزم من هذا أنّ عليّاً رضي الله عنه أفضل عند الله من النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ، ولا يخفى فساد هذا القول ومجانبته للإيمان ، لكنّ مثل هذا القول غير بعيد عن معتقد الرافضة ، فإنّهم يعتقدون أنّ لأئمّتهم منزلة لا يبلغها نبيّ مرسل ولا ملك مقرَّب .
أمّا النكتة التي نقلها عن الزمخشري في كشّافه ، فهي مبنيّة على القول بصحّة الرواية القائلة بأنّ الآية نزلت في عليّ رضي الله عنه ، وقد أثبتنا من قبل كذب هذه الرواية عند أهل العلم بالحديث ، وبثبوت ذلك يثبت بطلان هذه النكتة لبطلان الأساس الذي قامت عليه .
وقد أبعد هذا الرافضي النجعة إذ قال : إنّما أتى بعبارة الجمع دون عبارة المفرد بقياً منه تعالى على كثير من الناس . . . قلت : هل اطّلع هذا الرافضي الغـيب فعـرف أنّ هذا هـو مـراد الله . . . أم جاء ذلك بآيةٍ من كتاب الله ، أو خبر صحيح على لسان رسول الله ؟ وبدون ذلك يكون الكلام رجماً بالغيب وتقوّل على الله ورسوله بلا علم ، أعاذنا الله والمسلمين من ذلك .
أمّا استشهاده على مدّعاه بقوله تعالى في سورة آل عمران : ( الّذين قال لهم الناس . . . ) وقوله : إنّما كان القائل نعيم بن مسعود . . . هو استشهاد باطل وقول مردود . . . » .
وهذا غفلة عمّا جاء في كتب أصحابنا في وجه الاستدلال بها . .
* أمّا أوّلاً : فإنّه قد وقع الفصل بين الآية وآية النهي عن ولاية الكفّار ، فلا سياق أصلاً .
* وأمّا ثانياً : فإنّ السياق إنّما يكون قرينةً حيث لا دليل على خلافه ، وهذا ممّا اتّفق عليه سائر العلماء المحقّقين في مختلف البحوث .
* وأمّا ثالثاً : فإنّ « الولاية » في هذه الآية لا تكون لأحدٍ إلاّ لله ، وإلاّ لمن أثبتها الله نفسه له ، وهو ـ بمقتضى الآية المباركة ـ رسول الله وعليّ عليهما وآلهما الصلاة والسلام . . وهذا المعنى لا تقاومه الأدّلة فضلاً عن السياقات . . على فرض الثبوت . .
3 ـ الولاية بمعنى الأولوية غير مرادة في زمن الخطاب .
قال القاضـي المعتزلـي ـ وتبعه الـرازي والتفتازاني والدهلوي والآلوسي ـ : إنّ الولاية بمعنى الأولوية بالتصرّف غير مرادة من الآية في زمان الخطاب ، فليكن المراد بعد عثمان ، ولا نزاع .
والجواب : إنّه ليس المراد من « الولاية » في الآية ونحوها خصوص « الحكومة » ، بل المراد فرض الطاعة والاستحقاق للتصرّف المطلق في جميع الأحوال وفي جميع الشؤون ، ومنها الحكومة ، وهذا يثبت لأمير المؤمنين عليه السلام في حال حياة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، إلاّ أنّه تابع له ومطيع لأوامره ونواهيه ، فلا منافاة . .
ولو سلّمنا ؛ فإنّه يخرج حال حياة النبيّ ، ويبقى غيره .
على أن حمل « الأولوية بالتصرّف » على زمان « بعد عثمان » موقوف على صحّة تصدّي القوم قبله ، وهذا أوّل الكلام . .
4 ـ التصدّق أثناء الصلاة ينافي الصلاة .
ذكره القاضي وتبعه القوم .
وهو واضح السـقوط ، حتّى عند علماء القوم أيضاً[31].
أقـول :
هذه عمدة الإشكالات على الاستدلال بالآية . . والغرض منها جميعاً هو الدفاع عمّن تقدَّم على الإمام عليّ عليه السلام وتقمّص الولاية والحكومة بلا نصٍّ ولا دليل ، وعلى خلاف مقتضى الآية المباركة وغيرها من أدلَّة الكتاب والسُـنّة .
المراجـعة (48)
أربعون حديثاً من السُـنن المؤيّدة للنصوص
قال السـيّد ـ رحمه الله ـ :
« حسبك من السُـنن المؤيّدة للنصوص أربعون حديثاً :
1 ـ قول رسـول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وهو آخـذ بضبع عليّ ـ : هذا إمام البررة ، قاتل الفجرة ، منصور من نصره ، مخذول من خذله . ثمّ مدَّ بها صوته . أخرجه الحاكم من حديث جابر في ص 129 من الجزء الثالث من صحيحه المستدرك ، ثمّ قال : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه .
2 ـ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : أوحي إليّ في عليّ ثلاث ، أنّه : سـيّد المسلمين ، وإمام المتّقين ، وقائد الغرّ المحجّلين . أخرجه الحاكم في أوّل صفحة 138 من الجزء 3 من المستدرك[32]، ثمّ قال : هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه .
3 ـ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : أوحي إليّ في عليّ أنّه : سـيّد المسلمين ، ووليّ المتّقين ، وقائد الغرّ المحجّلين . أخرجه ابن النجّار[33]، وغيره من أصحاب السُـنن .
4 ـ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم لعليّ : مرحباً بسـيّد المسلمين ، وإمام المتّقين . أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء[34].
5 ـ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : أوّل من يدخل من هذا الباب إمام المتّقين ، وسـيّد المسلمين ، ويعسوب الدين ، وخاتم الوصيّين ، وقائد الغرّ المحجّلين . فدخل عليّ ، فقام إليه مستبشراً ، فاعتنقه وجعل يمسح عرق جبينه وهو يقول له : أنت تؤدّي عنّي ، وتسمعهم صوتي ، وتبيّن لهم ما اختلفوا فيه بعدي[35].
6 ـ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : إنّ الله عهد إليَّ في عليّ أنّه : راية الهدى ، وإمام أوليائي ، ونور من أطاعني ، وهو الكلمة التي ألزمتها المتّقين . . الحديث[36].
وأنت ترى هذه الأحاديث الستّة نصوصاً صريحة في إمامته ، ولزوم طاعته عليه السلام .
7 ـ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وقد أشار بيده إلى عليّ : إنّ هذا أوّل من آمن بي ، وأوّل من يصافحني يوم القيامة ، وهذا الصدّيق الأكبر ، وهذا فاروق هذه الأمّة ، يفرق بين الحقّ والباطل ، وهذا يعسوب المؤمنين . . الحديث[37].
8 ـ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : يا معشر الأنصار ! ألا أدلّكم على ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا أبداً ، هذا عليّ فأحبّوه بحبّي ، وأكرموه بكرامتي ، فإنّ جبرائيل أمرني بالذي قلت لكم عن الله عزّ وجلّ[38].
9 ـ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : أنا مدينة العلم ، وعليّ بابها ، فمن أراد العلم فليأت الباب[39].
10 ـ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : أنا دار الحكمة ، وعليّ بابها[40].
11 ـ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : عليّ باب علمي ، ومبيّن من بعدي لأُمّتي ما أُرسلت به ، حُبّه إيمان ، وبُغضه نفاق . . الحديث[41].
12 ـ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم لعليّ : أنت تبيّن لأُمّتي مااختلفوا فـيه من بعـدي . أخـرج الحاكم في ص 122 من الجزء الثالث من المستدرك[42] من حديث أنس ثمّ قال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه . انتهى .
قلت : إنّ من تدبّر هذا الحديث وأمثاله علم أنّ عليّاً من رسول الله بمنزلة الرسول من الله تعالى ، فإنّ الله سبحانه يقول لنبيّه : ( وما أنزلنا عليك الكتاب إلاّ لتبيّن لهم الذي اختلفوا فيه وهدىً ورحمةً لقومٍ يؤمنون )[43] ورسول الله يقول لعلي : أنت تبيّن لأُمّتي ما اختلفوا فيه من بعدي .
13 ـ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ في ما أخرجه ابن السماك عن أبي بكر مرفوعاً ـ : عليّ منّي بمنزلتي من ربّي[44] .
14 ـ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ في ما أخرجه الدارقطني في الأفراد عن ابن عبّـاس مرفوعاً ـ : عليّ بن أبي طالب باب حطّة ، من دخل منه كان مؤمناً ، ومن خرج منه كان كافراً[45].
15 ـ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، يوم عرفات في حجّة الوداع : عليّ منّي وأنا من عليّ ، ولا يؤدّي عنّي إلاّ أنا أو عليّ[46].
( إنّه لقول رسول كريم * ذي قوّة عند ذي العرش مكين * مطاع ثَمّ أمين * وما صاحبكم بمجنون )[47] ، ( وما ينطق عن الهوى * إن هو إلاّ وحي يوحى )[48]. . فأين تذهبون ؟ ! وماذا تقولون في هذه السُـنن الصحيحة ؟ ! والنصوص الصريحة ؟ !
وأنت إذا تأمّلت في هذا العهد ملياً ، وأمعنت النظر في حكمة الأذان به في الحجّ الأكبر على رؤوس الأشهاد؛ ظهرت لك الحقيقة بأجلى صورة ، وإذا نظرت إلى لفظه ما أقلّه ، وإلى معناه ما أجلّه وما أدلّه؛ أكبرته غاية الإكبار ، فإنّه جمع فأوعى ، وعمّ ـ على اختصاره ـ فاستقصى ، لم يبقَ لغير عليّ أهلية الأداء لأيّ شيء من الأشياء . .
ولا غـرو؛ فإنّـه لا يؤدّي عن النبيّ إلاّ وصيّه ، ولا يقوم مقامـه إلاّخليفته ووليّه ، و( الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتديَ لولا أن هدانا الله )[49].
16 ـ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : مَن أطاعني فقد أطاع الله ، ومَن عصاني فقد عصى الله ، ومَن أطاع عليّاً فقد أطاعني ، ومَن عصى عليّاً فقد عصاني . أخرجه الحاكم في ص 121 من الجزء الثالث من المستدرك ، والذهبي في تلك الصفحة من تلخيصه ، وصرّح كل منهما بصحّته على شرط الشيخين .
17 ـ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : يا عليّ ! من فارقني فقد فارق الله ، ومن فارقك فقد فارقني . أخرجه الحاكم في ص 124 من الجزء الثالث من صحيحه ، فقال : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه .
18 ـ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، في حديث أُمّ سلمة : من سبّ عليّاً فقد سبّني . أخرجه الحاكم في أوّل ص 121 من الجزء الثالث من المستدرك ، وصحّحه على شرط الشيخين ، وأورده الذهبي في تلخيصه مصرّحاً بصحّته ، ورواه أحمد من حديث أُمّ سلمة في ص 323 من الجزء السادس من مسنده ، والنسائي في ص 17 من الخصائص العلوية ، وغير واحد من حفظة الآثار . .
ومثله قول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، في حديث عمرو ابن شاس[50]: من آذى عليّاً فقد آذاني .
19 ـ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : من أحبّ عليّاً فقد أحبّني ، ومن أبغض عليّاً فقد أبغضني . أخرجه الحاكم وصحّحه على شرط الشيخين في ص 130 من الجزء الثالث من المستدرك ، وأورده الذهبي في التلخيص معترفاً بصحّته على هذا الشرط . .
ومـثله قـول عليّ[51]: والذي فلق الحـبّة ، وبرأ النسـمة ، إنّه لعهد النبيّ الأُمّي صلّى الله عليه وآله وسلّم ، لا يحبّني إلاّ مؤمن ، ولا يبغضني إلاّمنافق .
20 ـ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : يا علي ! أنت سـيّد في الدنيا ، وسـيّد في الآخرة ، حبيبك حبيبي ، وحبيبي حبيب الله ، وعدّوك عدوّي ، وعدوّي عدوّ الله ، والويل لمن أبغضك من بعدي . أخرجه الحاكم في أوّل ص 128 من الجزء الثالث من المستدرك ، وصحّحه على شرط الشيخين[52].
21 ـ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : يا علي ! طوبى لمن أحبّك وصدّق فيك ، وويل لمن أبغضك وكذّب فيك . أخرجه الحاكم في ص135 من الجزء الثالث من المستدرك ، ثمّ قال : هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه .
22 ـ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : من أراد أن يحيا حياتي ، ويمـوت ميتتي ، ويسـكن جـنّة الخلد التي وعدني ربّي ، فليتولّ عليّ بن أبي طالب ، فإنّه لن يخرجكم من هدىً ، ولن يدخلكم في ضلالة[53].
23 ـ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : أُوصي من آمن بي وصدّقني بولاية عليّ بن أبي طالب ، فمن تولاّه فقد تولاّني ، ومن تولاّني فقد تولّى الله ، ومن أحبّه فقد أحبّني ، ومن أحبّني فقد أحبّ الله ، ومن أبغضه فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض الله عزّ وجلّ[54].
24 ـ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : من سرّه أن يحيا حياتي ، ويموت مماتي ، ويسكن جنّة عدن غرسها ربّي ، فليتولّ عليّاً من بعدي ، وليوال وليّه ، وليقتدِ بأهل بيتي من بعدي ، فإنّهم عترتي ، خلقوا من طينتي ، ورُزقوا فهمي وعلمي ، فويل للمكذّبين بفضلهم من أُمّتي ، القاطعين فيهم صلتي ، لا أنالهم الله شفاعتي .
25 ـ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : من أحبّ أن يحيا حياتي ، ويموت ميتتي ، ويدخل الجنّة التي وعدني ربّي ، وهي جنّة الخلد ، فليتولّ عليّاً وذرّيّته من بعده ، فإنّهم لن يخرجوكم من باب هدىً ، ولم يدخلوكم باب ضلالة[55].
26 ـ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : يا عمّار ! إذا رأيت عليّاً قد سلك وادياً وسلك الناس وادياً غيره فاسلك مع عليّ ، ودع الناس ، فإنّه لن يدلّك على ردىً ، ولن يخرجك من هدىً[56].
27 ـ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، في حديث أبي بكر : كفّي وكفّ عليّ في العدل سواء[57].
28 ـ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : يا فاطمة ! أما ترضين أنّ الله عزّ وجلّ اطّلع إلى أهل الأرض فاختار رجلين : أحدها أبوك ، والآخر بعلك[58].
29 ـ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : أنا المنذر ، وعليّ الهاد ، وبك يا علي يهتدي المهتدون من بعدي[59].
30 ـ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : يا علي ! لا يحلّ لأحد أن يجنب في المسجد غيري وغيرك[60]. .
ومـثله حـديث الطبرانـي عن أُمّ سـلمة والبزّار ، عن سعد ، عن رسـول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : لا يحلّ لأحد أن يجنب في هذا
[11]. سورة المائدة 5 : 11 .
[57]. هذا هو الحديث 2539 في ص 153 من الجزء 6 من الكنز .
[53]. أوردنا هذا الحديث في المراجعة العاشرة .
[18]. تفسير ابن كثير 2|64 .
[2]. سورة المائدة 5 : 55 و 56 .
[34]. وهو الخبر 11 من الأخبار التي أوردها ابن أبي الحديد في الصفحة 450 من المجلّد الثاني من شرح النهج ، والحديث 2627 من أحاديث الكنز ص 157 من جزئه 6 .
[24]. منهاج السُـنّة 7|11 .
[43]. سورة النحل 16 : 64 .
[17]. تلخيص الشافي في الإمامة 2|10 .
[4]. فهو الحديث 6137 من أحاديث الكنز في ص 405 من جزئه السادس .
[30]. سورة الممتحنة 60 : 8 .
[39]. أخرجه الطبراني في الكبير عن ابن عبّـاس ، كما في ص 107 من الجامع الصغير للسيوطي ، وأخرجه الحاكم في مناقب عليّ ص 226 من الجزء الثالث من صحيحه المستدرك بسندين صحيحين : أحدهما عن ابن عبّـاس من طريقين صحيحين ، والآخر عن جابر بن عبـد الله الأنصاري ، وقد أقام على صحّة طرقه أدلّة قاطعة .
وأفرد الإمام أحمد بن محمّـد بن الصدّيق المغربي ، نزيل القاهرة ، لتصحيح هذا الحديث كتاباً حافلاً ، سمّاه : فتح الملك العليّ بصحّة حديث باب مدينة العلم عليّ ـ
[51]. في ما أخرجه مسلم في كتاب الإيمان ص 46 من الجزء الأوّل من صحيحه ، وروى ابن عبـد البرّ مضمونه في ترجمة عليّ من الاستيعاب عن طائفة من الصحابة . ومرّ عليك في المراجعة 36 حديث بريدة؛ فراجعه .
وقد تواتر قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : اللّهمّ وال من والاه وعادِ من عاداه ، كما اعترف بذلك صاحب الفتاوى الحامدية في رسالته الموسومة بـ : الصلاة الفاخرة في الأحاديث المتواترة .
[5]. المتوفّى سنة 337 ، ذكره ابن خلكان في وفياته فقال : كان أوحد زمانه في علم التفسير ، وصنّف التفسير الكبير الذي فاق غيره من التفاسير . . . إلى أن قال : وذكره عبـد الغافر بن إسماعيل الفارسي في كتاب سياق نيسابور وأثنى عليه وقال : هو صحيح النقل موثوق به . . . الى آخره .
[60]. راجع ما علّقناه على هذا الحديث ، إذ أوردناه في المراجعة 34 ، وأمعن النظر في كلّ ما أوردناه ثمّة من السُـنن .
[3]. وهو الحديث 5991 من أحاديث كنز العمّال في ص 391 من جزئه السادس ، وقد أورده في منتخب الكنز أيضاً ، فراجع ما هو مطبوع من المنتخب في هامش ص 38 من الجزء الخامس من مسند أحمد .
[12]. سورة نوح 71 : 7 .
إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فقال : يا رسول الله ! نزل فيَّ شيء ؟ قال : لا ، ولكن جبرائيل جاءني فقال : لن يؤدّي عنك إلاّ أنت أو رجل منك . انتهى .
وفي حديث آخر ـ أخرجه أحمد في ص 150 من الجزء الأوّل من المسند عن عليّ ـ إنّ النبيّ حين بعثه ببراءة قال له : لا بُدّ أن أذهب بها أنا أو تذهب بها أنت . قال عـليّ : فإن كان ولا بُـدّ فسأذهـب أنا . قال صلّى الله عليه وآله وسلّم : فانطلق فإنّ الله يثبّت لسانك ويهدي قلبك . . الحديث .
أمّا الذهبي في التلخيص ، فقد اعترف بوثاقة الرواة لهذا الحديث عامّة ، ونصّ على وثاقة أبي الأزهر بالخصوص ، وشكّك مع ذلك في صحّة الحديث إلاّ أنّه لم يأت بشيء قادح سوى التحكّم الفاضح .
أمّا تكتّم عبـد الرزّاق فإنّما هو للخوف من سلطة الظالمين ، كما خاف سعيد بن جبير حين سأله مالك بن دينار ، فقال له : مَن كان حامل راية رسول الله ؟ قال : فنظر إلي ، وقال : كأنّك رخي البال .
قال مالك : فغضبت وشكوته إلى إخوانه من القرّاء ، فاعتذروا بأنّه يخاف من الحَجّاج أن يقول : كان حاملها عليّ بن أبي طالب . أخرج ذلك الحاكم في ص 137 من الجزء الثالث من المستدرك ، ثمّ قال : هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه .
[45]. وهذا هو الحديث 2528 من أحاديث الكنز في ص 153 من جزئه السادس .
فقام أبو الأزهر ، فقال : هو ذا أنا .
فضحك يحيى بن معين من قوله وقيامه في المجلس ، فقرّبه وأدناه ، ثمّ قال له : كيف حدّثك عبـد الرزّاق بهذا ولم يحدّث به غيرك ؟
فقال : اعلم يا أبا زكريا ! أنّي قدمت صنعاء وعبـد الرزّاق غائب في قرية له بعيدة ، فخرجت إليه وأنا عليل ، فلمّا وصلت إليه سألني عن أمر خراسان ، فحدّثته بها ، وكتبت عنه وانصرفت معه إلى صنعاء ، فلمّا ودّعته ، قال : وجب علَيّ حقّك ، فأنا أحدّثك بحديث لم يسمعه منّي غيرك ، فحدّثني والله بهذا الحديث لفظاً ، فصدّقه يحيى بن معين واعتذر إليه . انتهى .
وقد طبع سنة 1354 هـ ، بالمطبعة الإسلامية بمصر ـ فحقيق بالباحثين أن يقفوا عليه؛ فإنّ فيه علماً جمّاً . .
ولا وزن للنواصب وجرأتهم على هذا الحديث الدائر ـ كالمثل السائر ـ على ألسنة الخاصّة والعامّة من أهل الأمصار والبوادي ، وقد نظرنا في طعنهم ، فوجدناه تحكّماً محضاً لم يدلوا فيه بحجّة ما ، غير الوقاحة في التعصّب ، كما صرّح به الحافظ صلاح الدين العلائي ، حيث نقل القول ببطلانه عن الذهبي وغيره ، فقال : ولم يأتوا في ذلك بعلّة قادحة ، سوى دعوى الوضع دفعاً بالصدر .
ومثله قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : إنّ منكم رجلاً يقاتل الناس على تأويل القرآن كما قوتلتم على تنزيله . فقال أبو بكر : أنا هو ؟ وقال عمر : أنا هو ؟ قال : لا ، ولكنّه خاصف النعل في الحجرةٌ . فخرج عليّ ومعه نعل رسول الله يخصفها .
أخرجه الإمام أحمد بن حنبل من حديث أبي سعيد في مسنده ، ورواه الحاكم في مستدركه ، وأبو يعلى في المسند ، وغير واحد من أصحاب السُـنن ، ونقله عنهم المتّقي الهندي في ص 155 من جزئه السادس .
ومَن راجع هذا الحديث في مسند أحمد علم أنّ صدوره إنّما كان في حجّة الوداع التي لم يلبث النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بعدها في هذه الدار الفانية إلاّ قليلاً ، وكان صلّى الله عليه وآله وسلّم قبل ذلك أرسل أبا بكر في عشرة آيات من سورة براءة ، ليقرأها على أهل مكّة ، ثمّ دعا عليّاً ـ في ما أخرجه الإمام أحمد في ص151 من الجزء الأوّل من مسنده ـ فقال له : أدرك أبا بكر ، فحيثما لقيته فخذ الكتاب منه ، فاذهب أنت به إلى أهل مكّة فاقرأه عليهم . فلحقه بالجحفة فأخذ الكتاب منه . . . (قال : ) ورجع أبو بكر
[38]. أخرجه الطبراني في الكبير ، وهو الحديث 2625 من الكنز ص 157 من جزئه السادس ، وهو الخبر العاشر في ص 450 من المجلّد الثاني من شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد .
فانظر كيف جعل عدم ضلالهم مشروطاً بالتمسّك بعليّ ؟ ! فدلّ المفهوم على ضلال من لم يستمسك به ، وانظر أمره إيّاهم أن يحبّوه بنفس المحبّة التي يحبّون النبيّ بها ، ويكرموه بعين الكرامة التي يكرمون النبيّ بها ، وهذا ليس إلاّ لكونه وليّ عهده وصاحب الأمر بعده ، وإذا تدبّرت قوله : « فإنّ جبرائيل أمرني بالذي قلت لكم عن الله » تجلّت لك الحقيقة .
[36]. أخرجه أبو نعيم في حليته من حديث أبي برزة الأسلمي وأنس بن مالك ، ونقله علاّمة المعتزلة في ص 449 من المجلّد الثاني من شرح النهج ، فراجع الخبر الثالث من تلك الصفحة .
[21]. الحاشية على التجريد : 368 .
[23]. منهاج السُـنّة 2|30 .
[6]. سورة طه 20 : 25 ـ 35 .
[35]. أخرجه أبو نعيم في حليته عن أنس ، ونقله ابن أبي الحديد مفصّلاً في ص 450 من المجلّد الثاني من شرح النهج ، فراجع الخبر 9 من تلك الصفحة .
[41]. أخرجه الديلمي من حديث أبي ذرّ ، كما في ص 156 ج 6 من كنز العمّال .
[14]. نظير قول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : لن تنتهوا معشر قريش حتّى يبعث الله عليكم رجلاً امتحن الله قلبه بالإيمان ، يضرب أعناقكم وأنتم مجفلون عنه إجفال الغنم . فقال أبو بكر : أنا هو يا رسول الله ؟ قال : لا . قال عمر : أنا هو يا رسول الله ؟ قال : لا ، ولكنّه خاصف النعل . قال : وفي كفّ عليّ نعل يخصفها لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم .
أخرجه كثير من أصحاب السنن وهو الحديث 610 في أول صفحة 393 من الجزء 6 من الكنز .
[15]. وأي وزن للظاهر إذا عارض النصّ ؟ !
[8]. راجـع مادّة « ولي » مـن الصحاح ، أو من مختار الصحاح ، أو غيرهما من معاجم اللغة .
[40]. أخرجه الترمذي في صحيحه ، وابن جرير ، ونقله عنهما غير واحد من الأعلام ، كالمتّقي الهندي في ص 401 من الجزء السادس من كنزه ، وقال : قال ابن جرير : هذا خبر عندنا صحيح سنده . . . إلى آخره . ونقله عن الترمذي جلال الدين السيوطي في حرف الهمزة من جامع الجوامع ومن الجامع الصغير ، فراجع من الجامع الصغير ج 1 ص 170 .
[32]. وأخرجه الباوردي ، وابن قانع ، وأبو نعيم ، والبزّار ، وهو الحديث 2628 من أحاديث الكنز ص 157 من جزئه السادس .
[31]. انظر : روح المعاني ـ للآلوسي ـ 6|169 .
[59]. أخرجه الديلمي من حديث ابن عبّـاس ، وهو الحديث 2631 في ص 157 من الجزء 6 من الكنز .
[48]. سورة النجم 53 : 3 و4 .
[58]. أخرجه الحاكم في ص 129 من الجزء 3 من صحيحه المستدرك ، ورواه كثير من أصحاب السُـنن وصحّحوه .
[54]. أوردنا هذا الحديث في المراجعة العاشرة أيضاً ، فراجع ما علّقناه ثمّة عليه وعلى الذي قبله .
[25]. منهاج السُـنّة 7|17 .
[16]. سورة المائدة 5 : 55 .
[19]. شرح المواقف في علم الكلام 8|360 .
[13]. سورة المائدة 5 : 54 .
[29]. شواهد التنزيل إلى قواعد التفضيل 1|211 .
[37]. أخرجه الطبراني في الكبير من حديث سلمان وأبي ذرّ ، وأخرجه البيهقي في سُـننه ، وابن عدي في الكامل من حديث حذيفة ، وهو الحديث 2608 من أحاديث الكنز ص 156 من جزئه السادس .
[9]. سورة آل عمران 3 : 173 .
[7]. سورة طه 20 : 36 .
[20]. شرح المقاصد في علم الكلام 5|270 .
[33]. وهو الحديث 2630 ص 157 من الجزء 6 من الكنز .
[50]. مرّ عليك حديث عمرو بن شاس في ما علّقناه على المراجعة 36 .
[44]. نقله ابن حجر في المقصد الخامس من مقاصد الآية 14 من الآيات التي أوردها في الباب 11 من صواعقه ، فراجع منها ص 106 .
[10]. سورة آل عمران 3 : 173 .
[22]. روح المعاني 6|167 .
[52]. رواه من طريق أبي الأزهر ، عن عبد الرزّاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عبيد الله ابن عبـد الله ، عن ابن عبّـاس ، وكلّ هؤلاء حجج؛ ولذا قال الحاكم بعد إيراده : صحيح على شرط الشيخين . .
قال : وأبو الأزهر بإجماعهم ثقة ، وإذا انفرد الثقة بحديث فهو على أصلهم صحيح .
ثمّ قال : سمعت أبا عبـد الله القرشي يقول : سمعت أحمد بن يحيى الحلواني يقـول : لمّا ورد أبو الأزهـر من صنعاء ، وذاكر أهل بغـداد بهذا الحديث ، أنكره يحيى بن معين ، فلمّا كان يوم مجلسه ، قال في آخر المجلس : أين هذا الكتاب النيسابوري الذي يذكر عن عبـد الرزّاق هذا الحديث ؟
[42]. وأخرجه الديلمي عن أنس أيضاً ، كما في ص 156 ج 6 من كنز العمّال .
[55]. راجـع ما علّقناه على هذا الحـديث وعلى الذي قبله ، إذ أوردناهما في المراجعة 10 .
[49]. سورة الأعراف 7 : 43 .
[47]. سورة التكوير 81 : 19 ـ 22 .
[46]. أخرجه ابن ماجة في باب فضائل الصحابة ص 92 من الجزء الأوّل من سُـننه ، والترمذي والنسائي في صحيحهما ، وهو الحديث 2531 في ص 153 من الجزء السادس من الكنز .
وقد أخرجه الإمام أحمد في ص 164 من الجزء الرابع من مسنده من حديث حبشي بن جنادة بطرق متعدّدة كلّها صحيحة ، وحسبك أنّه رواه عن يحيى بن آدم ، عن إسرائيل بن يونس ، عن جدّه أبي إسحاق السبيعي ، عن حبشي ، وكلّ هؤلاء حجج عند الشيخين ، وقد احتجّا بهم في الصحيحين . .
[26]. انظر : الذخيرة في علم الكلام : 438 ، تلخيص الشافي 2|10 ، كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد : 225 ، نهج الحقّ وكشف الصدق : 172 .
[56]. أخرجه الديلمي عن عمّار وأبي أيّوب ، كما في أوّل ص 156 ج 6 من الكنز .
[28]. أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ 2|625 ، تفسير القرطبي 6|221 ، تفسير أبي السعود 3|52 ، وغيرها .
[27]. سورة الأحزاب 33 : 6 .
[1]. ومن هنا أُطلق في عرف سوريا « المتوالي » على الشيعي ، لأنّه يتولّى الله ورسوله والّذين آمنوا ، الّذين نزلت فيهم هذه الآية ، وفي أقرب الموارد : المتوالي واحد المتاولة وهم الشيعة ، سمّوا به لأنّهم تولّوا عليّاً وأهل البيت عليهم السلام .