صناعة فی الحضارة الإسلامیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

صناعة فی الحضارة الإسلامیة - نسخه متنی

احمد عبدالباقی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید










الصناعة في الحضارة الإسلامية

الاستاذ احمد عبد الباقي
`
مقدمة
استلزمت المرحلة الحضارية التي وصلت إليها الدولة العربية في خلال القرن الثالث تعدّد الحاجات وأنواع الأمتعة من ملابس وأثاث و غيرها مما يحتاجه الناس في حياتهم علي اختلاف طبقاتهم. وكان للرخاء الذي حل بالبلاد منذ عهد هارون الرشيد تأثير بالغ في تنويع تلك الحاجات واستجادتها والتأنق في صناعتها. إذ علي مقدار عمران البلد، كما يقول ابن خلدون، تكون جودة البضائع، وكلما ازداد العمران تعددت أنواع البضائع التي يتطلبها الناس، وتزايدت صنائع أخري مما تدعو إليه عوائد الترف وأحواله1.


وكان من عوامل تشجيع الصناعة حينذاك أن الخلفاء ورجال الدولة والأغنياء من الناس أخذوا يتهافتون علي اقتناء الألبسة ولا يبالون كم يكون ثمنها. وربما لبس الواحد منهم تسعة أقبية كل قباء بلون خاص للمفاخرة بالبذخ2. فشجع ذلك الصناع علي اتقان مايصنعون من البضائع، فازدهرت الصنائع في معظم مدن الدولة الإسلامية. وقد اختص بعضها بنوع معين من البضائع بحيث تحمل منتوجاتها منه إلي بلدان أخري. ومثلما استقطبت مدينة السلام عند تأسيسها في منتصف القرن الثاني حُذَّاق أهل الصناعات وانتقلوا إليها من كل بلد، وأتوها من كل أفق في ماذكره اليعقوبي3، فإن المعتصم باللّه عند تأسيسه سامراء وانتقال عاصمة الخلافة إليها، استقدم إليها من كل بلد من يعمل عملاً من الاعمال أو يعالج مهنة من المهن. فحمل من مصر من يعمل القراطيس و غيرها، ومن البصرة من يعمل الزجاج والخزف والحصر، ومن الكوفة من يعمل الخزف والأدهان، ومن سائر البلدان من أهل كل مهنة وصناعة، وجعل سوقاً لأهل المهن4.


وقد تكتل أرباب كل صناعة ليكونوا صنفاً خاصاً، ويظهر أنه كان هناك تنظيم متدرج عند أرباب الحرف المختلفة. فهناك الصناع والأساتذة، كما كان لكل حرفة رئيس من بين أصحابها5. إن هذه الأصناف المهنية التي نسميها اليوم النقابات كانت الأساس الذي تقوم عليه الصنائع آنذاك، إذ كان لكل صناعة تقاليدها ونظمها. فلا يسمح لأي شخص أن يعمل في إحدي الصناعات ما لم يكن قد تدرب واكتسب مهارة فيها. وكان أرباب كل صناعة يحرصون علي حفظ صناعتهم وأسرارها، ولا يقبلون إليها سوي من يثقون به ممن يتقدم للعمل معهم. وكانوا يلقنونهم أسرار تلك الصناعة منذ صغرهم. وعلي الصبيان أن يتمرنوا مدة غير قصيرة تحت إشراف مَنْ هم أقدم منهم حتي يحذقوا الصنعة قبل أن يُعترف بهم صناعاً ماهرين6.


ومع حرص شيوخ الصنائع ورؤسائها علي تحسين مصنوعاتهم ورفع مستوي نوعيتها، فقد كان لمؤسسة الحسبة دور مهم في الحفاظ علي متانة تلك المصنوعات وجودتها سواء في المواد الخام التي تصنع منها أو في طريقة صنعها، وذلك بفضل الرقابة التي كان يتولاها المحتسب في المدينة. وقد تضمنت كتب الحسبة شروط كل صناعة ومهنة، وواجبات القائمين بها والتزامهم جودة الصناعة واتقانها. و سنذكر بعض مايقوم به المحتسب في رقابته علي بعض المصنوعات علي سبيل المثال.


كانت واجبات المحتسب تجاه الحاكة، أي النساجين، أن يأخذهم بجودة العمل والتزام الطول والعرض المقدرين للثوب الذي ينسجونه. وأن يعتنوا بصفاقة النسيج وتنقيته من القشرة السوداء، ويمنعهم من نثر الدقيق والجبسين عليها عند نسجها ليستروا وحاشتها فتبدو كأنها صفيقة. وإن أخذ أحدهم غزلاً فليأخذه بوزن، فإذا نسجه ثوباً غسله ثم دفعه إلي صاحبه بالوزن7. و في ما يتعلق بباعة القطن وندَّافيه، فعلي المحتسب أن يلاحظ عدم خلطهم جديد القطن بقديمه، ولا أحمره بأبيضه. وينبغي عليهم أن يندفوا القطن مكرراً حتي تطير القشرة والحب المكسور لأنه إذا بقي فيه ذلك ظهر في وزنه، وإذا ما استخدم في لحاف أو جّبة أو قباء قرضه الفأر..ما الكتانيون والحريريون فعليهم أن يلاحظوا عدم خلط الكتان الجيد برديئه ولا الكتان النابلسي بالمصري،وأن لا يصبغوا الحرير القز قبل تبييضه لئلا يتغير بعد ذلك، وقد يفعلونه حتي يزيد لهم. وأن يثقلوا الحرير بالنشا ولا بالسمن والزيت8. ومن الصباغين من يصبغ الحرير و غيره من الغزل والثياب بالحناء عوضاً عن الفُرَّةٍ فيخرج الصبغ حسناً مشرقاً، فإذا أصابته الشمس تغير لونه وزال إشراقه. ومنهم من يُدكِّن الثياب بالعفص والزاج إذا أراد صبغها كحلياً ثم يدليها في الخابية فتخرج صافية اللون شديدة السواد، فإذا مضت عليها مدة قصيرة تغير لونها ونقص صبغها. وهذا كله غش وتدليس، علي المحتسب أن يمنعهم من فعله9.


أما ما يلاحظه علي الأساكفة فيجب أن لا يكثروا حشو الخرق البالية في ما بين الجزء العلوي من الحذاء وبطانته، ولا بين النعل والجلد الذي يُشَدُّ إليه، ولا يستخدموا نعلاً أحرقته الدباغة، أو ما زال غير مدبوغ بصورة جيدة. وعليهم أن يحكموا إبرام الخيط ولا يطوَّلونه أكثر من ذراع لأنه إذا طال اكثر من ذلك انسحج وانتفض إبرامه10.


و فيما يخص الصاغة والنحاسين والحدادين فإن أهم واجبات المحتسب في مراقبتهم هو أن يلاحظ عدم غشّ المعادن التي يستعملونها في صناعتهم وأن لا يستخدموا مهاراتهم في الجلاء والصياغة وخلط المعادن لغش بضاعتهم، وأن لا يستعملوا ما هو قديم من المعادن ويعيدوا صنعه. ومراقبة هذه الأصناف تحتاج إلي مهارة و دقة ومعرفة يجب أن يمتاز بها المحتسب لكي لا يدلَسوا عليه11.



أهم الصناعات

سنستعرض في مايأتي أهم الصناعات التيكانت منتوجاتها تنتقل من البلد الذي تصنع فيه إلي بلدان أخري، ونذكر أهم مراكز تلك الصناعات:


أ. صناعة النسيج (الأكسية والثياب) وجد العرب في البلاد التي حرروها من نير الفرس والروم ثمة مصانع للنسيج تنتج أقمشة بأصناف عديدة ممتازة، فلم يقتصروا علي تشجيعها بل صاروا ينشئون مصانع أخري جديدة، وحصلوا علي مركز القيادة في هذه الصناعة، و سيطروا تماماً علي تجارة الحرير خاصة.ولعل أسماء أقمشة ومنسوجات عديدة ظل بعضها حياً في مجال الاستعمال حتي اليوم، تعيّن لنا الأماكن التي ترد منها، فالقماش المعروف باسم فوستيان (fostian) مصدره مدينة الفسطاط بمصر، والدمقس (Damask) جاء اسمه من دمشق، والموسلين (MusIin) هو ما كان يستورد من الموصل من النسيج القطني الرفيع12.


ولما كان اللباس أهم الحاجات الأساس للإنسان بعد الطعام، كانت صناعة الملابس والتفنن بها من أوسع الصناعات. وكادت صناعة نسيج الأكسية والثياب تكون عامة في جميع أقاليم الدولة الاسلامية. فما من مدينة من أمهات المدن إلا واشتهرت بنوع من النسيج، بل إن بعض المدن الصغيرة والقري اشتهرت بذلك أيضاً. فقد كانت تعمل ببغداد ألوان ثياب القزّ لا سيما العباداني والساماني الرفيع، والمنسوجات الحريرية كالأُزر والعمائم والمناديل، والثياب القطنية البيض13. وكان السقلاطون، وهو نسيج حريري سميك وردي اللون، يصنع بالدرجة الأولي ببغداد14. وكان مضرب الأمثال بجودته15. وكانت ترسم عليه صور الأشجار والحيوانات والطيور16. ويُشِّبه صاحب المنتظم جلد الحمار المخطط بالثوب العتابي17، وقد اشتهرت بغداد بصنعه، وكان يصنع في حي العتابية بها، وهو نسيج حريري خاص، قُلِّد في اسبانيا وعرف فيها باسم الأتابي، وعرفته فرنسا وايطاليا باسم تابيس (Tabis)، واشتهر باسمه التجاري هذا في بلدان أوربا18. كما اشتهرت بغداد بنسج نوع من الثياب عرفت بالمتوكلية، وهي نوع من الثياب المليحة كانت في نهاية الحسن والصبغ وجودة الصنعة، وكان الخليفة المتوكل علي اللّه قد فضَّلها علي سائر الثياب فنسبت إليه، واقتدي الناس به وبالغوا في ثمنها19. وكانت تنسج في الحظيرة، وهي من قري بغداد، الثياب الكرباس الصفيق، ومنها يحمله التجار إلي البلاد الأخري20.


واشتهرت البصرة بصنع الخز والبز21. ولجودة ما يصنع بالبصرة من المنسوجات قال الجاحظ: «الصناعة بالبصرة»22، إذ كانت تصنع بالأبلَّة ثياب الكّتان الرفيعة23، والعمائم الجيدة التي كانت مضرب الأمثال24.


وامتازت الموصل بصنع نسيج قطني يسمي الشاش وكان له شهرة واسعة وقد انتشر في البلدان الغربية باسم الموسلين كما أشرنا آنفاً. وتمَّيزت الكوفة بصناعة الوشي الذي كان مضرب الأمثال حيث يقول الجاحظ: «وخير الوشي في الثوب الكوفي»25، وكذلك يصنع الخز وبخاصة العمائم26.


وكان للنعمانية شهرة في نسيج الأكسية والثياب الصوفية العسلية الحسنة الصنع27. كما كانت الحيرة تنسج الأقمشة القطنية والصوفية، وكان للثياب الحيرية شهرة خاصة28.


و في اقليم الجزيرة اشتهرت مدينة آمد بصنع ثياب الصوف والكتان الرومية الطراز29، والطيالسة الصوفية، والثياب الموشّاة، والمناديل، وشراشف الفرش، والكلل30.


وكانت تصنع في اليمن أنواع البرود والأردية والثياب الموشاة، وقد تبلغ قيمة البرد الواحد عندهم خمسمئة دينار31


أما في اقليم الرحاب فقد اشتهرت مدينة برذعة بأرمينية بانتاج الابريسم لكثرة ما يُربي فيها من دود القز، وصناعة الثياب الفاخرة‏منه32. أما مدينة دبيل، قصبة أرمينيا، فكانت تصنع فيها الثياب المرعزية، وكانوا يصبغون المرعزي بالقرمز. وأصله من دودة تنسج علي نفسها كدودة القز33 وكانت تصنع في مدينة ميافارقين الثياب والمناديل والتكك الأرمينية الرفيعة المشهورة التي يبلغ ثمن الواحدة منها من دينار، إلي عشرة دنانير، ولا نظير لها في سائر البلدان34.


وانتشرت صناعة النسيج في عدد غير قليل من مدن مصر حيث يزرع الكتان بكثرة. فكانت الثياب الصفاق الملونة تصنع في مدينة دمياط35، كما كان يصنع فيها القصب من كل نوع، ويبلغ ثمن الثوب الأبيض فيها وليس فيه ذهب ثلاثمئة دينار، ويعمل فيها الفرش القلمون من كل لون، المعلَّم والمطرز، ومناشف الأبدان والأرجل36. واشتهرت دبيق من قري دمياط بصنع الثياب المثقلة، والعمائم الشرب الملونة، والدبيقي المذهب37. كما كانت الثياب القصب الجيدة تصنع في الفيوم38. واشتهرت مدينة القيس بنسيج الثياب القيسية المصنوعة من الصوف، وعمل الأكسية الصوفية الجيدة39. وكانت تنّيس من أهم المدن المصرية في صناعة النسيج وقد اشتهرت بأنوالها الخمسة الآلاف، وكان أهلها مياسير أثرياء وأكثرهم حاكة، وبها تحاك الثياب الشرب من الكتان التي لا يصنع مثلها في الدنيا بحيث إن زنة كل درهم منها بدرهم فضة، وكان يصنع فيها للخليفة ثوب يقال له البدنة لا يدخل فيه من الغزل سدي ولحمة غير أوقيتين وينسج باقي الثوب بالذهب بصناعة محكمة لا تحوج إلي تفصيل ولا خياطة، وتبلغ قيمته ألف دينار40. كما كانت تصنع فيها الثياب الرقيقة من الدبيقي والقصب والبرود والمخمل والموشي، وأنواع ثياب الكتان والصوف، والفرش أبو قلمون41. واشتهرت كذلك بالحلل المنسوبة إليها والتي لا يوجد ما يدانيها في حسن الصنعة و دقتها وقيمتها التي قد تبلغ مئتي دينار للحلة الواحدة إذا كان فيها ذهب، وقد تبلغ قيمة ما لا ذهب فيها مئة دينار، وجميع ما يعمل فيها من الكتان، وربما بلغ مثقال غزل من غزولها عدة دنانير. وكان يحمل إلي العراق من هذه الحلل والثياب سنوياً ما قيمته من عشرين ألف دينار إلي ثلاثين ألف دينار42، وكانت مدينة تونة وهي إلي جانب تنّيس تصنع الأكسية الكتانية الفاخرة الخاصة بالكعبة المشرفة43، وهي الأكسية التي حرص الخلفاء علي عملها بدور الطراز وإرسالها سنوياً إلي مكة.


وكانت تصنع في مصر القراطيس التي لا يشاركها فيها أحد، وهي بُرد مصرية كانوا يحملون فيها الثياب والآنية، وقد اشتهرت بصنعها مدينة وسيمة علي ساحل البحر، وبورة من أعمال دمياط44.


و في اقليم الشام كانت أقمشة الديباج والبزّ تحمل من دمشق وطبريا، وتصنع الثياب القطنية في حلب، والفوط في أكثر مدن فلسطين، والثياب المنيرة في القدس، والميازر في الرملة45.


وقد اشتهرت اصفهان في اقليم الجبال بصناعة الثياب من القطن و الابريسم كالموشي والعتابي والسقلاطون والملاحم والحلل46. واشتهرت الري بصنع البرود الحريرية، والأكسية والطيالسة القطنية، والثياب المنَّيرة47. وانفردت قزوين بصنع الجوارب48.


واشتهر اقليم طبرستان بمنسوجات الابريسم كالثياب والمآزر والمناديل، وصنع الأكسية، والمطارف، والمدارع الصوفية الثمينة، ومناديل القطن49. ويقول ابن حوقل إن ليس في بلد آخر أكسية تبلغ قيمة اكسيتهم ومطارفهم لا سيما إذا كانت منسوجة بالذهب50. وقد امتاز الحاكة في مدينة آمل قصبة الإقليم بالمهارة51. وكان الابريسم يُحمل من طبرستان إلي كثير من البلدان وليس هناك ما يضاهيه52.


وكانت في تُسْتَر في خوزستان صناعة واسعة لنسيج الابريسم والديباج والأزر الكبار، وكانت تعمل فيها كسوة الكعبة المشرفة، كما كان فيها دار للطراز لخلفاء سامراء53. كما كانت مدينة بَم بإقليم كرمان تشتهر بصناعة الثياب القطنية الرفيعة التي كانت تُحمل إلي أباعد الديار، وقد تبلغ قيمة الثوب منها ثلاثين ديناراً، وتباع في خراسان والعراق ومصر، ومن طريف ما يعمل فيها الطيالسة المقورة والمناديل وعمائم مشهورة يرغب فيها أهل العراق54.


وكانت أغلب مدن ما وراء النهر مشهورة بصناعة النسيج، فكانت تُحمل من بخاري ثياب القطن وتعرف بالثياب البخارية، إلي العراق و سائر البلدان، وهي كرابيس ثقال الأوزان غليظة السلك مبرمة الغزل. وتنسج في كابل الثياب القطنية الحسنة التي تعمل منها السبنيات الفاخرة والشرابيات المثمنة، وتخرج إلي خراسان والسند والصين. واشتهرت سمرقند بصنع الثياب السمرقندية، و فرغانة بالثياب البيض، والشاش بصنع الأزر، وهرات بنسيج الخز والديباج55.


واشتهرت برقة بصنع الثياب والأكسية الصوفية. وكان أكثر أهل مدينة سوسة حاكة ينسجون الثياب السوسية الرقيقة وثمن الثوب منها في بلدها عشرة دنانير، ويغزل بها غزل تباع زنة المثقال منه بمثقالين من الذهب56.


ومما له علاقة وثيقة بصناعة النسيج المصانع المسماة بدور الطراز، ويعتبر الطراز من مظاهر أُبهة الملك والسلطان، وهو من شارات الخلافة. وذلك بأن ترسم أسماء الخلفاء، أو علامات تختص بهم في طراز أثوابهم المعدة للباسهم من الحرير والديباج، فتخطّ في نسيج الثوب لَحماً وأسدية بخيوط الذهب، أو بما يخالف لون الثوب من الخيوط الملونة من غير الذهب. فتصير الثياب الخاصة بهم معلمة بذلك الطراز قصداً للتنويه بلابسها. وقد درج الخلفاء علي كتابة أسمائهم مع عبارات تجري مجري الفأل. وكانت الدور المعدة لنسج هذه الأثواب تسمي دور الطراز، ويسمي القائم علي العمل فيها صاحب الطراز، وهو ينظر في أمور الصباغ والآلة، والحاكة فيها وإجراء أرزاقهم، وتسهيل آلاتهم والإشراف علي أعمالهم.


وكان الخلفاء يقلدون أمر هذه الدور لخواصّهم وثقات مواليهم. وقد تعددت دور الطراز وانتشرت في أرجاء مختلفة لا سيما في المدن التي تمَّيز حاكتها بالمهارة. وكان لبعض الأمراء في الأقاليم والولايات دور طراز خاصة بهم. كما أن هذه الدور لم تقتصر علي نسيج الثياب فحسب، بل أخذت تنتج البسط والفرش والأعلام والبنود إلي جانب ذلك57


ب. الصناعات المعدنية واستخراج المعادن قام كثير من الصناعات المعدنية في بعض مدن الدولة الإسلامية وأقاليمها، وكانت مصنوعاتها تُحمل إلي أقاليم أخري. فقد عرفت اليمن منذ عهد قديم بصناعة السيوف المشهورة باليمانية58. كما كانت بعض مدن ما وراء النهر كخوارزم و فرغانة و سمرقند واسبيجاب تصنع السيوف والدروع59. واشتهر اقليم خراسان كذلك بصناعة السيوف وتطبيعها، وعمل الجواشن والدروع60.


وأهم الصناعات المعدنية التي كانت في إقليم الجزيرة قامت في الموصل وحرَّان ونصيبين. إذ كانت تصنع في الموصل مختلف المصنوعات الحديد كالسلاسل والسكاكين والأسطال والنشاب، وتصنع في نصيبين الموازين والدوايات (المحابر) والكوانين (المواقد والمدافي‏ء)، واشتهرت حرَّان بصنع الموازين، وكانت بصحة موازينها و دقتها مضرب الأمثال، كذلك اشتهرت بصنع الآلآت الهندسية مثل الإسطرلاب و غيره من الآلآت الدقيقة الأخري61.


و في صناعة الصُّفر والأدوات النحاسية، فقد اشتهرت الموصل بصناعة أواني الطعام النحاسية62، و دمشق بصناعة الصفريات وبفن تكفيت المعادن بالذهب والفضة وهي صنعة تعرف بالصناعة الدمشقية63.


وكانت القماقم النحاسية تصنع في مدينة قاشان في اقليم الجبال64. كما اشتهر اقليم سجستان بصنع المشارب السّجزية نسبة إلي الاقليم، وأدوات الصفر والشبه الأخري65.


وكانت تصنع في سمرقند القدور العظيمة الحجم من النحاس والقماقم الجيدة66.


واختصت مدينة القدس بصنع القناديل67. واشتهرت كل من مدينة خوارزم واصفهان ونيسابور بصنع الأقفال68.


ومن الصناعات المعدنية المهمة العمل في استخراج المعادن التي انتشرت مناجمها في عدد من الأقاليم. فقد كانت في ما وراء النهر عدة مناجم لا سيما في جبال فرغانة التي استخرجوا منها الذهب والفضة والزيبق والزاج والحديد والصفر والفيروز والنشادر والفحم الحجري69. ووجد الذهب في مواضع علي شواطي‏ء نهر وخَّاب وهو أحد فروع نهر جيحون، بقطع صغار مثل رؤوس الإبر70. كما استخرجوا الذهب من وادي خَصْنَك بسمرقند71. واستخرجوا من جبال الباميان عند مدينة بلخ النحاس والرصاص والزيبق72. وكانوا يجمعون الذهب من مياه السيول الجارية في منطقة خُتَّل شمالي طخارستان73. واستخرجوا بمدينة بَذْخَشان بالمنطقة نفسها الياقوت والبلور واللازورد وحجر البازهر، وحجر الفتيلة وهو يشبه البردي لا تحرقه النار، يوضع في الدهن فيتقد كما تتقد الفتيلة ولا ينقص، ويُطرح في النار المتأججة فلا يحترق، وكذلك استخرجوا حجراً يجعل في البيت المظلم فيضي‏ء74. وكان بأسبرة جبل حجارته سود تحترق كما يحترق الفحم، كانوا يستخرجونها وتباع كل ثلاثة أوقار منه بدرهم فإذا ما احترق واشتد رماده استعملوه لتبيض الثياب75.


واستخرجوا الذهب والفضة والحديد والنحاس والنشادر والتوتيا من مناجم مدينة دمندان باقليم كرمان، وخاصة من جبال القُفص76.


وكانت توجد في اقليم الرحاب بعض المناجم يستخرج منها الذهب والفضة والحديد والنحاس والزاج والزيبق77.


وكانوا يستخرجون الزبرجد من صعيد مصر من قرية منقطعة عن العمارة78. واستخرجوا الشّب من بعض جبال مصر وكان يعتبر من عجائبها79.


وكان في بلاد المغرب عدد من المناجم، وقد استخرجوا الذهب والفضة من سجلماسة، والزيبق من مدينة جيّان80. وكان علي مقربة من القيروان مدينة يقال لها مجانة و في جبالها معادن الفضة والحديد والكحل والرصاص، ويقال إن أهل هذه المدينة من سنجار من ديار ربيعة81. واستخرجوا الشّب من مدينة سرت وكانت كمياته غزيرة، وقد عرف باسمها، وكان يُصدَّر منه كثير82.


وقد استخرجوا الذهب من المنطقة الممتدة من ينبع والمروَة علي ساحل بحر القلزم، ومن سبأ بمدينة اليمن83. كما كانوا يجمعون التبر من بلاد البُجَة لاستخراج الذهب، ومن وادي العلاقي بعد اسوان وما حواليها، وكان التجار و غيرهم ممن يعمل علي استخراجه يستخدمون العبيد السود في الحفر، فيخرجون التبر كالزرنيخ الأصفر84.


و في بلاد الشام استخرجوا الحديد من جبال بيروت، والمغرة من حلب، والكبريت من الأغوار85.


كما استخرجوا الشّب في بلاد اليمن وقالوا عنه إنه ماء يتقطر من جبل شاهق فإذا صار في قعره تجمّد وصار مادة الشب86. واشتهرت اليمن بالعقيق الجيد، ومن أراد الحصول عليه اشتري قطعة أرض بموضع في صنعاء، ثم حفر، فربما خرج له شيء منه شبه صخرة أو أقل، وأجود أنواعه ما استخرج من مُقْري وجبل يقال له قساس، وكان يحمل بعضه إلي البصرة، وأغلاه ثمناً البقراني. أما المعرق من الجزع فكانوا يتخذون منه الأواني لكبر حجمه87.


أما النفط فكانوا يستخرجونه من مدينة باكه أو باكوه علي شاطي‏ء بحر الخزر88، ومن خوزستان، وكان فيها جبل تتقد فيه النار أبداً لا تنطفي‏ء، ويري الاصطخري أن سبب ذلك وجود نفط أو زفت، وقعت فيه النار فظل متقداً89.


وعندما يمر نهر الفرات بقرب مديند بالس يشق جبل بارما الممتد وسط الجزيرة و فيه عيون للنفط والقار90. كما استخرجوا القار من الموصل91.


ج. صناعة السجّاد والبسط والستائر إن صناعة السجاد صناعة عربية قديمة، وقد ازدهرت في العراق مع ازدهار الحضارة، وبلغت درجة ممتازة من الرقي. فقد اشتهرت مدينة واسط بالصوف الجيد وبصناعة السجاد، وكانت تصنع الستور التي كانت مضرب الأمثال92. وكان الصوف يُحمل منها إلي أرمينيا فيغزل وتنسج منه البسط الأرمنية المشهورة93. وكانت تصنع بمدينة ميسان البسط الفاخرة المنسوبة إليها، والستور الحريرية وأنواع الفرش والأنماط والوسائد94. وكانت الطنافس الجيدة تصنع في مدينة الحيرة قديماً، ولذا فإن الطنافس التي كانت تصنع في النعمانية تسمي الطنافس الحيرية، وكانت ترسم عليها زخارف ورسوم الحيوانات كالفيلة والسباع والخيل والجمال والطيور95. واشتهرت الموصل بصنع الستور الجيدة والمسوح، وتحمل منها إلي بلدان أخري96.


و في مصر اشتهرت مدينة الفيوم بعمل الستور الثمينة والبسط الطوال، والخيام والفساطيط العظام من الصوف والكتان، وتصبغ بألوان ثابتة بتصاوير وزخارف متنوعة، وقد يبلغ طول الستارة الواحدة ثلاثين ذراعاً فأكثر، وقيمة الزوج منها حوالي ثلاثمئة دينار97.


وكان اقليم الرحاب مشهوراً بصناعة الفرش والبسط الرقاع، والبراذع، واللبود، من الصوف98. والمقاعد المعروفة بالأرمنية، والأنخاخ وهي البسط الطوال، ما يقل نظيره ولا يوجد بجودته99. وذكر ابن الجوزي في حوادث سنة 299 ه·· أن يوسف بن أبي الساج والي أرمينيا وأذربيجان بعث بهدايا إلي الخليفة المقتدر باللّه، فيها فرش أرمني لم يُر مثله، فيه بساط طوله سبعون ذراعاً وعرضه ستون ذراعاً، عمل في عشر سنين، لا تُقدَّر قيمته100.


واشتهرت بعض مدن الأقاليم الشرقية بصناعة البسط والسجاد والستائر والفرش الرفيعة، مثل فسا وشيراز اللتين اشتهرتا بعمل البسط والستور المنسوبة إليهما101.


د. صناعة الفخار والخزف والزجاج كانت صناعة الفخار والخزف والزجاج أهم صناعة تتطلب مهارة فنية وخبرة طويلة، وقد اشتهرت بها بعض المدن في هذا القرن. وتدل الحفريات التي أجريت في بعض المدن العراقية القديمة علي أن صناعة الفخار والخزف قديمة جداً في العراق، وأنها بلغت درجة عالية من الكمال، لذا لا غرابة إن انتعشت هذه الصناعة بعد إنتقال مركز الدولة العربية إلي العراق وتأسيس مدينتي بغداد و سامراء. فقد انتقل إلي بغداد حذَّاق أهل الصناعات وقد أتوها من كل بلد، وقد سبقت الإشارة إلي ذلك، كما ذكر أن المعتصم باللّه استقدم إلي سامراء من يعمل الخزف والزجاج من البصرة والكوفة.


لقد اشتهرت بغداد بصناعة الخزف ذي الألوان الجميلة الزاهية والغضار المذهب، وهو نوع ممتاز من الخزف سنأتي علي وصفه، والزجاج المحكم كالأقداح والكاسات والطاسات والغضائر102. وكانت الكوفة متفوقة في هذه الصناعة أيضاً، وبالقرب منها مدينة الحيرة التي كانت تصنع فيها الجرار والأواني الزاهية الألوان103.


ويظهر أن سامراء بعد تأسيسها أصبحت من المراكز المهمة لهذه الصناعة، فقد عثر في أثناء الحفريات التي أجريت فيها (1936 ـ 1939) علي أنواع متعددة من الأواني والقطع الفخارية وعلي خزفيات متنوعة في أشكالها وألوانها ووجوه استعمالها، وكانت بعض القطع من الخزف البرّاق، وهي كسرات من صحون واللون الغالب فيها الارجواني والقهوائي104.


ويعتبر البريق المعدني الذي يكسب المينا أو المادة الزجاجية لمعاناً خزفياً ذا تأثير بديع، من ابتكار الخزَّاف العراقي105. كما عثر بسامراء علي مجموعة عظيمة الأهمية من بقايا قطع الزجاج البلوري تزيّنها زخارف محفورة حفراً غائراً، ويمكن اعتبار هذه المخلفات من انتاج العراق، ويحتمل أن تكون من انتاج بغداد لما ذاع عنها من شهرة في صناعة الزجاج ذي الزخارف المقطوعة106.


ولوحظ في شرقي سور القادسية، وهي إحدي قري سامراء خرائب تكثر فيها كسر الزجاج، وكتل الزجاج المنصهر، والرماد، مما يدل علي وجود معامل كانت في هذا الموضع لصناعة الزجاج، ويؤيد هذا قول ياقوت الحموي عن القادسية بأنها قرية كبيرة يعمل فيها الزجاج107.


وكانت كراهة استعمال الأواني والأدوات المصنوعة من الذهب والفضة عاملاً مهماً في ابتكار الخزف الذهبي اللماع الذي عرف بالغضار. وهناك شبه تأييد بين العلماء الآثاريين أن هذا الغضار ابتكار عراقي ظهر في سامراء يوم كانت عاصمة الدولة العربية108. وصنعت من الغضار الذهبي تربيعات مزينة بزخارف نباتية وهندسية استخدمت في تزيين جدران القصور ومحاريب المساجد. وقد نقل قسم من هذه التربيعات إلي القيروان وحلي بها محراب مسجدها عندما أُعيد ترميمه في عهد الأمير الأغلبي أبي ابراهيم أحمد109.


كما كانت صناعة الزجاج قائمة في عدة من المدن التي حررها العرب من الروم، فلما ورثها العرب حسَّنوها فصار زجاجهم أقوي من الزجاج الروماني110. وقد اشتهرت من هذه المدن دمشق بصناعة الخزف والزجاج بحيث اعتبرت موطن الزجاج الجيد ذائع الصيت111.


ويظهر أن لتوفر المواد الخام الجيدة أثراً في ذلك. وقد تقدمت هذه الصناعة في العهد العربي بما أدخل عليها من تحسينات ولا سيما في ناحية الزخرفة، فأصبحت القوارير والكؤوس والصراحيات و غير ذلك من الآنية تنقش برسوم الاشخاص، أو بالزخارف الهندسية، بالمينا الملونة وقد تُحلَّي بالذهب أحياناً. ويظهر أنّ الفن العراقي قد أثر علي صناعة الخزف في دمشق حيث ظهرت بعض النماذج محلاَّة برسوم وزخارف منقولة عن الخزف العراقي112.


كما اشتهرت مدينة القدس بصنع المرايا الجيدة113. واشتهرت صور بصنع الزجاج والخرز114.


وبلغت صناعة الزجاج في مصر درجة كبيرة من الاتقان في عهد إمارة بني طولون، وكانت مراكز هذه الصناعة الفسطاط والفيوم و الاسكندرية115.


ه·· . صناعة الجلود اختصت بغداد بصنع نوعين من الجلود هما الدارش واللكاء116. واشتهرت مدينة زبيد باليمن بدباغة الجلود وصناعتها، وكانت اليمن تصدر الأدم، وهي الجلود المدبوغة وعليها صوفها أو شعرها أو وبرها، إلي عدد من البلدان117.


وكانت تصنع في مصر الجلود الجيدة الثخينة الصبورة علي الماء118. وكان التجار يحملون من المغرب جلود الفراء كالسمّور و غيره119.


واشتهرت من مدن ما وراء النهر مدينتا الجرجانية وبخاري بدباغة الجلود، وبخاصة جلود الضأن، وكذلك مدينة الجوزجان التي كانت تحمل منها الجلود المدبوغة إلي أقطار أخري، واشتهرت خوارزم بصناعة القلانس وجلود الفرو كجلود السمور والمسك والسنجاب والفنك والأرنب والثعالب، كما كانت تصنع في مدينة الشاش السروج الجيدة بعد أن تجلب الجلود من تركستان وتدبغ فيها120. وكذلك اشتهر اقليما الجبال والديلم بصنع الفرو من جلد السمور والفَنَك والوشق والسنجاب والثعالب121.


و. صناعة الصابون والعطور وكان الصابون يصنع في كثير من المدن، إلا أن النوع الجيد المشهور الذي يُحمل إلي البلدان الأخري اختصت بصناعته بعض المدن. فقد اشتهرت الرَّقُة بإقليم الجزيرة بصنع الصابون الجيد المنسوب إليها، واشتهرت مدن فلسطين بصناعة الأنواع الجيدة من الصابون، ومن مدن ما وراء النهر اشتهرت كل من مدينة بلخ ومدينة ترمذ في صناعة الصابون، وكذلك بصناعته مدينة أرَّجان وكان يحمل منها إلي بلدان متعددة122.


وكان أفضل نوع من ماء البنفسج يعمل في البصرة، كما كان يعمل الدهن الخيري و دهن البنفسج في الكوفة، وهو في غاية الجودة ويفضل علي جميع الدهون المماثلة123. واشتهرت دمشق كذلك بصنع دهن البنفسج الجيد124. واختصت بخاري بصنع الدهن الخاص بالرأس125.


واشتهرت بصنع دهن الزنبق، وكانت مدينة الفرما أشهر المدن باستخراجه، و دهن البلسان الذي يتخذ من نبات البلسان، وقد سماه الإصطخري وابن حوقل نبات البلسم126، ويقول إنه مفقود في كل الأرض ما خلا مصر127.


ز. صناعات أخري من المنتوجات التي كانت تصنع في بعض البلدان وتحمل إلي بلدان أخري، السمن وزيت الطعام، والكاغد، والحصر والحبال. وقد اشتهر اقليم الجزيرة، ومدينة بلخ في ماوراء النهر بتصدير السمن128، وذلك لتوافر المراعي فيها وعنايتها بتربية الماشية. وكانت كل من الموصل وبخاري تصدّر الشحوم129. واستخرجت مصر زيت الفجل واشتهرت بذلك مدينة الفرما130. وكان هذا الزيت يستعمل للمصابيح. أما زيت السمسم فكانت مدينة تكريت تعتبر معدن السمسم131، وبالنظر لوفرة انتاجه فيها فلا شك في أنها كانت تُعني باستخراج زيته وتصديره. ومن أهم البلدان الأخري التي اشتهرت بزراعته مصر، و سنجار، وبلخ، ووادي شلت قرب مدينة تاهرت بالمغرب132. كما اشتهرت بعض مدن خراسان بزراعته واستخراج زيته133. وقد سبقت الإشارة إلي أهم مناطق زراعة الزيتون واستخراج زيته في موضوع الحاصلات الزراعية.


أما صناعة الكاغد فقد كان الصينيون قد عرفوه منذ مطلع القرن الثاني الميلادي، وتطورت صناعته علي أيديهم، وصارت الصين المصدر الوحيد لورق الكتابة، وظلت كذلك مدة طويلة. وقد مرّت ستة قرون قبل أن تنتقل هذه الصناعة غرباً نحو سواحل البحر المتوسط. فقد هاجمت في العام 751 للميلاد حملة صينية مدينة سمرقند التي كان قد افتتحها الحرب، فدُحرت الحملة ووقع بعض أفرادها أسري بيد العرب. وكان بعض هؤلاء الأسري ماهرين بصناعة الورق، فأخذوا يصنعونه في سمرقند. وكان الكتان والقنب المادة الأولية لصناعته. ومما ساعد علي تصنيعه فيها توافر الكتان والقنب و غزارة مياهها الصالحة لصناعته134.


ولما انتشر استعمال الورق في أرجاء الدولة العربية بسبب الازدهار الحضاري والتقدم العلمي، واستعماله في العدد العظيم من المخطوطات العربية، فقد انتقلت صناعته في خلال القرن الثامن للميلاد إلي بغداد135. وقد ظهر أول مصنع للورق فيها العام 794 للميلاد، وأخذ يستخدم في دواوين الدولة136، وكان ذلك في عهد الخليفة هارون الرشيد. ثم مالبثت صناعته أن انتقلت إلي دمشق، ثم إلي مصر. ولم تصل صناعته إلي أوروبا إلا في القرن الثاني عشر للميلاد، عن طريق الأندلس.


وقد طور العرب صناعة الورق عندما استعملوا الخرق والألياف النباتية، بعد أن كان يصنع من الكتان والقنب. وأنتجوا أنواعاً جديدة منه، مثل ورق الحرير، والورق الأبيض والملون137.


وظلّ الورق من الصناعات الرئيسة في سمرقند، وكان ما يصنع فيها لا نظير له بالجودة والكثرة138. كما أنه أخذ يصنع في دمشق وطبريا من بلاد الشام139.


ومن الصناعات الأخري الواسعة الانتشار صناعة الحُصُر والحبال. وقد اشتهرت بعض المدن باتقان صنعهما، مثل عبادان آخر حدود العراق مع خوزستان، إذ كان أكثر أهلها صُنَّاعاً في البصرة وهم يعملونها من الحلفاء140. وكانت الحصر والحبال تعمل في مصر كذلك وبخاصة في مدينة الفَرَما، وهم يعملونها من اللِّيف بغاية الجودة141. و في مصر حشيشة يقال لها الدقس كان يتخذ منها حبال للسفن تسمي القرقس142. وكانت الحبال الجيدة تصنع أيضاً في مدينة القدس143. كما كانت الحصر والحبال تصنع من الليف في سجستان144.











1. أبو زيد عبدالرحمن بن محمد بن خلدون «العبر و ديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» مقدمة ابن خلدون، 7ج (مصر: المطبعة الخيرية، 1904، ص 219.


2. أبوالفرج علي بن الحسين الأصبهاني، الأغاني (القاهرة: وزارة الثقافة و الارشاد القومي، [د.ت.])، ج 5، ص 33، وأبو الطيب محمد أحمد الوشَاء «الموشي أو الظرف والظرفاء» حقَقه كمال مصطفي، ط 2 (القاهرة: مكتبة الخانجي، 1953)، ص 123.


3. اليعقوبي، البلدان، ص 251.


4. المصدر نفسه، ص 264.


5. الدوري، «تاريخ العراق الاقتصادي في القرن الرابع الهجري» ص 81.


6. محمد عبد العزيز مرزوق «العراق مهد الفن الاسلامي» (بغداد: وزارة الاعلام، 1971)، ص 57 ـ 59.


7. عبد الرحمن بن نصر الشيزري «نهاية الرتبة في طلب الحسبة» تحرير السيد الباز العريني، إشراف محمد مصطفي زيادة (القاهرة: لجنة التأليف والترجمة والنشر، 1946)، ص 65.


8. المصدر نفسه، ص 69 ـ 71.


9. المصدر نفسه، ص 72.


10. المصدر نفسه، ص 73.


11. المصدر نفسه، ص 77 ـ 79.


12. توماس أرنولد [وآخرون] «تراث الإسلام» عرّبه وعلّق حواشيه جرجيس فتح اللّه، ط 3 (بيروت: دار الطليعة، 1978)، ص 200.


13. المقدسي، أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، ص 128.


14. الدوري، تاريخ العراق الاقتصادي في القرن الرابع الهجري، ص 90.


15. أبو العباس أحمد بن عبد الوهاب النويري، نهاية الأرب في فنون الأدب (القاهرة: وزارة الثقافة و الارشاد القومي، [د.ت ])، ج 1، ص 369.


16. أبو الحسن أحمد بن الزبير، الذخائر والتحف، تحقيق محمد حميد اللّه، التراث العربي، 1 (الكويت: دائرة المطبوعات والنشر، 1959)، ص 64.


17. أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (حيدر آباد الدكن: دائرة المعارف العثمانية، 1938 ـ 1939)، ج 10، ص 244.


18. أرنولد [وآخرون]، تراث الاسلام، ص 201.c


19. المسعودي، مروج الذهب و معادن الجوهر، ج 4، ص 86.


20. شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي، معجم البلدان، 5 ج (بيروت: دار صادر، 1975)، ج 2، ص 274.


21. المقدسي، أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، ص 128.


22. النويري، نهاية الأرب في فنون الأدب، ج 1، ص 370.


23. المقدسي، المصدر نفسه، ص 128.


24. النويري، المصدر نفسه، ج 1، ص 319.


25. الهمذاني، مختصر كتاب البلدان، ص 252، الجاحظ، التبصر بالتجارة، ص 19.


26. المقدسي، أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، ص 128.


27. المصدر نفسه، ص 128.


28. الدوري، تاريخ العراق الاقتصادي في القرن الرابع الهجري، ص 92.


29. المقدسي، المصدر نفسه، ص 145.


30. الجاحظ، التبصر بالتجارة، ص 30.


31. أبو القاسم عبيد اللّه بن عبدالله بن خرداذبه، المسالك والممالك، تحقيق ميخائيل دوغويه، المكتبة الجغرافية العربية، 6(ليدن: مطبعة بريل، 1898)، ص 71، وابن رسَتة، الأعلاق النفيسة، ص 112.


32. ابن حوقل، صورة الأرض، ص 290، والمقدسي، أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، ص 380.


33. ابن حوقل، المصدر نفسه، ص 294، المقدسي المصدر نفسه، ص 381، و الهمذاني، مختصر كتاب البلدان، ص 297. و فيها أن القرمز دودة حمراء تظهر أيام الربيع فتلتقط ثم تطبخ ويصبغ بها.


34. ابن حوقل، المصدر نفسه، ص 296.


35. اليعقوبي، البلدان، ص 338، وابن خرداذبه، المسالك والممالك، ص 204.


36. ياقوت الحموي «معجم البلدان» ج 2، ص 473.


37. المقريزي «الخطط المقريزية المسماة بالمواعظ و الاعتبار بذكر الخطط والآثار» يختص ذلك بأخبار إقليم مصر والنيل وذكر القاهرة وما يتعلق بها وبإقليمها، ج 1، ص 226، وذكرها باسم ذَبْيَق.


38. المقدسي «أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم» ص 204.


39. اليعقوبي «البلدان» ص 331.


40. المقريزي «الخطط المقريزية المسماة بالمواعظ و الاعتبار، بذكر الخطط والآثار» يختص ذلك بأخبار إقليم مصر والنيل وذكر القاهرة وما يتعلق بها وبإقليمها، ج 1، ص 163 و 177، و موريس سفن ديماند، «الفنون الاسلامية» تصدير أحمد فكري، ترجمة أحمد محمد عيسي، ط 2 (القاهرة: دار المعارف، 1954)، ص 250.


41. اليعقوبي «البلدان» ص 237 ـ 238، الهمذاني «مختصر كتاب البلدان» ص 252، و ياقوت الحموي «معجم البلدان» ج 2، ص 51.


42. ابن حوقل «صورة الأرض» ص 143، والمقريزي، المصدر نفسه، ج 1، ص 177.


43. ديماند «الفنون الاسلامية» ص 250.


44. اليعقوبي «البلدان» ص 338، وزيدان «تاريخ التمدن الاسلامي» ج 1، ص 125.


45. المقدسي، أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، ص 81.


46. الإصطخري، الأقاليم، ص 85، والهمذاني، مختصر كتاب البلدان، ص 254.


47. الهمذاني، المصدر نفسه، ص 254، وابن حوقل، صورة الأرض، ص 322.


48. المقدسي، أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، ص 296.


49. الإصطخري، الأقاليم، ص 92.


50. ابن حوقل، صورة الأرض، ص 323.


51. المقدسي أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، ص 359.


52. الإصطخري، الأقاليم، ص 92، وابن حوقل، المصدر نفسه، ص 323.


53. المقدسي، المصدر نفسه، ص 402 و 416، والإصطخري، المصدر نفسه، ص 54.


54. المقدسي، المصدر نفسه، ص 470، و ابن حوقل، المصدر نفسه، ص 271.


55. ابن حوقل، المصدر نفسه، ص 375 ـ 376 و 404، والمقدسي، المصدر نفسه، ص 324 ـ 325.


56. المقدسي، المصدر نفسه، ص 325، و ياقوت الحموي، معجم البلدان، ج 3، ص 283.


57. حول دور الطراز، انظر: ابن خلدون، مقدمة ابن خلدون، ص 145، والدوري، تاريخ العراق الاقتصادي في القرن الرابع الهجري، ص 95.


58. الهمذاني، مختصر كتاب البلدان، ص 252.


59. المقدسي، أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، ص 325.


60. المصدر نفسه، ص 328، والهمذاني، المصدر نفسه، ص 354.


61. المقدسي، المصدر نفسه، ص 145 و 141. ومتز، الحضارة الاسلامية في القرن الرابع الهجري أو عصر النهضة في الاسلام، ج 2، ص 310.


62. أرنولد [وآخرون]، تراث الاسلام، ص 181 ـ 182.


63. المصدر نفسه، ص 180 ـ 181، والمقدسي، المصدر نفسه، ص 180.


64. المقدسي، المصدر نفسه، ص 396.


65. الهمذاني، مختصر كتاب البلدان، ص 254.


67. المصدر نفسه، ص 180.


68. المصدر نفسه، ص 325 و 396، والهمذاني، المصدر نفسه، ص 245.


69. الإصطخري، الأقاليم، ص 118 ـ 119، المصدر نفسه، ص 326، وابن حوقل، صورة الأرض، ص 402.


70. ابن رستة، الأعلاق النفيسة، ص 93.


71. اليعقوبي، البلدان، ص 292.


72. المصدر نفسه 7، ص 289.


73. الإصطخري، الأقاليم، ص 115.


74. المصدر نفسه، ص 110، والمقدسي، أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، ص 303.


75. الإصطخري، المصدر نفسه، ص 120، وابن حوقل، صورة الأرض.


76. المقدسي، المصدر نفسه، ص 470، والهمذاني، مختصر كتاب البلدان، ص 206.


77. الإصطخري، المصدر نفسه، ص 82 و 88، والهمذاني، المصدر نفسه، ص 297.


78. الإصطخري، المصدر نفسه، ص 27.


79. الهمذاني، المصدر نفسه، ص 76.


80. المصدر نفسه، ص 87، والمقدسي، أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، ص 231.


81. اليعقوبي، البلدان، ص 349.


82. ابن حوقل، صورة الأرض، ص 71.


83. المقدسي، أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، ص 101، وابن رستة، الأعلاق النفيسة، ص 113.


84. الإصطخري، الأقاليم، ص 15، 18، 29، واليعقوبي، البلدان، ص 334.


85. المقدسي، المصدر نفسه، ص 184.


86. الهمذاني، مختصر كتاب البلدان، ص 247.


87. المصدر نفسه، ص 36، والمقدسي، المصدر نفسه، ص 101.


88. الإصطخري، الأقاليم، ص 82.


89. المصدر نفسه، ص 53 ـ 54، والمقدسي، المصدر نفسه، ص 402.


90. الإصطخري، المصدر نفسه، ص 42.


91. المقدسي، المصدر نفسه، ص 145.


92. المصدر نفسه، ص 129، والدوري، تاريخ العراق الاقتصادي في القرن الرابع الهجري، ص 94.


93. اليعقوبي، البلدان، ص 322.


94. الجاحظ، التبصر بالتجارة، ص 32.


95. ابن رستة، الأعلاق النفيسة، ص 186، ومتز، الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري أو عصر النهضة في الإسلام، ج 2، ص 304.


96. الجاحظ، المصدر نفسه، ص 33.


97. ابن حوقل، صورة الأرض، ص 149.


98. الجاحظ، المصدر نفسه، ص 34.


99. ابن حوقل، المصدر نفسه، ص 296.


100. ابن الجوزي، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، ج 6، ص 110.


101. المقدسي، أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، ص 433، وابن حوقل، المصدر نفسه، ص 261.


102. الهمذاني، مختصر كتاب البلدان، ص 252.


103. الدوري، تاريخ العراق الاقتصادي في القرن الرابع الهجري، ص 98.


104. العراق، مديرية الآثار القديمة العامة، حفريات سامراء، 1936 ـ 1939 (بغداد: مطبعة الحكومة، [د.ت.]، ص 10.


105. أرنست كويل، الفن الاسلامي، ترجمة أحمد موسي (بيروت: دار صادر، 1966)، ص 41.


106. ديماند، الفنون الإسلامية، ص 233 ـ 234.


107. المصدر نفسه، ص 175، و ياقوت الحموي، معجم البلدان، ج 4، ص 293.


108. مرزوق، العراق مهد الفن الاسلامي، ص 70.


109. المصدر نفسه، ص 71.


110. الدوري، تاريخ العراق الاقتصادي في القرن الرابع الهجري، ص 99.


111. جوزيف مِل، الحضارة العربية، ترجمة ابراهيم أحمد العدوي، مراجعة حسين مؤنس، الألف كتاب، 88 (القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، 1956)، ص 92.


112. أرنولد [وآخرون]، تراث الإسلام، ص 195 ـ 196.


113. المقدسي، أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، ص 180.


114. المصدر نفسه، 180.


115. ديماند، الفنون الاسلامية، ص 234.


116. الهمذاني، مختصر كتاب البلدان، ص 252 ـ 253.


117. المقدسي، أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، ص 98، و ابن رستة، الأعلاق النفيسة، ص 112.


118. اليعقوبي، البلدان، ص 322، والمقدسي، المصدر نفسه.


119. ابن خرداذبه، المسالك والممالك، ص 153.


120. المقدسي، أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، ص 324 ـ 325، 370 و 375.


121. المصدر نفسه، ص 396، واليعقوبي، البلدان، ص 287.


122. المقدسي، المصدر نفسه، ص 145، 180، 324 و 442.


123. المصدر نفسه، ص 128، وابن حوقل، صورة الأرض، ص 261.


124. المقدسي، المصدر نفسه، ص 181.


125. المصدر نفسه، ص 324.


126. المصدر نفسه، ص 203 ـ 204، الإصطخري، الأقاليم، ص 29، و ابن حوقل، صورة الأرض، ص 150.


127. الجاحظ، التبصر بالتجارة، ص 32.


128. المقدسي، المصدر نفسه، ص 145 و 324.


129. المصدر نفسه.


130. المصدر نفسه، ص 203.


131. المصدر نفسه، ص 123.


132. المصدر نفسه، ص 324، اليعقوبي، البلدان، ص 358، وابن حوقل، صورة‏الأرض، ص 129 و 199.


133. المقدسي، المصدر نفسه، ص 324.


134. EncycIopaedia Britannica. vol. 17. p. 280.


135. المصدر نفسه،ج 17، ص 280.


136. أرنولد [وآخرون]، تراث الاسلام، ص 462، وهلْ، الحضارة العربية، ص 326.


137. هلْ، المصدر نفسه، ص 93.


138. المقدسي، أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، ص 326.


139. المصدر نفسه، ص 180 ـ 181.


140. المصدر نفسه، ص 118.


141. المصدر نفسه، ص 204.


142. الهمذاني، مختصر كتاب البلدان، ص 66.


143. المقدسي، المصدر نفسه، ص 180.


144. المصدر نفسه، ص 324.

/ 1