ما وراء الفقه : بحوث علمية في تنقيح موضوعات الأحكام التلقيح الصناعي بين العلم والشريعة
السيد شهاب الدين الحسيني القسم الأوّل
لا يخفي أنّ ميل الإنسان إلي التكاثر وطلب الولد مسألة غريزية نابعة من أصل الفطرة الإنسانية ، فنراه يسعي بكل وسيلة لتحقيق هذه الرغبة ، فحينما لا تشبع هذه الرغبة طبيعيا بسبب مانع من الموانع كالاصابة بالعقم أو بعض الأمراض سيما النسائية فهو يتشبّث بما يسمّي بالتلقيح الصناعي . وقد وردت الاشارة إلي هذه الرغبة الفطرية في النصوص الدينية ، وإليك بعض النماذج . . .
طلب الولد في القرآن الكريم :
قال اللّه تعالي : « زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالبَنِينَ وَالقَنَاطِيرِ المُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَالخَيْلِ المُسَوَّمَةِ وَالأ نْعَامِ وَالحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ المَآبِ »( 1 ) .
فسرت الشهوات بأنّها : جمع شهوة ، وهي توقان النفس إلي المشتهي . . . والشهوة من فعل اللّه ، ولا يقدر عليها أحد من البشر ، وهي ضرورية فينا فإنّه لايمكننا دفعها عن نفوسنا ، وقد زينها اللّه تعالي لهم بما جعل في الطباع من الميل إليها ، وبما خلق فيها من الزينة محنة وتشديداً للتكليف ( 2 ) .
وزين اللّه تعالي حب البنين وتربيتهم لكي يطلب البشر التناسل ويقوموا بالمشقات المعروفة في نفقتهم وتربيتهم وحسن المداراة لهم في تربيتهم والنظر إلي إصلاح اُمورهم وعواقبهم ( 3 ) .
وهكذا فإنّ طلب الولد أمر فطري فطر اللّه عليه النوع الانساني سواء في ذلك الصالح والطالح والنبي ومن دونه ، وقد جهز الجميع بجهاز التوالد والتناسل وغرز فيهم ما يدعوهم إليه ، فالواحد منهم لو لم ينحرف طباعه ينساق إلي طلب الولد ويري بقاء ولده بعده بقاءً لنفسه . . . والشرائع الالهية لم تبطل هذا الحكم الفطري ولا ذمت هذه الداعية الغريزية بل مدحته وندبت اليه ( 4 ) .
وقد ذكر القرآن قصص الانبياء والصالحين الذين كانوا يدعون اللّه تعالي ليرزقهم الولد والذريّة ؛ ممّا يؤكد فطرية طلب الولد ومشروعيته ، فذكر دعاء زكريا طلباً للولد « وَإنِّي خِفْتُ المَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأتِي عَاقِرا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّا * يَا زَكَرِيَّا إنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَي لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيّا »( 5 ) .
وكرّر القرآن الكريم طلب زكريا في عدة مواضع « وَزَكَرِيَّا إذْ نَادَي رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدا وَأ نْتَ خَيْرُ الوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَي وَأصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ . . . »( 6 ) . « هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ * فَنَادَتْهُ المَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي المِحْرَابِ أنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَي مُصَدِّقا بِكَلِمَةٍ مِنْ اللّهِ وَسَيِّدا وَحَصُورا وَنَبِيّا مِنَ الصَّالِحِينَ »( 7 ) .
وذكر القرآن الكريم دعاء المؤمنين الصالحين « وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّـنَا هَبْ لَـنَا مِنْ أزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إمَاما »( 8 ) .
وذكر دعاء إبراهيم عليهالسلام حيث يقول : « رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ »( 9 ) .
ويحمد إبراهيم عليهالسلام ربّه علي استجابة دعائه في الحصول علي الولد والذرية « الحَمْدُ للّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَي الكِبَرِ إسْمَاعِيلَ وَإسْحَاقَ إنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ »( 10 ) .
وقد أقرّت هذه الآيات هذا الحق الفطري الغريزي ، فلم تعطله أو تلغيه بل شجعت علي التناسل والتوالد ، وأبرزت للانسانية مظاهر متنوعة من رغبات أرقي نماذج الشخصية ألا وهم الانبياء الذين أعلنوا عن هذه الرغبة الفطرية في ارتباطهم المتواصل مع منعم الوجود وواهب الولد والذرية .
ويري العلماء انّ العلة في حب الزوجة وحب الولد واحدة وهي تسلسل النسل وبقاء النوع ، وهي حكمة مطردة في غير الانسان من الحيوانات الاخري .
والقرآن الكريم جعل هذا الدافع الفطري مهذباً ومنظماً ، ووضع له مقدماته المشروعة عن طريق الرباط المقدس وهو الزواج ، قال تعالي : « وَمِنْ آيَاتِهِ أنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أنفُسِكُمْ أزْوَاجا لِتَسْكُـنُوا إلَيْهَا وَجَعَلَ بَـيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً »( 11 ) .
حيث إن المودة والرحمة تتحقق بالزواج وتصل إلي اقصي درجاتها من حيث الاستقرار والثبات بوجود الولد وهو قرة العين التي تضفي علي الحياة الزوجية أمناً واطمئناناً واستقراراً .
وقال تعالي : « وَاللّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أنفُسِكُمْ أزْوَاجا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أزْوَاجِكُمْ بَـنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ . . . »( 12 ) .
والآيات المتقدمة تؤكد علي الانجاب والتناسل عن مقدمات مشروعة ، وتشبع هذه الحاجة الفطرية وتوجهها توجيهاً حسناً بطلب الولد الصالح الذي فيه مرضاة للّه تعالي ، لكي تكون هذه الحاجة وسيلة لا غاية ؛ وسيلة للتقرب إلي اللّه وتقرير منهجه في الواقع ليكون هو الحاكم علي الرغبات والدوافع والغرائز .
طلب الولد في الأحاديث الشريفة :
طلب الولد والرغبة في الانجاب والتناسل وان كان أمراً فطرياً مركوزاً في الكينونة البشرية إلاّ أنّ الاحاديث الشريفة أبدت فيه عناية إضافية وحثت عليه لكي تتلاحم الفطرة مع تطلعات الوجهة الدينية التي تتوجه في الحياة نحو اقرار المنهج الالهي في الواقع وجعله حاكماً علي الافكار والعواطف والممارسات ؛ ويتم ذلك عن طريق تكثير ذراري المسلمين لكي يحملوا الامانة التي أناطها اللّه تعالي بهم في هذه الحياة الوثابة نحو التكامل والسمو والارتقاء .
قال رسول اللّه صلياللهعليهوآلهوسلم : « ما يمنع المؤمن أن يتّخذ أهلاً ؟ ! لعلّ اللّه يرزقه نسمة تثقل الأرض بلا إله إلاّ اللّه » ( 13 ) .
وحث رسول اللّه صلياللهعليهوآلهوسلم علي التناسل والتكاثر وجعله مقدمة للتباهي في يوم القيامة ، وفي ذلك مرضاة له صلياللهعليهوآلهوسلم وللّه تعالي .
قال صلياللهعليهوآلهوسلم : « تزوجوا فانّي مكاثر بكم الاُمم غداً في القيامة » ( 14 ) .
وقال : « تناكحوا تناسلوا تكثروا فاني مباه بكم الامم يوم القيامة » ( 15 ) .
وفي رواية : « تزوجوا الودود الولود فانّي مكاثر بكم الانبياء يوم القيامة » ( 16 ) .
وفي رواية : « تزوجوا الودود الولود ، فانّي مكاثر بكم الامم » ( 17 ) .
واكدت الاحاديث الشريفة علي الاقتران بالزوجة الولود وان لم تكن جميلة .
قال رسول اللّه صلياللهعليهوآلهوسلم : « تزوجوا بكراً ولوداً ولا تزوجوا حسناء جميلة عاقراً فانّي اباهي بكم الامم يوم القيامة » ( 18 ) .
وقال صلياللهعليهوآلهوسلم : « سوداء ولود خير من حسناء لا تلد » ( 19 ) .
وقال ـ في مدحه للولود ـ : « خير نسائكم الولود الودود » ( 20 ) .
وقال صلياللهعليهوآلهوسلم : « اطلبوا الاولاد من اُمهات الأولاد فإنّ في أرحامهنّ البركة » ( 21 ) .
ووردت روايات عديدة تحث علي التناسل والتكاثر ، قال الإمام عليّ عليهالسلام : « إنّ اللّه إذا أراد بعبدٍ خيراً لم يمته حتّي يريه الخلف » ( 22 ) .
وقال الإمام عليّ بن الحسين عليهالسلام : « من سعادة الرجل أن يكون له ولد يستعين بهم » ( 23 ) .
وقال الامام محمد الباقر عليهالسلام : « من سعادة الرجل أن يكون له الولد يعرف فيه شبهه وخُلقه وخَلقه وشمائله » ( 24 ) .
وعن بكر بن صالح قال كتبت إلي أبي الحسن عليهالسلام : إنّي أحببت طلب الولد منذ خمس سنين ، وذلك أنّ أهلي كرهت ذلك وقالت : إنّه يشتد عليّ تربيتهم لقلة الشيء ، فما تري ؟ فكتب إليّ : « اطلب الولد فانّ اللّه يرزقهم » ( 25 ) .
وهنالك حث وتشجيع علي الولد الصالح لكي تكون الحياة صالحة يتطلع فيها الانسان إلي آفاق أعلي واهتمامات أرفع .
وبصلاح الذرية والنسل تصلح الامور في جميع جوانبها وينحسر الانحراف والانحطاط في مجالات ضيقة لايعتد بها في حركة البشرية نحو التكامل والارتقاء .
قال رسول اللّه صلياللهعليهوآلهوسلم : « الولد الصالح ريحانة من رياحين الجنة » ( 26 ) .
وقال الإمام جعفر الصادق عليهالسلام : « ميراث اللّه من عبده المؤمن الولد الصالح يستغفر له » ( 27 ) .
والولد الصالح والنسل الصالح هو الغاية الأمثل في هذا الدافع الفطري لكي يقوم باقرار الاستقامة والفضيلة في الواقع وتحقيقها في صورة واضحة معلومة عملية تترجم فيها المفاهيم والنظريات إلي مشاعر واخلاق واعمال وحركات واوضاع وارتباطات ، وبالحقيقة ان الدعوة لتكثير النسل دعوة لتكثير النسل الصالح الذي يتبني مسؤولية بناء الحياة واعمارها علي اساس المفاهيم والقيم الصالحة ، وهي دعوة إلي التناسل النوعي المقدّم علي التناسل الكمي .
ولمرغوبية تكثير النسل وانسجامها مع آفاق المنهج الالهي وتطلعات الانسانية نري أن أغلب الاولياء والصالحين قد اكثروا من عدد الزوجات إضافة إلي طلب الولد من الاماء ، والتاريخ خير شاهد علي ذلك .
شرائط الحمل الطبيعي
من أجل أن يتّضح لنا الدور الذي تلعبه عملية التلقيح الصناعي في التغلّب علي بعض الموانع التي تحول دون تكوّن الجنين بصورة طبيعية نري من المفيد أن نلقي بعض الأضواء علي كيفية الحمل الطبيعي ؟ وكيف يتم ؟ وما هي العوامل المؤثّرة فيه ؟ وهذه العوامل بصورة إجمالية هي :
1 ـ أن تنتج الأنثي بويضة في مبيضها أو مبيضَيها .
2 ـ أن تكون قناتا فالوب مفتوحتين .
3 ـ أن يصل الحيوان المنوي الصحي إلي البويضة خلال تواجدها في قناة فالوب .
4 ـ أن تكون بطانة الرحم مهيأة لغرس البويضة المخصَّبة أو الملقَّحة بالحيوان المنوي .
5 ـ أن تنتج الاُنثي الهورمونات المناسبة لتغذية البويضة المخصّبة أو الملقحة بعد غرسها في الرحم .
6 ـ أن ينتج الذكر حيوانات منوية صحية .
أوضاع الاُنثي وظروف التناسل :
تولد الاناث حاملات حوالي مليوني بيضة في مبيضهنّ ومع وصول الفتاة إلي مرحلة البلوغ ينخفض ذلك العدد كثيراً وعندما تصل الفتاة إلي مرحلة الطمث تبدأ العملية التناسلية باطلاق إحدي تلك البويضات ، وتبدأ القدرة علي ايجاد حياة جديدة عندما تنبه أو تثير الغدة النخامية القابعة تحت الدماغ النظام أو الجهاز التناسلي بواسطة هورمونين :
الهورمون المنبه الجريبي Follicle-Stimulating .
والهورمون المصغر Lutenizing .
وهذان الهورمونان هما من نوع الموصلات أو المرسلات الكيميائية من الغدة النخامية إلي المبيضين الذين هما عضوين بحجم الجوزة يقعان علي جانبي الرحم ، ويحتوي المبيضان علي إمداد من البويضات يستمر مدي الحياة وكل بويضة مغلفة بغلاف يعرف بالجُريب المبيضي ، وهو تجويف صغير انبوبي بسيط القوام .
وفي كل شهر يبدأ حوالي 20 جريباً من البويضات ـ كل جريب يحمل بويضة واحدة ـ بالنمو وبعد نموها تقوم التغيرات الهورمونية في الجسد بايقاف النمو الجريبي باستثناء جريب واحد ، وفي بعض المناسبات ينمو اكثر من جريب واحد ويلقح أو يخصَّب بالحيوان المنوي ممّا يؤدي إلي الحمل المضاعف أي اكثر من طفل في وقت واحد .
يتابع الجريب نموه حتّي حوالي اليوم الرابع عشر من دورة الطمث وعند تلك النقطة ينفلت من المبيض ويعوم بحرية ، وحيث إنّه محاط بسوائل دبقة او لاصقة يتم التقاطه بواسطة نتوءات علي شكل شعيرات تسمي الهُدُب cilia ويمرّر علي طول مسيرته البطيئة التي تستمر ثلاثة أيام حتّي يصل إلي الرحم ، وتكون هذه الرحلة عبر واحدة من قناتي فالوب .
يمكن للتلقيح ان يحصل فقط داخل قناتي فالوب ، وقبل خروج البويضة من المبيض ، ويقوم هورمون الايستروجين estrogen أو هورمون مولّد الذكورة بتنبيه وإثارة افراز المخاط الذي يسهل رحلة الحيوان المنوي عبر عنق الرحم cervix باتجاه قناتي فالوب ، وتقوم الجيوب الموجودة في عنق الرحم بالتقاط وجمع الحيوانات المنوية التي يمكنها أن تنتظر عدة أيام لحصول الاباضة .
وخلال الاباضة تصبح فتحة عنق الرحم طرية وتتوسع للسماح بمرور أسهل للحيوانات المنوية وفوراً بعد الاباضة يقوم هورمون البروجستيرون progesterone أو الجسفرون ـ وهو هورمون يهيء الرحم لقبول البويضة الملقحة ويلعب دوراً في تثبيت الحمل ـ بتحضير بطانة الرحم لاستقبال البويضة الملقحة .
وإذا لم يحصل التلقيح تُنظّف بطانة الرحم نفسها بالسلخ بعد 14 يوماً من الاباضة فيما يعرف بعملية الطمث أو الحيض ، وتتكرر هذه الدورة حوالي 400 مرة خلال حياة الانثي وتنقطع فقط بفعل الحمل أو المرض الخطير أو عدم توازن الهورمونات ( 28 ) .
أوضاع الذكر وظروف التناسل :
يتركز دور الرجل في عملية التناسل أساساً حول انتاج السائل المنوي أو الحيوانات المنوية sperm ، ويتم انتاج الحيوان المنوي باستمرار وثبات داخل جسد الذكر بالملايين ، وتشير بعض التقديرات إلي معدل انتاج يقارب 72 مليون حيوان منوي في اليوم .
وليكون الرجل مخصباً ينبغي أن يكون :
1 ـ عدد الحيوانات المنوية كبيراً .
2 ـ الحيوان المنوي قادراً علي الحركة .
3 ـ ان يكون تكوين الحيوان المنوي ملائماً وصحيحاً .
ينمو السائل المنوي الذي يضم حيوانات المني في الخصيتين ولايمكن للحيوان المنوي أن ينمو بشكل صحيح في حرارة تزيد عن 95 درجة فهرنهايت ، أي مناخ استوائي ولكنّه بارد بما فيه الكفاية ليشجع إنتاج المني ، وكذلك تنتج الخصيتان هورمون تيستو ستيرون testosterone وهو الهورمون الأساسي الذي يعلب دوراً في المهام الجنسية للذكور .
ومع نضج الحيوانات المنوية تخرج هذه علي شكل مني من الخصيتين باتجاه انبوب دقيق يسمي بربخ epididymis وداخله يطوّر الحيوان المنوي قدرته علي الحركة بحيث يمارس ضرب أذنابه بالحركة ذاتها التي يستعملها في محاولته للوصول إلي البويضة .
ويتحرك المني من البربخ عبر قناة طولها التقريبي 16 بوصة أو حوالي 38 سنتمتراً تسمي القناة الدافقة vas deferens وخلال الاثارة الجنسية تقوم الاشارات العصبية بتنبيه المني ودفعه من القناة الدافعة إلي داخل الاحليل حيث يلتقط مواداً تساعده في التنقل وتحقيق التوازن في حموضته .
وعندما يقذف الذكر حوالي 200 مليون حيوان منوي في المهبل خلال الجماع يسبح المني عبر عنق الرحم ليصل إلي البويضة ، وحول فترة الاباضة يكوّن مخاط عنق الرحم أقنية تقود المني عبر عنق الرحم وصولاً إلي الرحم ذاته وهناك يمكن للمني أن يسبح بسهولة اكثر علي طول القنوات المؤدية إلي قناتي فالوب .
وتستغرق الرحلة بالنسبة للمني المستعصي حوالي 60 إلي 90 دقيقة لكن الملايين من الحيوانات المنوية لاتصل إلي وجهتها بل تصل بضعة مئات فقط إلي بويضة الانثي وبعضها يقتل بالافرازات الحمضية في المهبل وتسلك كميات اُخري طريقاً خاطئاً وتسبح عبر قناة فالوب الخاطئة أي التي لاتحتوي علي أي بويضة بحيث تفقد فرصتها في الاخصاب ، ويحصل التلقيح أو الاخصاب عندما يخترق حيوان منوي بطانة البويضة حيث توقف التغيرات الكيميائية في البويضة دخول أو نفاذ أي حيوان منوي آخر اليها ، وتتابع البويضة الملقحة رحلتها نزولاً في قناه فالوب وتغرس نفسها في الرحم ( 29 ) .
ومن خلال معرفة هذه الاوضاع والظروف فانّ أي خلل فيها يؤدي إلي العقم المؤقت أو العقم الدائمي تبعاً للقابلية علي العلاج أو عدم القابلية .
أرقام علمية :
1 ـ إن النطفة تقضي بين 8 ـ 12 ساعة لقطع المسافة من المهبل حتّي ملاقاة البويضة .
2 ـ إنّ الحيوان المنوي يسير بذبذبات الذنب بسرعة 3 مليمترات في الدقيقة .
3 ـ إن حياة الحيوان المنوي داخل جهاز المرأة التناسلي لاتتعدي الـ 48 ساعة إذا :
* كان الوسط الذي يعيش فيه داخل المهبل قلوياً ملائماً .
* كان الجهاز التناسلي الانثوي صحيحاً خالياً من الأمراض والالتهابات والتعفنات .
* كانت خصيتا الرجل سالمتين قادرتين علي انتاج نطف قوية قويمة .
4 ـ إذا لم يترافق الدفق عند الرجل بالتقلصات والانقباضات في الاعضاء التناسلية عند المرأة ، أي إذا لم يحصل التوافق الجنسي بين الزوجين ، فانّ النطف تفقد العون الذي يساعدها علي المسير إلي غايتها .
5 ـ تختلف قوة الحيوان المنوي وجلده علي المسير نحو غايته تبعاً لاختلاف القوة وسلامة الجسم عند الرجال ، وتبعاً لاختلاف الأزمنة التي جري أثناءها اللقاح .
6 ـ لطول الراحة الجنسية التي تسبق الدفق عند الرجل علاقة كبري في حياة الحيوان المنوي ، فقد وجد أن حياة هذا الحيوان المفرز من الرجل بعد استراحة جنسية دامت ثلاثة أيّام بدون أية مقاربة ، تستمر ثلاثة أيام ، بينما لا تستمر حياة الحيوان المتدفق لثالث مرة في اليوم سوي 24 ساعة فقط ( 30 ) .
7 ـ لاتلعب النشوة الجنسية للمرأة دوراً في الحمل ( 31 ) .
8 ـ قد يحصل الحمل دون ايلاج باحتكاك ذكر الزوج مع مهبل الزوجة ، فتبدأ أحد النطف بالحركة داخل السائل الذي يفرزه المهبل ، وتصل إلي الرحم .
9 ـ قد يحدث الحمل احياناً دون فض غشاء البكارة ( 32 ) .
10 ـ اصلح وقت للحمل هو الاسبوع الثاني الذي يلي الحيض مباشرة ، وأقل الأوقات مناسبة الاُسبوع الذي يسبقه ، ويمكن أن يحدث في أي وقت ، وإن كان الوقت الأكثر احتمالاً هو نحو اليوم الرابع عشر قبل بداية الحيض المتوقع ( 33 ) .
تاريخ التلقيح الصناعي
أوّل تلقيح صناعي اُجري كان في سنة 1780 م قام به الكاهن الايطالي لازارد سبالانزاني الاخصائي بعلم الغرائز ، إذ أجري التجربة علي انثي الكلب ، وقد استفاد من التجربة ونتائجها الجراح جون هانتر فأعاد التجربة في سنة 1781 م علي أول امرأة وتكلّلت تجربته بالنجاح ، وكانت تجربته فاتحة عهد جديد في الطب وفي معالجة العقم المستعصي ( 34 ) .ولقد كانت البحوث المبكرة في هذا المجال تجري علي الحيوانات كالقرود والخيل والكلاب والأرانب ، ويرجع ذلك إلي سهولة تداول هذه العملية دون مشاكل أو اعتراضات ، واجريت عدّة عمليات علي الأبقار في بعض الدول الغربية .
وظهر التلقيح الصناعي بصورة أوضح في بداية القرن العشرين ، وقد تنبّأ الكاتب الانجليزي الدوس هسكلي بميلاد طفل الانبوب في عام 1932 م في روايته (عالم جديد شجاع) وقال بامكانية الحفاظ علي البويضة الملقحة حتّي خارج جسم الأم بفضل التقنية الحديثة في درجة حرارة مثلي .
وفي عام 1958 م بدأ الدكتور دانيل بتروش الايطالي أبحاثه في مجال القضاء علي المشاكل التي يسببها انسداد المسالك المبيضية ، وفي عام 1961 م بدأ في تطبيق أبحاثه في عيادة خاصة في بولونيا إلي أن منعته إحدي الراهبات ، وقد استمر في أبحاثه ولكن في إطار من السرية ، واستطاع في عام 1966 م أن يحقق إنجازاً علمياً في مجال تلقيح البويضة بالسائل المنوي في وعاء خاص هو بمثابة رحم صناعي لفترة قصيرة من الزمن ( 35 ) .
وفي إيطاليا أيضاً أعلن العالم الايطالي دوليتي عن نجاحه في تربية جنين بعيداً عن رحم اُمه في انبوب اختبار ولمدة زادت عن 59 يوماً وبعدها مات الجنين بعد أن تكونت خلال هذه الأيّام كل ملامح الطفل حيث ظهر عموده الفقري وتكوّن قلبه ومعالم ليست قليلة من الجنين ، ويومها ثار الفاتيكان ثورة عارمة علي اللعب بعمليات الخلق وأبدي اعتراضاً شديداً علي التجربة ، وحينما استنفذت التجربة أغراضها دمرها صاحبها .
وفي العام 1966 م أيضاً اكتشف د .ادواردز اللحظة الحاسمة التي يتم للبويضة خلالها أن تقبل اللقاح .
وفي العام 1969 م أعلن أن عمليات لقاح قد اجريت علي 65 بويضة استطاعت 18 منها أن تتجاوب مع التلقيح ، 11 منها استمرت متجاوبة في أثناء 31 ساعة بينما 7 اُخري عاشت ملقحة لبضع ساعات فقط .
وفي العام 1971 م استطاع العالمان (ستبتو وادواردز) تخطّي عقبة مهمة وهي إبقاء اللقاح حياً لثلاثة أو أربعة أيام ؛ ذلك أن هذه المدة تعدّ كافية لبداية تكوين الجنين ، من ثم اعادته إلي الرحم ثانية ، ولكن بقيت معضلة تحضير الرحم لاستقبال اللقاح ، واستمرت تجاربهما سبعة أعوام ، وعلي 350 امرأة وكانا في كل مرة يتوصلان إلي تطوير جديد للسائل الذي يحفظ البويضة ويبقيها ( 36 ) .
وكان أول جنين ولد بهذه الطريقة عام 1978 م في انجلترا تبعته أعداد متزايدة من الأجنّة التي بدأت حياتها في انبوب اصطناعي من صنع البشر لا اُنبوب رحمي ، والمهم في الموضوع انّ الانسان لم يأت بجديد ، فالعملية من أولها لآخرها تقليد لما يحدث عادة في بوقي الرحم ، ولكنّه تطوّر فني رائع خصوصاً إذا اقتصرت هذه التكنولوجيا علي حالات طبيّة محدّدة ؛ تحفظ للمجتمع كرامته ومثله الاسرية الأصيلة ، ولم تتناولها أيدي العابثين ( 37 ) .
وقد تواترت الاخبار عن نجاح مثل هذه البحوث وعن ميلاد العشرات من الاطفال عن طريق التلقيح الصناعي ، وخاصة ولادة توائم الانبوب ، وقد انتشرت هذه العمليات في الكثير من بلدان العالم حتي وصلت إلي عالمنا الاسلامي .
خطوات التلقيح والشروط اللازمة
1 ـ أن يكون عمر المرأة أقل من أربعين عاماً ، اضافة إلي تمتعها بصحة جيدة ، وأن لا تشكو من السمنة أو أمراض قد تعرّض حياتها للخطر إذا نجحت العملية وأصبحت حاملاً .2 ـ أن يكون للمبيض القدرة علي إنتاج بويضة ، إمّا تلقائياً أو بواسطة الأدوية المنشطة .
3 ـ الحصول علي بويضات ناضجة من المبيض ، ولتحقيق ذلك تعطي المرأة دواء الكلوميد (هرمون لتنشيط الغدد) في بداية الدورة الشهرية ، كما تحقن المرأة بهرمونات انثوية اخري لتنشيط الغدة النخامية ، ثم تراقب الحويصلات الناقلة للبويضات بواسطة فحوصات مختبرية مثل كمية خروج الاستروجين في البول ، وعندما تؤكّد هذه الفحوصات نضوج البويضات داخل الحويصلات المبيضية تشفط البويضات من داخل الحويصلات عن طريق عملية التنظير التي تجري عادة بعد إعطاء المرأة تخديراً عاماً ، وبعض المراكز تستخدم أجهزة الاشعة فوق السمعية لالتقاط البويضات من داخل الحويصلات من خلال المثانة .
4 ـ توضع البويضة في سائل محلول له نفس خواص مفعول السائل الموجود في داخل البوق ، وفي انسجة جسم المرأة ، وتوضع البويضة داخل هذا السائل ومعها كميات من الدم اُخذت من الرحم واُضيفت اليها عناصر اُخري للتغذية ، ويوضع الجميع في حاضنة لها درجة حرارة معينة وخواص أساسية ، وذلك لحمايتها من التلوث .
5 ـ يطلب من الزوج تحضير نفسه لتقديم المني الطازج ، وهذا المني يمخّض ثم يمزج في محلول فسيولوجي خاص ، ثم تلقّح البويضة باضافة ملّلتر من المحلول المحضّر والذي يحوي علي 100 ألف نطفة علي الأقل .
6 ـ يمزج المني مع البويضات لفترة تترواح بين 10 إلي 16 ساعة ، وبعدها تفحص العيّنة للتأكد فيما إذا كان قد حصل تلقيح أم لا ، وذلك بملاحظة الانقسام .
وان أول انقسام يجب ان يقع ما بين 22 و 28 ساعة بعد التلقيح ، ثم يسير الانقسام تدريجياً بانتظام كل 12 ساعة تقريباً .
7 ـ تترك البويضة التي لقحت لفترة قد تصل إلي أربعة أيام وهي اكثر المراحل أهمية ، وكل ذلك يقع في درجة حرارة مطابقة تماماً لدرجة الحرارة في رحم الام .
8 ـ تجري فحوصات علي العناصر المسؤولة عن الوراثة للتأكد من عدم حصول أيّ خلل يشوه المولود .
9 ـ يتابع انقسام الخلايا إلي 2 ثم 4 ثم 8 ثم 16 ثم 32 ، وعندما تصل الخلايا إلي العدد 32 أو 64 ، يمكن حينئذٍ زرع الجنين في الرحم عن طريق المهبل وهذه العملية لاتتطلب جراحة جديدة .
10 ـ تبقي المرأة التي اُلقي في رحمها بويضة ملقحة مستلقية علي ظهرها لعدة ساعات بعد العملية ، ولا داعي لاستعمال التخدير لوضع البويضة الملقحة داخل الرحم عن طريق المهبل .
11 ـ بعد زرع البويضة الملقحة في الرحم تعطي المرأة هرمونات لمدة اسبوعين تقريباً حتي يتم التأكد من التصاقها بجدار الرحم .
12 ـ نسبة نجاح عملية التلقيح تترواح بين 10 ـ 15 % ، و 10 ـ 30 % في أفضل التقادير .
13 ـ أهم مشكلة تواجه الاطباء هي مشكلة التوقيت ، وهي مشكلة دقيقة جداً وتحتاج إلي عناية خاصة ، ونعني بالتوقيت القاء البويضة الملقحة في الرحم حينما يكون علي أتمّ استعداد لاستقبالها ( 38 ) .
التشوهات الخلقية المحتملة
انّ عدد الاطفال الذين يولدون بهذه الطريقة ـ عن طريق الانبوب ثم الرحم ـ قليل جداً ، اضافة إلي نجاحها في أزمان متأخرة وهذه مسألة تحتاج إلي متابعة طويلة لمعرفة سلامة الوليد جسمياً ونفسياً ، وفي جميع التقادير فانّ نقل النطفة إلي انبوب ونقل البويضة إلي انبوب آخر ووضعهما في محاليل خاصة ثم مزجهما وارجاعهما بعد ذلك إلي الرحم ، كل هذه العمليات تخالف حركة الحيمن والبويضة داخل جسم الانسان ، تلك الحركة المستقرة المطمئنة التي توافق الطبيعة الفطرية للانسان وتسير علي ضوء السنن المرسومة لها ، وهي لاتكاد تخلو من اضطراب إن اجريت في انبوب أو رحم صناعي لعدة أيام ، وبالتالي يحتمل حدوث تشويه خلقي في الجنين ؛ لأنّ دقة النطفة والبويضة تتأثر بكل حركة غير طبيعية أو حركة مخالفة لحركتهما داخل جسم الرجل والمرأة ثم داخل الرحم .ولا يبعد أن يحدث إجهاض في أحد مراحل النمو ، وكذلك يمكن الحصول علي توأمين أو أكثر بسبب زراعة أكثر من بويضة ملقحة داخل الرحم .
ويتوقع أن تكون نسبة إجراء العمليات القيصرية مرتفعة جداً للظروف الاستثنائية التي تعيشها الحامل .
الرحم الصناعي
في عام 1960 م اكد الدكتور دانييل بتروتشي حصوله علي أجنّة وجعلها تنمو في رحم صناعي من الزجاج ، وقال إن أحد الاجنة عاش تسعة وخمسين يوماً ، وقد أشارت الصحافة إلي أنّ البابا أمره بايقاف تجاربه .
ولكن مازالت التجارب في بدايتها ، وقد استطاع بعض العلماء تكوين مشيمة صناعية كانت آخرها فكرة الدكتور (روبرت بولدن) من جامعة ليلاند ستانفورد الصغري بالولايات المتحدة ، إذ صنع رحماً من الصلب السميك له فتحة واحدة وبه محلول من الملح يحتوي علي اوكسجين مضغوط بدرجة 14 كج علي سم2 ، وكانت الفكرة هي امرار الأوكسجين والفيتامينات والاملاح المعدنية والسكريات من خلال جلد الجنين .
وقد احرز بعض النجاح بهذه الطريقة ، ولكن هذا الرحم الصناعي لم يكن علي درجة كافية من الكفاءة ؛ إذ أنه لم يتمكن من إيجاد حلّ لمشكلة التخلص من فضلات جسم الجنين ، وعندما يتمكن الطب من صنع الرحم الصناعي سيصبح من السهل التحكم في اغلب مراحل عملية الحمل منذ اللحظة التي يتم فيها تلقيح البويضة إلي فترة الولادة ( 39 ) .
وإلي يومنا هذا لم يتم نمو جنين في رحم صناعية كالانبوب أو رحم حيوان من حين التلقيح لحين الولادة ، والذي نسمعه أو نقرأه عن طفل الانبوب لايتعدي نموه لايام محدودة ثم يوضع في رحم المرأة ليكتمل نموه ، ولازالت القضية افتراضية من قبل الاطباء أو من قبل الفقهاء ، وقد توقع بعض الفقهاء حصولها في المستقبل ان تمت وتوفرت نفس ظروف الرحم الحقيقي ، وهذه العملية لا اشكال فيها من الناحية الفقهية ( 40 ) .
وفي جميع الأحوال فانّ نشوء الطفل في رحم صناعية لايخالف المشيئة الالهية ، ولايخالف سنن الخلق والتوالد التي وضعها اللّه تعالي لانّ الخلق بيده وهو خالق النطفة والبويضة وواضع قوانين التلقيح ومراحل حركة البويضة الملقحة ، فيبقي هو الخالق وحده لاشريك له وتبقي كل عملية من هذا القبيل تقليداً لسنن الخلق الثابتة ان نجحت في ارض الواقع .
مصرف الحيامن والبويضات
هذا المصطلح يعني الاحتفاظ بنطفة الذكر في خزين مبرد ، واستعمال عينات من هذا المخزون عند الحاجة ، ومن ذلك احتفاظ الذكر بهذا المخزون واستعماله في الوقت اللازم لتخصيب زوجته لغرض انجاب طفل جديد خاصة إذا اصبح عاجزاً ـ بسبب المرض او الاجراء الجراحي أو العلاجي ـ عن تخصيب زوجته مباشرة ، ومع انّ لهذه التقنية مبرراتها الطبية والانسانية ، إلاّ أن الخطورة تكمن في انشاء مصارف للنطف والتي يحتفظ فيها بعينات من مختلف مصادر النطف ، وهو ماهو قائم الآن في بعض البلدان الغربية ، ومن الطريف أن أحد المؤسسين لمثل هذه المصارف (روبرت جراهام) قد أسس مصرفاً كهذا في كالفورنيا عام 1980 م ، وراح يجمع نطفات من بعض الحائزين علي جوائز نوبل ويبيعها للاناث الراغبات في أطفال من آباء نابغين بناحية أو اُخري من نواحي المعرفة ، وقد افادت وسائل الاعلام عام 1992 م بأنّ طبيباً جراحاً قد أجري العديد من تقنيات التخصيب الصناعي باستعمال مصدر واحد ، وهو مادته المنوية ، وقد ادين هذا السلوك وحكم عليه بالسجن في الولايات المتحدة ( 41 ) .وفي مقابل ذلك هنالك مصرف لحفظ البويضات لغرض تلقيحها وتخصيبها ثم ادخالها أحد الارحام المستعدة لحفظها وهذا المصرف المخصص لحفظ الحيامن والبويضات محرم شرعاً من قبل اغلب الفقهاء ، فهو محرّم من ( ناحية أسبابه ومن ناحية نتائجه ) ( 42 ) .
أنواع التلقيح الصناعي
التلقيح الصناعي : هو إجراء عملية التلقيح بين حيوان الرجل المنوي وبويضة المرأة عن غير الطريق الطبيعي المعهود .أوّلاً ـ التلقيح الصناعي الداخلي : يتم في هذه الحالة إدخال مني الزوج إلي داخل رحم الزوجة بوسائل طبية معينة ؛ حيث يؤخذ السائل المنوي حاراً غير بارد ، بعد وضعه في اناء نظيف معقم ، غير مبلل بالماء ، ويسحب بمحقن خاص ليزرق في فوهة عنق الرحم ليدخل إلي الرحم رأساً ، وتترك المرأة بعدها ممدودة علي ظهرها مدة ساعة تقريباً لتساعد النطف علي الوصول إلي الجهاز التناسلي حيث تنتظرها البويضة في البوق ، ولاتجري هذه العملية إلاّ في اليوم المحدد للتبييض أي يوم خروج البويضة من المبيض ، ويستطيع الطبيب تحديد هذا اليوم بمراقبة حرارة المرأة طيلة الشهر ، ومراقبة دوراتها الطمثية لأشهر ثلاثة سابقة أو بوضع الاوراق الملونة علي عنق الرحم والتأكد من وجود السكر أي انطلاقة البويضة .
ويضطر الطبيب في بعض الحالات النادرة إلي الالتجاء إلي التلقيح الصناعي كتدبير أخير للتخلص من عقم الرجل ، كأن يكون الرجل عنيناً طاعناً في السن راغباً في الذرية ، أو يكون سريع الانزال لا يستطيع ايصال سائله المنوي إلي داخل أغوار المهبل ، أو تكون المرأة حساسة خائفة بشكل يتضيّق معه مهبلها وتنقبض عضلاتها مما لا يسمح للعضو المذكر بالدخول إلي جوف المهبل ( 43 ) .
وقد يلجأ إلي التلقيح الصناعي المحرّم إذا فقد الأمل بخصب الرجل ، عندها يلجأ ـ بعد موافقة الزوجين ـ إلي حقن سائل منوي لرجل آخر .
ثانياً ـ التلقيح الصناعي الخارجي : يتم في هذه الحالة جمع الحيوان المنوي مع البويضة خارج الرحم في أواني أو أنابيب أو رحم صناعية ، حيث تؤخذ بويضات ناضجة من المبيض بعد تنشيطه بواسطة حقن هرمونيّة ، وتوضع في انبوب خاص يحتوي علي سائل فسيولوجي مناسب ، ثم تضاف إليه حيوانات منوية طازجة وتترك حتي يحصل التخصيب ، وعندما تصبح الزيجوت ( Zigote ) ـ النطفة الامشاج ـ ثنائية الخليّة أو رباعيتها تنقل البويضات الملقحة عن طريق المهبل إلي داخل الرحم للعلوق .
ويمكن عزل النطفة الامشاج وخزنها في ثلاجة خاصة لفترات متراوحة من الزمن تحت درجة معينة من الحرارة ، ثم نقلها إلي رحم الاُم أو رحم مستأجرة في الوقت المناسب ، فقد لا تكون الاُم مستعدة فسيولوجياً أو حتي نفسياً أو اجتماعياً لاستقبال البويضة الملقحة داخل رحمها ، فيتم الاتفاق علي موعد آخر يضمن نجاح العملية ، وكذلك قد تختار الاُم ـ الزوجة ـ رحماً غير رحمها ، وهذا يحتاج إلي تعيين وقت مناسب للاُم البديل التي وافقت علي احتضان البويضة الملقحة للزوجين بزراعتها داخل رحمها ، وهذا يعني أنّه سيصبح بالامكان مستقبلاً الاحتفاظ بالنطف الامشاج ـ البويضة الملقحة ـ لزوجين ما داخل (بنك) لفترات طويلة في بعض مراكز معالجة العقم والاستفادة منها في وقت لاحق .
ويلجأ إلي هذا النوع من التلقيح والذي يسمي أحياناً بالتخصيب الانبوبي في بعض الحالات ، وهي :
1 ـ تلف بوقي الرحم بصورة لاينفع معها العلاج بما في ذلك استعمال أشعة الليزر .
2 ـ ضعف الحيوانات المنوية .
* انخفاض عددها عن 20 مليون .
* وجود مضادات لها داخل السائل المهبلي .
* بطء حركة النطف .
3 ـ نفور سوائل عنق الرحم اللعابية من الحيوانات المنوية وعرقلة حركتها نحو فتحة الانابيب الرحميّة لتلقيح البويضة ، فيلتجأ إلي تخصيب البويضة خارجاً وداخل الانبوب الاصطناعي .
4 ـ إصابة الزوجة ببعض الأمراض التي لاتساعدها علي الحمل ، فتلقح البويضة بمني الزوج ثم توضع في رحم بديل .
5 ـ الأورام البطانيّة الرحميّة .
6 ـ تقاعس الانابيب الرحميّة عن القيام بوظائفها كاملة .
7 ـ امتناع الحويصلة من إطلاق بويضات ناضجة في الوقت المناسب ( 44 ) .
8 ـ أسباب غامضة ومجهولة .
حكم التلقيح الصناعي عند غير المسلمين
الكثير من أطباء الأمراض النسائية حتي في الأقطار الأجنبية يستنكرون عملية التلقيح ويمتنعون عن اجرائها حتي ولو كانت بطلب الزوج والزوجة معاً .ولازدياد حوادث التلقيح الصناعي في بريطانيا فقد تشكلت لجنة حكومية هناك لدراسة شرعية هذه العمليات ، واقرّت اللجنة انّ العملية التي تتم علي غير علم من الزوج أو بعلمه دون رضاه ، فانها تعتبر حادثة زنا وحجة يتذرع بها الزوج علي طلاق زوجته ، والمحاكم البريطانية لا تعتبر الطفل الذي يولد بهذه الطريقة ابناً شرعياً كما تحرمه من الارث أيضاً مالم يقدم الزوج والزوجة طلباً إلي المحاكم المختصة لتبني الطفل بعد ولادته .
وفي المانيا لاتعتبر العملية زنا إذا تمت برضا الزوج ، وقد اثيرت هذه المشكلة بمجلس العموم البريطاني واحيلت إلي لجنة مختصة لبحثها .
وفي ايطاليا أصدر البابا أمراً بالتحريم ، وفي فرنسا قال الاطباء إنّه جائز إذا كان بموافقة الزوجين .
وفي النمسا تعترف الدولة بالمولود كطفل شرعي للزوجين إلاّ إذا اعترض الزوج قانونياً علي ذلك ( 45 ) .
وبعض المحاكم ورجال الدين من غير المسلمين حرّموا حتي التلقيح الصناعي بين مني الزوج وبويضة الزوجة .
ففي عام 1883 م قالت المحكمة المدنية في بوردو : إنّ الطبيب الذي قام بهذا التلقيح إنّما قام بعمل غير مشروع ، نظراً لأنّ هذه الطريقة ليس من شأنها معالجة أسباب العقم لدي الرجل أو لدي المرأة ، لكي يكونا صالحين للانجاب ، وإنّما من شأنها أن تعاون في فعل الإنجاب نفسه ، وانجازه في المكان الاكثر حشمة ، فأصبح الطبيب وسيطاً بين الرجل والمرأة ، مستخدماً وسائل اصطناعية يستقبحها القانون الطبيعي ، وانّه من كرامة الزوج ألا تنقل أمثال هذه الوسائل من نطاق العلم إلي مجال التطبيق ( 46 ) .
وفي عام 1956 م صدر قرار من محكمة استئناف ليون جاء فيه : إنّ عجز الزوج جنسياً لايبرر إلحاح زوجته عليه باللجوء إلي تلقيحها منه اصطناعياً ؛ لاشباع غريزة الاُمومة فيها ، لأنّ موافقته في ذلك ضعف في طبعه نشأ عن قبوله بهذه الوسيلة المهينة لكرامته ( 47 ) .
كما أنّ البابا بيوس الثاني عشر أدانه ـ أي التلقيح الصناعي ـ في رسالته إلي المؤتمر الطبي عام 1956 م ، وممّا جاء في هذه الرسالة قوله : إنّ عقد الزواج لايمنح مثل هذا الحق للآباء ، لأنّ غايته ليس الحصول علي الولد ، وإنّما غايته أفعال مادية تصلح لإنجاب حياة جديدة ، وهي أفعال مخصصة لذلك ، لهذا يجب أن نقول بأنّ الاخصاب الاصطناعي ينتهك حرمة القانون الطبيعي وهو مخالف للقانون والاخلاق ( 48 ) .
أمّا التلقيح الصناعي بين أجنبيين فقد اُدين من قبل الشخصيات والكيانات العلمية .
فقد أدانته أكاديمية العلوم الأخلاقية والسياسية الفرنسية بتاريخ 9 آذار 1949 بالقول : إنّ هذا النوع من التلقيح لمعالجة عقم الرجل يثير في الاسرة عقبات كبري من النواحي الاخلاقية والقانونية والاجتماعية من شأنها أن تجعلنا نوصي بعدم اللجوء اليه . . . لمحاذيره النفسية العاجلة أو الآجلة ( 49 ) .
وأدانه الاُستاذ القانوني Kornprobst حيث يري في التلقيح من اجنبي عملية تزوير في صك الولادة ، وأنّ هذا التزوير سوف يستمر تحت غطاء قرينة شرعية .
ولهذه الطريقة أخطارها المستقبلية عند الاُستاذ Pisabia ، الاُستاذ في جامعة ميلانو ، حيث ذكر : انه يوجد في أحد أحياء جوهانسبرغ في جنوب أفريقيا أكثر من 90 ولداً تم تلقيحهم من رجل واحد .
فماذا يقال لهم إذا سألوا ذويهم في المستقبل ، من هو والدنا ؟ وإذا أرادوا التزاوج فيما بينهم ، أفلا يعتبرون اُخوة ( 50 ) .
وقد عارضت الكنائس عملية التلقيح الصناعي بين أجنبيين ففي وثيقة الفاتيكان الشهيرة ، والتي أقرّها البابا يوحنا بولس الثاني وأصدرها المجمع المقدس لعقيدة الايمان بتاريخ 22 شباط 1987 جاء : واستناداً إلي جميع القيم والمبادئ اللاهوتية والروحية والاخلاقية الواردة في الوثيقة فإنّ الكنيسة :
1 ـ تشجب كل عملية إخصاب تتعدي علي وحدة الزواج ، مثل إخصاب بويضة للزوجة بحيوان منوي لرجل آخر غير الزوج ، أو إخصاب بويضة لامرأة غير الزوجة بحيوان منوي من الزوج .
2 ـ وتشجب كل عملية اخصاب تدعي الحلول محل الزواج ، مثل الاخصاب الصناعي لامرأة غير متزوجة سواء كانت بتولاً أو أرملة ، أيّا كان الواهب للحيوان المنوي .
3 ـ تعتبر مشروعة أخلاقياً تلك العمليات التي تساعد علي الانجاب عن طريق العمل الزوجي الذي يتم بين الزوجين بصورة طبيعية ، ويتعلق الأمر بالعمليات التي من شأنها علاج انسداد قنوات الرحم .
4 - تشجب عملية الإخصاب في الأنابيب .
5 ـ تطالب باحترام الأجنة البشرية إذا كانت حية أو قابلة للحياة إذ يجب احترامها كسائر البشر لأنها كائنات بشرية ، وبالتالي لايجوز اجراء أية تجارب عليها غير مشروعة أخلاقياً ، ولايجوز معاملتها معاملة أشياء مختبرية .
6 ـ تطالب باحترام الأجنة البشرية التي اُجهضت ، مثلما تحترم جثة أي إنسان .
7 ـ تحذر من أي شكل من أشكال التحكم البيولوجي أو الوراثي في الأجنة مثل محاولات أو مشروعات الإخصاب بين خلايا تناسلية بشرية وحيوانية ، وكذلك تحذر من الافتراض أو المشروع المتعلق بتكوين أرحام صناعية للجنين البشري .
8 ـ تندد بعملية تجميد الأجنة لأنها تعرضها لأخطار الموت أو للنيل من سلامتها .
9 ـ تندد بمحاولات التدخل في العناصر الصبغية أو الوراثية لانتاج كائنات بشرية منتقاة وفقاً للجنس أو لصفات اُخري تم إعدادها مسبقاً .
10 ـ تطلب الكنيسة من الازواج المصابين بالعقم ألاّ يغفلوا أنّ حياتهم الزوجية لاتفقد قيمتها ، وأنهم مطالبون بتقديم خدمات اُخري هامّة لحياة البشر مثل التبني ومختلف أشكال الأعمال التربوية ومساعدة اُسر اُخري وأطفال فقراء ومعوقين .
11 ـ توجه الكنيسة نداءً إلي السلطات المدنية كي تمنع علي الصعيد القانوني ليس فقط عملية الاخصاب في الأنابيب بل أيضاً بنوك الاجنّة وعملية الإخصاب بعد موت الزوج والأمومة البديلة .
12 ـ تدعو الكنيسة أبناءها وذوي النوايا الصالحة إلي إعلان احتجاج الضمير علي القوانين المدنية المرفوضة اخلاقياً ، وتشير الكنيسة إلي المقاومة السلبية للحيلولة دون إضفاء طابع الشرعية علي الاعمال التي تتنافي والحياة وكرامة الانسان .
وقال الدكتور المونسنيور رؤوف نجار : لقد جاء تدخل السلطة الكنسية في هذا المجال في الوقت المناسب ، لتدافع عن قيمة الحياة وعن كرامة الانجاب والزواج والاسرة ، ولتحذر من مغبة المس بهذه المجالات المقدسة وبكرامة الانسان نفسه ، فالانسان يمثل الدرجة الاولي في سلم القيم ، والعلم هو في خدمة الانسان وليس الانسان في خدمة العلم ؛ لذا فانّ الطرق العلمية التي تخرج عن الآداب والأخلاق ، إذ تمس كرامة الانسان والقيم الانسانية هي مرفوضة ، ولا يجوز قبولها لمجرد أنها تقدم مزيداً كمياً من المعرفة العلمية ( 51 ) .
عرض آراء الفقهاء في التلقيح الصناعي
في البدء لابدّ من بيان أنّ الفتاوي الصادرة من الفقهاء تارة تكون بلحاظ ما تشتمل عليه عملية التلقيح الصناعي من أفعال محرّمة ، من قبيل النظر إلي ما يحرم النظر إليه ، أو اللمس المحرّم ، أو الاستمناء ونحو ذلك ، وتارة تكون ناظرة إلي التلقيح في نفسه ومع قطع النظر عمّا يقارنه من اُمور محرّمة خارجة عن حقيقته . هذا من جهة .ومن جهة اُخري أنّ التلقيح قد يفترض له حالتان :
إحداهما : أن يتم التلقيح بين الرجل وحليلته ، والاُخري : أن يتم التلقيح بين الرجل وامرأة اُخري ليست بحليلة له .
وأكثر الفتاوي تكاد تكون متّفقة علي حكم الفروض الاُولي ، وإنّما يوجد بعض الاختلاف في وجهات النظر الفقهية بالنسبة إلي الفرض الأخير .
ومجمل القول في ذلك : أنّه في صورة اشتمال عملية التلقيح الصناعي علي أمر محرّم فلا يسوغ القيام بذلك ، نعم لو كانت هناك ضرورة فهنا تكون كسائر حالات المعالجة والتداوي التي تستثني من الحكم العام ولا يحكم بحرمتها .
وأمّا في صورة خلوّ التلقيح عن أيّ فعل محرّم ، فإن تمّ التلقيح من الرجل وحليلته فأكثر الفقهاء أفتوا بالجواز ، وإن تمّ التلقيح بين الرجل وامرأة اُخري فالأكثر أفتوا بالحرمة .
وفيما يلي نستعرض آراء بعض فقهائنا المعاصرين من مختلف المذاهب والطوائف بالنسبة إلي :
1 ـ التلقيح بين الرجل وحليلته
السيد روح اللّه الخميني : لا إشكال في أنّ تلقيح ماء الرجل بزوجته جائز وإن وجب الاحتراز عن حصول مقدمات محرّمة ككون الملقح ـ أي المعالج ـ أجنبيا أو التلقيح مستلزما للنظر إلي ما لا يجوز النظر إليه ، فلو فرض أنّ النطفة خرجت بوجه محلل ولقحها الزوج بزوجته فحصل منهما ولد كان ولدهما ، كما لو تولد بالجماع ( 52 ) .
السيد عبد الأعلي السبزواري : يجوز تلقيح ماء الرجل بزوجته ما لم يشتمل علي محرّم في البين ( 53 ) .
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي : يجوز تلقيحها بنطفة زوجها ما لم يستلزم النظر واللمس المحرّم إلاّ عند الضرورة ( 54 ) .
السيد محمّد سعيد الحكيم : يجوز تلقيح بويضة المرأة بنطفة زوجها ، من دون فرق بين تلقيحها في الرحم ـ بطريق الوطء أو بادخال المني من دون وطء ـ وتلقيحها خارج الرحم ( 55 ) .
السيد محسن حرم پناهي : أن تلقّح نطفة الرجل في رحم زوجته أو أمته ؛ فإنّه من حيث هو لا منع فيه ؛ لعدم الدليل علي حرمته ، وبما انّه من قبيل الشبهة البدوية التحريمية ، فمقتضي الأصل فيها البراءة الشرعية والعقلية ، نعم قد يحرم من حيث مقدماته ، مثل مباشرة الأجنبي له ( 56 ) .
الشيخ محمود شلتوت : بالنسبة لحكم الشريعة في التلقيح الصناعي الانساني . . . أنّه إذا كان بماء الرجل لزوجته كان تصرفا واقعا في دائرة القانون والشرائع التي تخضع لنظم المجتمعات الانسانية الفاضلة ، وكان عملاً مشروعا لا إثم فيه ولا حرج ، وهو بعد هذا قد يكون في تلك الحالة سبيلاً للحصول علي ولد شرعي يذكر به والداه وبه تمتد حياتهما وتكمل سعادتهما النفسية والاجتماعية ، فيطمئنّان علي دوام العشرة وبقاء المودة بينهما ( 57 ) .
الشيخ عز الدين الخطيب التميمي مفتي المملكة الاردنية الهاشمية في فتواه المؤرخة بتاريخ 10/4/1405 ه·· : إنّ مجلس الافتاء في المملكة الاردنية الهاشمية بحث هذا الموضوع بحثا مستفيضا في ضوء النصوص الشرعية ومقاصد الشريعة الاسلامية وقواعدها واستعرض آراء الفقهاء في الماضي والحاضر ، وتوصّل إلي أنّ التلقيح الصناعي ( طفل الانبوب ) أمر جائز في الشريعة الاسلامية للضرورة إذا اُجري التلقيح ـ حال قيام الزوجية ـ بين الزوجين فقط ، أي بمني الزوج وبويضة الزوجة إذا اقتضت ظروف الزوجية اللجوء إليه بشروط وقواعد تضمن سلامة الأنساب .
ويجب علي من يقوم بهذه العمليات الاحتياط في حفظ البويضة الملقحة حتي لا تختلط بغيرها من البويضات الملقحة ، لأنّ التهاون في حفظها والخطأ فيها يؤدي إلي آثار في غاية الخطورة علي الانسان والأرحام والأعراض ( 58 ) .
الشيخ صبحي الصالح : بكثير من الواقعية والروح العلمية والصراحة الجنسية تواجه الشريعة الاسلامية هذه المشكلة المطروحة حول وسائل التلقيح الصناعي التي تضمن للزوجين انجاب الأطفال في ظروف طبيعية يقرها الطب الحديث ، انّ جوابنا المبدئي الصريح من موقعنا الفكري الديني هو الاباحة التي لا تردد فيها لكل ما يتفق عليه الزوجان في حدود ما يقبله الدين ويرتضيه الطب ، كما انّنا لا نمانع في المحاولات الطبية الناجحة المؤدية إلي زرع القلوب أو الرئات أو العيون ، فكذلك لا نمانع العمليات التلقيحية الطبية التي تساعد بوسائلها الجزئية التكميلية علي تبديل الضعف قوة وعلي مساعدة الزوجين علي تأدية أنبل وظيفة وهي انجاب الذرية وبناء البيت السعيد ( 59 ) .
الشيخ محمّد سعيد رمضان البوطي : وحكم اخصاب النطفة خارج الرحم ، مداره في الاباحة والحرمة علي أمرين :
الأوّل : أن يتأكد العلماء والأطباء تأكدا تاما من أنّ هذه الطريقة لن تعقب أي ضرر صحي أو نفسي أو عقلي في الجنين بعد ولادته ، فأمّا إذا لم يتوافر هذا اليقين فإنّ الإقدام علي ذلك محرم بالاتفاق عملاً بالقاعدة الشرعية الكلية : لا ضرر ولا ضرار .
الثاني : ألاّ يستتبع الاقدام علي هذا العمل اختلاط في الأنساب ( 60 ) .
وأصدر مجلس المجمع الفقهي الاسلامي المنعقد في مكة المكرمة انّ الاُسلوب الأوّل ( الذي تؤخذ فيه النطفة الذكرية من رجل متزوج ثمّ تحقن في رحم زوجته نفسها في طريقة التلقيح الداخلي ) هو اُسلوب جائز شرعا . . . بعد أن تثبت حاجة المرأة إلي هذه العملية لأجل الحمل .
وتبنت ندوة الانجاب في ضوء الإسلام المنعقدة في الكويت سنة 1403 ه·· جواز عملية التلقيح الصناعي بين مني الزوج وبويضة الزوجة ( 61 ) .
التلقيح الصناعي بعد وفاة الزوج
قد يقوم الزوج بحفظ منيّه في انبوبة أو مختبر أو مستودع لحفظ المني لتلقيح زوجته عند الكبر أو عند الوفاة بوصية منه أو بدون وصيّة ، فهل هذه العملية جائزة أم محرّمة ؟ والجواب : إنّ جواز العملية وحرمتها يتوقف علي امور وأهمها إثبات بقاء الزوجية بعد الموت أو نفيها ، والظاهر أنّ الزوجية باقية بعد الموت كما هو الظاهر من الروايات وآراء المشهور من الفقهاء .
عن عبد اللّه بن سنان قال : سألت أبا عبد اللّه عليهالسلام عن الرّجل أيصلح له أن ينظر إلي امرأته حين تموت أو يغسلها إن لم يكن عندها من يغسلها ، وعن المرأة هل تنظر إلي مثل ذلك من زوجها حين يموت ؟ فقال : « لا بأس بذلك إنّما يفعل ذلك أهل المرأة كراهة أن ينظر زوجها إلي شيء يكرهونه منها » ( 62 ) .
وفيما يلي نستعرض آراء فقهاء المذاهب المختلفة في مسألة بقاء الزوجية بعد الموت أو عدم بقائها لنتوصل إلي المطلوب :
الامامية :
* الزوج والزوجة ، فانّه يجوز لكل منهما تغسيل الآخر ، سواء أكان مجرداً أو من وراء الثياب ، وسواء وجد المماثل أم لا ، من دون فرق بين الحرّة والأمة ، والدائمة والمنقطة ، وكذا المطلقة الرجعية إذا كان الموت في أثناء العدة ( 63 ) .
* الزوج والزوجة ، فيجوز لكل منهما تغسيل الآخر . . . للاجماع علي عدم انقطاع عصمة الزوجية بالموت بالمرة وبقائها في الجملة إلاّ ما دلّ الدليل علي زوالها بالنسبة إليه ( 64 ) .
* الزوج أولي بزوجته من جميع أقاربها ( 65 ) .
وجواز التغسيل في أثناء العدة ظاهره بقاء الزوجية اثناء العدة وعدم انقطاعها .
الزيدية :
لا بأس أن يغسل الرجل امرأته وتغسل المرأة زوجها ( 66 ) .
الحنفية : لهم رأيان :
* الأوّل : يجوز للرجل أن يغسل امرأته .
* الثاني : لا يجوز لأنّه يجوز له أن يتزوج باُختها وأربعاً سواها ، ويجوز للمراة أن تغسل زوجها ( 67 ) .
المالكية :
* قال محمد الحسن : لابأس بأن تغسل المرأة زوجها إذا توفي ( 68 ) .
* ولابأس بغسل أحد الزوجين صاحبه من غير ضرورة ( 69 ) .
* ويغسل كل واحد من الزوجين صاحبه إذا اتصلت العصمة إلي الموت . . . فامّا المطلقة البائنة فكالأجنبية ، وفي الرجعية قولان ( 70 ) .
الشافعية :
* ويغسل زوجته ، وان تزوج اُختها أو أربعاً سواها ؛ لأنّ حقوق النكاح لاتنقطع بالموت بدليل التوارث في الجملة ( 71 ) .
* لا يغسل رجل امرأة إلاّ بزوجية أو محرمية أو ملك يمين ، وتغسل الزوجة زوجها .
* ويقدّم الزوج علي النساء لأنّه ينظر مالا ينظرن إليه . . . وقيل يقدم رجال المحارم علي الزوج لأنّ النكاح انتهي بالموت ( 72 ) .
الحنبلية :
* قال عبد اللّه بن أحمد بن حنبل : قرأت علي أبي : يغسل الرجل امرأته ؟ فلم يجب فيها بشيء .
قلت : فتغسل زوجها ؟ قال : نعم ، فامّا غير الزوج فلا ( 73 ) .
* جواز نظر كل واحد منهما إلي جميع بدن الآخر حتي الفرجين ، وقال ابن تميم : ولكل واحد منهما النظر إلي الآخر بعد الموت ، ما عدا الفرج ( 74 ) .
الاباضية :
* الرجل أولي بغسل امرأته من النساء ، وهي أولي به من الرجال . . . وإذا تزوج الرجل باُخت امرأته حين ماتت قبل أن تطهر فلا يطهر ( 75 ) .
* إذا مات أحد الزوجين فالحي منهما أولي بغسله ( 76 ) .
وما تقدّم يدل علي جواز تغسيل أحد الزوجين للآخر بعد موته ، وهو بدوره يدل علي بقاء الزوجية وكما صرّح البعض به ، فالزوجية لا تنتهي بالموت وإنّما تنتهي بانتهاء العدّة ، وبقاء الزوجية هل يبرر عملية التلقيح الصناعي من حيث الجواز والحلية ؟ وهذا مايجيب عنه فقهاؤنا الكرام .
السؤال الأول : لو عزل الزوج منيّه في انبوبة طبية ، هل يجوز للزوجة أن تلقح به نفسها في الازمان التالية ؟
1 ـ بعد موته وقبل دفنه .
2 ـ بعد دفنه وأثناء عدّة الوفاة .
3 ـ بعد انتهاء العدّة .
السؤال الثاني : هل يجوز سحب مني الزوج بعد موته وقبل برد جسمه ، ثم تلقيح الزوجة به في أثناء العدة وبعد انتهائها ؟
السؤال الثالث : لو تم عزل بويضة الزوجة هل يجوز تلقيحها بمني الزوج بعد وفاتها ؟
السؤال الرابع : هل يجوز تلقيح بويضة امرأة ميتة محفوظة في انبوبة مع مني رجل ميت أجنبي ، ووضعها في رحم امرأة ثانية ؟
السيد علي الخامنئي :
ج 1 : لا مانع منه في جميع الصور .
ج 2 : أصل التلقيح لامانع منه ، ولكن يجب الاجتناب عن المقدّمات المحرمة من اللمس والنظر المحرمين ، ويتوقف علي إذن الميت في حياته ، أو وليه بعد موته .
ج 3 : لا مانع منه .
ج 4 : لا مانع منه .
السيد محمد الشاهرودي :
ج 1 : يجوز في الحالات الثلاث .
ج 2 : لابأس بذلك إذا لم يستلزم محرّماً أو هتكاً للميّت .
ج 3 : الأظهر الجواز إن لم يستلزم محرّماً .
ج 4 : الأظهر الجواز إن لم يستلزم محرّماً .
الشيخ لطف اللّه الصافي :
ج 1 : لا دليل علي عدم جوازه في الصور الثلاث إن لم يستلزم ارتكاب محرم مثل اللمس ونظر الاجنبي . واللّه العالم .
ج 2 : في جوازه إشكال . واللّه العالم .
ج 3 : لا دليل علي حرمته إن لم يستلزم ارتكاب الحرام .
ج 4 : مشكل جدّاً كما إذا كانا حيّين .
الشيخ محمد الفاضل اللنكراني :
ج 1 و ج 2 : تلقيح النطفة بعد الموت في رحم الزوجة مشكل ولافرق في ذلك بين الصور المذكورة ، نعم بعد زواجها لا يجوز مطلقاً .
ج 3 و ج 4 : لا يجوز مطلقاً إلاّ إذا كانت المرأة زوجة صاحب المني .
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي :
ج 1 : لا يجوز إلاّ قبل الموت فانّه بعد الموت يكون كالاجنبي من بعض الجهات .
ج 2 : لا يجوز .
ج 3 : يعلم الجواب ممّا سبق .
ج 4 : لا يجوز .
السيد عبد الكريم الأردبيلي :
ج 1 و ج 2 : بموت الزوج تنفصل العلقة الزوجية ، فيشكل تلقيح الزوجة بمني زوجها في جميع الصور المذكورة إلاّ إذا كان التلقيح خارج الرحم . واللّه العالم .
ج 3 و ج 4 : مع موت أحد الزوجين تنقطع العلاقة الزوجية ولكن إذا اُخذت بويضة المرأة ومني الرجل سواء كانا حيين أو ميتين أو أحدهما ميت والآخر حيّ ولقحت بصورة مشروعة خارج رحم المرأة ثم اُخذ الجنين ووضع في رحم امرأة اُخري فالظاهر عدم الاشكال فيه ، فيكون له أبّ وهو صاحب المني واُمّان إحداهما صاحبة البويضة والاُخري من حملته . واللّه العالم .
الشيخ محمّد تقي البهجة :
لابأس بذلك كلّه إذا لم يستلزم التلقيح النظر أو اللمس المحرّمين .
ويري الشيخ مصطفي الزرقاء : إنّ هذه الصورة محتملة الوقوع ومن الواضح أن الاقدام عليها غير جائز شرعاً لانّ الزوجية تنتهي بالوفاة ، وعندئذ يكون التلقيح بنطفة من غير زوج ، فهي نطفة محرمة ( 77 ) .
وذهب الدكتور عبد العزيز الخياط إلي الجواز فقال : وقد يلجأ الرجل إلي حفظ منيه في مصرف منوي لحسابه الخاص ثم يتوفي ، وتأتي زوجته بعد الوفاة فتلقح داخلياً بنطفة منه وتحمل ، والحكم في هذا : الولد ولده ، وانّ العملية وإن كانت غير مستحسنة فهي جائزة شرعاً ( 78 ) .
أمّا بعد انتهاء العدة فالتلقيح غير جائز عند فقهاء المذاهب الاربعة كما نقل عنهم الشيخ زياد أحمد سلامة ( 79 ) .
الرحـم المستأجرة
إنّ أهم ما يثير الجدل فقهياً في مبحث التلقيح الصناعي ، مسألة الرحم البشرية المستأجرة ، حيث تكون البويضة والحويمن من زوجين عادة ، ثم يتم تلقيحها صناعياً وتودع في رحم امرأة اُخري باجرة معينة متفق عليها ، حتي إذا ما ولدت ، تم رجوع المولود إلي الزوجين كولد لهما .ومن الواضح القول : إنّ المحاذير كلها منطبقة ، فإن تجاوزنا ما يمكن تحليله منها بقي محذوران لامجوز لهما وهما :
دخول ماء الأجنبي في رحم الاجنبية ، وهذا ما يحصل دائماً . وحصول الحمل للمرأة غير المتزوجة إن كانت صاحبة الرحم المستأجرة غير متزوجة ، وهو أيضاً لا مجوز له .
وأمّا المحاذير الاُخري فينطبق منها ما يلي :
1 ـ ما يمكن أن يحصل فيه من اختلاط الانساب فيما إذا كانت المرأة المستأجرة محرماً شرعياً علي الرجل الزوج .
2 ـ التقاء بويضة مع حويمن ليس بينهما زواج شرعي .
فإنّ من جملة احتمالات استئجار الرحم : أن لا يكون بين صاحبة البويضة وصاحب الحويمن زواج ، كما لو كانت البويضة من المرأة المستاجرة او من غيرها ، والمهم ان لا تكون من زوجة الرجل ، فيلزم هذا المحذور لا محالة .
والأهم من ذلك محذور أنّ المرأة المتزوجة لايجوز ان يدخل رحمها ماء رجل آخر ، وهذا ما يحصل فيما إذا كانت المرأة المستأجرة متزوجة .
3 ـ حصول الذرية لغير المتزوجين ، وهو يحصل فيما إذا كانت المرأة المستأجرة غير متزوجة ، علي ما هو الصحيح من الحاق الولد بها .
كما أنه يحصل للرجل فيما إذا لم يكن متزوجا ورغب أن يكون له ذرية عن طريق الاستئجار ، سواء كانت البويضة من المرأة المستأجرة أو من غيرها .
وتواجه المرأة المستأجرة اشكالاً آخر خاصاً بالمتزوجة وهو : انّها تشغل رحمها لصالح رجل آخر ، مع امكانها ان تشغله لصالح زوجها ، وهذا حرام ، بغض النظر عن أي محذور سابق .
لكن الظاهر امكان رفع هذا المحذور باستئذان الزوج ، فلو اذن لزوجته بالاستئجار ارتفع هذا المحذور ، إلاّ انّ هذا لايعني امكان القول بالجواز ، لوجود محاذير اُخري تكون سبباً للحرمة ، ومعه يكون إذن الزوج لزوجته بارتكاب هذا العمل إذناً بالحرام فيكون حراماً وغير نافذ أيضاً ، فيكون هذا المحذور أيضاً مستمراً غير زائل ( 80 ) .
حكم المعاملة علي الرحم المستأجرة :
إنّ معاملة الاجارة هذه معاملة باطلة لأنّها معاملة علي عمل محرم ، ولا تستحق المرأة الاُجرة ، وإذا أخذتها فيجب عليها إرجاعها إلي صاحبها ( 81 ) .
وعلي هذا الأساس فإنّ افتتاح وكالات لتأجير الارحام حرام لأنّه متاجرة بالحرام ، والمتاجرة بالحرام حرام قطعاً ، وهذه قاعدة ثابتة في الشريعة الاسلامية .
ويكثر تأجير الارحام في الدول غير الاسلامية ، وهنالك شركات خاصة في العالم الغربي مهمتها البحث عن النساء الراغبات في تأجير أرحامهن والحمل عن غيرهن ، وفي مدينة لوس انجلوس في الولايات المتحدة الأمريكية تكونت جمعية تسمي جمعية الاُمهات البديلات أو الاُمهات المستعارات يتوافد عليها عدد من الأزواج المصابين بنوع من العقم للبحث عن رحم مستعار ( 82 ) .
وفي الدول الاسلامية فانّ تأجير الأرحام لا وجود له اطلاقاً ، ولا وجود لشركات أو وكالات أو مراكز تقوم بهذه المهمة ، ولو حدثت مستقبلاً فينبغي ملاحقتها من قبل الدولة وسلطتها القضائية للمحافظة علي الأنساب ، وعدم التشجيع علي الحرام ، وتحرير الانسان من عبودية المال .
( للبحث صلة )
( 38 ) أطفال الانابيب : 61 ، 63 . الانسان هذا الكائن العجيب 2 : 150 . مجلة طبيبك العدد 78 ، أيلول 1978 .
( 59 ) العقم عند الرجال والنساء : 389 .
( 53 ) مهذب الأحكام 25 : 247 .
( 52 ) تحرير الوسيلة 2 : 621 .
( 71 ) مغني المحتاج 1 : 335 .
( 5 ) مريم : 5 ـ 7 .
( 25 ) المصدر السابق : 360 ، ب 3 ، ح 1 .
( 45 ) العلاقات الجنسية غير الشرعية 1 : 114 عن : رسالة أحكام الصغير : 137 .
( 16 ) الروضة الندية 2 : 4 .
( 48 ) المصدر السابق .
( 1 ) آل عمران : 14 .
( 49 ) المصدر السابق : 285 .
( 35 ) العقم عند الرجال والنساء : 274 . أطفال الانابيب : 57 ـ 58 .
( 24 ) وسائل الشيعة 21 : 356 ، ب 1 من أحكام الأولاد ، ح 6 .
( 42 ) ماوراء الفقه 6 : 56 .
( 44 ) الانسان هذا الكائن العجيب 2 : 145 ، 147 .
( 41 ) الجنس والنفس في الحياة الانسانية 2 : 337 .
( 37 ) الانسان هذا الكائن العجيب 2 : 146 .
( 70 ) القوانين الفقهية : 92 .
( 82 ) أطفال الأنابيب : 123 .
( 9 ) الصافات : 100 ، 101 .
( 69 ) الرسالة الفقهية : 150 .
( 65 ) تحرير الوسيلة 1 : 67 .
( 77 ) أطفال الانابيب : 81 عن : التلقيح الصناعي : 30 .
( 31 ) التغلب علي عدم الخصوبة : 130 .
( 73 ) مسائل الإمام أحمد بن حنبل : 136 .
( 20 ) المصدر السابق 3 : 61 .
( 75 ) كتاب لباب الآثار 2 : 157 .
( 50 ) المصدر السابق .
( 58 ) المصدر السابق : 152 .
( 3 ) آلاء الرحمن 1 : 264 .
( 13 ) وسائل الشيعة 20 : 14 ، ب 1 من مقدمات النكاح ، ح 3 .
( 4 ) الميزان في تفسير القرآن 14 : 14 .
( 34 ) أطفال تحت الطلب : 275 .
( 22 ) وسائل الشيعة 21 : 357 ، ب 1 من أحكام الأولاد ، ح 10 .
( 29 ) المصدر السابق : 19 ـ 20 .
( 55 ) منهاج الصالحين ـ المعاملات : 51 .
( 46 ) دراسات معمقة في الفقه الجنائي المقارن : 284 .
( 76 ) منهج الطالبين 3 : 446 .
( 54 ) الفتاوي الجديدة 1 : 426 .
( 72 ) الوجيز في فقه الإمام الشافعي 1 : 73 .
( 14 ) المصدر السابق 21 : 358 ، ب 1 من أحكام الأولاد ، ح 14 .
( 51 ) أطفال الأنابيب : 232 ـ 234 .
( 47 ) المصدر السابق .
( 32 ) العلاقات الجنسية : 131 .
( 23 ) الكافي 6 : 2 .
( 79 ) المصدر السابق .
( 78 ) المصدر السابق : 83 عن : حكم العقم : 30 .
( 36 ) أطفال الانابيب : 57 ـ 58 .
( 2 ) مجمع البيان 1 : 417 .
( 64 ) مهذب الاحكام 3 : 422 .
( 80 ) ماوراء الفقه 6 : 21 ، 22 .
( 39 ) أطفال الانابيب : 110 .
( 67 ) النتف في الفتاوي 1 : 118 .
( 62 ) الكافي 3 : 157 .
( 21 ) الكافي 5 : 474 .
( 68 ) موطأ الإمام مالك ـ رواية الشيباني ـ : 109 .
( 27 ) المصدر السابق 3 : 481 .
( 81 ) المصدر السابق : 24 .
( 56 ) مجلة فقه أهل البيت عليهمالسلام ، العدد 10 : 67 .
( 15 ) كتاب المبسوط 4 : 193 .
( 28 ) التغلب علي عدم الخصوبة : 18 ـ 19 .
( 30 ) أطفال تحت الطلب : 37 ـ 40 .
( 11 ) الروم : 21 .
( 7 ) آل عمران : 38 ، 39 .
( 26 ) من لايحضره الفقيه 3 : 481 .
( 19 ) المحجة البيضاء 3 : 61 .
( 66 ) كتاب الاحكام 1 : 152 .
( 6 ) الانبياء : 89 ، 90 .
( 8 ) الفرقان : 74 .
( 43 ) أطفال تحت الطلب : 274 .
( 63 ) منهاج الصالحين ، للسيد محسن الحكيم 1 : 107 .
( 61 ) أطفال الأنابيب : 80 .
( 74 ) العدة في شرح العمدة : 159 .
( 40 ) تحرير الوسيلة 2 : 622 .
( 18 ) الكافي 5 : 333 .
( 10 ) إبراهيم : 39 .
( 33 ) الموسوعة النفسية الجنسية : 227 .
( 17 ) موسوعة فتاوي النبي 2 : 181 .
( 60 ) مجلة العربي ، العدد 542 : 53 .
( 57 ) الانسان هذا الكائن العجيب 2 : 153 .
( 12 ) النحل : 72 .