هذه دراسة لحياة صحابي روى عن رسول اللهصلّى الله عليه وآله فأكثر حتى أفرط وروتعنه صحاح الجمهور وسائر مسانيدهم فأكثرتحتى أفرطت أيضاً، ولا يسعنا ازاء هذهالكثرة المزدوجة إلا أن نبحث عن مصدرهالاتصالها بحياتنا الدينية والعقليةاتصالا مباشراً ولولا ذلك لتجاوزناهاوتجاوزنا مصدرها الى مايغنينا عن تجشمالنظر فيها وفيه.ولكن اسلات هذه الكثرة قد استفاضت في فروعالدّين واصوله فاحتج بها فقهاء الجمهورومتكلموهم في كثير من أحكام الله عزوجلوشرائعه ملقين اليها سلاح النظر والتفكير.ولا عجب منهم في ذلك بعد بنائهم على اصالةالعدالة في الصحابة أجمعين.وحيث لادليل على هذا الاصل (كما هو مبين فيمحله بايضاح) لم يكن لنا بد من البحث عن هذاالمكثر نفسه وعن حديثه كماً وكيفاً لنكونعلى بصيرة فيما يتعلق من حديثه بأحكامالله فروعا واصولا وهذا ما اضطرنا الى هذهالدراسة الممعنة في حياة هذا الصحابي (وهوأبو هريرة) وفي نواحى حديثه وقد بالغت فيالفحص وأغرقت في التنقيب حتى أسفر وجهالحق في كتابي هذا وظهر فيه صبح اليقينوالحمد لله رب العالمين.وأما أبو هريرة نفسه فنحيلك الآن في تاريخحياته وتحليل نفسيته على ما ستقف عليه فيالكتاب؛ إذ مثلناه بكنهه وحقيقته من جميعنواحيه تمثيلا تاماً تدركه بحواسك كلهاوالحمد لله على التوفيق.وأما حديثه فقد أمعنا النظر فيه كمأوكيفاً فلم يسعنا ـ شهد الله ـ إلا