المرأة و التنمية الاجتماعية من وجهة نظر الإسلام - مرأة و التنمیة الاجتماعیة من وجهة نظر الاسلام نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مرأة و التنمیة الاجتماعیة من وجهة نظر الاسلام - نسخه متنی

محمد علی تسخیری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

المرأة و التنمية الاجتماعية من وجهة نظر الإسلام

الاستاذ محمد علي التسخيري

(رئيس رابطة الثقافة و العلاقات الاسلامية)

قال تعالي: (من عمل صالحاً من ذكر ٍ أو أنثي و هو مؤمن فلنحيينّه حياة طيبة و لنجزينّهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) (النحل / 97).

إذا كان لنا أن نعرّف التنمية الاجتماعية بتعريف عام، امكننا القول: إنّ المراد منها هو (التحرك الاجتماعي الواعي المنظم، و المنسق علي مختلف الصُعُد المادية، و المعنوية نحو الافضل انسانياً».

وهذا التعريف يستبطن عناصر من قبيل:

1. الهدف الانساني المتميز عن الاهداف الحيوانية الغريزية العمي، وإنماتكتسب الحركة هذه الهدفية إذا كانت منسجمة مع تطلعات الفطرة الإنسانسة ومؤشراتها.

2. الحركية الإرادية نحو هذا الهدف الإنساني، وهي متميزة أيضاً عن الحركية الحيوانية، لأنها حركة وعي وإرادة وتعقل.

3. التناسق و التنظيم و التناسب بين كل الجوانب المادية و المعنوية من خلال هذه‏الحركة.

وهذا شرط اساس، فالتنمية التي تهمل عنصر التناسب تصاب بتورم ونمو طبيعي في جانب أو جوانب، مع خمول الجوانب الأخري الأمر الذي يعرض المسيرة الاجتماعية لاختلال التوازن ومن ثم التمزق أو التطرف.

4. الاجتماعية في التحرك، بمعني أن كل جزء من الأجزاء المكوّنة للمجتمع يجب أن يساهم في هذا التحرك وينمو من خلاله، و بمعني أن الآثار التي سيتركها هذا التحرك يجب أن تنعكس علي مختلف العناصر و المكوّنات الاجتماعية.

بعد هذه المقدمة احاول أن يكون حديثيفي موضوعين:

الأول: الإشارة إلي دور المرأة في عملية التنمية الاجتماعية.

الثاني: الإشارة إلي لقاءات ومؤتمرات الأمم المتحدة في هذا الصدد، وموقفنا منها.

النقطة الاولي: دور المرأة في عملية التنمية الاجتماعية:

المرأة تارة ننظر اليها بوصفها إنساناً فعالاً في عملية التنمية، وأخري نركز عليها بمالها من خصائص تنفرد بها باعتبارها الأم و البنت و الأخت و الزوجة، وهي بهذا الاعتبار تمتاز عن الرجل بما تحمله من طاقات عاطفية متميزة، وقدرات تكوينية مؤثرة، ومن ثم ما تحمله من وظائف اجتماعية فريدة.

فإذا نظرنا إليها بوصفها إنساناً نشطاً في عملية التنمية، وأخذنا بعين الاعتبار حقيقة (أن الإنسان هو محور التنمية)، ومقولة أن (التنمية المستمرة هي تلك التي تحقق انسجاماً متوازناً بين مجموع عناصر التنمية، و الأسس التحية للثقافة المعنوية التي تعمل في مجال إسقاطاتها)، وأدركنا بعد ذلك أن مكونات الفطرة الإنسانية هي أهم هذه الأسس وأعمقها في وجود الانسان، بل بدونها يفقد الانسان هويته ويتحول إلي (شيء) لا نستطيع أن نتحدث عن (حقوقه) أو (نموه الاجتماعي)، أو(حركته العادلة)، أو(أخلاقيته)، أو حتي (بقائه الحضاري)، وأضفنا إلي كل هذا حقيقة أخري هي أن الدين (الذي يستمد أصوله من منابع فطرية)، هو الصيغة الأكمل التي وضعها خالق الإنسان ليحقق من خلالها تكامله المادي و المعنوي المنسجم، وأن الدين وحده هو الذي يستطيع أن يمنح هذه المسيرة ثباتاً في الهوية و الشخصية، و اطمئناناً في القلب، وأملاً دفاقاً بالمستقبل، كما يستطيع أن يحل الإشكالات الاجتماعية الكبري من قبيل حل التضاد الدائم بين حب الذات. و الأنانية، و العمل لصالح المجتمع ونسيان الذات في سبيله، وحل التناقض بين اتجاهات (الإلحاد) و اتجاهات (الإيمان المفرط بالأمور النسبية أو ما يسمي بالشرك)، إذا أخذنا بعين الاعتبار كل هذه الحقائق الكبري أدركنا أن المرأة الإنسان هي محور التنمية وركنها الركين، ولن تستطيع أية عملية تنموية أن تحقق صدقاًمع ذاتها ومدعياتها، إلاّ إذا طورت الحس الإنساني ـ و الفطري في وجود المرأة، وأعطتها مكانتها الإنسانية الطبيعية، ورفعت من البين كل عناصر التفريق ـ من الجانب الانساني بين الرجل و المرأة، ومنحتها الدور الإنساني المتساوي في هذا المضمار، ثم عادت لتستفيد من هذه الطاقة الإنسانية الخيرة لصالح المجموع الاجتماعي بأفضل أسلوب.

ولا يفوتنا أن نشير إلي أن المرأة إن تأصل الثبات في شخصيتها، و الاطمئنان في قلبها، و الأمل بالمستقبل في وجودها منحت كل المسيرة الاجتماعية طاقة كبري، وهيأت لها كل مقومات المسيرة الصالحة.

المرأة و دورها بملاحظة خصائصها:

وإذا عدنا وركزنا علي خصائص المرأة التي تميزها عن الرجل، فسنجد أن خصائصها لا تغير مطلقاً من قيمتها الإنسانية بل تزيد عليها، وإنما تترك أثرها الوظيفي فيالبين، بمعني أن هناك تقسيماً طبيعياً قدّرته الرحمة الالهية بين وظيفة الرجل ووظيفة المرأة، في عملية التنمية الاجتماعية بل الفردية أيضاً.

فالمرأة الزوجة و المرأة الأم لهما دوران متمايزان عن دور الرجل الزوج، و الرجل الاب بلا ريب، إلاّ أن هذين الدورين متكاملان تماماً بحيث لا يمكن أن تستغنيالحياة عن هذين الدورين، بمقدار عدم إمكان استبدال أحدهما بالآخر تماماً.

بعد هذا نقول: إن للمرأة أثرها الكبير ـ بهذا الاعتبار ـ علي عملية التنمية أيضاً، ومهما تعددت علل التنمية فشملت (العلل الفاعلية، و العلل الغائية، و العلل الصورية بالإضافة للعلل المادية)، فإن اسقاطات دور المرأة يبقي لها أكبر الأثر في هذا المجال.ذلك أن المرأة تستطيع أن تترك آثاراً كبري، نذكر منها علي سبيل المثال ما يلي:

1. إعداد البيئة العائلية السليمة، وتهيئتها وتوفيرها وهي بهذا ـ لو وفقت فيه ـ تستطيع أن تضع الحجر الأساس لمجتمع إنساني سليم ثابت الجأش قوي القلب، منشّد للمستقبل.

و بدون هذا سيبقي المجتمع ممزقاً عاطفياً، ومهلهلاً معنوياً تتفشي فيه الجريمة، ويعيث فيه الكسل، ويفقد صفته الخلاقة شيئاً فشيئاً.

فالزوجة الصالحة و الأم الصالحة هما قوام الحياة العائلية الصالحة، وهذه هي قوام المجتمع الصالح (كما تؤكد ذلك النصوص الإسلامية).

2. توفير الجو المناسب لتربية الجيل القوي الفاعل.

وقد قلنا: إن الإنسان الصالح هو محور التنمية وهو يحتاج إلي عملية تربوية مستمرة تفجر فيه طاقاته، وتبرز فيه مكوناته الذاتية، وهي لا تتفجر ولا تبرز عشوائياً. أو تلقائياً، و إنما تحتاج إلي عملية تربوية وجو تربوي مناسب.

و لا ريب أن للمرأة أعظم الأثر في تربية العناصر الإنسانية، ووراء كل عظيم امرأة ـ كما يقولون ـ بل ما أكثرالعظماء النساء في تاريخنا الطويل.

3. الإعداد لجوٍ و بيئة حماسيين عاطفيين من خلال الاستعداد الطبيعي للمرأة، لتسد به هذه الحاجة الضرورية للإنسان من جهة، وتوفر له الحالة الحماسية الضرورية لتخطي العقبات وصنع تنمية اجتماعية مستديمة من جهة أخري.

أما المجتمع الذي يخلو من هذه الحالة العاطفية و الحماسية فهو مجتمع خامد، و بيئة جامدة ربما تتقدم في بعض المجالات المادية إلاّ أنها تفقد الصفاء الانساني المطلوب، و من بعد تفقد القدرة علي ايجاد التنمية المتوازنة.

و من هنا يظهر جلياً أن المرأة لها دورٌ كبيرٌ في توفير الجو العائلي النظيف، وأن العائلة و تشكيلاتها بما لها من مفهوم كلاسيكي معروف لدي المجتمعات و الأديان كلها، هي حجر الزاوية في عملية التنمية.

كما يظهر أيضاً أن أية ضربةٍ توجه لدور المرأة في البناء العائلي المشار اليه، وأي تقليل من أهمية الرباط العائلي المقدس، أو محاولة لطرح مفاهيم جديدة، و ادعاء مصاديق عصرية له، أو إضعاف روابطه، أو إيجاد بديل مزعوم له. كل هذه المحاولات تترك أعظم الآثار السلبية علي مستقبل الإنسانية جمعاء، و تفقده الحركية التنموية المطلوبة، بل هي تآمر واضح علي كل الوجود الانساني حتي لو جاء هذا التآمر تحت غطاء الخدمة الدولية لعملية التنمية.

النقطة الثانية: المحاولات الدولية في مجال التنمية الاجتماعية:

لا ريب في أن عملية التنمية استأثرت من نشاط الأمم المتحدة بالحظ الوفير، وخصوصاً في السنوات الاخيرة، وعقدت لها مؤتمرات دولية علي مختلف المستويات، كمؤتمر بخارست 1974، ومؤتمر مكسيكو سيتي 1984 ومؤتمر القاهرة 1994 ومؤتمر كوبنهاجن عام 1995، و غيرها من الاجتماعات الدولية، وخصوصاً تلك المنعقدة لدراسة حقوق المرأة بالخصوص كمؤتمر نايروبي ومؤتمر بكين. وكان التركيز علي دور العائلة في عملية التنمية ملحوظاً تماماً في كل الاجتماعات الدولية. إلاّ أن الملاحظ في مختلف الوثائق المقترحة أنها نُظّمت تنظيماً يبعدها عن المسيرة المتوازنة، وينسيها دور الدين في الحياة، ويتغافل عن أثر العناصر المعنوية فيهذا الصدد.

و كانت وثيقة القاهرة المقترحة علي مؤتمر السكان و التنمية القنبلة الضخمة التي فجرت الوضع، ورأي المخلصون التآمر الاستعماري الواضح علي كل القيم و المقدسات الانسانسة، لأنها سعت إلي تفكيك الروابط العائلية، وطرح مفاهيم متنوعة للعائلة، وفسح المجال لعلاقات وروابط خارج الإطار العائلي. وقد حضرتُ هذا الموتمر علي رأس الوفد الاسلامي الإيراني علي أمل أن نترك أثراً إيجابياً علي الوثيقة وهذا ما حدث، إذ رغم عدم التنسيق بين مواقف الدول الاسلامية ـ التي حرّم بعض منها حضور المؤتمر ـ ورغم قوة الضغط الغربي المعادي للاسلام، فقد استطعنا تشكيل مجموعة اسلامية قوية تعاونت مع المجموعة المسيحية الدينية و استطاعت أن تغير عشرات المصطلحات و المواقف في الوثيقة من قبيل حذف مصطلحات (الحق الجنسي)و (العلاقات الأخري «غير علاقات الزواج») وحذف عنصر الإلزام في الوثيقة، وكذلك تعديل المادة التي تسمح بالاجهاض و غير ذلك، وقد ألقيتُ في الاجتماع الدولي خطاباً أكدت فيه الحقائق التالية:

اولاً: إننا إذ نحاول تنظيم التحرك السكاني في إطار من التنمية المطلوبة علينا قبل كل شيء أن ننظر إلي الإنسان بكل أبعاده المادية و المعنوية ليكون تخطيطاً منسجماً مع فطرته الإنسانية وموقعه من الكون و في هذا الصدد نعتقد أن هذه المشكلة الاجتماعية لا تكمن في عدم استجابة الإمكانات الطبيعية لمعدلات النمو السكاني،بل هي تنبع من عدم الاستثمار الجيد لهذه الإمكانات وأنماط الظلم في توزيعها، يقول القرآن الكريم بعد أن يذكر النعم الإلهية الكثيرة: (و آتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة اللّه لا تحصوها إن الانسان لظلوم كفار) (ابراهيم / 38).

ثانياً: إن ملاحظة الواقع الإنساني عبر التاريخ وما تقرره الشرائع الإلهية في نظرياتها الاجتماعية تؤكد أن الكيان العائلي يشكل حجر الزاوية في البناء الاجتماعي وأن أي تحرك يوهن في استحكامه أو يطرح بديلاً عنه يشكل ضربة للمسيرة الإنسانية الأصيلة‏ولكن هذا لا يعني مطلقاً أن لا نلجأ إلي تنظيم هذا الكيان بالأساليب المشروعة فذلك جزء من تحكيمه وتوجيهه.

ثالثاً: إن للمرأة باعتبارها نصف المجتمع الإنساني دورها الاساس في صياغة البناء الاجتماعي و السياسي ويجب بكل تأكيد أن تلعب دورها بكل ثقة و دونما أي حط لكرامتها أو امتهان لقدراتها الإنسانية.

رابعاً: إن أية خطة واقعية لإقامة تنمية مستقرة لا يمكنها أن تتغافل عن دورالقيم الاخلاقية و العقيدة الدينية في تحكيم أسس التنمية و الإشباع المتوازن لمتطلبات الإنسان باعتباره محور الإعمار، فلابد إذن من توكيد هذه القيم و العمل علي دعمها ونفي كل ما ينافيها.

خامساً: إن مبدأ التساوي في إمكانية الاستفادة من الخيرات الطبيعية وهي هبة‏اللّه تعالي ليدعونا جميعاً للعمل علي تحقيق تقارب كبير بين مستويات المعيشة وعلي المستوي العالمي الأمر الذي يحمّل الدول الغنية عبئاً كبيراً لتحقيق هذا الهدف بحيث لا يمكنها التنصل منه إن شاءت تحقيق الاندماج الإنساني المطلوب.

سادساً: إن حقوق الإنسان كما تقررها الوثيقة العالمية و الوثائق الأخري كالوثيقة الإسلامية تجب مراعاتها بشكل دقيق إلا أن من الطبيعي الإصرار علي أنه لا يحق لأية دولة أو مجموعة أن تحمل مفهومها عنها علي الدول الأخري أو تحاول الاستهانة بالعناصر الثقافية و الدينية التي يحملها الآخرون بذريعة فهمها هي بل يجب الوصول إلي تعريفات مشتركة مقبولة يمكن من خلالها تشخيص الحقيقة دونما أي تحميل ولتكون الوثائق معتمدة عن بصيرة و دقة فلا يمكن استغلالها بسهولة.

دور المنظمات الشعبية في تحقيق الأهداف الدولية:

قد خطت البشرية خطوات واسعة علي طريق إيجاد تشكيلات دولية شاملة تعمل علي حل مشاكلها، وتحقيق تفاهم ممكن بين أعضائها،وتحاول الوصول إلي طروحات عالمية تترك آثارها الإيجابية علي المستوي العالمي.

وهكذا تم إنشاء الأمم المتحدة كاوسع منظمة دولية بمالها من منظمات فرعية في مختلف المجالات الثقافية و الاقتصادية، و الصحية، و التجارية، و غيرها.

كما تم إنشاء حركة عدم الإنحياز في مجال أضيق ومنظمة المؤتمر الإسلامي في إطار العالم الاسلامي.

وهناك منظمات وتجمعات دولية كبري أخري لها أثرها الكبير في المسيرة.

إلا أن أكثر المنظمات الدولية ما زالت مبتلاة بنقاط كبري تمنعها من تحقيق أهدافها الإنسانية ويمكننا أن نشير إلي بعضها فيما يلي:

1. إن قرارات هذه المنظمات إنما تحقق في أحسن الحالات مصالح الحكومات و توجهاتها ولا ضمانة فيها لتحقيق أهداف الجماهير علي أنها في الواقع إنما تحقق مصالح القوي المتحكمة في هذه المنظمات إن لم نقل بأنها إنما تحقق مصالح القطب الواحد المتحكم اليوم فيها.

2. إن واقع الحال المشاهد في هذه المنظمات يقضي بأنها فيكثير من الأحيان تقع تحت تأثير اتجاهات معادية للإنسانية كالاتجاهات الصهيونية و الاتجاهات المادية الإلحادية و غيرها الأمر الذي يعود بأعظم الخسائر علي المسيرة الانسانية.

3. كما أن التأمل في قراراتها يكشف لنا أحياناً عن قيام هذه المنظمات بإشباعات كاذبة لتطلعات الجماهير دون أن يكون وراء الشعارات المرفوعة واقع مؤثر وذلك كما في قرارات حقوق الإنسان، ومحاربة العنصرية، و الدفاع عن حقوق المرأة،وتنظيم عملية التنمية الاجتماعية و غيرها. في حين أننا نجدها في هذا المجال تكيل بمكاييل متعددة حسبما تقتضيه المصالح الضيقة. علي أن القرارات الحقيقة تبقي حبراً علي ورق مالم تتفق مع مصالح القوي الكبري.

و كذلك ما نشاهده من ضعف في قرارات منظمة المؤتمر الإسلامي في مختلف القضايا الإسلامية رغم ضخامة الشعارات التي ترفعها تجاه القضية الفلسطينية ـ مثلاً ـ و غيرها غير أنها تبقي عاجزة عن التنفيذ.

4. ثم إنها تعتمد عنصر التأجيل و المماطلة و المساومة و أنصاف الحلول، و أساليب ما وراء الأستار و غيرها مما قد يؤجل الحل المطلوب.

و غير ذلك من النقائص المشهودة.

... و من هناك فإننا نجد مجالاً واسعاً لقيام المنظمات غير الحكومية بالاشتراك في الاجتماعات الدولية و السعي للضغط علي الجهات الرسمية لتتخذ القرارات الأكثر انسجاماً مع الأهداف المطلوبة.

إن مشاركة هذه المنظمات يمكنها أن تترك آثاراً إيجابية من جهات عديدة من قبيل مايلي:

1. لما كانت هذه المنظمات الشعبية أقرب إلي واقع المشكلات الاجتماعية فإنها أكثر تفهماً للحلول المطلوبة جماهيرياً وهي بالتالي تستطيع أن تقرب القرارات من هذه الأهداف.

2. ولما كانت هذا المنظمات غير الحكومية حرة في تحليلاتها و غير مقيدة بالقيود الرسمية فإنها تستطيع أن تصل إلي الحل الواقعي وتطرح ذلك بقوة أمام المحافل الدولية.

3. علي أن حضور هذه المنظمات يشكل تواصلاً جماهيرياً جيداً قد يشكل رأياً عاماً دولياً لا تستطيع معه الجهات الرسمية إلا الاستجابة لمقتضيات هذا الرأي العام مما يمنحها روحاً جماهيرية وإقداماً علي خطوات أكثر واقعية.

استنتاج:

علي ضوء ماتقدم نستطيع أن نقرر الحقائق التالية:

1. إن عملية التنمية الاجتماعية هي عملية إنسانية لا تحدها حدود جنسية ولا جغرافية ولا مادية، وإن المرأة في التصور الإسلامي ـ عنصر أساس في هذه المسيرة ـ و بدونها سوف تبقي العملية بتراء غير فاعلة.

2. إن العالم أدرك بشكل متأخر هذه الحقيقة في حين سبقه الإسلام اليها بأكثر من عشرة قرون حينما جعل المرأة عدل الرجل في عملية (الولاية الاجتماعية) ومنحها كل ما يحقق لها مشاركتها في القرارات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية.

3. إن للحكومات و الجهات الرسمية دورها الكبير في تحقيق هذه الأنماط من المشاركة ولكن ذلك لن يحقق النتيجة المطلوبة مالم تقم المنظمات الشعبية باحتلال مركزها في دفع هذه العملية إلي الأمام.

4. إن منظمة المؤتمر الإسلامي لم تحقق الأمل المطلوب منها في الانسجام مع النظرة الاسلامية للمرأة ولم تعطها الدور الأساس المطلوب فبقيت مع الأسف متخلفة عن الطبيعة الإسلامية الرائدة، وإن عليها اليوم أن تسابق الزمن في تأمين هذا الانسجام.

و الحقيقة أن القرار الصادر عن مؤتمر القمة الثامن المنعقد بطهران يشكل سابقة جيدة في هذا المجال إلا أنني أعتقد أنه يبقي متخلفاً عن مسايرة التطور المطروح دولياً في هذا المجال.

و هنا أقول: إننا يجب أن لاننسي التحديات التي تواجهنا ـ في مطلع القرن الحادي و العشرين ـ علي الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، تحديات العولمة، تحديات الهيمنة الثقافية، تحديات القرية الصغيرة إعلامياً، وتحديات الشعارات البراقة التي يتستر خلفها أعداء العلاقات الإنسانية السليمة وصولاً حتي إلي قوانيننا الفرعية لتطويرها وفق مقاصدهم.

و لذا يجب الإبداع في كل الحقول و أذكر مثلاً الحقل الرياضي فلا يمكننا أن ندع المرأة كسولة بدينة مريضة، وإنما يجب ابتكار الأساليب السليمة المتسمة بالعفة والخلق الإسلامي الرفيع لتقديم البديل المطلوب عن الأساليب المعروفة عالمياً و المنافية لكل قيمنا و أعرافنا. إنه مثل واحد علي ضرورة التطوير و التغيير في مختلف الحقول. وكذلك الحقل السياسي، فلا مجال لتناسي دور المرأة الفعّال في صياغة القرار السياسي، وهذا ما تفتقدُه بعض مناطقنا الإسلامية، بل نجد بعض الفئات المتحجرة تفرض علي المرأة أن تكون حبس بيتها بعيدة عن التعليم فضلاً عن المشاركة في الحياة الاقتصادية وذلك طبقاً لاجتهادات قشرية غريبة عن الروح الاسلامية. وهذا العمل فضلاً عن تشويهه للصورة الإسلامية يكبل مسيرة الأمة نحو مواجهة التحدي الذي أشرنا اليه.

إننا نشعر بكل تأكيد بالحاجة لا لكتابة استراتيجيتنا الثقافة في مختلف الحقول، ولا للموافقة علي لائحة رسمية لحقوق الانسان في التصور الاسلامي ولا حتي لاستراتيجية إعلامية او اجتماعية لعالمنا الإسلامي، وإنها جميعاً قد دونت بعد تداول طويل، بل تكاد تكون واضحة في خلد كل من له معرفة بالتوجهات الإسلامية، وإنما نشعر بالحاجة للعمل المنظم و المتكامل ـ علي صعيد العالم الإسلامي ـ بهذه الاستراتيجيات المتفق عليها سواء في مؤتمرات إسلامية دولية كمؤتمر القمة السادس بداكار (السنغال) أو مؤتمر وزراء الخارجية الثامن عشر بالقاهرة أو غيرها.

و مما أاسف له أن أُعلن أن العالم الإسلامي علي مستوي منظمة المؤتمر الاسلامي لم يتفق بعد علي الصيغة العملية للتنفيذ رغم وجود صور تنفيذية هنا أو هناك.

و في ختام حديثي أوكّد أن هذه الأمة الإسلامية لها خصائص معينة تحدد لها هويتها و ترسم لها معالمها القرآنية ومنها: الخصيصة الإلهية و الإنتساب في العقيدة و التشريع إلي اللّه تعالي كما أن منها الخصيصة الأخلاقية الإنسانية التي تتجلي من خلالها كل السمات الأخلاقية الأسلامية وتتخلص من كل أنماط الفساد و الصور اللاأخلاقية و التي تلعب الغرائزالجنسية دورها فيها لتشويه الصورة الصحيحة، فلا يمكن لهذه الأمة أن تفتخر بانتسابها للإسلام إلا إذا طبقت الصورة الإسلامية السامية، وأقامت علاقاتها علي أساس من معايير الإسلام، وحصنت جماهيرنا بالوعي المطلوب بل أوجدت فيها ـ بما فيها العنصر النسائي ذي النسبة الكبيرة ـ الدوافع الكبري لمواجهة التحدي المذكور.

إن الصحوة الإسلامية هي قدرنا وإلا أدركتنا التحديات وقضت علي خصائصنا.

و هنا يبرز دور العلماء رجالاً ونساءً ليقوموا بدور ورثة الأنبياء. وفقنا اللّه تعالي لمراضيه و حقق لنا الآمال.

/ 1