دور الشیخ الطوسی (قدس سره) فی علوم الشریعة الاسلامیة (1) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

دور الشیخ الطوسی (قدس سره) فی علوم الشریعة الاسلامیة (1) - نسخه متنی

سید ثامر هاشم عمیدی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید










دور الشيخ الطوسي قدس سره في علوم الشريعة الاِسلامية (1)

السيّـد ثامر هاشم العميدي

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله ربّ العالمين حمداً كثيراً لا يُحصى بِعَدّ، والصلاة والسلام على أشرف الاَنبياء والمرسلين أبي القاسم محمّد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين قادة أهل الحلّ والعقد، وصحبه الاَخيار المخلصين الموفين بالعهد، ومن اتّبعهم بإحسان إلى الاَبد.



وبعـد:


ليست الغاية من الحديث عن دور العظماء والعباقرة في تاريخ الثقافة الاِسلامية، اكتشاف نبوغهم، أو بيان منزلتهم، أو تثقيف العقول برصيدهم الفكري وعطائهم الثرّ، فحسب.


ولا الهدف من إقامة المؤتمرات والندوات العلمية في ذكراهم موقوفاً على إظهار ما لهم، والتغنّي بآثارهم وأمجادهم وإن كان كلّ ذلك مقصوداً؛ بل الغاية أبعد، والهدف أعمق من ذلك بكثير، وتحقيقهما لا يكون إلاّ عن

طريق تحويل تلك الاَدوار الزاخرة بالعلم والمعرفة إلى قوّة جديدة وطاقة محرّكـة للحياة، مـع تشخيص مـا في ذلك العطاء القيّـم مـن نقاط انطلاق لـم تبلها سعـة المسافات الزمنية الفاصلة بيننا وبين عصور أُولئك العباقرة العظام.


وليس هناك ذرّة شكّ بأنّ على رأس العباقرة العظام الاِمام أبا عبد الله جعفر بن محمّـد الصادق عليه السلام (ت 148 هـ)، ذلك الاِمام العظيم الفذّ، والعبقري الفرد، عديم النظير في عصره شرفاً وعلماً وأدباً وأخلاقاً وفضلاً ونُبلاً وسموّاً.


فقـد استطاع وبكـلّ جدارة أن يُعيد للاِسلام قوّتـه، ويرسي قواعـد الفكر الصحيح على أُسسه، فاضطلع عليه السلام بمهمّة التغيير الكبرى على أوسع نطاق، خصوصاً وقد شاهد خطورة الموقف الاِسلامي إزاء تلوّث المجتمع بالمفاهيم الدخيلة الوافدة إليه عن طريق الفلسفات الاَجنبية التي تسلّلت رويداً إلى ساحته عبر القنوات الكثيرة التي شقّتها فتوحات العصر الاَُموي (40 ـ 132 هـ) وأوائل العصر العبّاسي (132 ـ 234 هـ)، وما نتج عن ذلك من نشوء التيّارات الفكرية الخطيرة، مع بروز حركة الزندقة بفعل تلك الرواسب الثقافية الدخيلة، فضلاً عن استشراء الفساد الخُلقي في عاصمة الخلافة ـ دمشق ثمّ بغداد ـ على أثر تصدير الانحراف إلى شرائح المجتمع من قصور الخلفاء أنفسهم، ويشهد على ذلك الكثير ممّا وصل إلينا من أدب البلاط في ذينك العصرين.


وقف الاِمام الصادق عليه السلام كالطود الاَشمّ بوجه تلك العواصف الكثيرة التي كادت أن تعصف بالاِسلام، وجاهد جهاداً علمياً عظيماً حتّى استطاع بحكمتـه وعطائـه وإخلاصه لله عزّ شأنـه أن يصبغ الساحة الفكرية والثقافية

ـ التي تدنّت بها القيم والاَخلاق ـ بمعارف الاِسلام العظيم ومفاهيمه الراقية، وتمكّن من تحويل تلك المفاهيم إلى غذاء روحي يومي، فنقلها من الواقع النظري إلـى حيّز التطبيق الفعلـي ابتداءً بمدرستـه العظيمـة التي كانت تضمّ ما يزيد على أربعة آلاف رجل وكلّهم من تلامذتـه وروّاد مدرسته عليه السلام ، فكانوا مشاعل نور أضاءت لكلّ ذي عينين من أفراد الاَُمّة ما أظلم عليه.


ونتيجة لهذا الجهاد العلمي المتواصل فقد اكتسب الواقع الثقافي الاِسلامي بفضل مدرسته المباركة مناعة قويّة ضدّ وباء الانحراف.


لقد استمرّت مدرسة الاِمام الصادق عليه السلام في أداء رسالتها، يغذّيها الاَئمّة من ولده عليهم السلام من بعده بفيض من علم النبوّة ونور الولاية، ولم يخبُ ضوؤها بتعاقب الزمان وتجدّد الملوان، ويشهد لذلك: أنّك واجد في كلّ عصر قطباً من أقطابها يُشار له بالبنان، وتُشدّ إليه الرحال من كلّ فجٍّ عميق.


وما الشيخ الطوسي رحمه الله إلاّ واحد من أُولئك الاَقطاب الّذين كان دورهم مميّزاً فيها على صعيد العلوم الاِسلامية بأسرها. وهو كما يقول أحد أبرز علماء العصر واصفاً جانباً من دوره العظيم:


«إنّ الشيخ الطوسي لم يكن وجوده ودوره على الخطّ العلمي تعبيراً عن مجرّد إضافة عدديّة إلى العلماء الّذين سبقوه، وإنّما كان منطلق رحلة جديدة من تطوّر الفكر الفقهي والاَُصولي في الاِطار الشيعي. وبالرغم من أنّ طاقات علمية تدريجية ـ مهّدت لهذا المنطلق ـ اندمجت فيه من قبيل العطاءات العلمية التي تعاقبت من ابن أبي عقيل، وابن الجنيد، والشيخ المفيد، والسيّـد المرتضى قدّس الله أرواحهم؛ فإنّ نبوغ الشيخ الطوسي هو الذي استطاع أن يصبّ كلّ تلك الطاقات في بناء علمي واحد، ويضيف إليها من عطائه وإبداعه ما هيّأ للعلم أسباب الانتقال إلى مرحلة جديدة من

مراحل النمو والتطوّر»[1].


ومن هنا يُعلم أنّ الاِحاطة التامّة بدور الشيخ الطوسي رحمه الله في العلوم الاِسلامية غير ممكنة في بحث سريع كهذا، لسعة تلك العلوم أوّلاً، وكثرة جهود الشيخ الطوسي رحمه الله المبذولة حولها ثانياً.


وكلّنا نعلم أنّ الشيخ رضي الله عنه كان إماماً من أئمّة المفسّرين لكتاب الله العزيز، ومعنى هذا أنّ بيان دور الشيخ في هذا الحقل بنحو التفصيل لا يتمّ مـا لم نعلم أنّ القرآن الكريم قد أثار جملة كثيرة من المسائل لم تزل مورد اختلاف المسلمين إلى اليوم، فضلاً عمّا أثاره من جوانب علمية أُخرى انضوت تحت عنوان «علوم القرآن الكريم»، والتي تعدّ من أهمّ الاَدوات اللازم توفّرها لمن يخوض لجج التفسير.


تُرى فما هو دور الشيخ الطوسي رحمه الله في علاج ما بيّنه القرآن من تلك المسائل، خصوصاً وهو قد تعرّض إلى تفسير القرآن الكريم آية بعد أُخرى؟!


كما نعلم أيضاً أنّ الشيخ من أساطين المحدّثين، والثابت أنّ العناية بالحديث الشريف وتنقيته ممّا لحق به على أيدي الوضّاعين قد أفرزت جملة واسعة من العلوم المرتبطة به ارتباطاً وثيقاً بحيث يؤدّي إهمالها إلى التخبّط في فهم النصّ على وجهه، إذ الباب موصدة أمام الوصول إلى غاياته ومعرفة مراميه، وتشخيص أهدافه، والوقوف على مقاصده. ولا يمكن أن يكون المحدّث محدّثاً ما لم يلمّ بأطراف تلك العلوم، خصوصاً الشيخ قدس سره ،
لاتّباعه منهجاً في الحديث لم يسلكه أحد قبله، هذا فضلاً عمّا في جمع الحديث، وتدوينه، وتبويبه، وإفراد كلّ موضوع بعنوان، وإعطاء كلّ مسألة فقهية أو أخلاقية أو عقائدية حقّها لا يتأتّى لكلّ أحد.


وهكذا الحال إذا رجعنا إلى العلوم الاِسلامية الاَُخرى كالفقه، والاَُصول، والعقائد، والفلسفة، والكلام، والاَخلاق، والتاريخ، وغيرها.


وإذا أدركنا أنّ حاجة تلك العلوم إلى اللغة العربية أمر لا بُدّ منه باعتبارها الاَداة المعبّرة عن ذلك ولا شيء سواها في مؤلّفات الشيخ قاطبة؛ اتّضح لنـا تضلّع الشيخ بفروعهـا المتعدّدة كالنحو، والصرف، والبلاغـة، والاَدب، ونحوها.


وهـذا يعنـي أنّ بيـان دور الشيخ في العلوم الاِسلاميـة تفصيلاً يتطلّب ـ زيادة على ما تقدّم ـ بيان كيفية توظيفه للّغة العربية وفروعها لخدمة أغراضه العلمية من جهة الاستدلال بها على صحّة المطلوب.


وعليه، فما ذكرناه من تعذّر الاِحاطة التامّة بدور الشيخ الطوسي رحمه الله فـي جميـع تلك الميادين لا يبرّر الاِعراض عنـه تمامـاً، ومـا لا يدرك كلّـه لا يترك جلّه، ولهذا سوف نبدأ بتعريف موجز عن حياة الشيخ الطوسي، ثمّ نعقّب بلمحات في دوره الكبير في علوم الشريعة الاِسلامية، وربّما قد نعرض بعض النكات العلمية في منهجه في تناول تلك العلوم حيثما تتطلّب الحاجة إلى إبراز دوره فيها، والله الموفّق للصواب.



الشيخ الطوسي في سطور:


هو الشيخ الاَجلّ أبو جعفر محمّد بن الحسن بن علي الطوسي رضي الله عنه ، أكبر من أن يُقال بحقّه: (ثقة)، وفوق أن يبجّل بـ: (عين)، وكيف لا يكون أكبر من جمل الثناء وهو إمام التفسير، والفقه، والفقه المقارن، والحديث، والرجال، والفهرسـة، والفلسفة، والكلام، والعقائد، والاَخلاق، والآداب العامّـة، والتاريخ؟!


وأيّ معنىً يبقى في سرد جمل الثناء بعد إجماع الشيعة على أنّه: (شيخ الطائفة)، ووصف غيرهم له بأنّه: (شمس العلماء)؟![2].


وكمثال آخر على عظمته، شُغف العلماء والباحثين قديماً وحديثاً من المسلمين والمستشرقين بالشيخ الطوسي وآثاره العلمية، ويكفي في ذلك أن بلغت مصادر الدراسة عنه أكثر من ثلاثمائة مصدر[3] ما بين كتاب كبير، أو بحث متوسط، أو مقال صغير، أو رسالة مفردة، أو ترجمة مطوّلة أو مختصرة، كما أُعدّت بشأنه بعض الرسائل الجامعيّة ونوقشت ببغداد[4] والقاهرة[5].


ولد رضي الله عنه في شهر رمضان سنة 385 هـ[6] في مدينة طوس على الاَرجح، وهي من مدن خراسان الشهيرة، التابعة إلى نيسابور قديماً.


ويدلّ على ولادته في طوس، أنّه نُسب إليها، مع أخذه العلم في أوان شبابه عن بعض مشايخ نيسابور قبل قدومه إلى العراق[7].


وبعـد مرور ثلاث وعشرين سنـة على ولادتـه هاجر إلى بغداد[8]، ومكث فيها أربعين سنة، الخمس الاَُولى منها قضاها تحت كنف الشيخ المفيد قدس سره ، تلتها ثلاث وعشرون سنة تحت رعاية السيّد المرتضى قدس سره ، ثمّ أعقبتها اثنتا عشرة سنة أُخرى كان فيها الشيخ الطوسي رحمه الله زعيم الشيعة الديني ببغداد، ثمّ هاجر بعد ذلك إلى النجف الاَشرف، وبقي فيها إلى أن وافاه أجلـه المحتوم فـي ليلة الاثنين 22 محـرّم الحرام 460 هـ، ودفن في داره الذي صار مسجداً فيمـا بعـد، ويعرف بمسجـد الطوسـي، ولا زال قبره رضي الله عنه مشيّداً في مسجده، وهو على مقربة من مرقد أمير المؤمنين عليه السلام في مدينة النجف الاَشرف.


وأمّا عن دوره في علوم الشريعة الاِسلامية، فيقتضي التطرّق إلى مؤلّفاتـه، فنقول:


للشيخ الطوسي رضي الله عنه مؤلّفات ضخمة نوعاً وكمّاً، ولا زال بعضها مرجعاً للكلّ، بعد أن كان الاَوّل من نوعه في تاريخ مؤلّفات الشيعة ممّا
أحدث ـ في وقته ـ نقلة جديدة في المسار الفكري، وتطوّراً واسعاً في بابه لا سيّما في حقول التفسير، والحديث، والفقه، والاَُصول، والرجال.


وبالجملة، فإنّ مؤلّفاته رضي الله عنه لم تفقد أهمّيتها العلميّة إلى الآن على الرغم مـن مرور أكثر من عشرة قرون على تأليفها، وقـد وصفها السيّـد محسن الاَمين رحمه الله بقوله: «هي من عيون المؤلّفات النادرة التي من شأنها أن توضع في أعلى رفّ من المكتبة العربية، إذا وضعنا مؤلّفات الناس في رفوف متصاعدة حسب قيمتها العلميّة»[9].


هذا، ويمكن توزيع مؤلّفات الشيخ الطوسي رضي الله عنه على أربع مراحل من مراحل حياته الشريفة، وهي المراحل التي امتدّت من فترة دخوله إلى بغداد سنة 408 هـ إلى حين وفاته في النجف الاَشرف سنة 460 هـ.


وأمّا السنوات التي أمضاها من عمره قبل وصوله إلى بغداد، فلم يعرف له تأليف فيها؛ والمتيقّن أنّه ـ بعد سنّ الطفولة ـ اشتغل في غضون تلك السنوات بتحصيل علوم الشريعة الاِسلامية، ويؤيّد ذلك أنّه ما أن وصل بغداد إلاّ وقد التحق ـ وهو في سنّ الثالثة والعشرين من العمر ـ بمدرسة الشيخ المفيد رحمه الله، الذي كان زعيماً للشيعة وقطبهم في وقته، وهذه السنّ لا تكفي لتحصيل سائر العلوم الاِسلامية والنبوغ فيها باستثناء القلّة القليلة من النابغين، كالمحمّـدين الثلاثة ونظرائهم رضي الله تعالى عنهم.


نعـم، كان وصوله إلى بغداد بدايةً لتلك المراحل التي ألمحنا إليها آنفاً، وهي:


المرحلة الاَُولى: ابتدأت من دخوله إلى بغداد سنة 408 هـ، وانتهت
بوفاة شيخـه المفيد سنـة 413 هـ، ودامت خمس سنوات، وهي المدّة التي قضاها مع الشيخ المفيد قدس سره في زعامته.


المرحلة الثانية: ابتدأت من سنة 413 هـ إلى سنة 436 هـ، ودامت ثلاث وعشرين سنة، وهي مدّة زعامة السيّد المرتضى (ت 436 هـ).


المرحلة الثالثة: ابتدأت من سنة 436 هـ إلى سنة 448 هـ، ودامت اثنتي عشرة سنة، وهي المدّة التي استقلّ بها الشيخ الطوسي رضي الله عنه بالزعامة الدينية المطلقة للشيعة ببغداد.


المرحلة الرابعة: ابتدأت من سنة 448 هـ إلى سنة 460 هـ، ودامت اثنتي عشرة سنة، وهي المدّة المتبقّاة من زعامته الدينية والتي انطوت في آخرها صفحة حياته الشريفة في النجف الاَشرف بعد أن حلّ بها مهاجراً من بغداد في بداية هذه المرحلة.


وبعد وضوح تلك المراحل التي احتوت على جميع مؤلّفات الشيخ زماناً ومكاناً، لا بُدّ من التعرّف على ما تناولته من العلوم الاِسلامية بعيداً عن توزيعها على تلك المراحل أو بيان فائدة ذلك التوزيع وأهمّيّته من الناحية العلميّة لِما بيّنّاه في بحث آخر عن الشيخ الطوسي رضي الله عنه وكتابيه التهذيب والاستبصار[10].


ولاَجل تلافي التكرار نكتفي بتقسيم مؤلّفات الشيخ رضي الله عنه على العلوم الاِسلامية، ومن ثمّ بيان دوره في تلك العلوم ما أمكن، فنقول:


من استقراء مؤلّفات الشيخ رضي الله عنه وتصنيفها بحسب العلوم، نجد أنفسنا أمام حقيقـة ثابتـة، وهي أنّ الشيخ الطوسي رضي الله عنه قـد تناول جميع العلوم
الاِسلامية الاَساسيّة والثانويّة، وهي:


1 ـ التفسير وعلوم القرآن الكريم.


2 ـ الحديث الشريف وعلومه.


3 ـ الرجال والترجمة والفهرسـة.


4 ـ الفقه الاِسلامي: الروائي، والمستنبط، والمقارن.


5 ـ أُصول الفقه.


6 ـ الفلسفة والكلام والعقائد.


7 ـ الاَخلاق وتهذيب السلوك.


8 ـ التاريخ.


9 ـ علوم مختلفة تناولها في أجوبة المسائل والرسائل.


10 ـ اللغة العربية وما يتّصل بها، كالنحو، والاِعراب، والبلاغة، والشعـر، وبمقدار مـا يتّصل منهـا بتوضيح النصّ وتيسير فهمـه، قرآناً كان أو سُنّـة شريفة.


11 ـ النقود والردود.


وفي ما يأتي بيان موجز عن دوره في تلك العلوم، نبدؤها بـ:



دوره في التفسير وعلوم القرآن الكريم:


لاَجل التعرّف على دور الشيخ الطوسي في ذلك، لا بُدّ من التعرّض السريع إلى تاريخ التفسير عند الشيعة الاِماميّة، فنقول:


ابتدأ نشاط الشيعة التفسيري بشكل ملحوظ في عصر الصحابة، بعد أن تأثّر حبر الاَُمّة ابن عبّـاس رضي الله عنه (ت 68 هـ) بتلميذ النبوّة الاَوحد وأُستاذ الكلّ في التفسير الاِمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه؛

إذ الثابت أنّ الوصيّ عليه السلام هو أعلم بالقرآن من كلّ أحد بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد أثبتت بعض الدراسات الاَكاديمية ذلك، وبرهنت عليه بدقّة، منطلقة من الاَحاديث الواردة بحقّـه عليه السلام ، كالتي بيّنت علمـه بالقرآن وصلتـه الوثقى به حتّى عُدّا قرينين، وكذلك من مصحفه الشريف المعروف بمصحف عليّ أو كتاب عليّ، الذي اشتمل على فنون التفسير وعلوم القرآن الكريم[11].


ويُعلم ذلك أيضاً من تتبّع ما نقل عن أمير المؤمنين الاِمام عليّ عليه السلام في التفسير وعلوم القرآن الكريم في كتب الحديث والتفسير التي اختصّ أهلها بالذود عن تراث أهل البيت عليهم السلام والتفاني في حفظه وتدوينه.


وإلـى ذلك المصحف أشـار ابن النديـم فـي الفهرسـت[12]، وقال عنه ابن سيرين: «لو أصبت ذلك الكتاب كان فيه العلم»[13].


نعـم، تأثّـر حبر الاَُمّـة بأُستاذه العظيـم، فصنّف في التفسير، وقد صرّح بعضهـم ـ كابن حجر ـ بأنّ ابن عبّـاس أخذ علمـه في التفسير عن عليّ عليه السلام[14].


وأمّا في عصر التابعين، فقد كان ميثم التمّار (ت 60 هـ) أوّل مفسّري التابعين قاطبـة، لا فـي تاريخ التشيّع فحسب، بل فـي تاريخ ذلك العصر كلّـه بما ضمّ من مدارس وتيارات فكرية، ثـمّ صنّف بعده التابعي الشهيد سعيد بن جبير (ت 94 هـ)، وجابر الجعفي (ت 128 هـ)، وأبان بن تغلب الكوفي (ت 141 هـ).


وفي أوائل عصر أتباع التابعين كان الاِمام الصادق عليه السلام (ت 148 هـ) القطب الذي تدور حول محوره علوم الاِسلام برمّتها بما في ذلك التفسير، وقـد عُـدَّ عليه السلام من المصنّفـين فيـه أيضاً، كما صنّف فيـه تلامذتـه أيضاً، كمحمّـد بن أبي سارة المعروف بأبي جعفر الرؤاسي، وأبي حمزة الثمالي (ت 150 هـ).


ثـمّ صنّف فيمـا بعد فـي التفسير: علـي بن أسبـاط، ويـونس بـن عبـد الرحمن (ت 208 هـ)، وابن فضّال (ت 224 هـ) وغيرهم.


وفي أواسط المائة الثالثة حمل لواء التفسير الاِمام الزكي الحسن العسكري عليه السلام (ت 260 هـ) ولدينا تفسير منسوب إليه عليه السلام ، وهو مطبوع متداول.


كما صنّف في التفسير ـ بعد الاِمام العسكري عليه السلام ـ محمّـد بن خالد أبو عبـد الله البرقي، وعبـد الله بن الصلّت، والحسين بن الحكـم الحِبَري (ت 286 هـ)، وعلي بن إبراهيم بن هاشم (ت بعد سنة 307 هـ)، والصدوق الاَوّل (ت 329 هـ)، ومحمّـد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (ت 343 هـ)، ومحمّد بن إبراهيم النعماني (من أعلام القرن الرابع) والشيخ المفيد (ت 413 هـ)، والسيّـد المرتضى (ت 436 هـ) رضي الله عنهم أجمعين[15].


وللاَسف الشديد فإنّ معظم هذه الجهود التفسيرية لا يزال في عداد المفقود مـن كتب الشيعـة، إذ لـم يصل إلينا مـن تلك الجهود إلاّ القليل،
كـ: تنوير المقباس من تفسير ابن عبّـاس المنسوب إليه، وكذلك التفسير المنسوب إلى الاِمام العسكري عليه السلام ، وتفسير الحِبَري، وتفسير العيّاشي، وتفسير عليّ بن إبراهيم، وتفسير فرات الكوفي، وتفسير النعماني.


ومن هنا يُعلم أنّ كتاب التبيان في تفسير القرآن للشيخ الطوسي رحمه الله قد سُبق بجهود تفسيرية شيعيّة كثيرة، اشترك في رفدها تصنيفاً عدد من الاَئمّة الاَطهار عليهم السلام ، بَيْد أنّ تلك الجهود كانت تجري على امتداد واحد، ونمط واحد، يتحكّم فيها المنهج الاَثري في أغلب الاَحيان، مع وجود بعض المحاولات الطفيفة النادرة التي تروم توسعة دائرة التفسير، كما نجده فـي المأثور التفسيري عـن ابن عبّـاس الذي استخدم لغـة العرب وآدابها لبعض الاَغراض التفسيرية.


وكذلك الحال في اعتماد الشيخ المفيد والسيّد المرتضى على الدليل العقلي في التفسير كما يظهر من بعض تراثهما، وإن لم يصل إلينا ما ألّفاه في التفسير خاصّة.


ومع هذا بقي الطابع الاَثري لتلك المصنّفات هو السمة البارزة فيها قبل زمان التبيان في تفسير القرآن لشيخ الطائفة لِما قلناه من محدودية تلك المحاولات وندرتها.


وأمّا السمة الاَُخرى التي لازمت جميع ما تراكم من تلك الجهود التفسيرية قبل زمان التبيان، فهي سمة التفسير التجزيئي، أو المنتخب من التفسير ـ إن صحّ التعبير ـ لعدم وجود تفسير شامل لجميع آي القرآن، ولعلّ السبب في ذلك حاجة المفسّرين ـ في ذلك العصر ـ إلى تفسير آيات الاَحكام، وتفسير الآيات الواردة في أهـل البيت عليهم السلام أكثر من غيرها فأفردوها بالتصنيف وتركوا ما عدا ذلك مبثوثاً في كتب الحديث الشيعيّة، إذ

لم يتصدّ أحد منهم إلى جمع المأثور التفسيري عن أهل البيت عليهم السلام ، ويصبّه في كتاب واحد ليكون تفسيراً شاملاً، كما فعل بعض المفسّرين المتأخّرين عن عصر الشيخ الطوسي كالسيّـد البحراني في تفسيره البرهان مثلاً.


وهناك سمة ثالثة لتلك الجهود أيضاً، وهي أنّها لم تتعرّض إلى علوم القرآن الكريم بالصورة التي تناولها الشيخ الطوسي في التبيان[16].


والواقع أنّ هذه السمات هي التي حملته على تصنيف التبيان، وقد عبّر عن ذلك في ديباجته قائلاً:


«.. أمّا بعد، فإنّ الذي حملني على الشروع في عمل هذا الكتاب، أنّي لم أجد أحداً من أصحابنا ـ قديماً وحديثاً ـ من عمل كتاباً يحتوي على تفسير جميع القرآن، ويشتمل على فنون معانيه. وإنّما سلك جماعة منهم في جمع ما رواه ونقله وانتهى إليه في الكتب المرويّة في الحديث، ولم يتعرّض أحد منهم لاستيفاء ذلك أو تفسير ما يحتاج إليه»[17].


لقد أعطى الشيخ بهذا الكلام وصفاً دقيقاً لكتب التفسير الشيعيّة السابقة، وأمّا كتب التفسير لدى العامّة، فقد تعرّض لنقدها أيضاً وبيّن طرائـق مفسّريهـا، ومـا يرد علـى كلّ مفسّر منهـم، بعد أن وزّعهـم على أصناف.


صنفٌ أطال في تفسيره، واستوعب ما قيل فيه من الفنون، كالطبري.


وصنفٌ آخر مقصّر في تفسيره، إذ اقتصر على ذكر غريب القرآن ومعاني ألفاظه.


وصنفٌ ثالث توسّط بين الاَمرين، واختصّ بجانب معيّن في التفسير وترك ما لا معرفة له به، كمن عُنِيَ بالاِعراب والتصريف، مثل الزجّاج والفرّاء، أو استكثر من علم اللغة واشتقاق الاَلفاظ مثل المفضّل بن سلمة، أو صرف همّته إلى ما يتعلّق بالمعاني الكلامية كأبي علي الجبّائي، أو أدخل في التفسير ما لا يليق به من بسط فروع الفقه واختلاف الفقهاء مثل البلخي.


وصنفٌ رابع سلك في تفسيره مسلكاً جميلاً مقتصداً فكان أحسن بكثير من غيره، إلاّ أنّه أطال الخطب فيه وأورد فيه كثير ممّـا لا يحتاج إليه مثل أبي مسلم محمّـد بن بحر الاَصفهاني، وعليّ بن عيسى الرمّاني[18].


وبهذا نستطيع القول بأنّ التبيان كان فتحاً جديداً في عالم التفسير، إذ سلك الشيخ رحمه الله فيه مسلكاً معتدلاً، لا إفراط فيه ولا تفريط، مع مراعاة الروح العلميّة المقارنة في التفسير.


وللاَسف الشديد أنّ هذه الخصلة الطيّبة والصفة الحميدة ـ صفة التفسيـر المقارن ـ لـم يحتذِ بهـا أحد مـن المفسّرين بعـد عصـر الشيخ رحمه الله إلاّ الشيعـة أنفسهم كمـا نجده واضحاً عند الشيخ الطبرسي رحمه الله في مجمـع البيان.


وبهذا يكون الشيخ الطوسي رحمه الله رائد علم التفسير المقارن في الاِسلام بلا منازع، ولو لم يكن غير هذا الفتح في تفسيره لكفى به مؤشّراً على دوره المميّز في تاريخ التفسير.


وثمّة أُمور أُخر في تفسير التبيان تكشف عن دور الشيخ رحمه الله في هذا الحقل، نوجزها بما يأتي:



نقد التفسير بالرأي والحكم بعدم جوازه:


لا شكّ أنّ من الاِفرازات الخطيرة التي أفرزها الابتعاد عن خطّ أهل البيت عليهم السلام هو منهج التفسير بالرأي الذي يعتمد بالدرجة الاَساس على الاستحسان في الشرع، والظنّ المحض المجرّد عن الدليل، مع الميل النفسي لاتّباع الهوى، والسير وراء الشهوات.


ومن هنا ورد التحذير الشديد والوعيد بالنار لمن فسّر القرآن برأيه.


فعن ابن عبّـاس، عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «من قال في القرآن بغير علم فليتبوّأ مقعده من النار»[19].


وعنه، عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «اتّقوا الحديث إلاّ ما علمتم، فمن كذب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار، ومن قال في القرآن برأيه فليتبوّأ مقعده من النار»[20].


كما عُدّ المفسّر بالرأي مخطئاً حتّى مع إصابته الواقعَ في تفسيره، ففي حديث جندب بن عبـد الله، عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «من قال في القرآن برأيه فأصاب، فقد أخطأ»[21].


ومن هنا صرّح الشيخ رحمه الله في مقدّمة التبيان بقوله: «واعلم أنّ الرواية
ظاهرة في أخبار أصحابنا بأنّ تفسير القرآن لا يجوز إلاّ بالاَثر الصحيح عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وعن الاَئمّة عليهم السلام الّذين قولهم حجّة كقول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وأنّ القول فيه بالرأي لا يجوز»[22].


ويلاحظ هنا، أنّ الشيخ الطوسي رضي الله عنه ، وإن سُبق إلى هذا المنهج، أعني الابتعاد عن التفسير بالرأي والاعتماد على المأثور التفسيري دون غيره مـن مصادر التفسير الاَُخـر، كمـا هو حال أغلب المفسّرين مـن الفريقين، إلاّ أنّـه امتاز عن جميع من سبقه إلى ذلك بثلاث ميزات تكشف عن دور الشيخ في هذا الجانب، هي:


الاَُولى: إنّ حصر الاستدلال ـ في جانب الاَثر ـ في تفسير التبيان، لم يكن مطلقاً في أيّ أثر كالذي كان مألوفاً عند من سبقه، وإنّما كان مقتصراً على الاَخبار المتواترة، والمشهورة، والمؤيّدَة بالاِجماع، والمحتفّة بقرائن قويّة متّصلة أو منفصلة، حالية أو مقالية تكشف عن صحّة ما تضمّنه الخبر تارة، وأُخرى عن صحّته في نفسه، وهو ما عبّر عنه بالاَثر الصحيح.


وأمّـا خبر الواحد الذي كان اعتماده في التفسير شائعاً، فلـم يعتمد عليه الشيخ رضي الله عنه أصلاً فـي تفسير التبيان، ولم يستدلّ بـه على نقض شيء أو إثباته، مصرّحاً في أكثر من مورد ـ ومنها ما في تفسير الآية السادسة من سورة الحجرات المباركة ـ بأنّه لا يوجب العلم ولا العمل حتّى وإن كان راويه عدلاً، وأنّه لا يجوز العمل به إلاّ بدليل[23].


وهذه الميزة لا تكاد تجدها في أيّ تفسير أثري قبل عصر الشيخ الطوسي رحمه الله.


الثانية: حصر حجّية الخبر بخبر من قولهم حجّة عقلاً وشرعاً، وهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأهل بيته الاَطهار عليهم السلام ، مع الاستئناس بما ورد عن الصحابة في التفسير موقوفاً عليهم، أو بمراسيل التابعين لا بنحو الاحتجاج بالموقوف أو المرسَل، وإنّما لنكتة ستأتي قريباً.


وهذه الميزة مهمّة جدّاً على المستوَيَـيْن العامّي والاِمامي معاً.


أمّـا على الاَوّل، فإنّه من الواضح أنّه لم يلتزم أحد من مفسّري العامّة بحصر حجّية الخبر بما حصره الشيخ رضي الله عنه .


وأمّـا على الثانـي، فإنّ تفاسير الشيعـة الاِماميـة قبل تفسيـر التبيان وإن حصرت ذلك بذلك، إلاّ أنّها لـم تتعرّض إلى مـا عند القوم من روايات ـ مرفوعة، أو موقوفة، أو مرسَلة ـ لكي يكتشف من خلالها قوّة الفكر الاِمامي، وسلامة متبنّياته التفسيرية المستمدّة من مدرسة أهل البيت عليهم السلام .


والواقع أنّ هذه الميزة الفريدة كشفت لنا بوضوح عمّا يؤيّد مذهبنا من روايات العامّة الواردة في تفسيرهم القرآن العظيم.


الثالثة: لم يكتفِ الشيخ رضي الله عنه بالتصريح المتقدّم حول عدم جواز التفسير بالرأي، وإنّما حذّر منه، وكشف عن أخطاء المفسّرين الّذين اعتمدوه بعيّنات كثيرة جدّاً في التبيان؛ لكي لا يغترّ أحد بها فيحمل كتاب الله تعالى على تلك الآراء الباطلة البعيدة عن الحقيقة والواقع.


وبهذا يكون الشيخ رضي الله عنه قد أسدى خدمة جليلة للقرآن الكريم، لم يسبقه إليها سابق بتلك الصورة من الشمول والاستيعاب، إذ ردّ على كثير من الآراء كما سنبيّنه ـ بإذنه تعالى ـ في الكشف عن دوره في مجال النقود والردود، مستغلاًّ في ذلك ثقافته الموسوعية في التفسير وعلومه، كمعرفة

المحكم والمتشابه، والناسخ والمنسوخ، والمطلق والمقيّد، والخاصّ والعامّ، وأسباب النزول، ونحو ذلك من الاَُمور الاَُخر، مع تسخيره طاقات اللغة العربية وآدابها لخدمة نقوده وردوده، ولكلٍّ ممّا ذكرنا شواهد جمّة في تفسيره، ولا حاجة إلى تتبّع موارد التفسير بالرأي التي نبّه عليها الشيخ رضي الله عنه في هذا الموضع، وسنكتفي بواحد منها اختصاراً.


قال قدس سره : «فأمّا قولهم: إنّ معنى قوله تعالى: (كَذلِكُمْ قَالَ اللهُ مِنْ قَبْلُ)[24] هو أنّه أراد قوله تعالى: (فَإن رجَعَكَ اللهُ إلى طائِفةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأذَنوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُل لَن تَخْرجُوا مَعِيَ أبَداً وَلَن تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوّاً..)[25] مملوء بالغلط الفاحش فـي التاريخ؛ لاَنّـا قد بيّنّا أنّ هذه الآية ـ التي في التوبة ـ نزلت بتبوك سنة تسع، وآية سورة الفتح نزلت سنة ستّ، فكيف تكون قبلها؟!!


وينبغي لمن تكلّم في تأويل القرآن أن يرجع إلى التاريخ، ويراعي أسباب نزول الآية على ما رُوي، ولا يقول على الآراء والشهوات»[26].



أقول:


الذي دعاهم إلى هذا القول الباطل، إنّما هو التعصّب الاَعمى لاَجل تصحيح خلافة الشيخين، ولو على حساب التاريخ وأسباب النزول!


وقد بيّن الشيخ قدس سره وجه استدلالهم بالآية المذكورة أحسن التبيين، فراجع.



التمييز بين التفسير بالرأي والاجتهاد في التفسير:


سبق أنّ التفسير بالرأي، هـو مـا خضع للاستحسان ومـا شاكلـه، وأمّـا إعمال الرأي بحسب القرائن الحالية والمقالية، المتّصلة والمنفصلة، وإخضاعها إلى المتبادر العرفي من دلالة الاَلفاظ، فهو اجتهاد واستنباط يقوم على أساس من الكتاب والسُنّة، بل هو من المأثور على وجه من الوجوه[27].


وقد استدلّ الشيخ الطوسي قدس سره على صحّة الاستنباط التفسيري من القرآن الكريم نفسه.


فقال في تفسير قوله تعالى: (أَفَلاَ يَتدبَّرونَ القُرآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقفَالُهَا)[28]: «معناه: أفلا يتدبّرون القرآن بأن يتفكّروا فيه ويعتبروا به، أم على قلوبهم قفل يمنعهم من ذلك؟! تنبيهاً له على أنّ الاَمر بخلافه وليس عليها ما يمنع من التدبّر والتفكّر، والتدبّر في النظر في موجب الاَمر وعاقبته، وعلى هذا دعاهم إلى تدبّر القرآن».


ثمّ قال: «وفي ذلك حجّة على بطلان قول من يقول: لا يجوز تفسير شيء من ظاهر القرآن إلاّ بخبر وسَمْع، وفيه تنبيه على بطلان قول الجهّال من أصحاب الحديث: إنّه ينبغي أن يروى الحديث على ما جاء وإن كان مختلاًّ في المعنى!! لاَن الله دعا إلى التدبّر والتفقّه، وذلك منافٍ للتجاهل والتعامي»[29].



وفي هذا الكلام فائدة جليلة تضفي لوناً آخر من الاستدلال ـ زيادة على ما مرّ في حصر الاستدلال بالخبر الصحيح ـ.


وخلاصة تلك الفائدة: حرص الشيخ الطوسي قدس سره على نقاوة تفسيره وصفائه وعدم تعكيره بالاَخبار المعلولة متناً، لا سيّما التي تمسّ المبادىَ الاِسلامية الثابتة عقلاً وشرعاً، وأنّه لا بُدّ من ضربها عرض الجدار وإن صحّ سندها عند بعضهم، وتناقلها المحدّثون في كتبهم.


ومـن ذلك حديـث أبـي هريـرة الذي لا نشكّ بأخـذه عـن كعب الاَحبار، ذلك اليهودي الخبيث الداهية الصلف، وإن ورد مرفوعاً إلى النبيّ الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم بكتب الحديث، وقد طعن فيه أبو هريرة بصدق إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام من أنّه كذب ثلاث كذبات، في ما أخرجه عنه البخاري ومسلم وغيرهما[30].


وخبر أبي هريرة هذا قد طعن فيه الفخر الرازي صراحة، واتّهم رواته بالكذب، فقال عنه في تفسيره ما هذا نصّـه:


«قلت لبعضهم: هذا الحديث لا ينبغي أن يُقبل؛ لاَنّ نسبة الكذب إلى إبراهيم عليه السلام لا تجوز.


فقال ذلك الرجل: فكيف يحكم بكذب الرواة العدول؟!


فقلت: لمّا وقع التعارض بين نسبة الكذب إلى الراوي وبين نسبته إلى الخليل عليه السلام ، كان من المعلوم بالضرورة أنّ نسبته إلى الراوي أَوْلى»[31].


وقد سبقه الشيخ الطوسي قدس سره إلى ذلك فقال في الردّ على هذا الخبر: «فإنّه خبر لا أصل له، ولو حَسُن الكذب على وجه ـ كما يتوهّم بعض الجهّال ـ لجاز من القديم تعالى ذلك»[32].


هذا، ولم أجد عند مفسّري القرآن الكريم بالاَثر ـ من العامّة سوى الفخر الرازي كما تقدّم ـ من كذّب هذا الاَثر!! ومنه يُعلم دور مفسّري الشيعة ـ وعلى رأسهم الشيخ الطوسي قدس سره ـ في تنزيه الاَنبياء عليهم السلام عن كلّ قبيح.


وفي مورد التمييز بين التفسير بالرأي والاجتهاد في التفسير يجب التنبيه على أنّه ليست كلّ آية في القرآن الكريم قابلة للاجتهاد والاستنباط، وإنّما يتمّ ذلك في ما لم يكن ممّا اختصّ الله تعالى بعلمه كعلم الساعة مثلاً، ولا ممّا يتوقّف بيانه على المعصوم عليه السلام كما لو كان معنى الآية مجملاً لا ينبىَ ظاهره عن المراد فيه تفصيلاً، أو كان اللفظ مشتركاً بين معنيين أو أكثر ولم يترجّح أحدها.


إذن مجالات الاجتهاد والاستنباط التفسيري تكون في ما وراء ذلك، كما لو فُسّر شيئاً من القرآن الكريم بآية أُخرى محكمة، ظاهرها مطابق لمعناها، أو أُوِّل شيئاً من القرآن بشاهد معتبر متّفق عليه، أو استخدم اللغة وآدابها اتّساعاً للعلم وقطعاً للشغب وإزاحة للعلّة لتوضيح ما هو مشتبه على
حدّ تعبير الشيخ قدس سره في مقدّمة التبيان[33]، مع مراعاة أن يكون شاهد اللغة والاَدب معروفاً شائعاً، وأمّا لو كان شاذّاً نادراً فلا يصحّ كدليل على صحّة التأويل.



التأويل الصحيح والنهي عن التقليد:


لا شكّ أنّ التحريف المعنوي للقرآن الكريم عن طريق تأويله بحمل لفظه المقدّس على معنىً بعيد عنه، مع مخالفة ذلك للمشهور يُعدّ كارثة في الفكر الديني، لِما يتركه ذلك التأويل الخاطىَ من آثار سلبية خطيرة على بناء عقيدة الفرد وثقافة المجتمع.


ويمكـن إرجاع ظاهرة التحريف المعنوي فـي كتب التفسير إلى واحد ـ أو أكثر ـ من الاَُمور الآتية:


1 ـ التقليد الاَعمى للمفسّرين السابقين في تأويلاتهم للقرآن الكريم. كتقليد مفسّري العامّة للاَخفش (ت 207 هـ) في حمله قراءة (وأرجلِكم) بالكسر ـ في آية الوضوء ـ على الجرّ بالمجاورة[34]؛ ليبرّر بذلك غسلها، ولم يلتفتوا إلى ضعف هذا التأويل الذي لا يكون إلاّ في ضرورات الشعر ونحوها، وهو ممّا يتنزّه عنه كتاب الله عزّ وجلّ[35].


2 ـ التعصّب ونصـرة المذهب، وذلك بتأويـل اللفظ الكريـم علـى مـا يطابق أصل المذهب.


ومثاله: ما جاء في كتاب الفكر الاَُصولي للدكتور أبي سليمان، إذ نقل في الصفحة 122 عن الكرخي أنّه قال: «الاَصل: أنّ كلّ آية تخالف قول أصحابنا فإنّها تُحمَل على النسخ، أو على الترجيح، والاََوْلى أن تُحمل على التأويل من جهة التوفيق»[36].


ونظيره ما حكاه الشهيد الثالث عن بعضهم فقال: «.. كما روي عن بعضهم أنّه أُورد عليه في بعض المسائل: بأنّ ما قلته ردٌّ للكتاب المجيد، قال: أيش أصنع إذا كان هذا هو المذهب»[37]!


3 ـ اتّباع السُبل غير الصحيحة في التأويل، كاعتمادهم الشاذّ النادر من شواهد اللغة وأشعار العرب التي لم تشتهر بين أهلها، وهذا ما نبّـه عليه الشيخ قدس سره في مقدّمـة التبيان، أو عدم الرجوع إلى الاَدلّـة الصحيحة؛ كرجوعهم ـ مثلاً ـ إلى خبر عكرمـة الخارجي عن ابن عبّـاس في بيان المراد بأهل البيت في آية التطهير، وزعمه بأنّ المراد بالآية أزواج النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم [38]، مع أنّ حديث الكساء المتواتر يؤكّد على حصر مراد الآية بالخمسة أهل الكساء عليهم السلام ، وإخراج من عداهم عنها[39].


ومن هنا يتّضح دور الشيخ الطوسي قدس سره في الحفاظ على نقاء التأويل والنهي عمّا يعكّر صفاءه، بتأكيده على ضرورة الابتعاد عن التقليد، والرجوع إلى الاَدلّة الصحيحة، وتجنّب الشواهد اللغوية الشاذّة النادرة، وهذا نصّ كلامه:


قال رضي الله عنه : «ولا ينبغي لاَحد أن ينظر فى تفسير آية لا ينبىَ ظاهرها عن المراد تفصيلاً، أو يقلّد أحداً من المفسّرين، إلاّ أن يكون التأويل مجمعاً عليه فيجب اتّباعه لمكان الاِجماع؛ لاَنّ من المفسّرين مَن حُمدت طرائقه، ومُدحت مذاهبه، كابن عبّـاس، والحسن، وقتادة، ومجاهد وغيرهم، ومنهم من ذُمّت مذاهبه كأبي صالح، والسدي، والكلبي وغيرهم، هذا في الطبقة الاَُولى.


وأمّا المتأخّرون فكلّ واحد منهم نصر مذهبه، وتأوّل على ما يطابق أصله، ولا يجوز لاَحدٍ أن يقلّد أحداً منهم، بل ينبغي أن يرجع إلى الاَدلّة الصحيحة: إمّا العقلية، أو الشرعية؛ من إجماع عليه، أو نقل متواتر به عمّن يجب اتّباع قوله، ولا يقبل في ذلك خبر واحد، خاصّة إذا كان ممّا طريقه العلم.


ومتى كان التأويل يحتاج إلـى شاهد مـن اللغة فلا يقبل مـن الشاهد إلاّ مـا كان معلوماً بين أهل اللغة شائعاً بينهم.


وأمّـا طريقـة الآحـاد مـن الـروايات الشاردة والاَلفـاظ النـادرة، فإنّـه لا يقطع بذلك، ولا يجعل شاهـداً علـى كتاب الله، وينبغـي أن يتوقّف فيـه ويذكر مـا يحتملـه، ولا يقطع على المراد منـه بعينه، فإنّـه متى قطع بالمراد كان مخطئـاً وإن أصاب الحـقّ كمـا روي عـن النبـيّ صلى الله عليه وآله وسلم ؛ لاَنّـه قال تخميناً وحدساً، ولم يصدر ذلك عن حجّة قاطعة، وذلك باطل

بالاتّفاق»[40].


ونحـن إذ نقلنـا هذا الكلام بطولـه، إنّما لاَجل مـا فيـه من دقّة نظر الشيخ الطوسي رضي الله عنه للمهمّـة التفسيرية التي يضطلع بهـا المفسّرون لكتاب الله تعالى، وكيف أنّه وجّه طاقاتهم لخدمة الكتاب العزيز.



دوره في علوم القرآن الكريم:


تقدّمت الاِشارة إلـى خلوّ تفاسير الشيعـة مـن علوم القرآن الكريـم، إلاّ النزر اليسير في بعضها؛ لاكتفائهم بالمأثور التفسيري، واقتصارهم عليه، وربّما ذكروا شيئاً من تلك العلوم اعتماداً على ما ورد منه في الاَثر، من دون أن يفردوا ذلك عن التفسير.


وأمّا الشيخ قدس سره فقد أملى عليه منهجه الدقيق في التبيان أن لا يذكر شيئاً في تفسير الآية أو تأويلها إلاّ وله صلة وثقى بذلك، ولهذا أفرد الكلام عن علوم القرآن الكريم في مقدّمة تفسيره على فصول، تناول فيها:


أسماء القرآن الكريم وصفاته، وسلامته من التحريف، ونزاهته من طعن الطاعنين وأقوال الملحدين، مع بيان المراد من ظهر القرآن وبطنه، متعرّضاً إلى مسألة جواز التفسير، وشروط التأويل الصحيح، ونقد التفسير بالرأي، والحكم عليه بعدم الجواز، موضّحاً المراد بالسورة، وعدد السوَر، وأسماءهـا، وتمييز مكّيهـا عن مدنيهـا، والاِشارة إلى القراءات القرآنيـة، والاَحرف السبعة، وإعجاز القرآن الكريم، ومعنى النسخ في القرآن، وإمكان وقوعـه، وتوضيح أقسامـه، وحكمة وجود المتشابـه، والفرق بينه وبين
المحكـم، وتقسيم معانـي القرآن الكريـم، والاِشارة إلـى قصص القرآن وسرّ تكرارها، والوجه في استخدام المنهج اللغوي في التفسير، مع الدليل العقلي، مستهلاًّ مقدّمة التبيان بنقد كتب التفسير، وبيان مناهجهم في التفسير، وتقييمها علمياً.


وهو في جميع ذلك تحاشى التطويل، بل ألمح إلى بعض العلوم تلميحاً، وأحال إلى تفصيلاتها في كتبه الاَُخرى.


وأمّا في مظانّ التبيان فقد تناول في تفسير الآيات أو تأويلها ما يتّصل بها من تلك العلوم بحسب الحاجة لا سيّما أسباب النزول، والقراءات القرآنية التي لم تفارق تفسيره في جميع الاَحوال تقريباً، ومنه يُعلم دوره المتميّز بين علماء الاِمامية في علوم القرآن الكريم.



تسخير طاقات اللغة العربية وآدابها لخدمة التفسير:


سخّر الشيخ الطوسي قدس سره طاقات اللغة العربية وآدابها وفروعها لخدمة القرآن الكريم في تفسيره التبيان.


فقد تناول فيه فروع الكلمة وأُصولها وما قاربها أو شابهها من الاَلفاظ والمشتقّات، وعُنِيَ بالاِعراب عناية واضحة، كما أَوْلى اهتماماً لفقه اللغة العربية وبيان أصل اللفظ، هل هو عربي أو لا، مؤيّداً ما اختاره في ذلك بأقوال اللغويّين وأشعار الجاهليّين.


لقد استهدى الشيخ بأشعار الجاهليين وغيرهم ممّن احتجّ النحاة بأشعارهم انطلاقاً من كون القرآن يمثّل أعظم نصّ عربي على الاِطلاق، ولمّا كان نازلاً بلغة العرب وعلى أساليب بلاغتهم، فلا مفرّ إذن من استعمال تلك اللغة وآدابها لفهم المفردات القرآنية وبيان المقصود منها.



كما عُنِيَ عناية كبيرة بالقراءات القرآنية ورجّح بعضها على بعض ونقد قسماً كبيراً منها.


وأمّا نظائر الاَلفاظ فقد أخذت حيّزاً واسعاً في تفسيره وأمثلتها كثيرة جدّاً، منها:


قوله: «والبِرّ ـ في أُصول اللغة ـ والصلة والاِحسان نظائر»[41].


وقوله: «فالنسيان والغفلة والسهو نظائر»[42].


وقوله: «فالتلاوة والقراءة والدراسة نظائر»[43].


وقوله: «النبذ والطرح والاِلقاء نظائر»[44].


وقوله: «البيت في اللغة والمنزل والمأوى نظائر»[45] وهكذا.


ولا يخفى أنّ الغرض من وراء بيان نظائر الاَلفاظ القرآنية إنّما هو لبيان دقّة التعبير القرآني وإدراك روعة اختيار هذا اللفظ دون ذاك، لصلته بالغرض الفنّي والبلاغي أكثر مـن غيره، خصوصاً بعد ملاحظة مـا فيه من نغم صوتي يحفّز علـى الاِصغاء، فتأكيد الشيخ قدس سره إذاً علـى النظائـر، إنّما هـو لتحبيب القرآن الكريم إلى نفس كلّ مَن تذوّق بلاغة العرب وأدبهم، وعرف مـا في التصوير الفنّي من حلاوة البيان.


لقد انعكس هذا الغرض الشريف على أُسلوب الشيخ قدس سره نفسه في كتابـه العظيم التبيان، إذ امتاز عـن غيره من التفاسير المتقدّمـة بالعبارات
المليئة بالمعاني الدقيقة والاَُسلوب الاَدبي الرفيع، مع الاِنشاء الذي يسمو به إلى درجات البلغاء، وأُسلوبه القويّ المتين الذي اشتبكت جمله، واتّصلت فِقَرُهُ، وامتزجت كلماته، وسلم من الحشو، وبرىَ من الفضول، حتّى أُسلست له الكتابة، وبلغ حيث أراد من فنون البيان[46].



النظريات العلمية في «التبيان»:


القرآن الكريم على الرغم من كونه كتابَ هدايةٍ وإرشادٍ، ودستوراً سماوياً للآداب والاَخلاق الفاضلة، ونظاماً متكاملاً يكفل لمن استمسك به سعادة الدارين، إلاّ أنّه في الوقت ذاته تعرّض إلى بعض المسائل والظواهر العلمية الدقيقة بنحو الاِشارات حيناً والتنبيهات حيناً آخر، وقد أدرك بعض العلماء ـ بفضل القرآن الكريم ـ جزءاً منها بوقت متقدّم على عصر الاكتشافات العلمية التي حصلت أبان النهضة العلمية في أُورپا.


وفي النماذج الآتية ما يدلّ على عبقرية الشيخ قدس سره ونبوغه الذهني في فهم القرآن الكريم وتدبّر ما في تلك الاِشارات والتنبيهات، وهي ممّا أشار إليه السيّـد حسن الاَمين في دائرة المعارف الاِسلامية الشيعية في أثناء حديثه عن التبيان:


1 ـ عدم رفضه لفكرة كروية الاَرض في تفسير الآية 24 من سورة البقرة، وردّه على أبي علي الجبّائي الذي ذهب إلى القول بأنّ الاَرض مبسوطة.


2 ـ عدم استبعاده أن تكون الغيوم والسُحب ناتجة بفعل البخار المتصاعد من المسطّحات المائية.


3 ـ قوله بحركة السماوات حول مركز ثابت ردّاً بذلك على الرمّاني الذي قال في تفسيره: إنّ السماوات لا تتحرّك ولا تدور لقوله تعالى: (إنّ الله يُمسكُ السمواتِ والاَرضَ أنْ تَزولا)[47] وقد فهم الشيخ الطوسي قدس سره من الآية، أنّها لا تزول عن مراكزها التي تدور عليها[48].


وبالجملة، فإنّ التبيان يُعدّ خلاصة ثقافة الشيخ الطوسي رحمه الله، ففيه صورة الطوسي المحدّث والفقيه والاَُصولي والمفسّر والكلامي واللغوي والنحوي والاَديب، والعالم بجميع فنون وعلوم الشريعة الغرّاء.












[17]. التبيان في تفسير القرآن 1|1، من المقدّمة.


[8]. الخلاصة: 249 رقم 845.


[21]. سنن الترمذي 5|200 ح 2952، المعجم الكبير ـ للطبراني ـ 2|163 ح 1672، المعجم الاَوسط ـ له ايضاً ـ 6|47 ح 5097.


[26]. التبيان 9|325 ـ 326 في تفسير الآية المذكورة من سورة الفتح.


[27]. راجع ما كتبه أُستاذنا الدكتور محمّـد حسين علي الصغير في كتابه الرائع: المبادىَ العامّة لتفسير القرآن العظيم: 90.


[28]. سورة محمّـد 47: 24.


[12]. فهرست ابن النديم: 50.


[34]. بمعنى أن تكون لفظة (وأرجلِكم) في سورة المائدة 5: 6 مجرورة عطفاً على «الرؤوس» في الاِعراب لمجاورتها لها، وعلى «الوجوه» في المعنى لكي تكون الاَرجل مغسولة على كلّ حال. انظر: معاني القرآن ـ للاَخفش ـ 2|465.


[14]. الصواعق المحرقة: 76.


[18]. التبيان في تفسير القرآن 1|1، من المقدّمة.


[39]. راجع تفصيل ذلك في رسالة: السحاب المطير في تفسير آية التطهير ـ للشهيد الثالث ـ، الصفحات: 418 و420 ـ 421، مـع الهوامش المرقّمـة 8 و11 و18، وقد نُشرت الرسالة في نشرة «تراثنـا» في العددين 38 ـ 39 لسنة 1415 هـ.


[44]. التبيان 1|367.


[31]. التفسير الكبير ـ للفخر الرازي ـ 6|148.


[23]. التبيان 9|343.


[2]. وصفـه بذلك العلاّمة الشيخ محمود أبو ريّة المصري الشافعي، في رسالـة بعثها إلى المؤتمر الاَلفي لولادة الشيخ الطوسي.
راجع: بحوث المؤتمر 2|802، ستجد نصّ الرسالة.


[36]. راجع: رسالة نهاية الاِقدام: 462، وص 463 هامش رقم 1.


[6]. الخلاصة ـ للعلاّمة الحلّي ـ: 249 رقم 845.


[11]. راجع: المنهج الاَثري في تفسير القرآن الكريم ـ لهدى جاسم محمّـد أبو طبرة ـ: 39 وما بعدها من الفصل الاَوّل.


[1]. من رسالة السيّد الخوئي قدس سره إلى المؤتمر الاَلفي الذي عقد في مشهد المقدّسة سنة 1385 هـ، بمناسبة الذكرى الاَلفيّة لولادة الشيخ الطوسي قدس سره ، والرسالة مطبوعة في بداية الجزء الثاني من أعمال المؤتمر.


[15]. انظر: المنهج الاَثري في تفسير القرآن الكريم: 45 ـ 46 و50 ـ 60، وانظر فيه التوثيق المنقول من مصادر الفريقين بشأن ما ذكرناه من أسماء المفسّرين الشيعة الّذين صنّفوا في التفسير.


[20]. سنن الترمذي 5|199 ح 2951.


[5]. كرسالة الدكتوراه «منهج الشيخ الطوسي في التفسير» ـ للدكتور گاصد ياسر حسين الزيدي ـ نوقشت في كليّة الآداب جامعة القاهرة سنة 1396 هـ.


[13]. فهرست ابن النديم: 41.


[7]. راجع: «شخصيت علمى ومشايخ شيخ طوسى» مقال بالفارسية ـ للسيّـد المحقّق عبـد العزيز الطباطبائي ؛ نشر في مجموعة «ميراث إسلامى إيران».


[25]. سورة التوبة 9: 83.


[33]. التبيان 1|16ـ17 من المقدّمة.


[43]. التبيان 1|199.


[4]. كرسالة الماجستير «الشيخ الطوسي» ـ لاَُستاذنا الدكتور حسن عيسى علي الحكيم ـ نوقشت بجامعة بغداد سنة 1394 هـ.


[41]. التبيان 1|197.


[32]. التبيان 7|260 في تفسير الآيات 61 ـ 63 من سورة الاَنبياء.


[29]. التبيان 9|301.


[42]. التبيان 1|198.


[3]. راجع: مصادر الدراسة عن الشيخ الطوسي ـ للدكتور محمّـد هادي الاَميني ـ فقد ذكر فيـه مائتين وتسعـة مصادر، وقد فاتـه أكثر مـن أربعين بحثاً عن الشيخ الطوسي ـ في ما أحصيته ـ ومنها رسائل جامعية.


[9]. أعيان الشيعة ـ للسيّـد محسن الاَمين ـ 9|161 في ترجمة الشيخ الطوسي.


[19]. مسند أحمد 1|853 ح 2070، 1|444 ـ 445 ح 2425 من الطبعة المرقّمة، 1|233 و1|269 من الطبعة القديمة، سنن الترمذي 5|199 ح 2950 باب ما جاء في الذي يفسّر القرآن برأيه، وقال: حديث حسن صحيح، المعجم الكبير ـ للطبراني ـ 12|28 ح 12392 بلفظ «من قال في كتاب الله...» إلى آخره.


[38]. أورد خبره أبو حيّان في تفسير البحر المحيط 7|231، والسيوطي في الدرّ المنثور 6|603.


[46]. راجع: موسوعة العتبات المقدّسة 10|201 عن مقال لاَُستاذنا العلاّمة الدكتور حسين علي محفوظ، نشر في مجلّة الاِيمان، العددان 3 و4 السنة الثالثة، ص 124.


[47]. سورة فاطر 35: 41.


[40]. التبيان 1|6 ـ 7، من مقدّمة المؤلّف.


[45]. التبيان 1|450.


[22]. التبيان 1|4، من المقدّمة.


[24]. سورة الفتح 48: 15.


[37]. راجع: رسالة نهاية الاِقدام: 462، وص 463 هامش رقم 1.


[16]. بعض التفاسير الشيعية السابقة ـ كـ: تفسير القمّي مثلاً ـ وإن تناولت شيئاً من علوم القرآن إلاّ أنّها لم تبلغ في ذلك شأو التبيان.


[30]. انظر: صحيح البخاري 4|598 ح 1515 باب قوله تعالى: (واتّخذ الله إبراهيم خليـلاً) مـن كتاب الاَنبيـاء، صحيح البخـاري بشرح الكرمانـي 14|15 ح 3141 و3142 الباب السابق من كتاب بدء الخلق، صحيح مسلم 4|1468 ح 2371 باب من فضائل إبراهيم عليه السلام من كتاب الفضائل!! صحيح مسلم بشرح النووي 15|133 ح 2371 من الباب والكتاب السابقين، الجمع بين الصحيحين ـ للموصلي ـ 2|395 ح 2450 باب ما يجوز من الكذب، سنن الترمذي المسمّى بالجامع الصحيح 5|321 ح 3166 باب سورة الاَنبياء من كتاب تفسير القرآن؛ وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح!!


[35]. وقد بُيّن هذا مفصّلاً في تحقيق رسالة: نهاية الاِقدام في وجوب المسح على الاَقدام ـ للشهيد الثالث ـ: 410 هامش رقم 4، وقد نُشرت الرسالة في نشرة «تراثنـا» في العددين 47 ـ 48 لسنة 1417 هـ.


[48]. دائرة المعارف الاسلامية الشيعية ـ للسيد حسن الأمين ـ 3 | 60.


[10]. قد يجد طريقه إلى النشر قريباً إن شاء الله تعالى.


/ 1