تأثیر شرعیة قانون العقوبات فی التنمیة والازدهار نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تأثیر شرعیة قانون العقوبات فی التنمیة والازدهار - نسخه متنی

محمدجعفر حبیب‏زاده

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید





تأثير شرعية قانون العقوبات في التنمية والازدهار


الدكتور محمدجعفر حبيب زاده

إن ضمان الحقوق والحريات الأساس للفرد والمجتمع من المبادي ء الحقوقية المسلم لها. وهو، إلي ذلك، يلعب دوراً مهما في استتباب الأمن والنظام الإجتماعي. إنه من جهة يضمن التزام العقد الإجتماعي وقيام الحكومة بتنفيذ واجباتها للمحافظة علي حقوق الشعب، وهو من جهة أخري، بعلاقته المنطقية والإيجابية، يخلق علاقة قلبية بين الناس والحكومة، ويكون ضامناً للأمن والنظام الإجتماعي، وعاملاً مؤثراً في تحقيق التنمية والتقدم. إن دراسة موضوع مهم كالحقوق والحريات الفردية وكيفية ضمانها وحدودها التنفيذية تعتبر من المواضيع الأساس التي تناولها الفصل الثالث من دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومن أهم المصاديق المهمة لهذه الحقوق هو التزام شرعية قانون العقوبات كما ورد في الفصل المذكور وفي غيره بحيث يبدو أن المشرّع قد جعلة متقدماً علي ساير الحقوق. واليوم ، علي الرغم من تاريخية تلك الشرعية وقبولها في الفقه الإسلامي والدستور، فإن بعضا من القونين العادية تتعامل معها بلا أبالية وتهاون مما يؤدي إلي الحيولة دون التنمية والتقدم.

يحاول الكاتب في هذا البحث أن يشرح أصول الدستور ويثبت ضرورة رعاية قانونية الحقوق الجزائية ونتائج إغفالها.

المقدمة

في المجتمع المنظم المبني علي المبادئ الحقوقية، والذي يسمي بالمجتمع المدني ، وجود النظام والأمن الإجتماعي من أهم عوامل التنمية والتقدم في الثقافة والسياسة والإجتماع والإقتصاد، وهذا ما لا يمكن تحققه بدون التزام الحقوق والحريات الفردية. إذا اطمأن الفرد إلي أن حقوقه مرعية، يصبح جاداً في أداء واجباته وتعهداته نحو المجتمع، ويضع قدمه علي طريق بناء المجتمع وتنميته وازدهاره. أما إذا لم ترع الحكومة الحقوق والحريات الفردية، .جعلت حدودها عرضة لاختلاف وجهات نظر القضاة استناداً إلي نصوص غير معروفة، فإن أفراد المجتمع أيضا لا يجدون أنفسهم ملزمين بالتزام رعاية شؤون المجتمع، وتكون نتيجة ذلك اختلال النظام والأمن، وتتخذ رؤوس الأموال الإنسانية والإقتصادية مجري آخر غير الذي يريده المجتمع، لذلك فإن ضمان حقوق الأفراد السياسية والإجتماعية يؤدي إلي التزام أصول التعايش الإجتماعي وإلزام الحكومة برعاية الحقوق الفردية والإجتماعية، مما يمهد الأرضية للتنمية والتقدم في جميع النواحي. إن اعتداء أحد طرفي العقد الاجتماعي علي الطرف الآخر يؤدي إلي اضطراب العلائق الحقوقية بينهما، ويعتبر من أهم عوائق النظام والأمن الإجتماعي في طريق التنمية والإزدهار الإجتماعي.

تنظيم هذه العلائق من واجبات الحقوق الأساس. الدستور يتكفل ببيان الأُطر والأصول العامة للحقوق والواجبات المتبادلة بين الحكومة والشعب. إن مصادقة النواب الذين انتخبهم الشعب علي الدستور وتأييد الشعب لتك المصادقة في استفتاء عام يعتبر بمثابة إقرار عقد إجتماعي قائم علي الإرادة والوعي بين الشعب والحكومة، فكل إجراء ينقض العقد المذكور باطل. وطبقاً لهذا العقد علي الحكومة أن تبين بصورة صريحة وبترادتها حدود الحريات الفردية والإجتماعية، وواجبات الناس وضمانات تنفيذها. إن واجب الحكومة في ضمان حقوق الأفراد وحرياتهم السياسية والإجتماعية يعين علي استتباب الأمن الحقوقي والقضائي ويوطد أواصر المودة بين الشعب والحكومة فتظهر في النظام والأمن الإجتماعي . إن أي إضرار بالأمن القضائي والحقوقي يقف حائلا دون التنمية الإجتماعية وازدهارها بأبعادها المختلفة. إن مقولة التقدم لا معني لها من دون رعاية الأمن الحقوقي القائم علي احترام الحريات الفردية وحقوق الشعب السياسية والإجتماعية. إن ميزان تقدم أي مجتمع يعتمد علي ميزان إحترام الحكومة للحريات الفردية وإيجاد علاقة منطقية بين طرفي العقد الإجتماعي . في المجتمع المتقدم واجب الحكومة هو المحافظة علي الحريات والحقوق الفردية. إن التنمية ليست مجرد مفوم إقتصادي ، بل يتقدمها المفهوم الثقافي والحقوقي ، وهي قائمة علي وجود الأمن الإجتماعي، وهذا يقوم علي الأمن الحقوقي والقضائي القائم علي ضمان الحقوق والحريات الفردية.

إذا لم يكن التقدم الثقافي لمجتمع ما ـ وفيه جانبه الحقوقي مهم أيضاً ـ قاعدة التنمية ذلك المجتمع، ولا يقوم عليها الأمن الإجتماعي، ولا يتحقق وجود نظام حقوقي منظم ثابت لكي يوطد علائق الأفراد علي أساس من الأصول والضوابط الحقوقية وملاحظة مبدأ العدالة، لا يمكن أن تتحقق التنمية الإقتصادية وتوظيف رؤوس الأموال للإزدهار الإقتصادي. لا ريب أنه في النظام الإجتماعي المنظم إنما يضمن حسن تنفيذ الحقوق والحريات الفردية من جانب الحكومة هو إحترام أفراد المجتمع المتبادل للقرارات الإجتماعية، إذ أن هذه العلاقة المتبادلة تضمن الأمن الحقوقي والقضائي. إن انتهاك حقوق أي من طرفي العقد الإجتماعي من أهم أسباب تزلزل قواعد الأمن والنظام الإجتماعي، وعامل مهم من عوامل عدم تحقق التقدم والتنمية. إن وقوع مثل هذا الأمر في نظام حقوقي منسجم نادر أو غير ممكن إطلاقاً. لذلك فإن الوقاية من احتمال وقوع مثل هذا الأمر، من الناحية الحقوقية، تتطلب أن تبين العلاقة بين طرفي العقد الإجتماعي تبياناً منظماً ودقيقاً ومعاقبة الذين ينتهكونها. وهذا ما يشير إليه الفصل الثالث من الدستور. والفصل العاشر من قانون العقوبات الإسلامي يخص الذين يعتدون علي حريم الحقوق الفردية ووالحريات الإجتماعية، فهو يتكفل بتنفيذ العقاب فيهم، وهو مايؤكد قانونية قانون العقوبات الوارد في الدستور حيث القرارات العدية تضمن تنفيذ الإجراءات الجزائية.

بحث ودراسة

1. مفهوم النظام العام

النظم في مقابل النثر يعني الكلام الموزن، ويعني نظم اللؤلؤ في الخيط، ويعني الإنسجام والقضام. وإذا رافق النظم الإتساق والترتيب يوصف بالانتظام ضمن نسق معين وترتيب ونظام جيد1، كما هو المعروف في الإستفادة الجماعية من حبات المسبحة المنتظمة في خيط يجمعها في نسق واحد، فالخيط هو قوام المسبحة والمسبحة قائمة بالخيط، ففي المجتمع الإنساني أيضاً يكون قوام الأمة بوجود نظام إجتماعي والوفاق والوحدة بين أفرادها. وهذا يستوجب إقامة حكومة علي أساس الرأي العام. فينظام الحومة الإسلامية التي تقلم علي أساس من البيعة، إمام المجتمع الإسلامي وقائده أمينا علي قدرة الأمة وحارساً للحقوق والحريات الإجتماعية والفردية ودعم عزة الأمة ورفعتها، وأساس كل ذلك هو النظام الإجتماعي وتنظيم أمور المجتمع وإصلاحه. وفي ذلك يقول الإمام الرضا ( عليه‏السلام ) :

إن الإمام زمام الدين ونظام المسلمين وصلاح الدنيا وعزالمؤمنين.

إن الإمام القائد أشبه بخيط قلادة اللؤلؤ يبعث علي إحكام الإرتباط بين أفراد المجتمع، وبالتالي يمكن الإستفادة الجماعية من طاقات الأجزاء التي تؤلف المجتمع. الإمام القائد زينة الأمة وموحدها، فهو فضلا عن كونه يوجد الاستقامة والتضام بين الأفراد، يضع الطاقة الجماعية في خدمة التمية والتقدم في المجتمع، ويكون سبباً في التقدم الثقافي والمعنوي للشعب. إن هذا الواجب القيادي وهو بذاته دليل الوحدة الوطنية، يعتبر بمثابة مؤسسة حقوقية توجد نوعاً من النظام الإجتماعي. المفهوم الحقوقي في أي مدرسة فكرية، يظهر ظهوراً مختلفاً باختلاف ظروف الزمان والمكان، وطبقاً لتقدم المجتمع وتطوره فكرياً. النظام العام، تاريخياً، إصطلاحة وليد الحقوق الثورية في فرنسا، إلاّ أن روحه كانت علي امتداد التاريخ ملحوظة، وفي المراحل الأولي كان يطلق عليه اسم الاخلاق الحسنة. منذ القرن الثاني قبل الميلاد، علي أثر تحول الأحكام الحقوقية وتكاملها، دخل إصطلاح الأخلاق الحسنة إلي مباحث الحقوق في روما، ومن ثم انتقل الي الحقوق الفرنسية القديمة، وكان معناه يقرب من مفهوم المصلحة العامة والنفع الإجتماعي. لذلك فالأعمال الحقوقية دالمخالفة له تعتبر باطلة. ثم انفصل النظام العام تريجياً عن مفهوم الأخلاق الحسنة، وقام مقام مفهوم المصلحة العامة والنفع الإجتماعي ، واصطبغ أكثر بالصبغة العينية، واعتبر إلي جانب الأخلاق الحسنة، من الأسس الحقوقية. يضاف إلي ذلك أنه باتساع المجتمعات ولزوم وجود مبادئ أساس، طرح النظام العام علي أنه حارس المؤسسات الحقوقية في كل بلد حيث مصلحة المجتمع ومنافعه قائمة علي وجودها وبقائه. كل قاعدة أو قانون يضمن وجود المؤسسات الحقوقية يكون مرتبطاً بالنظام العام، وما يخالف ذذلك كان باطلا ومرفوضاً، وكثيراً ما كان يصحب ذل ضمان تنفيذ العقوبات.

هناك اختلاف في تعريف النظام العام، فبعضهم يراه قابلاً للتعريف، وبعضهم يراه غير قابل للتعريف.

إن الذين يرونه قابلا للتعريف، يعرضون نظرتين 2و3، فوفقا للنظرية الخارجية ( النوعية) القريبة من نظرية الحقوق الطبيعية، يعتبر النظام العام نتيجة للعلاقات الطبيعية بين الأشياء وأعضاء المجتمع، وهو أشبه بالأمور التكوينية في عالم المادة. النظام العام ليس وليد الحقوق، بل هو خالقها. إن القوانين والتعليمات الحقوقية تحافظ علي نظام موجود في الخارج بصورة طبيعية ومستقلة. بناء علي ذلك، فالنظام العام واحد من مبادي ء الحقوق الطبيعية، وهو نفسه النظام الموجود في المجتمع الذي تقتضيه طبيعة الحياة الجماعية.

إن أتباع النظرية الداخلية (الشخصية) تميل أكثر إلي نظرية أصالة الفرد. إنهم يرون أن النظام العام ليس نظاماً مادياً خارجياً أو طبيعياً موجوداً في الطبيعة أو في المجتمع، بل النظام أمر إعتباري ناجم عن القواعد والقرارات الحقوقية الموضوعة الخاصة بمجموعة من الأصول والأحكام التي تتعلق بالهيئة الإجتماعية بحيث أنه لو زالت تلك الأصول والأحكام فلن يكون هناك مصداق للنظام العام. لذلك فإن النظام العام يتغير بتغير القرارات الحقوقية، فهو، من حيث الزمان والمكان، أمر نسبي، ومن حيث الكم والكيف، فإن المؤسسات الحقوقية لأي مجتمع في أي زمان و مكان تتغير مصاديقها.

يبدو أن كلا من النظرتين المذكورتين قد اكتفتد بذكر جانب من الواقع. بالنظر لعلاقة الحقوق الإلزامية مع المجتمع وتأثيرهما المتبادل بعض في بعض، لا يمكن إنكار النظام الموجود في المجتمع والناجم عن النظم الطبيعي، أي إن النظم الطبيعي، مستقلاً عن الأصول والقرارات الحقوقية، أمر واقعي ، بمثلما أن النظم الناجم عن النظام الحقوقي لكل مجتمع واقع لا يمكن إنكاره. إن الحقوق، فضلاً عن كونها هي التي توجه النظام، فإنها تدافع عن النظام الخارجي الناجم عن طبيعة الأشياء أو االعلاقات الإجتماعية. لذلك فإن النظام العام يحمل ملامح النوعي والطبيعي، كما يحمل ملامح الشخصي والتأسيسي، وإن مجاله أوسع من المفهوم الحقوقي. إن للنظام العام مفهوماً يتجاوز الحقوق، ويراقب تنفيذ القواعد والمقرارات الحقوقية، ويضمن الأصول التي تبين صحة تنفيذ المقررات الخاصة بالنفع العام. إن النظام العام مفهوم كليينبطق علي الأمن الإجتماعي وصيانة الحياة الفردية وحريتها وأرواح الناس وناموسهم وأموالهم، وللنظام العام شدة وضعف ومصاديق مختلفة. في الوقت الحاضر، حتي الأمور التي يظن أنها تخل بالنظام الإجتماعي، وإن لم يكن لها وجود خارجي في عمل معين، فإنها قد دخلت في مفهوم النظام العام. يخشي معه أن يرتكبوا جريمة، وهم، في مصطلح علم الجريمة، ذوو حالة خطرة قد يتسببون في اختلال النظام الإجتماعي4. وبناء علي ذلك يعتمد النظام العام علي وجود نظام إجتماعي وفكر فلسفي. لذلك فإنه يؤخذ مفهومه من الأسس الفكرية لنظام اجتماعي. من خصائص النظام العام في الحقوق العرفية هو افتراقه عن النظام الديني والأخلاقي. إن النظام العام في الحقوق العرفية قائم علي فكرة التحقق وقبول نظرية أصالة المجتمع التي ليست مقبولة في المنظور الاسلامي.

وجهة نظر الاسلام هي أن الأصالة لله وللأحكام الإلهية، وأن المصدر الحقيقي للحق والأحكام والإلزامات هو الشارع المقدسي ، وهكذا نجد أن أساس النظام العام هو الأحكام الإسلامية، وأن حقوق الأفراد وخياراتهم مقيدة أيضاً بأحكام الشرع ومقرراته، وأن كل من يحكم بغير ذلك فهو كافر وظالم وفاسق ( الآيات 49 و 50 و 51 من سورة المائدة). للنظام العام قواعد خاصة بصيانة أسس الحقوق الإسلامية، أي حكم الشريعة الذي يحدد الحدود لحفظ المصالح الخمسة ( الدين والعقل والبنون والنفس والمال ) والمصالح الأخري التي يرتأيها الشرع، ويمنع إنتهاكها. إن المحور الأصلي للنظام الحقوقي الإسلامي هو الأحكام الشرعية، ومنشأ جميع القيم هو طاعة الله تعالي. إن من دلائل تشريع الأحكام الإسلامية ضمان مصلحة الفرد مع مصلحة المجتمع فإن مصلحة المجتمع هي المقدمة، إلا إذا كانت مصلحة الفرد أو الأفراد ذات أهمية أكبر من االناحية الكيفية. وهكذا نجد النظام العام في الحقوقية لا تنفصم عن الأحكام الدينية والأخلاقية، فكل منهما يكمل الآخر، بل إن الأحكام الحقوقية قائمة علي الأحكام الدينية ( الدستور، المادة الرابعة). القواعد الأخلاقية، وهي نابعة من الأحكام الدينية، تخلق القواعد الحقوقية، كما أنها هادية في تنفيذها وتفسيرها ومرشدة للقاضي. لذلك فالنظام العام في الحقوق الإسلامية له جانبه الطبيعي كما له جانبه التعاقدي، وكلا الجانبين قائمان علي التزام الأحكام الإسلامية، وفي دستور الجمهورية الإسلامية شكل خاص منهما يستند علي السلطات الثلاث، تحت لواء قائد فقيه، عادل، تقي، عالم بزمانه، شجاع، مدير، مدبر، (المادة الخامسة)، و واجبات كل سلطة مذكورة بصورة منفصلة عن غيرها (المادة السابعة والخمسون من الدستور).

2. مفهوم الأمن الإجتماعي وعلاقته بالنظام العام

الأمن الإجتماعي جزء من مفهوم الأمن القومي الأقرب إلي أن يكون داخلياً. وعلي الرغم من أن مفهوم الأمن القومي أكثر ما يرتبط بالشؤون الخارجية، ولذلك فهو يحظي بالدراسة ضمن العلوم السياسة، ولكن يمكن القول دون تردد إن العوامل الداخلية المؤثرة فيه ليست أقل أهمية من العوامل الخارجية، لذلك ففي تعريف الأمن القومي يلحظ الجانبان معاً.

يري آرنولد و الفرز أن الأمن القومي يعني عدم الخوف من وجود خطر علي القيم الحياتية، ويقول إن الأمن نفسه ددليل علي عدم ووجود ما يهدد القيم المكتسبة، وهو دليل، من الناحية الفكرية، علي انعدام الخوف من أن تعرّض هذه القيم للهجوم5 . هذا التعريف، فضلاً عن كونه يحافظ علي السيادة الإقليمية، والنظام الاجتماعي، واستقلال البلد، فإنه يشمل أيضاً الأمن الاجتماعي ورعاية الحقوق الأساس. لذلك فإن الأمن القومي فضلا عن ضمان القوة العسكرية والقدرات الإستراتيجية في العلاقات الدولية، فإن له أبعاده السياسية والاجتماعية والاقتصادية‏الداخلية، الشاملة علي قضايا مهمة مثل الإستقرار السياسي والإزدهار الإقتصادي والحقوق والحريات الفردية والوحدة الوطنية، إن الأمن القومي، في كل وحدة سياسية يعتمد علي ما فيهما من ظروف إجتماعية و ثقافية وإقتصادية وسياسة داخلية، حيث الأمن الإجتماعي يؤلف جزءاً منه. في المجتمع الذي يتمتع بنظام إجتماعي منظّم يكون الأمن القومي نتيجة لوجود النظام العام.

الأمن والنظام متلازمان، فالمجتمع الذي يفتقر إلي النظام الإجتماعي يفقد الأمن، وفقدان الأمن يدل علي عدم وجود نظام إجتماعي منظم وقوي ومهيمن علي الأمور. إن فقدان الأمن يؤدي إلي ضياع القوي البناءة التي يجب أن تكون فعالة علي مختلف الصُّعُد التنموية والتطويرية. وعلي الرغم من أن الأمن ظاهرة إجتماعية وحقوقية، فهو أيضاً إحساس داخلي من مقولة المعرفة، وهو يوجه الإنسان نحو المستقبل والظروف التي سوف يوجدها له، والإستفادة مما هو موجود، للتوصل إلي المستقبل المطلوب. إن المجتمع النامي هو الذي يمهد الطريق، بضمان أمن الفرد والمجتمع، لخلق العلاقة بين المستقبل والماضي، وإلاّ فلن يكون هناك احتمال لتحقق النمو والازدهار حقيقةً، ويصحبان عرضة للأهواء الفردية، ومن الناحية السياسية، اذا فُقد الأمن الإجتماعي يصبح النشاط السياسي مضطرباً مذبذباً، وقد يخل بأسس النظام الإجتماعي ويقوم مقامه ويؤثر في النمو الإقتصادي أيضاً، بينما بوجود الأمن الإجتماعي تتهيأ الأرضية لظهور النشاط السياسي السليم، ويستطيع الفرد أن يعّبر بحرية عن معتقداته وآرائه لإصلاح الأمور السائدة في المجتمع، وبالفهم الحقيقي للمشاركة السياسية تتغير المواجهة بين طرفي العقد الإجتماعي إلي التفاهم وإتحاد وجهة النظر والوفاق الوطني، ومن الناحية الإقتصادية يتشجع أصحاب رووس الأموال في استثمارها في المشاريع الرئيسة والانتاجية. لذلك فإن الأمن والنظام الاجتماعي، فضلا عن حفهما الوحدة الوطنية وقوة النظام السياسة، يؤديان إلي الإستثمار الإقتصادي السليم لرؤوس الأموال وإستغلالها إستغلالاً إيجابياً. أما عدم وجود الأمن والنظام فيدفع برؤوس الأموال إلي مشاريع الدلالية والجعالة مما يخفض من فائدة رأس المال.


لذلك فإن النظام والأمن الإجتماعي ، اللذين يتجليان في الأمن السياسي، يرتبطان إرتباطاً وثيقاً بجمع الظاهرات الإجتماعية بما فيها الثقافية والإجتماعية والحقوقية والإقتصادية، فتكون لهما بذلك أهمية خاصة. يتضح شكل الأمن الإجتماعي، علي أساس النظام العام، في مواد الدستور، وهذه المواد، التي تتجلي فيها إرادة الأمة والميثاق الجماعي، تمثل جانباً من النظام العغام للنظام الحقوقي، لذلك فإن أهم واجب من واجبات السلطة التشريعية هو حراسة تلك المواد وحمايتها، ولابد أن تكون أشدالمؤسسات السياسية الأخري في التزام تنفيذها والإعتقاد بها، وأن تكون دقيقة في المصادقة علي القوانين العادية لكيلا يكون هناك تجاوز لمواد الدستور. إن إهمال هذا الواجب المهم يغري القائمين بتلأمور علي عدم التزام القواعد الخاصة بالنظام العام، ويبعث علي التعرض للحقوق والحريات الفردية، ومن ثم يعرض الأمن الاجتماعي ونظامه للخطر. ولما كانت مبادئ الدستور في الجمهورية الإسلامية الايرانية، المدونة علي أساس الأحكام الإسلامية، هي الأساس الأول للنظام العام في الحقوق الإيرانية، فكل قانون مباين للأساس المذكور لا يكون قانونياً ولا قابلا للتنفيذ. إن مسؤولية الءشراف علي هذا يقع علي عاتق مجلس صيانة الدستور.

هذا المجلس ليس مسؤولاً عن الإشراف علي قوانين السلطة التشريعية فحسب من حيث مطابقتها مع الأحكام الشرعية والدستور، بل عليه عند بيان وجهة نظره أن يلتفت إلي أسس النظام العام في حقوق إيران. في الوقت الحاضر توجد قوانين أقرها مجلس الشوري الاسلامي وصادق عليها مجلس صيانة الدستور، ولكنها مع الأسف مغايرة للنظام المذكور في الدستور. من ذلك يمكن الإشارة إلي المادة (289) من قانون إصلاح ا. و. ك الذي أقر في 1368هـ. ش .، والمادة (29) من قانون تشكيل المحاكم الجزائية، 1 و 2 الذي أقر في 1368هـ.ش .، والمادة (8) من قانون تشكيل المحاكم العامة والثورة الذي أقر في 1370 هـ.ش. إن القوانين المذكورة في قانون العقوبات تجبر للقاضي، في حالة عدم وجود قانون أو السكوت، أن يقوّم سلوك الأشخاص طبقاً للمصادر والفتاوي الموثق بها، أي أن يقوم، في الواقع، مقام المشرّع، وأن يفرض الإدانة والعقاب. ومن جهة أخري، المادة (2) والبند (3) والمادة (4) من القانون المذكور تمنح صلاحية المحاكم الذاتية والمحلية لرئيس السلطة القضائية. هذا الأسلوب مخالف للأصول الحقوقية المسلم بها، كقاعدة قبح العقاب بلا بيان، ومبدأ قانونية الجريمة والعقاب، وقانونية المحاكمة. إن الأصول المذكورة المقبولة في دستور الجموهرية الإسلامية الإيرانية، والقائمة علي الأحكام الشرعية لا تجيز هذا للمشرّع العادي، والظاهر أن قيام مجلس صيانة الدستور بتأييدها ناجم عن التساهل، ولسوف نبين الأسس النظرية للاستدلال المذكور.

3. نظام قانونية الحقوق الجزائية

باعتبار المصطلح اللاتيني Nallum Crimen Nulla Poena Sine Lege مامن سلوك يعتبر جريمة، وما من عقاب يمكن أن ينفّذ إلا إذا اعتبره المشرّع جرماً قبل زمان الارتكاب و عين له عقاباً. بناء علي ذلك ، فالجريمة هي السلوك الذي عيّن النظام الإجتماعي لارتكابه عقاباً، والعقاب رد فعل الهيئة الاجتماعية ازاء مرتكبي الجريمة. إي إن المشرّع هو وحده القادر علي تمييز الجريمة وتعيين عقابه. إن هذا المبدأ، الناجم، منطقياً عن مبدأ استقلال السلطات (المادة 57 من دستور الجمهورية الاسلامية الإيرانية، يعتبر أساساً لحقوق الجزاء. وعلي أثر تحول القوانين الجزائية يسري ذلك إلي جميع عناصره، بما فيها أصول المحاكمة وصلاحية المحاكم، أي إن المشرع ليس وحده الذي له أن يعيّن الجريمة والعقاب، بل إنه هو وحده الذي له أن يعيّن المحاكمة، وصلاحية المحاكم، وكيفية التعامل مع المجرمين. إن المحكمة الصالحة للنظر في الجرائم هي كيعينها القانون (المادتان 36 و 37 من الدستور). لذلك فإن قانون العقوبات فرع من فروع قانون الحقوق الصرف بحيث إن مصادر الحقوق الأخري، خاصة العرف والعقائد، لا دور لها في تعيين الأحكام، وإنما يمكن أن يكون لعا تأثير في تفسير مواضيع الأحكام. لذلك، في تعيين عناوين الجرائم وميزان عقوباتها وأنواعها وصلاحية المحاكم وكيفية تعقيب المجرمين ومحاكمتهم إنما المطاع هي أحكام المشرع الذي يعمل، طبقاً للمادة 57 من الدستور ، تحت إشراف الولي الفقيه، ويؤيد مجلس صيانة الدستور قراراته.

بناء علي ذلك ، إذا لم يكن للقانون وجود فإن الأصل هو الجواز ، وما من محكمة تكون صالحة لتعقيب المجرمين. أصولاً لا يمكن إرجاع قانون العقوبات إلي ما سبق، وكل قانون نافذ المفعول بعد المرور بمراحل عديدة كالمصادقة، والتأييد، والتوشيح، والإبلاغ، والنشر، وهو مؤثر في الآتي، لا الماضي. ( المادة 4 من قانون العقوبات ) ولا يشمل السلوك لما قبل الإرتكاب. إن تعيين الحد الفاصل بين السلوك المشروع وغير المشروع من حق المشرّع، بل هو من واجبه، بينما قاضي محكمة الجزاة ليس له أن يقوّم سلوك الأفراد ويعتبره جريمة ولا أن ينفذ عقاباً من دون وجود قانون يستند إليه. حتي المشرّع ليس له أن يخضع أعمال الأشخاص السابقة لأي قانون جديد يقره بالنسبة للجريمة والعقاب، وإن ارتكاب أي عمل، وإن كان خلاف الأخلاق أو مضراً بالنظام العام، ما دام المشرع لم يمنعه، يكون جائزاً ومباحاً. لذلك، عند فقدان النص أو عند سكوت القانون عنه، علي القاضي أن يصدر حكماً بالبراءة، لأن القاضي هو وحده الناطق باسم المشرّع، وواجبه هو تطبيق المصاديق مع القانون. أما تعيين مصلحة المجتمع وأي سلوك يضر بها ويجب معاقبته، وأي نوع من العقاب تستحقه كل جريمة، وأي الأصول يجب أن تتبعها المحكمة ذات الصلاحية في النظر في الجريمة المرتكبة، فكل ذلك‏ك خارج وظيفة القاضي والذين يتولون السلطة القضائية، وهذا بذاته من المصاديق العليا للنظام العام.

واتخاذ أي قرار مخالف له، ولو بقانون، يكون عديم المفعول. إن واجب المشرّع في تعيين قائمة بالجرائم وعقوباتها وصلاحية المحكمة كان علي امتداد التاريخ من مطاليب الإنسان الطبيعية. الإنسان فطرياً يري نفسه محقاً في أن يطلع علي موازين السلوك السليم والسلوك الممنوع في المجتمع. فإذا لم يجب المجتمع جواباً إيجابياً عن هذا الطلب الطبيعي، يصيب أفراد المجتمع الإرتباك في إتباع السلوك الصحيح، ويركبهم الخوف من عقاب محتمل لعدم معرفتهم بحدود صلاحيات المحكمة وأصول المحاكمة، فيؤدي ذلك إلي نكوصهم عن القيام بنشاطات بناءة. إن إنزال العقاب بمن لا يعرف ارادة المشرّع فيما يتعلق بالممنوعات والصلاحيات عقاب بلا بيان وقبيح، ويعبّر سوء استغلال للسلطة التي يفوضها المجتمع للقائمين علي ادارة الحكومة، مما يثير روح التمرد والعصيان في الأفراد، ويضعف من حسن احترامهم للقانون، ويكون عائقاً كبيراً في طريق تحقق النظام والأمن الإجتماعي، وحائلا في وجه التمية والتقدم علي مختلف الصُّعُد، وعلي الأخص علي الصعيد الإقتصادي.

إن اتخاذ سياسة مفيدة ومؤثرة لتحقيق النظام والأمن الإجتماعي والتنمية والإزدهار الشاملين، يستوجب أن يطلع أفراد المجتمع علي حدود الحريات والممنوعات القانونية وميزان العقوبات وكيفية تنفيذها وصلاحية المحاكم وقوات الشرطة، وأن يكون القائمون علي أمر القضاء وقوات الشرطة قد تلقوا التعليم اللازم. إن اعتبار قانونية الحقوق الجزائية، بالإضافة إلي حماية الهدف المذكور، يحول دون تحقيق الاشخاص المخالفون أهدافهم المضادة لمجتمعهم، كما يحول، نفسياً، دون تخلفهم عن مجاراة السلوك الإجتماعي، ويساعد، إجتماعياً، مساعة قيمة في إجراء العدالة القضائية، ويخرجه من الإنجراف مع الأهواء والأذواق الفردية، ومن حالة العدالة التصادفية إلي العدالة العامة الشاماة. النظام المذكور يمكن الفرد في المجتمع من الدفاع عن حقوقه وحرياته ازاء تخويلات الحكومة المطلقة. إن تحديد سلطات الحكومة ضمن إطار القوانين والأصول يبعد تنفيذ العقد الاجتماعي عن تأثير الرغبات الشخصية. إن قانونية نظام الجرائم والعقوبات والمحاكمة وصلاحية المحاكم، وهو ما نطلق عليه اسم نظام قانونية الحقوق الجزائيه، يؤلف سداًأمام تجاوز السلطتين التنفيذية والقضائية علي حقوق الأفراد. إذا ما أجيز الجهاز القضائي بتعيين الجريمة والعقاب خارج نطاق القانون ودون الأخذ بنظر الإعتبار النظام القانوني المذكور (المادة 8 من قانون تشكيل المحاكم العامة والثورة 1.)

ويقوم بنفسه بتعيين حدود صلاحيات ( المادة) والفقرة 3 والمادة 3 والمادة 4 قانون تشكيل المحاكم العامة والثورة ع . 1) إضافة إلي إهمال مبدأ فصل السلطات، فإنه يزلزل النظام الإجتماعي ويخل بالأمن العام. فإذا ماعرضت حقوق المواطنين وحرياتهم للأذواق الشخصية واستنباطات القضاة الخاصة، فإن ثقة الناس بالحكومة سوف تتزعزع. إن العدالة الإجتماعية والمنطق الحقوقي والفطرة الإنسانية تحافظ علي احترام نظام قانونية الحقوق الجزائية، بمثلما أن السياسية الجنائية للنظام الإجتماعي أيضا، من حيث الإرهاب العام والخاص، وإصلاح المجرمين، تقتضي التزامها، وفي النهاية، التزام النظام المذكور يستدعي نمو الشعور الإجتماعي ونضجه، والتقدم الثقافي في المجتمع، والإعداء للإزدهار الإقتصاديوتشويق رؤوس الأموال إلي الإستثمار السليم في الصناعات الأُم . إذا تصورنا مجتمعاً منظماً يستطيع فيه القاضي أن يعتبر سلوكاً ما ـ طبقاً لاستنباطاته الشخصية من المصادر التي يجب أن يستند إليها المشرّع ـ أنه جريمة، فلابد من أن نعترف بأن ليس في ذلك المجتمع أي وجود خارجي للأمن القضائي ولا للحريات الفردية، ولا يجرؤ أحد علي استثمار رأس ماله بصورة إيجابية وبناءة في ذلك المجتمع. إن ذلك لا يجد من يخالفه سياسياً إلاّ النظم الإستبدادية التي تري في التزام قانونية الحقوق الجزائية مانعاً يحول دون قمع معارضيهم ومحاكمتهم6، 7، 8.

4. نظرة إيران الحقوقية إلي نظام قانونية الحقوق الجزائية

من الناحية التاريخية يرجع هذا الأمر إلي سنة 1325هـ يوم تم التصديق علي ملحق الدستور، فالمواد 9 إلي 14، الملحقات بالدستور، تشير كل منها بشكل ما إلي مفهوم النظام المذكور ونتائجه. كما أن المشرّع، بتصدقه المواد 2 و 6 من ق. م. ع. سنة 1304 هـ. ش.، قبل بالنظام المذكور. وفي اصلاحات سنة 1352 هـ. ش. أكده مرة أخري. النظرة القضائية للمحاكم العادية والعالية وكذلك العقيدة الحقوقية شرحت الأسس الحقوقية لهذا النظام. وبعد انتصار الثورة الإسلامية، وعلي الرغم من توكيد روح الدستور ومواده المختلفة المبنية علي قانونية الجريمة والعقاب والمحاكمة وصلاحية المحاكم ( مواد الفصل الثالث من الدستور، والمادة 169 والفقرة 4 من المادة 156 منه ). عند المصادقة علي المادة 289 من قانون إصلاح قانون المحاكمات الجزائية لسنة 1361 هـ.ش . والمادة 29 من قانون تشكيل المحاكم الجزائية لسنة 1368 هـ.ش . والمواد2و3 و4 و8 من ق. ت. د. ع .1. لسنة 1372هـ.ش ، عرض النظام المذكور. المقبول في الدستور، للإستهانة والإهمال.


وبافتراض أن بعث رسول الله ( صلي‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم ) بالنبوة ونزول القرآن وأحكام الإسلام، بما فيها التعليمات الخاصة بالحدود والقصاص والديات قد شرحت للناس، ظنوا أن ليس ثمة ما يوجب تدوين قوانين الجزاء وإبرامها بالتشريع. إن هذا التصور غير الواقعي، ومن دون الإلتفات للآثار الإيجابية لنظام قانونية الحقوق الجزائية، وتوسع في مصاديق القانون إلي القرآن والسنة والمصادر الفقهية الموثوق بها والفتاوي المشخورة، واعتبر القانون، سواء المدون وغير المدون منه، في حين أن القانون، حقوقياً، هو ما شرعه المشرع ويصبح نافذ المفعول بعد المرور بمراحل التصديق والتأييد والإبلاغ والنشر. وكما أن المادة 4 من الدستور تؤكد أن القرآن والسنة والمصادر الفقهية يجب أن تكون مرجعاً للمشرّع عند تدوين القوانين، لا مصدراً يرجع إليه القاضي. إنها ليست في عرض القانون بل هي الأساس والقاعدة المدون، والمشرّع هو وحدة المخول في

الرجوع إليها، لا القاضي. وبعبارة أخري إن الولي أو قائد المسلمين هو الذي له صلاحية اجراء الحدود والتعزيرات الإسلامية (التعزير بيد الولي). والقضاة مخولون بإذن من الولي، عن طريق السلطة التشريعية، بالنظر في قضايا العقاب، كما أنه في حالة تعدد المراجع والمجتهدين الجامعي للشروط، تكون الأولوية لمن بيده أمر الحكومة ويده مبسوطة، وهو الذي يدعو في الدستور باسم الولي الفقيه.

إن انطباعاً غير هذا يؤدي إلي تدخل عدد كبير من الذين يملكون الشروط، دون أن يكون لهم دور القيادة، في الحكومة، الأمر الذي يتعارض مع لزوم تشكيل حكومة إسلامية. إن تدخل أفراد عديدين في موضوع يتعلق بالنظام والأمن الإجتماعي يؤدي إلي تشتت الأمور، ويزعزع إستقرار الحكومة ودوامها. لذلك، في هذه الظروف السائدة، والافتقار إلي القضاة المؤهلين للأحكام الأولية، يكون القضاة الذين يخولهم ولي الأمر هم المتصدون لمنصب القضاء. من أجل تعيين عناوين الجرائم وتنفيذ العقوبات الإسلامية وبيان حدود صلاحيات المحاكم واصول المحاكمة، مع وجود ولي الأمر المتولي لأمر الحكومة، لا يصل الدور للمسؤولين عن السلطة القضائية الذين عينهم ولي الأمر، ولا يملكون الخيارات المذكورة في الروايات وأقوال الفقهاء ( التعزير بما يراه الحاكم ). إن الذين دونوا الدستور كانوا متنبهين إلي هذا الموضوع، وفهم الشهيد بهشتي عند دراسته المادة 34، إذ قال :

الآن القاعدة هي أن المجتهد الذي أذن له مجتهد يمكنه أن يكون قاضياً... ولكن إذا أعطي الإذن لغير المجتهد، عندئذ يكون محدداً بحدود الإذن الذي اعطي له ، أي عندما يريد الحاكم أن يأذن لغير المجهد بالقضاء، فهو، بحسب صلاحيته واستيعابه يقول له :«أنت مأذون بالقضاء في هذه الحدود.

كذلك جاء، عند بحث المبادئ المقترحة للدستور فيماا يتعلق بكون الأحكام ذات درجة واحدة: «القاضي مجتهد تام، والمجتد الذي اعتمدناه من حيث تمكنه من الموضوع، ليس صحيحاً أن نحول حكمه إلي محكمة أخري كي تنقضه. ولهذا صوره المختلفة، فحيثما يوجد قاض عيّن إعتماداً علي علمه وإحاطته، ونقض حكمه، فضلاً عن كونه يخالف شرعاً الأدلة، فهو لاغ عقلاً فهناك قاض وحكم صادر طبقاً للموازين. أما حيث يكون هذا المصداق الصغير نفسه الذي نبحث فيه، فإنكم لا تحولوون ذلك إلي محكمة فيها أربعة آلاف مجتهد. هنالك مجتهدون يمكنهم أن يعذبوا عن وجهات نظرهم ضمن حدود القرارات، دون أن يصل ذلك إلي مستوي التمكن العميق لدي المجتهد المعتبر لديكم في الفقه. إذن، تلك الأخطاء التي تعنون بثانيها واستثنيتموه، فإنكم لا تنكرون وجود حالات يمكن أن يخطي‏ء فيها القاضي ... الأصل هو أنه اذا كان هناك مجتهد جامع للشروط، يكون حكمه قطعياً من دون اعتراض أو استئناف، وهذا ليس الحكم الذي تريدون الآن وضعه، أي إن القاضي، في الخارج، ليس ذلك الذي يخطي بتأييدكم، فلا تستطيعون أن تجعلوا الأحكام ذات درجة واحدة، ولا أن تحيلوها إلي قضاة أنتم تقولون عنهم إنهم ليسوا متمكنين تماماً.»9

كما ترون، لقد أقر مدونو الدستور بنظام قانونية الحقوق الجزائية، علي أساس المبدي‏ء العقلية والعناية بمصلحة النظام الإسلامي وبحقوق الناس والحيولة دون تدخل الذوق الشخصي في استنباط الأحكام الشرعية. في مواد الفصل الثالث، والمبادي‏ء 72 إلي 91 والفقرة 4 من المادتين 156 و 169 تصريح بذلك، وبأخذالفقرة 4 من المادة 156 والمادة 4 من الدستور بنظر الإعتبار لا يبقي شك في أن المصادر الفقهية والفتاوي المشهورة لا تتمتع بخصائص القانون، وأن قاضي الجزاء لا يستطيع الإستناد اليهما في معاقبة المجرمين. إن مجرد ذكر الأحكام والقرارات الجزائية في المصادر الفقهية لا يكفي، في نظر الدستور، ولا يمكن اعتبارها بمثابة « البيان » المذكور في القاعدة العقلية لقبح العقاب بلا بيان، فعلي الرغم من تعيين العقوبات الشرعية وبيان لبفقهاء لها وأن ليس للوالي الإسلامي أن يغير في موازينها، فإن الدستور، في بيان وظائف السلطة التشريعية، يقول بصراحة :

إن تنفيذ الحدود والمقرارات الجزائية الإسلامية المدونة» قد تم توكيده. فإذا حملت العبارة علي المعني العرفي، فلا شك في أن المقررات المدونة هي نفسها قوانين السلطة التشريعية ويؤيد ذلك الظهور والتبادر. إن القول بأن تنفيذ العقاب علي ي القضاة المأذونين، طبقاً للمصادر الفقهية والفتاوي المشهورة، شرعي وقانوني. وعلي الميزان نفسه فإنه مما يخالف الواقعيات الإجتماعية وروح الدستور ومواده القول بأن القرآن بمثابة دستور الجمهورية الإسلامية وأنه لا حاجة لأن يقوم المجلس التأسيسي او الخبراء. واستناداً إلي هذا الإستدلال، فالمادة العامة 167 من الدستور، وقبل التأكد من وجود المخصص، وهو المادة 36 و 37 و169 والفقرة 4 من المادة 156 من الدستور، ليست لها قابلية التنفيذ. بالنظر إلي أن المواد المذكورة لا تتعارض فيما بينها. فإن تنفيذها جميعاً يستوجب الرجوع الي قاعدة « الجمع مهما أمكن أولي من الترك». الجمع بين هذه المواد ينتج عنه أن الرجوع إلي المصادر الفقهية والفتاوي المشهورة، في حالة عدم وجود نص أو السكوت أو نقص القانون في تعيين الحكم، ينصرف إلي الأمور الحقوقية.




كما ان لفظة ( فقط ) في المادة 37 من الدستور اداة حصر تدل علي أن الحكم بتنفيذ العقاب عن غير طريق القانون وبواسطة مرجع غير الذي عينه القانون، يخالف مبادي‏ء الدستور. إذا استطاع حاكم الجزاء، بالاستناد إلي مصدر غير الذي أقرته السلطة التشريعية، أن يعاقب الناس، فان المبادي‏ء المذكورة لا تتخذ حالة التنفيذ، وتتعارض مواد الدستور مع بعضها بعضا، وهو خلاف الأسلوب السائد في التشريع. هذا الإعتراض يصدق ايضاً فيما يتعلق بالمواد 2 و 6 من قانون العقوبات الاسلامي . لسنة 1361 هـ.ش، والمادة 289 من قانون تعديل قانون المحاكمات الجزائية. لسنة 1361 هـ.ش ، والمواد 2 و11 من قانون العقوبات الاسلامي. لسنة 1370 هـ.ش، والمواد 2 و 3 و 4 و 8 من قانون تشكيل المحاكم العامة والثورة. لسنة 1373 هـ. ش، والقوانين المتغايرة يحملها مجلس صيانة الدستور علي التسامح. إن تبني سياسة جنائية مفيدة وعملية في طريق تحقيق النظام والأمن الاجتماعي للوصول إلي التنمية والتقدم الشاملين، مع الأخذ بنظر الإعتبار المصلحة العامة والحقوق والحريات الفردية والجماعية وتنفيذ العدل القضائي، يقتضي أن يقوم المشرع العادي بتبني السيرة الحسنة للمشرع الرئيس وتدافع عنه و أن لا يسمح لجرح نظام قانونية الحقوق الجزائية ولصدور أحكام متهافتة، مما ستكون نتيجته إيجاد الإضطراب في القضاء. إن سيره الإمام الخميني الراحل (ره ) تؤيد القول بأن القرارات المخالفة للدستور تتعارض والمصلحة العليا للنظام الإسلامي. لذلك فإنه يجيب عن سؤال فيقول :

في هذه الظروف حيث الغالبية العظمي من القائمين بأمر القضاء لا تتولفر فيهم الشروط الشرعية اللازمة للقضاء، وإنما الضرورة هي التي أملت إجازتهم، ليس لهم الحق في تعيين الحدود والتعزيرات من دون اجازة الفقيه الجامع للشروط. بناء علي ذلك يلزم تعيين هيئة تتألف من ... تعيّن حدود التعزيرات ضمن إطار إجازتها، ولا يحق لها تجاوز ذلك.10 كما أنه، لإزالة الشبة في أن يكون القضاة المأذونون حكاماً شرعيين

يقول :

إن قول حضرات الفقهاء يقضي بغرض كون القضاة القائمين بذلك هم حكام شرع فعلا، مع أن غالبية القائمين بالقضاء لا يملكون الشروط الشرعية لذلك. بل في نظري حتي إذا أذن لهم وعينهم الولي الفقيه، لا يمكن إطلاق صفة الحاكم الشرعي عليهم، وما قيامهم بأمر القضاء إلاّ من باب الضرورة، وذلك لأنه عند عدم وجودهم سوف يتصدي لأمر القضاء أشخاص من غير الإسلام أو من اللاأباليين الذين ينتحلون الإسلام ...11

إن التكليف المذكور في الفقرة 29 ق. ت. د. ك، 1و 2 يقول :

في حالة إذا ما كان القاضي مجتهداً جامعاً للشروط، وكانت فتواه الفقهية مخالفة للقانون المدون، تحوّل إضبارة القضية إلي قاض ٍ آخر» والظاهر إن ذلك يتعارض مع نص المادة المذكورة، ويعني هذا أن القضاة مكلفون بالعمل علي وفق وجهة نظر المرجع الذيأذن لهم بالقضاء. وفي الوقت الحاضر مجلس الشوري الإسلامي هو المتصدي لتنفيذ أوامر الولي الفقيه في مجال التشريع، فإن قرارات السلطة التشريعية هي المعينة بذلك.

جاء في الفقرة المذكورة أنه إذا لم يستطيع المجتهد الجامع للشروط أن يصدر حكماً طبقاً لفتواه، فالقاضي المأذون أولي أن لا يستطيع إصدار حكم استناداً إلي استنباطاته من المصادر الفقهية. وإذا كان للقاضي المأذون الحق في الرجوع إلي المصادر الفقهية الموثوق بها أو الفتاوي المشهورة، فمن الأولي أن يكون القاضي المجتهد الجامع للشروط قادراً - إستناداً إلي نظرته الفقهية كمصداق للفتاوي المشهورة أو المصادر الفقهية الموثّقة - علي إصدار حكم. إلاّ أن تمييز المصادر الفقهية الموثوق بها والفتاوي المشهورة ليس من الأمور البسيطة التي يمكن ان توكل إلي القاضي المأذون.

هذا الاسلوب لا يتطابق مع الدستور ولا مع السيرة العملية للإمام (ره ) ولا مع حضرة الولي الفقيه المعظم، الذي قال في لقائه الأخير مع مسؤولي السلطة القضائية:

ليس للقاضي في المحكمة رئيس فوقه ، إلاّ الله والقانون ....

الدستور، في المادة 161، بهدف إيجاد الأمن القضائي والتزام مبدأ التساوي أمام القانون في تنفيذ العقوبات، أكد وحدة الرؤية القضائية التي تتحقق بالتزام قانونية الحقوق الجزائية. لذلك فإن الإدارة الحقوقية في السلطة القضائية، في النظرية المرقمة 6073 / 7 - 10 / 12/ 62 صرحت :

جاء في المواد 37 و169 من الدستور، والمادة 6 من قانون العقوبات الاسلامي.

إن القيام بعمل أو عدم القيام بعمل مما لم يصرح به في القرارات النافذة بأنه جرم، لا يمكن اعتباره جريمة، ولا يمكن تعيين عقاب لمرتكبه»12 وفي النظرية المرقمة 6381 / 7 - 18 / 12 / 69 تقول الإدارة المذكورة :

إن مبدأ قانونية الجريمة والعقاب، وكون أي عمل ليس جرماً إلاّ إذا عين القانون عقاباً له ، مقبول لدي مشرع الجمهورية الإسلامية أيضاً.

وهذا المعني في المادة 2 من القانون الخاص بالعقاب الإسلامي، قد صرح به تصريحاً واضحاً. هذا المبدأ جاء أيضاً في « الشرع الأنور» تحت تعبير قبح العقاب بلا بيان، لذلك لا في القوانين ولا في الشرع يمكن العثور علي عمل يكون جرماً ولا يكون قد عيّن له من قبل عقاباً، فعندما تطرح قضية لم يعين القانون لها عقاباً، فلا بد من القول إن ذلك العمل لم يكن جرماً ولا يمكن تقديمه للمحاكم. إن اجراء قرارات المادة 29 من قانون تشكيل محاكم الجزاء رقم 1 و 2 يكون عندما لا يوجد في القضايا المطروحة حكم صريح في القانون، أو توجد عبارات وكلمات مبهمة وغامضة عن احكام تبدو، ابتداءاً ، غير واضحة المعني، فينبغي الرجوع دفيها إلي النصوص الفقهية والفتاوي المشهورة، كما أن حق الله و حق الناس اللذين ورد ذكرهما في المادة 290 قانون تعديل قانون المحاكمات الجزائية. والمادة 159 ق. ت.، إما أنهما لم يأت تعريفهما في القانون، ولم يعددهما مع الجرائم القابلة للعفو، أو كون بعض الجرائم قابلة للعفو موضع شك، مثل السرقات التعزيرية وعما اذا كان يمكن العفو عنها بعد رفعها إلي الفتاوي الفقهية لتعيين ما ينبغي. بهبارة أخري، إن إجازة المادة 29 لحل أمثال هذه المشكلات قانونية ولا تقيد مطلقاً إيجاد جرائم جديدة لم يعين لها القانون عقاباً. يضاف إلي ذلك أنه علي الرغم من المادة 2 قانون العقوبات الاسلامي . ليس هناك إبهام بشأن إعتبار أمر ما جرماً أم لا، حتي يحتاج إلي الرجوع للفتاوي، لأنه إذا كان القانون قد عين عقاباً لعمل ما، فإن ذلك العمل جريمة حتماً، وإلاّ فإنه ليس جرماً ، ولا ثالث له12. لذلك، كما جاء في وجهة النظر الأخيرة، قرارات المادة 167 من الدستور الخاصة بأمور الجزاء، تعني بتعيين الموضوعات وتفسيرها، لا وضع حكم عن الجريمة والعقاب ، خاصة بعد تنفيذ قانون المحاكم العامة والثورة، إر إن كثيراً من القائمين بأمر القضاء هم من المثقفين الجامعيين الذين ليست لديهم الشروط العلمية اللازمة للرجوع إلي المصادر الفقهية الموثقة والفتاوي المشهورة.

الإعتراض الآخر الذي يخطر ببال المخالف لما قلنا هو أن مجلس الصيانة عند دراسة مادة واحدة عن اقتراح إلحاق محاكم الثورة الإسلامية بوزارة العدل أبدي رأيه بقوله :« إن إن المادة 2 إقتراح بالسماح لمحاكم الثورة بالرجوع إلي كتاب تحرير الوسيلة لإمام الخميني(ره ) وإصدار أحكامهم بمقتضاه . ولكن بما أن هذا الكتاب كتب باللغة العربية، فيما تقول المادة 15 من الدستور إن لغة البلد الرسمية هي اللغة الفارسية وإن النصوص الرسمية يجب أن تكون بالفارسية ، لذلك فهو مخالف 10.

وهذا الإعتراض يصدق أيضاً بشأن الرجوع إلي المصادر الفقهية الموثوق بها والفتاوي المشهورة، لأن تلك المصادر غالباً ما هي باللغة العربية، وإلزام الناس بتعلم العربية يخالف المادة المذكورة، كما أنه يسبب العسر والحرج وتكليف ما لا يطاق . وبناء علي ذلك فإن الدستور لم يضع قوانين تعطي الحرية للقضاة في الرجوع إلي المصادر الفقهية لتمييز عناوين الجريمة والعقاب، كما أنه في المادة 27 أحال تعيين حدود صلاحيات المحاكم إلي القانون العادي، أي علي المشرّع، مع الأخذ بنظر الإعتبار مبدأ قانونية المحاكمة، أن يعين حدود صلاحية كل محكمة، سواء كانت صلاحية ذاتية أم محلية، وليس له أن يحوّل واجبه هذا إلي رئيس السلطة القضائية. إذا كان الإسلام يرمي إلي ضمان الأمن للتنمية، يجب أن يلتفت إلي أن أساس هذه الأمور هو المحافظة علي حقوق الإنسان وحرياته وكرامته، وأن لبلوغ هذا الهدف ينبغي تهيئة الظروف النفسية اللازمة للذين يعملون علي طريق التنمية، و رعاية حقوقهم القانونية والمشروعية وضمانها. من البديهي حيثما يكن الأمن تكن التنمية ممكنة، وحيثما لا يكون الناي في أمان وحيثما تكن الحقوق والحريات عرضة للأذواق والإستنباطات الشخصية للمسؤولين، بما فيهم القضاة، فلن تتحقق التنمية. قوام المجتمع مبني علي الدفاع عن حقوق الناس وتطبيق العدالة التي تعتمد، في الامور الجزائية، علي التمسك بقانونية الحقوق الجزائية ونتائجها.

إن ما قلناه كان علي أساس انطباعات دستور الجمهورية الإسلامية الايرانية عن الحكومة الإسلامية التي وصفها في صورة جمهورية إسلامية بخصائصها الخاصة، وميّز السلطات الثلاث بعض عن بعض بوظائفها الخاصة المستقلة، تحت إشراف قائد واحد. لذلك إذا إن الحكومة الإسلامية حكومة فقهاء متعددين، وإن لكل فقيه أن يفصل في خصومات الناس وفقاً لوجهة نظره وأن يقيم الحدود والقرارات الجزائية الإسلامية، فإن ذلك يكون إدعاءاً، في حالة إثباته فعلاً، لا يكون مقبولاً دستورياً وما تقتضيه بيعة الناس، وإن الذين يفسرون الحاكم في « التعزير بما يراه الحاكم » بإنه القاضي، فإنهم، إذا التزموا دستور الجمهورية الإسلامية، لن يعملوا بموجب النتيجة المترتبة علي تفسيرهم.

نتيجة البحث

إن المحافظة علي النظام والأمن الإجتماعي من الأصول الأولية في الحياة الاجتماعية، وإن تحققها من الناحية الحقوقية منوط بتنفيذ العدالة، وتنفيذ العدالة يستوجب أن يكون آحاد الناس مطلعين علي ماهو ممنواع ، وأن يعرفوا صلاحيات المحاكم واصول المحاكمات، وميزان العقوبات المفروضة علي المخالفين. هذا المفهوم يصطلح عليه بنظام قانونية الحقوق الجزائية. إن القضاة، علي أثر ذلك، مكلفون، في مجال المسائل الجزائية، أن يستندوا إلي القانون وحده وأن يكونوا الناطقين باسم المشرّع.

هذا المفهوم مقبول لدي مواد مختلفة في دستور الجمهورية الإسلامية وهو يتفق أيضاً مع أسس الفقه الإسلامي، وإن عدم إلتزامه عائق كبير في سبيل تحقق الأمن والنظام الإجتماعي

ويقضي علي الحالد النفسية اللازمة للتنمية، خاصة علي الصعيد الإقتصادي. وبالنظر إلي الأسس الحقوقية للبحث والتصريع في المواد 26 و 27 و 169 والبند الرابع من المادة 156 من الدستور. عند التزام النظام المذكور. ينبغي الإلتفات إلي أن ذلك القسم من قرارات قانون تشكيل المحاكم العامة ومحاكم الثورة، والتي تتعارض مع المفهوم المذكور، يعتبر ناقضاً لمواد الدستور، وعلي المشرع أن يأخذ المادتين 2 و 11 من الدستور بنظر الإعتبار لبذل الجهد في اصلاحها، حتي لا تكون حقوق الناس وحرياتهم خاضعة لأذواق القضاة، ولا تعرّض وحدة الرؤية القضائية للتجريح، ومن ثم تتهيأ الفرصة النفسية اللازمة للتنمية الإجتماعية والإقتصادية، ويتشوق أصحاب رؤوس الأموال، بعد اطلاعهم علي الممنوعات وعلي حقوقهم الإجتماعية، لاستثمارها في مختلف المجالات بكل إطمئنان، إعتماداً علي رعاية المسؤولين وأولياء الأمور في الشؤون القضائية لحقوقهم.


1. دهخدا، علي اكبر، لغت نامه دهخدا، انتشارات دانشگاه تهران، مادة : نظم ونظام.

2. احمدي واستاني، عبدالغني، نظم عمومي در حقوق خصوصي، انتشارات ابن سينا، 1373 هـ. ش.

3. yues derains، نظم عمومي وحقوق قابل اجراء، ترجمه محمد اشتري، مجله حقوقي دفتر خدمات بين المللي، العدد9 ، ص 167 ـ 172.

4. صدارت، علي، حقوق جزا وجرم شناسي، كانون معرفت، 1340 هـ.ش ، ص 7

5. هافندورن،هلكا، معماي أمنيت، نظرية پردازي وايجاد قواعد در زمينه امنيت بين المللي، ترجمه علي رضا طيب، مجله سياست خارجي، العدد 4 السنة السادسة.

6. أبو عامر، محمد زكي، قانون العقوبات، القسم العام، الدار الجامعية، بيروت، 1992.

7. القهوجي، علي عبدالقادر، قانون العقوبات، القسم العام، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 1996.

8. صانعي، پرويز، حقوق جزاي عمومي، انتشارات دانشگاه ملي، ط 3، ج 1، ص 175.

9. مشروح مذاكرات مجلس بررسي نهائي قانون اساس، از انتشارات روابط عمومي مجلس شوراي اسلامي، ج 1 و 2.

10. مهرپور، حسين، سرگذشت تعزيرات، مجله كانون وكلا، العددان 128 و 129.

11. صحيفة جمهوري اسلامي، العدد 5227، الأحد 8 تير 1376 هـ. ش ، ص 3.

12. شهري، غلامرضا وسروش ستوه، نظريات اداره حقوقي قوة قضائيه در زمينه مسائل كيفري ، روزنامه رسمي، 1373 هـ.ش، ج 1، ص 187 و 189

/ 1