وما عزي إليه من المعارضات، وجدنا فارقاًكبيراً بينهما في الأُسلوب والروح. فهذهالكلمة صادرة عن نفس جادة حازمة تتطلبأمراً عظيماً، وأمّا ما نسب إليه فصادر عننفس ماجنة عابثة، لا تدرك ما وراء هذهالمغامرة من المخاطر.
وهناك كلمة أُخرى نسبت إليه حين استحرّالقتل في قومه، وأخذتهم سيوف المسلمين منكل مكان، وقد سأله قومه ما وعد به، فقال:«أمّا الدين فلا دين، قاتلوا عن أحسابكم».فأي إيجاز، وأي قوة، وأيّ إيحاء وتحميسأقوى من هذا: قاتلوا عن أحسابكم؟ والمنصفلا يشك في أنّ صاحب هذه الكلمات الموجزةليس صاحب هذه المعارضات الركيكةالمسهبة(1).
طليحة بن خويلد الأسدي
قدم على النبي في وفد أسد بن خزيمة سنةتسع، فأسلموا. ثم لما رجعوا، تنّبأ طليحة،وعظم أمره بعد أن توفي رسول الله (صلّىالله عليه وآله وسلّم). وكان يزعم أنّ ذاالنون يأتيه بالوحي.ومن كلماته: «إنّ الله لا يصنع بتعفيروجوهكم، وقبح أدباركم شيئاً. فاذكروا اللهقياماً، فإنّ الرغوة فوق الصريح»(2). فهويريد بكلامه هيئة الصلاة من الركوعوالسجود، فكانت الصلاة في شرعه قياماً.
ومنها: «والحمام واليَمام، والصّردالصوام، ليبلغ ملكنا العراق والشام».
ولو كان الرجل ذا لب وعقل، لما عارضالقرآن الكريم بهذه الكلمات الساقطة.فانظر كيف حلف على أمر عظيم وهو بلوغ ملكالعراق والشام بهذه الطيور!!.
وممّا يثير الشك في صحة عزو هذه الجملالجوفاء إلى طليحة، ما نقله
1- لاحظ مقال الشيخ علي العماري المصري، في«رسالة إلاسلام» العدد الثالث من السنةالحادية عشرة.
2- معجم البلدان، كما نقله الرافعي فيإعجاز القرآن، ص 199 ـ 200.