قال إنّ هذا الغضب جمرة من الشيطان توقد فيقلب ابن آدم و إنّ أحدكم إذا غضب احمرّتعيناه و انتفخت أوداجه و دخل الشيطان فيهفإذا خاف أحدكم ذلك من نفسه فليلزم الأرضفإنّ رجز الشيطان يذهب عنه عند ذلك. و ما رواه فيه عن ميسرة قال ذكر الغضب عند أبي جعفر (عليه السلام) قال:إنّ الرجل ليغضب فما يرضى أبداً حتّى يدخلالنار فأيما رجل غضب على قوم و هو قائمفليجلس من فوره ذلك فإنّه يذهب عنه رجزالشيطان الخبر. و ما رواه فيه أيضاً عن السكوني عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):الغضب يفسد الإيمان كما يفسد الخلّ العسل. إلى غير ذلك من الأخبار التي من هذاالقبيل و هي صريحة الدلالة واضحة المقالةفي أنّ الغضب من أقبح الخصال الذميمة وأنّه من دواعي الشيطان التي يحمل عليهاالإنسان فيوجب له استحقاق العذاب والنيران. و قال بعض علمائنا رضوان الله عليهم ونِعْمَ ما قال: «و الغضب حالة للقلب يثمرهاالجهل بالأوامر الشرعية و الحدودالمرعيّة و تسويل النفس الأمّارة و ثمرتهاالطغيان على الخلق باليد و اللسان والتعدّي عليهم بالظلم و العدوان و منعلاماته احمرار الوجه و العين و انتفاخالعروق و سرّ ذلك أنّ القوّة الغضبيّة إذاتحرّكت نحو الانتقام و اشتعلت نارها فيالباطن يغلي به دم القلب كغلي الحميمفينبعث منه الدخان فيرتفع إلى أعالي البدنكما يرتفع في القدر و ينصب في الوجه والعين و العروق فيحمرّ الوجه و العين وتنتفخ العروق و يختلّ الدماغ الذي هو معدنالفكر في المحسوسات و ينطفي نور عقله كماينطفي ضوء السراج في البيت باستيلاءالدخان عليه فيظلم بصره و بصيرته و لايؤثِّر فيه وعظ و لا نصيحة فيموت صاحبهغيظاً، و هذه الخصلة من أعظم الخصالالذميمة، و لذا قال أمير المؤمنين (عليهالسلام) و احذر الغضب فإنّه جندٌ عظيم من جنودإبليس. إلى آخر كلامه زيد في مقامه. و بالجملة: فإنّه لا ريب أنّ الغضب مثلالحسد و الكبر و العُجب و نحوها من الصفاتالذميمة و الرحمة و الرقّة و الرفق والعفّة و نحوها من الصفات من الأخلاقالحسنة و الجميع من أخلاق النفس الموجبةللثواب فيما كان منها حسناً و العقاب