مسجد معرِض الفن الإسلامی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مسجد معرِض الفن الإسلامی - نسخه متنی

غلامعلی حاتم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید










المسجد مَعرِض الفن الاسلامي

الدكتور غلامعلي حاتم

(عَن مجلة «مسجد» الفارسية، العدد 42 / 77ه·· . ش)
عندما انتشر الاسلام في العالم المتمدن في القرن السابع الميلادي، تغيرت ملامح كثير من الأقطار، وبدخولها التدريجي في الاسلام، قامت أقوام مختلفة بالمساهمة في بناء حضارة جديدة هي الحضارة الاسلامية... و لم تكن هذه الأقوام التي ساهمت بأفكارها من عنصر بذاته ولا من موطن بعينه، فقد امتدت حدود هذا النشاط الفكري من الصين شرقاً حتي اسبانيا غرباً، ومن جنوب افريقيا جنوباً حتي وراء القفقاز شمالا. و فيإطار هذه الحدود عاشت عناصر آرية وهندية وسامية وقبطية وبربرية وغيرها وعملت معاً علي إقامة صرح هذه الحضارة. بديهي ان نسبة مساهمة كل قوم من هذه الاقوام مختلفة في بناء هذا الصرح ليست متساوية، فالا غني تراثاً منها كانت أقوي أثراً. ولا شك في أن ما أدي الي سرعة انتشار الثقافة هو الوحدة في الدين والوحدة في رسم الخط، وانتشار الاستقرار في الأرض الإسلامية. ولقد كان القرآن هو بؤرة تلك الوحدة والمجيب عن جميع الأسئلة التي تثيرها الحياة اليومية. إن انتشار القرآن بلغته الأصلية، والسيطرة التامة للكتابة العربية أو جدا رابطاً شد جميع ارجاء دنيا الاسلام، وكان عاملاً مهماً في خلق كل ألوان الفنون. وكثير من الأقوام التي اعتنقت الاسلام أضافت علومها وفنونها الي مجموعة العلوم الاسلامية، إذ لم يكن من المعقول أن يقوم الايراني الفارسي العنصر، أو المسيحي السوري، أو الرومي القبطي، بعد قبوله الاسلام، بالتخلي عما ورثه من آبائه واجداده من العقائد والآداب والرسوم دفعة واحدة، ويتشبع بالتعاليم الاسلامية بمعناها الحقيقي. لذلك من الطبيعي القول بأن المسلمين قد اقتبسوا من العلوم والفنون في البلدان التي استولوا عليها، الأمر الذي أدي الي تطور الفنون الاسلامية وحضارتها.


ولكي نزداد معرفة بالفن الاسلامي لابد من الرجوع الي عدد من الأحداث التاريخية في مجال الدين الاسلامي الحنيف. لقد ظهر الاسلام ــ الذي يعني التسليم والاستسلام لذات الله تعالي ــ في مكة، المدينة التجارية الواقعة علي الطرق التجارية المؤدية إلي سوريا و جنوب الجزيرة العربية. إن الأحداث والوقائع التي سبقت ولادة الاسلام و عملت علي تنامي الاسلام تكمن في التاريخ المعقد للعرب والجزيرة العربية. والفن الاسلامي ينبغي أن يدرس من زوايا مختلفة. الفن والإيمان يرتبطان في الاسلام ارتباطاً لا ينفصم، في إطار القوانين الحاسمة المساعدة للفنانين علي الخلق والإبداع الفني، الأمر الذي يخافه فنانو الغرب لأول وهله.


إن الفن الاسلامي الذي يعتبر من أغني الفنون في العالم، يقوم، في الواقع، علي أساس من فنون الدول التي كان لها تاريخ مديد في الفن والمدنية، كما أنه كان له تأثير عميق علي فنون هذه الدول نفسها في الكلام علي العلاقة بين الاسلام والفن وما كان لهذا الدين من تأثيرات في اطراد تطور الفن في المجتمعات الاسلامية، لابد أن نفصل في البحث بين مسألتين اثنتين: الاولي هي ما وقع بالفعل، والثانية هي ما ورد في القرآن الكريم وكتب الفقه الرئيسة. في هذا الشأن.


فيما يتعلق بما وقع فعلا يمكن القول إن العرب المسلمين، في مواجهتهم لكل أمة واستيلائهم علي كل بلد، كانوا يقتبسون شيئاً من العناصر الثقافية والفنية من تلك الأمة وذاك البلد، دون النظر الي اختلاف المذاهب والعناصر. ثم علي أثر اتساع الاسلام جغرافياً، كثرت العناصر المؤلفة للفن الاسلامي.


ولا ننسي أن الفنانين المسلمين قد استفادوا من الحضارات التي سبقتهم، ولكنهم فاقوها من حيث الفن والتنقية، وعند عرض فنونهم علي العالم امتزجوا في الفن الزخرفي الذي صاحب معظم بضائعهم، ولعل من أسباب هذا التمازج بين الصناعة والفن المشهود في اكثر الآثار الاسلامية هو نظرة الاسلام المتعددة الأبعاد إلي الظاهرات، فالاسلام هو الدين السماوي الوحيد الذي يلفت نظر الانسان إلي انتشار الجمال في مختلف انواع المخلوقات، ويبين له أن لكل ظاهرة من الظاهرات بُعددين اثنين: البعد النفعي والبعد الجمالي. أي ذلك الجانب الذي يسهّل علينا شؤوننا المعاشية اليومية، والجانب الذي يوفر لنا التغذية الروحية، بالنظر لأن الحياة الانسانية لا تقوم بتوفير الحاجات المادية فقط، بل لابد من ضمان الجانبين المادي والروحي لعبور المرحلة الحيوانية إلي المرحلة الانسانية، فالامتزاج بين الجمال والتزينات الزخرفية تعبير عن هذا المفهوم وخلاصة للفن.


أما القرآن الكريم، وهو السند الاسلاميالقويم، فإنه في الحقيقة المعيار الذي يقاس عليه ما في الكتب والنصوص الاسلامية الاخري من سلامة وسقم ومن صحيح وغلط. لذلك فإن ما جاء في القرآن بشأن الفن حكم حاسم في كيفية تعامل الاسلام مع الفن إن القرآن في كثير من آياته يدعو الناس الي التفكر والتأمل في خلق الاشياء المختلفة. إنه يحثه علي النظر إلي الجبال والأنهار والبحار والسماء والنجوم والحيوانات والانسان، وخاصة الجوانب الجمالية في هذه المخلوقات فيؤكدها.


كذلك يقوم الفن الاسلامي علي أسس من تعليمات نبي الاسلام العظيم، تلك التعليمات التي تجعل من المعني مركز ثقل الفن، تبتعد عن استنساخ الرجل والمرأة استنساخاً تاماً، وبذلك أصبح الفن الاسلامي ذا خصوصية خاصة به، وسرعان ما بلغ مرحلة النضج والإثمار. وهكذا اكتسب الفنان الاسلامي خبرة جديدة في نظرته إلي العالم وإلي العقيدة الاسلامية، واستطاع أن يبلغ الشأو في الخلق والابداع والابتكار والتجديد، مما لم يكن متاحاً له من قبل. وهذا ــ بالاضافة إلي استيعاب فنون سائر الأقطار والأمم ــ هو الذي اظهر امتياز الفن الاسلامي وغناه و كشف عن هويته الفائقة، وغدا يسهل تمييزه من بين فنون العديد من الأقطار الأخري.


لابد من القول إن أقواماً كثيرين قد ساهموا، خلال قرون عديدة، في تقدم الفن الاسلامي. لذلك، عند دراسة تاريخ الفن الاسلامي لابد من الأخذ بنظر الاعتبار أقطاراً واسعة وأزمنة مديدة. علينا أن نركب خضم أمواج البحر الابيض المتوسط، والبحر الأحمر، والمحيط الهندي، وأن نلحق بقوافل الجمال للتجار والزائرين في رحلاتهم عبر الاراضي ونجتاز الحدود من بلد الي بلد، ونقطع الفيافي والرمال في أرض حارة إلي السهول الساحلية، إلي الوديان والأنهار والمراعي الخضروسلاسل الجبال المغطاة بالثلوج، الي الأراضي الجافة القاحلة تحت الشمس المحرقة والسماء التي تمر الأيام دون أن يمر بها طيف غيمة. هناك من أسبانيا حتي تخوم الهند يمتد نطاق صحراوي شهد يوماً مسيرة المسلمين الظافرة مارين بشمال افريقيا و مصر و سوريا وايران... كان الفنان المسلم من اليسير عليه يومذاك أن يرحل من مكان إلي آخر مشرقاً ومغرباً ليزداد معرفة وتجربة، أو ليعرض معارفه علي الآخرين. إن هذه الحرية في التنقل وعدم الاهتمام بالانتماء القومي الخاص، أسبع علي فن جميع الأقطار الاسلامية لوناً من الوحدة والمشاركة، بحيث إن المشاهد ــ وحتي وإن لم يكن عارفاً بالفن ــ يستطيع ان يدرك التشابه الفني المشترك بين قصر الحمراء في الأندلس والقصور الهندية والباكستانية....


إن أساس نشاط المسلمين الفني وما يربط بينهم هو «التوحيد» وذلك لأن الفنان المسلم يستقي من مصدر واحد هو القرآن الكريم، فاللإيمان دور خلاق في الاسلامي، وهو أمر يتصف بالخلود، إن المواضيع الفنية ونتاجات الفنانين المسلمين وما يقوم به المشجعون ـ بصرف النظر عن القوميين والعنصريين ـ قد سارت في أرجاء العالم عن طريق التوحيد أو عن طريق محبي الفن. ينبغي أن لاننسي أن العقائد الدينية هي وجه اشتراك الحضارة الاسلامية ومحورها الأصيل، لأن الاسلام يضم جميع شؤون حياة البشر، ولا يقتصر علي القلب والروح. وبعبارة اخري، تعتبر العقائد الكلية الاسلامية بمثابة القالب اوالتمثال الثابت الذي يستمد روحه ونفسيته من مختلف الآراء المحلية. إن الدين الاسلامي يحث اتباعه علي التزام النظام والضبط والمدنية، وفي الوقت نفسه يعد العدة لإعلاء القلم علي السيف. لذلك فإن المشغول بالزهد والتقوي والأفكار الانسانية يحظي بمكانة اجتماعية شامخة، والمسلم الذي يستغل قواه الفكرية يكون أقرب إلي الله. وعلي هذا الأساس نلاحظ، بالمقارنة، أن الفن الاسلامي، بالقياس إلي الشرق والغرب، يمتاز بحدوده وبخصائصه الخاصة التي وجدت في ظل «الوحدة»، وذلك لأن الاشتراك في الدين أدي بمختلف الملل في العالم الي التجاوز عن الاختلافات العنصرية والقومية والتاريخية والتمحور حول الاسلام، وعلي الرغم من ان فنون المسلمين في كل منطقة تتأثر بالسابقة التاريخية والفنية لتلك المنطقة وتصطبغ بصبغتها، إلا أن روح الاسلام تتجلي فيها جميعاً. إن الاشتراك في الدين لم يوجه العلائق المعنوية فحسب، بل انه يهدي حتي آداب مختلف البلدان ورسومها هداية جلية وواضحة بشكل معجز.


إن ما له أهمية هنا هو أنه علي الرغم من المماحكات السياسية التي تقع بين بعض الدول الاسلامية أحياناً، فان الروابط الثقافية بينها لم تنقطع ولم يزل تبادل وجهات النظر بين مختلف الجماعات الفنية باقياً. إن تأثير الاشتراك في المعتقدات الدينية أقوي بكثير مما هو في العالم المسيحي، علي النشاطات الثقافية لمختلف البلدان.


تتخذ الأساليب الفنية الاسلامية المختلفة في الازمنة المختلفة اسماءها من الأسر الحاكمة او البلد الذي نشأت عليه، وهذا يدل علي مدي التقدم الذي بلغه الفن الاسلامي بسبب دعم الحكام له. يشمل الفن الاسلامي اساليب عديدة يتميز كل واحد منها عن غيره ويمكن معرفة هذا التميز بسهولة من حيث انبعاثه من محيط معين، برغم أنه لا يمكن القول عن أسلوب ما إنه «أكثر إسلامية» من غيره. ومرة أخري يدل هذا التميز بسهولة علي وجود ظاهرة «التعدد في التوحد» او «التوحد في التعدد» مما يؤكد أن الاسلام ليس توافقاً من صنع الانسان. كما أنه من الواضح أن التعدد في الاسلوب أظهر في خصائص اقوام متزامنة مما هي في المسيرة التاريخية ومضي الزمان. فمثلا، في الفن الايراني في القرن السابع والقرن العاشر، أو في الفن المغربي للقرن السادس والقرن الثاني عشر، فالاختلاف أقل مما في الظاهرات الفنية علي امتداد التاريخين المغربي والايراني، وهذا يؤدي بنا إلي القول بأن للفن الاسلامي طاقة تضامنية والقدرة علي الخلود، وهذا يعني أن هذا الفن ليس وليد التجربة او التوجه نحو المظاهر والظاهرات، بل هو نتيجة الوعي بالزمن اللانهائي الخالد.


اكثر فروع الفن الاسلامي ــ من الصين حتي اسبانيا، علي الرغم من كثرة المصالح واختلاف الأساليب والصور ــ مترابطة ومتوحدة بعض ببعض من الناحية الفكرية والنظرية والتركيب الشكلي، كما أن تقليد الطبيعة ليست له مكانة متميزة. لذلك فإن اتساع النظرة الواحدة في تركيب الفن الزخرفي انتزاعي ومنفصل عن المادة والطبيعة اللتين ترفعان من مكانة العالم ولا يتبع الطبيعة بصورة كاملة. في الحضارات الأخري، إقامة قواعد الفنون الزخرفية علي أساس الجمالية من وجهة نظر الفرد والذوق الشخصي، أدت إلي ابتعادها عن نيل الوحدة النظرية الانتزاعية في النحت والفنون الأخري.


إن الفن الاسلامي، بمعني، فن تجريدي وعرفاني يتجلي جوهره في صنع القرائن. إن كل نظامه التجريدي انعكاس عن المحتوي العرفاني القائم علي العقائد الاسلامية، ولا سبيل فيه للانفعالات العاطفية والمثيرة. لذلك فان الفن الاسلامي يختلف كل الاختلاف عن الفنين المسيحي والبوذي.


علي الرغم من أن الحكمة الأولية في كيفية تكوين الفن الاسلامي. مدينة لسنن ايران القديمة والروم البيزنطيين، فإن هذا الفن، بعد أن اتخذ شكله الخاص، تميز بخصائص مختلفة تماماً عن الفنين الايراني والرومي. وقد كان من أهم خصائص الفن الاسلامي أنه في الوقت الذي تميز بالوحدة والنضام، تميز أيضا بالتنوع المطلوب. وبعبارة اخري يمكن ان نقول إن «وحدة المحتوي» و «التنوع في الشكل» وهما من نتاج تنوع العادات الثقافية والفنية لمختلف الشعوب والأقوام ـ قد طغت علي سائر النواحي.


كان الفن الاسلامي تلاحماً بين الأشكال القديمة، الجارية بقوة في الفنون الشعبية في السوق والشارع، وفن أهل الصحراء، والاحتياجات الاكثر معقولية لفن المدينة. وهكذا استبدل الاشكال والصور الأصيلة القديمة بأشكال انتزاعية وكلية. وهكذا تفقد مظاهر الأناس الشبه متمدنين البدو بعض خصائصها الغامضة الخفية، ولكنه بدلاً من ذلك يمنحها سطوعاً جديداً تجري فيه روح معنوية جديدة. ولا بد لنا أن نتذكر أن الاسلام هو دين الرجوع الي الأصل، أي رجوع كل شيء الي الوحدة الكامنة فيه.


في الفنون التجميلية اعتراف بأهميه الأصل وتجنب العبثية والسلبية والإثم. وبعبارة أخري، الفن الاسلامي يبين كل ما هو ضروري بشكل جميل مرغوب فيه.. فالاعمال الفنية ينبغي ان تكون من الناحية العملية نافعة، ومن الناحية النفسية مما تتقبله طبيعة الانسان.


بالأخذ بنظر الاعتبار كيفية ظهور الفنون الاسلامية ودراسة أصولها يمكننا أن نشير إلي عدد من العوامل التي كان لها دور مهم في المسيرة التكامليه لها.


إن السبب في ظهور تنوع كبير في الفن الاسلامي في البداية هو «تنوع الأقوام والثقافات» الذي خلق بالطبع أساليب مختلفة ذات جوانب فنية خاصة وتتحدد بنقاط معينة. فمثلاً، في القرنين العاشر والحادي عشر (الميلاديين) ظهر في اسپانيا مكتب للتطعيم، أو قيام الفاطميين بترويج نحت الاحجار.


العامل الآخر هو «التغييرات السياسية في الممالك الاسلامية، مثل حملة المغول، وهي وإن كانت مصيبة عظيمة تصيب العالم الاسلامي، وانزلت الدمار بالمدن الاسلامية وبالعلوم الاسلامية، ولكنها كانت لهاآثار بارزة في الفن الاسلامي مازالت باقية، من ذلك تكامل فن الرسم الايراني.


العامل الثالث هو «التجارة» في العالم الاسلامي. إن الآثار الاسلامية التي اكتشفت في الدول الاسلامية تؤكد أن الصناعات اليدوية الفنية كان ينقلها التجار من بلد إلي آخر في دنيا الاسلام، حيث قام الفنانون المحليون بتقليدها.


وعامل آخر هو «هجرة الصنّاع» الذين نشروا العقائد في أقصي النقاط البعيدة. من ذلك مثلا، قام احد صناع الفسيفساء من بغداد بصنع كمية من الطابوق الكاشاني لمحراب مسجد كبير في القيروان. او قيام الفنانين الايرانيين ببعض الاعمال الفنية التي يمكن مشاهدتهااليوم في قونية وسيواس في تركيا منذ زمن السلجوقيين. او سرعة بناء مدينة سامراء، عاصمة العباسين علي ايدي الاعداد الكيرة من الصناعتيين والعمال المهاجرين. يقول اليعقوبي إن الحجارين كانوا يأتون بالمرمر من انطاكية وكان الزجاجون وصناع الفخار من الكوفة ونساجو الحصران من البصرة، وكلهم شاركوا في ذلك.


وعامل آخر هو «تغيير مكان العاصمة»، فعندما استقر عبدالرحمن الأموي، آخر خليفة اموي، في اسبانيا، نلاحظ عظمة الفن الاسلامي وجلاله هناك.


وعامل آخر تأثير الثقافات المحلية.


هذه كلهاكانت لها تأثيرات كبيرة علي تطور الفن الاسلامي وتنوعه. ومن ذلك أيضا فن العمارة الاسلامية، وخاصة في عصر الايمان، فقد كاد أن يكون فناً دينياً بحتاً. كانت البيوت تبني لمجرد أن يقضي المسلم فترة حياته القصيرة فيها، إلا أن بيوت الله ــ من الداخل في الأقل ــ كانت نماذج للفن خالدة. وكان يكفي الفرد المسلم المتقي الفقير أن يكون المسجد جميلا، فكان يصرف ماله وجهده في سبيل ذلك، ويبذل فيه كل ما لديه من فن وصنعة، ومن ثم يقدمه هدية لله، فيما كان الناس جميعاً يستفيدون منه في كل وقت، لأن المساجد كانت تبني عادة بالقرب من الاسواق، حيث يسهل الوصول إليها.


إن لبناء المسجد في فن العمارة الاسلامية أهمية كبيرة، بصفته مكانا للعبادة ومركزاً للتجمع والفصل في كثير من الخلافات، ولإقامة الكثير من المراسيم. لذلك كان الصناع والفنانون يبذلون قصاري جهودهم وفنونهم ومهاراتهم لخلق مكان جميل قوي البناء يوفر جواً من المعنوية. لقد كان المسجد في الواقع مجموعة من مظاهر الفنون المختلفة تراكمت لايجاد هذا المكان الخاص في فضاء تسوده العلاقة بين الخالق والمخلوق، ويمثل في الوقت نفسه جمال الفن الاسلامي الذي ينبغي ألاّ يشغل المرء عن التوجه الي ربه. ولما كان المسجد قصراً اجتماعياً للدين الاسلامي وملجأ من حياة المدينة المضطربة، فقد اولوا لتزيينه وتجمله اهتماماً خاصاً، ولذلك يمكن القول إن اول مكان تجلي فيه الفن الاسلامي هو المسجد.


أما المساجد الأولية الاسلامية فقد كانت بسيطة. وكان الهدف هو الذي يفرض خريطتها، بحيث تكون فيها ساحة مربعة للمصلين، وحوض في وسطها للوضوء، وايوان مسقف ذو أعمدة يقي الناس من الحر والمطر، وتقام فيه الدروس، ومحراب متوجه الي القبله حيث تترادف، صفوف المصلين، وكان لبعض المساجد قباب من الطابوق غالباً وجدران من الطين... .


في كل مدينة كان المسجد الجامع اكبر مساجدها حيث كانت تعلن الاخبار والبيانات الحكومية وتعقد فيها اللقاءات الاجتماعية والثقافية، ومقراً لحشد الجيوش وتسييرها لمواجهة العدو. لذلك كان المسجد مركز ثقل البناء في المدينة، وكانت تراعي في بنائه الظروف المحلية‏والسنن السائده... .


لابد من الإشارة الي أن العمارة الاسلامية بدأت عملها في وقت كانت تفتقر فيه إلي كل معرفة سابقة في هذا المضمار... في المرحلة الأولي استفادت من كل مارأته حولها، من سوريا والروم والبيزنطيين والايرانيين من دون ترجيح احدها علي الآخر... ثم استمر التطور حتي استخدم المرمر والزخرف والفسيفساء والكاشاني والفرش وما إلي ذلك من الكتائب والقناديل والزجاج الملون. وقد وضعت المنابر المصنوعة من الخشب المطعم بالآبنوس والعاج، صنعت بمهارة فائقة... .


من مميزات المساجد الأخري هي المنائر والمآذن التي كانت بشكل اسطواني او مربعة الشكل.


لم يكن يبدو للفنان المسلم أي أمر صعب او مادة صعبة، لا الخشب ولا المعدن ولا الطابوق ولا الحجر ولا الاسفلت وغير ذلك... لقد استعان فن العمارة الاسلامي بكل الفنون التجميلية الاخري، وقد قامت المساجد في الجزيرة العربية، وفلسطين، والشام، وبين النهرين، وايران، وما وراء النهر، والهند، ومصر، وتونس، وصقلية، ومراكش واسبانيا... .


والخلاصة هي أن الاسلام استطاع أن يقيم علي أنقاض المدنية القديمة حضارة جديدة بحيث إنه في العصر العباسي، وعلي أثر نفوذ الحضارة الايرانية واليونانية، بلغت أوج عظمتها، وبعد استيلاء العرب علي أسبانيا، انتشرت الحضارة الاسلامية شيئاً فشيئاً في ارجاء اوربا، فالقادة المسلمون ما ان توطدت اركان حكمهم حتي بادروا الي بناء المساجد والقصور العظيمة، وقد سعوا أن تكون آثارهم اعظم وأجل من الآثار التي خلفها السابقون عليهم قبل الاسلام، وحسبما يظهر من تلك الآثار ومن زخارفهم يعتقد أنها بنيت علي ايدي المصريين والشاميين والايرانيين وحتي البيزنطيين... .


في فن العمارة الاسلامية لابد من القول بأنها في الحقيقة تمثل تراث مختلف الملل الذي وإن توحد في بوتقة الاسلام، إلا انه منحه وضوحاً عقلياً.


كل من له إلمام بفن العمارة الاسلامية يدرك أنه كان للرياضيات أثر كبير في ذلك الفن ··· إذ إن من مميزات الفن الاسلامي وجود النقوش الهندسية.


إن الاشكال الاسلامية المتداخلة الملتوية تتألف عادة من عدد من الاشكال المنتظمة... ان هذا الاشكال الهندسية الملتوية تدل، دون شك، علي عقلانية اسلوب العمل، الذي يحكي عن الفكر الوحدوي، مما يحمل المشاهد الي مبادين رفيعة من الروحانية والايمان بوحدة الله18









1. آذر تاش، آذر نوش، هنرهاي ايراني وآثار برجسته آن، تهران 1335ه·· . ش.


2. بوكهارت، تيتوس، هنر اسلامي «زبان وبيان»، ترجمة مسعود رجب نيا، تهران، ج 1، 1365 ه·· . ش.


3. المؤلف نفسه روح هنر اسلامي، ترجمة سيد حسين نصر، مجلة هنر و مردم، شماره 55، اردبيهشت، 1346 ه·· . ش.


4. بلا، مساجد جامع ايران مجموعه‏اي از آثار قديمي ايران، موزه رضا عباسي، 1358 ه·· . ش.


5. پرايس، كريستين، تاريخ هنر اسلامي، ترجمه مسعود رجب‏نيا، چ 2، تهران، 1235 ه·· . ش.


6. بوپ، آرتور اپهام، معماري ايران، ترجمه غلامحسين صدريافشار، تهران، 1366 ه·· . ش.


7. جنسن، ه·· تاريخ هنر، ترجمه پروز مرزبان، تهران، 1359ه·· . ش.


8. دانشور، سيمين، هنر ومذهب، مجله نقش ونگار، شماره 6، 1338ه·· . ش .


9. دوري، كارل جي، هنر اسلامي، ترجمه رضا بصيري، تهران، 1363ه·· . ش.


10. دورانت، ويل، تاريخ تمدن «عصرايمان ـ بخش اول»، ترجمه ابو طالب صارمي، ابوالقاسم طاهري وابو القاسم پابنده، ج 3، تهران 1317ه·· . ش.


11. شهيدي، سيد جعفر، روزنامه رستاخيز، شماره 632، 1336ه·· . ش.


12. شيباني، مجير، تاريخ تمدن، تهران، ج، چ 2، 1343ه·· . ش.


13. فتحي، حسينعلي نهضت شعوبية، ج 1، 1354 ه·· . ش.


14. كوتل ارنست، هنر اسلامي، ترجمه هوشنگ طاهري،تهران، 1347ه·· . ش.


15. گدار، آندره، هنر ايران، ترجمه بهروز حبيبي، تهران، 1358ه·· . ش.


16. مجدالدين، اكبر، تأثير اسلام برهنرهاي تجسمي مصر، انتشارات كانون آموزش علم و فرهنگ، دانشگاه فارابي، شماره 6، 1358ه·· . ش.


17. هوگ، ج، هنر معماري در سرزمينهاي اسلامي، ترجمه پرويز ورجاوند،، تهران، چ 2، 1335ه·· . ش.


18. حاتم، غلامعلي، مسجد جلوه گاه هنر اسلامي، فصلنامه هنر، شماره 33 تابستان 1376ه·· . ش.

/ 1