الطبري(1) عنه، حيث قال: إنّ طليحة وفد علىعمر ـ وكان طليحة قد أسلم ـ فقال له عمر:أنت قاتل عكاشة وثابت ـ يريد عكاشة بن محصنوثابت بن أكرم وهما: سيدان من ساداتالمسلمين، وفارسان من فرسانهم ـ فقالطليحة في جواب عمر: «ما تَهُمُّ من رجلينكرَّمهما الله بيدي، ولم يُهِنيبأيديهما».
فهناك فرق واضح بين ما عزي إليه منالمعارضات، وعبارته أمام عمر، فإن كلمتهالأخيرة فيها روح أمكن بها الرجل أن يؤثرعلى عمر، حيث قال له إن الرجلين ذهبا إلىالجنة، فأكرمهما الله على يدي طليحة. وأيشيء أحبّ إلى عمر من أن تكون الجنة نصيبعكاشة وثابت!.
3 ـ سجاح بنت الحارث بن سويد التميمية
إنّ قبيلة بني تغلب كانت راسخة فيالنصرانية، فادعت سجاح المذكورة، بعدوفاة رسول الله، النبوة، فاستجاب لهابعضهم، وترك التنصّر، وكان أمر مسيلمةالكذاب قد غلظ واشتدّت شوكة أهل اليمامة،فنهدت له بجمعها. فمن قولها المزعوم: «إنّهالوحي، أعدّوا الركاب، واستعدوا للنّهاب،ثم أغيروا على الرباب، فليس دونهم حجاب».فلما توجهت لحرب مسيلمة قالت: «عليكمباليمامة، ودفّوا دفيف الحمامة، فإنّهاغزوة صرامة، لا يلحقكم بعدها ملامة».وخافها مسيلمة، ثم اجتمعا وعرض عليها أنيتزوجها، وقال: «هل لك أن أتزوجك، فآكلبقومي وقومك العرب»؟ فأجابت، وانصرفت إلىقومها. فقالوا: «ما عندك»؟. قالت: «كان علىالحق فاتبعته فتزوجته». ولم تَدّع قرآناً،وإنّما كانت تزعم أنّه يوحى إليها بماتأمر، وتسجع في ذلك سجعاً، كالنَّموذجينالمتقدمين.
والتاريخ يحكي أنّها أسلمت بعدُ وحَسُنإسلامها(2). وفي الحقيقة لم تكن نبوتها إلاّزفافاً على مسيلمة، وما كانت هي إلاّإمرأة!.
1- الطبري، ج 3، ص 239.
2- راجع فيما نقلناه تاريخ الطبري، ج 2، ص 496ـ 500.