بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید الثاني : البناء علي إعارة المحال عليه ذمّته للمحيل بحيث يملك المحيل الانتفاع بها ويشغلها بما شاء ، فحينذاك تكون الحوالة مسبوقة بالعارية دائما ، وتكون العارية بين المحيل المستعير والمحال عليه المعير ، وتكون الحوالة بين المحيل والمحتال ، فكما لايكون للمحتال دخل إنشائي في العارية فكذلك لايكون للمحال عليه دخل إنشائي في الحوالة ؛ لأنّها تقع بين المحيل والمحتال . فعلي هذا التقريب تكون الحوالة أيضا عقدا ؛ لأنّها تمسّ شأنين : شأن المحيل وشأن المحتال ، وأمّا المحال عليه فله دخل إنشائي في العارية التي تمهّد الطريق للحوالة وتكون مقدمة لها .
وأمّا النحو الرابع : ـ وهو أن تكون الحوالة عبارة عن تغيير المدين ـ فإمّا أن تكون حوالة علي بريء أو علي مدين ، فأمّا إذا كانت الحوالة علي بريء فهي عقد ؛ لأنّها تمسّ شأنين : شأن المحتال وشأن المحال عليه ، أمّا الأوّل فلأنّه الذي يحدث الانتقال في ماله من وعاء إلي وعاء آخر ـ أي من ذمّة زيد إلي ذمّة خالد ـ فهو تصرّف في ماله ، فلابدّ من دخله الإنشائي في المعاوضة ، وأمّا الثاني فلأنّه الذي تشتغل ذمّته عند الحوالة للمحتال ، وحيث إنّ ذمّته ملك له فإشغالها لعمرو المحتال تصرّف في ملك المحال عليه ، فلابدّ من دخله الإنشائي أيضا ، وأمّا المحيل فهو أجنبيّ ؛ لأنّ المعاوضة لاتوجب التصرّف في ماله بل توجب التصرّف فيما عليه من الدين ، وهذا لايسبّب دخله الإنشائي في الحوالة .
وأمّا إذا كانت الحوالة علي مدين فقد يقال : إنّها تصرّف قائم بين المحتال والمحال عليه من دون دخل للمحيل في ذلك ، وقد يقال : إنّها تصرّف قائم بين المحيل والمحتال من دون دخل للمحال عليه في ذلك ، وقد يقال : إنّها تصرّف قائم بين المحيل والمحتال والمحال عليه ، حسب التصوّرات الفنيّة للموقف .
وتوضيحه : إنّه لو أحال زيد دائنه عمرا علي خالد الذي هو مدين للمحيل فالذي يحدث أنّ الدين الثابت لعمرو علي زيد قد انتقل من ذمّته إلي ذمّة خالد وأصبح عمرو يملك الدين في ذمّة المدين الجديد ، ففي هذا المورد تكون الحوالة تصرّفا في شأن المحتال والمحال عليه ، أمّا الأوّل فلأنّ الدين الذي كان ثابتا لعمرو علي زيد قد انتقل من ذمّة إلي اُخري ، وهذا تصرّف فيه ، فلابدّ من دخل إنشائي من قبل المحتال في ذلك لأنّه ملكه ، وأمّا الثاني فلأنّ ذمّة المحال عليه قد اشتغلت بدين جديد للمحتال فهو تصرّف في ذمّة خالد التي هي تحت سلطان نفسه ، ومجرّد كونه مدينا للمحيل لايبرّر للمحيل أن يجعله مدينا لشخص آخر كيفما شاء وفي أيّ جزء من ذمّة المدين ، إذن فهو تصرّف في شأن المحال عليه أيضا ، فلابدّ من دخله الإنشائي ، وأمّا المحيل فلا دخل له أصلاً ؛ لأنّه ليس تصرّفا في ملكه .
وبتعبير أوضح : إنّ في المقام مالين : المال الذي يملكه زيد في ذمّة خالد ، والمال الذي يملكه عمرو في ذمّة زيد ، فأمّا الأوّل فلا تمسّه الحوالة بناءً علي النحو الرابع ؛ لأنّ تغيير المدين لايوجب تغيّر الدين الثابت للمحيل علي المحال عليه بل هو محفوظ ، وأمّا الثاني فهو الذي تمسّه الحوالة ؛ باعتبار أنّها تمسّ شأنين : شأن المحتال لأنّه ماله ، وشأن المحال عليه لأنّه الذي اشتغلت ذمّته به ، فلابدّ من دخلهما معا ، دون المحيل لأنّه ليس تصرّفا في ملكه .
نعم ، لو فرضنا أنّ المحيل استدعي من المحال عليه هذا التصرّف فيضمن للمحال عليه ، وحينذاك لابدّ من دخله الإنشائي ، وقد يؤدي هذا الاستدعاء إلي سقوط الدين الثابت علي المحال عليه للمحيل بالتهاتر بين الدينين كما سبق ، إلاّ أنّ الاستدعاء مسألة اُخري لا تمتّ إلي موضع البحث بصلة .
إذن فعلي التقريب المزبور يتحقّق صدق القول الأوّل ، وأنّ الحوالة علي مدين ـ بناءً علي أنّها تغيير للمدين ـ تصرّف قائم بين المحتال والمحال عليه فقط .
وأمّا القول الثاني ـ وهو أنّ الحوالة هنا تصرّف بين المحيل والمحتال دون المحال عليه ـ فهو مبنيّ علي أن نفترض أنّ الدائن كما يملك المال في ذمّة مدينه فكذلك يملك من ذمّة المدين ذاك المقدار الذي يستوعبه المال ، فهو مالك للمال والذمّة لا بكاملها ، بل هو مالك لجزء منها وهو الجزء الذي انحفظ فيه المال ، فتكون الحوالة حينئذٍ ـ بناءً علي النحو الرابع ـ تصرّفا في شأن المحيل والمحتال دون المحال عليه ، أمّا المحيل فلأنّه دائن ويملك جزءً من ذمّة مدينه المحال عليه كما مرّ ، فله التصرّف فيه بإشغاله بما يريد بشرط أن لايتعدّي الجزء المملوك له إلي سائر أجزاء ذمّة المدين المحال عليه ، وأمّا المحتال فلأنّه الذي يملك المال في ذمّة المحيل ، فإذا أراد المحيل نقله من ذمّة نفسه إلي ذمّة اُخري فهو يتضمّن تصرّفا في ملك المحتال ، فلابدّ من دخله الإنشائي ، وأمّا المحال عليه فلا دخل له ؛ وذلك لأنّه ليس تصرّفا في ملكه وفي شأن من شؤونه .
والفرق بين هذا التقريب ـ الذي يحقّق صدق القول الثاني وأنّ الحوالة هنا تصرّف بين المحيل والمحتال دون المحال عليه ـ وبين التقريب الأوّل ـ الذي حقّق صدق القول الأول وأنّها تصرّف بين المحتال والمحال عليه دون المحيل ـ أنّ التقريب الأوّل مبنيّ علي أنّ الدين الذي ينقل من ذمّة المحيل إلي ذمّة المحال عليه لا ينقل إلي نفس الجزء من الذمّة الذي كان يملكه المحيل بل نقل إلي جزء آخر من ذمّة المحال عليه ، وحيث إنّ الجزء الآخر كان تحت سلطان المحال عليه نفسه فكان لابدّ من دخله الإنشائي ، وأمّا هنا فحيث فرضنا أنّ الدين ينتقل إلي نفس الجزء من الذمّة الذي كان يملكه المحيل دون الأجزاء الاُخري فكان لابدّ من دخل المحيل فيه ؛ لأنّه تصرّف في ملكه وهو الجزء من ذمّة المحال عليه ، ولا دخل للمحال عليه فيه ؛ لأنّه ليس تصرّفا في ملكه وفي شأن من شؤونه .