نحو حياة سعيدة وناجحة - نحو حیاة سعیدة و ناجحة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

نحو حیاة سعیدة و ناجحة - نسخه متنی

اسماء عزاوی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید





نحو حياة سعيدة وناجحة

الاسلام رغب في الزواج لبناء الاسرة المسلمة بناءاً صحيحا قائما على رعاية الحقوق والواجبات وان نظرة الاسلام للزواج نظرة خاصة تقوم على رؤية فلسفية للكون والحياة.

فالاسلام دين اجتماعي وليس دين افراد ، حيث اعتبر ان نواة المجتمع، هي رجل وامرأة ، وهذه طبائع الاشياء ، لآن الله تعالى ً خلق الزوجين الذكر والانثى، وجعل التزاوج بين كل زوجين حتى على مستوى النبات والحيوان، وجعل الزواج بالنسبة للانسان امرا مميزا ، لآنه يحقق فلسفة وجود الامة التي تحمل الدين الخاتم.

والزواج بين الرجل والمرأة يبني كيانا معينا، يحمل عبء الدين الحنيف الذي استوعب كل الاديان، والاسرة هي النواة التي تحقق هذا الدين، حماية وانتشارا ووجودا واستمرارا، ولهذا كان اهتمام الاسلام بقيمة الزواج والرجل والمرأة، حيث ينظر الى الاعراض عن الزواج من جانب بعض الافراد على انه شكل من اشكال عدم السواء النفسي، لآنه تعطيل لرسالة الله التي خلق الانسان من اجلها.

والاسلام اعلى من علاقة الرجل بالمرأة، فبينما عبر عن العلاقة بينهما، استخدم تعبيرا لايقف الناس امامه كثيرا في معظم الاحيان هو كلمة «من» انفسكم في قوله تعالى: «ومن آياته ان خلق لكم من أنفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة».(الروم 21).

وعليه ينبغي أن يكون في وعي الرجل والمرأة عند التعامل في نطاق العلاقة الزوجية، مسألة «عدم الاستغناء» فلا يستطيع احدهما الاستغناء عن الأخر، حتى لو اتخذ قرارا بذلك، لانه سيضاد فطرته ويخالق دينه.

التنازل المتبادل

الامر الاخر في الحياة الزوجية ، قرره القرآن ايضا في قوله تعالى : «وعاشروهن بالمعروف» وقد سماها بعض العلماء «الاتفاق الصامت» ومعناها:

ان كل طرف في الحياة الزوجية يتنازل عن جزء من حقه لكي يلتقي في نقطة سواء، لآن الاصرار على الحقوق كاملة لن يحقق العشرة بالمعروف وانما التقدير المتبادل، ومراعاة كل طرف لظروف الطرف الأخر.

ولا غرو ان البعض يثير هنا قضية القوامة في الاسرةعلى انها ظلم وقهر للمرأة وسلطة تحكمية في يد الرجل يفعل بها مايشاء، وفي هذا مغالطة شديدة لمبدأ العشرة بالمعروف، فمسألة القوامة تعرضت لمغالطات عديدة، فالقوامة ليست سوى صلاحية من الصلاحيات، وفي الوقت نفسه لم يحرم الاسلام المرأة من وجودها، بل اوصى الرجل بها خيرا فقد قال تعالى : وعاشروهن بالمعروف فان كرهتموهن فعسى ان تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا» النساء 19.

وصلاحيات الادارة هنا يتضح معناها في انه ليس معنى القوامة ان الرجل افضل من المرأة، او ان المرأة اقل من الرجل، ولكن شاء الله ان يخلق الرجل رجلا ، والمرأة امرأة لكي يعمر الكون، وهذا الفهم الصحيح، يلزم الرجل بأن يفرق في معاملة زوجته بين التقاليد الموروثة والدين النقي، فمثلا اذا قالت المرأة رأيا وكان فيه الصواب، وتمتلك معه الحجج المقبولة، فعلى الرجل ان يتقبله فورا.

تحديد الهدف

كما ان الاسرة السعيدة لايقصد بها اسرة بدون مشكلات، لآنها في الحقيقة اسرة ليس لها وجود ... فالزوجان ليسا ملكين، وانما بشران لهما نوازع تتلاقى احيانا وتتضارب اخرى.

ولكننا نقصد بالاسرة السعيدة، تلك التي تملك فلسفة لحل المشاكل، وتتم هذه الفلسفة بتحديد المرجعية.. فعندما يعلن الزوجان في بدء حياتهما ان اختيار كل منهما للأخر كان وفق مقياس اسلامي، وان رسالتهما في الحياة تتفق ومنهج الله ، فلابد من ان تكون مرجعيتها عند حل المشاكل، تنسجم وما سبق ، أي تتفق والشرع الالهي.

والنقطة الثانية لتحقيق السعادة الزوجية، - بعد تحديد المرجعية - تحديد الهدف في الحياة الزوجية، فتحديده يجعل الازواج والزوجات يعلون فوق المشاكل، مما يخفف من غلوائها، فيحافظون على سعادة الاسرة، لآن الكل يعمل لآجل تحقيق هدف متفق عليه سلفا.

وهكذا فإن احد اسباب سعادة الاسرة أن يكون هدفها البعيد واضحا، وان تفكر ليل نهار في وسائل تحقيقه، وممكن الاختلاف لآن الخلاف في الاسلام امر واقع.

والنقطة الثالثة والاخيرة لتحقيق السعادة الزوجية، هي واقعية الاسرة بمعنى : قبول الخطأ ، فكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.

فعندما يطلب الرجل من زوجته تضحية، اذ تراها احيانا اجحافا، ولكن بدلا من ان يكون رد الفعل، العقاب واللوم الشديد، ينبغي ان يصبح التسامح والتغافر هما عنوان الاسرة.

التحلي بالحكمة

ان الحوار الحميمي المتدفق هو اصدق دلائل الوفاق بين اثنين جمعهما الله بكلمته تحت سقف واحد، اما تجميد الحوار، ووقوف الكلمات داخل الافواه وعدم تدفقها، فهو ابلغ دليل على ان في النفوس شيئا ، يعكس ، حالة من عدم الرضا عن بعض تصرفات وكلمات رفيق العمر.

وردود افعال الغضب بين الازواج تتفاوت وتختلف، ولكنها تشترك جميعا في انها تنفيس عن شحنة نفسية مكبوتة، وقد يورث رد الفعل مزيدا من التباعد والنفور، وربما كان سببا في كثير من التقارب والانسجام، والعبرة هنا بذكاء الزوجين وكياستهما ودرجة حرصهما على حسن المعاشرة.

وهناك ازواج يغضبون، فيحرمون اسرهم من قوامتهم المادية، ويتوقفون عن دفع مصروفات المنزل في ممارسة كريهة شبيهة للحصار الاقتصادي وسياسة التجويع، لاذلال الزوجة واجبارها على مايريده الزوج ، مهما كان متنافيا مع ابسط مبادىء الشرع والعلاقات الانسانية ومتعارضا مع مبادىء الحقوق الزوجية.

وهناك ازواج يغادرون البيت او يشوهون صورة نساءهم عند الاطفال، ليصبح الغضب الواحد، سيلا هادرا لايوقفه شيء.

اما النساء فلغضبهن قصة اخرى يغضبن فيغادرن بيوتهن ، وربما تركن الصغار ليتحمل الزوج مسؤوليتهم، فيشعر بقيمة المرأة التي حملت عنه هذا المعبء سنوات طويلة، واخريات يعتصمن في منازلهن ويتجاهلن الزوج، ويهملن جميع واجباتهن لتصل الرسالة واضحة جلية.

ان الغضب بين الزوجين، احساس مشروع وحالة مزاجية تعتريها لاسباب خاصة وعامة: ضغوط الحياة ، مسؤوليات العمل، القضايا المعلقة في الحياة الزوجية، تدخلات الأخرين، وحتى لوكان سبب الغضب بعيدا عن شريك الحياة.

ومن المهم ان يتم التعبير عن هذا الغضب والاهم الا يكون هذا التعبير وسيلة لتنغيص الحياة وتكديرها ولكن لتطهيرها من جميع اسباب الغضب اولا باول، كأن يدرك احد الزوجين ان الأخر غاضب منه لسبب ما، فان الموقف الذي ينسجم مع الاخلاق الكريمة حينئذ ان يبادر بتجنب ما اغضب شريكه، ولا يتمادى فيه استعراضا للقوة وتصعيدا للمشكلة.

على الزوج فقط حين يغضب من شريكه، ان يتحلى بحكمة الغضب ولا يمزق كل الخيوط ، دفعة واحدة.

فالحياة الزوجية التي تمزقت ورتقها الزوجان لاعتبارات اخرى غير الرغبة الاكيدة في الاستمرار معا، هي حياة تحمل داخلها اسباب فشلها وانهيارها، واذا كان الغضب مشروعا ، فالمحظور ان يصبح جامحا ، فيجرف في طريقه كل شيء ، ولايبقى سوى الاحساس بالحسرة والندم.

فكم من المصائب التي يمكن ان تورثها لحظة غضب، ولكن حين يعجز المرء عن تجنب تلك اللحظة، فالحد الادنى الا يجعلها اطول من ذلك ، والا ينفخ فيها بجهل وعناد لتصبح عمرا كاملا من الغضب.

تقارب في القيم والمبادىء

ان الزواج بناء اجتماعي، يقيم مبناه الزوجان، ولكي يكون هذا البناء مؤسسا لابد من ان يكون هناك تواؤم وتفاهم وحب متبادل ، ومن هنا نستطيع ان نتجنب اي تصدعات نفسية او أي اضطرابات غير محمودة العواقب.

والاهم في مسألة الزواج ان يكون هناك تقارب اجتماعي في القيم والمبادىء والمثل والمعتقدات ، وان يكون هناك قبول نفسي وانجذاب متبادل بعيدا عن أي ضغوط او مؤثرات خارجية، كذ لك لابد من ان يكون هناك تقارب في الذكاء والثقافة والنواحي البيئية والتربوية، كما ان الرجل بصفته «القوام» لابد من ان يكون قادرا ماديا على الانفاق.

وشخصية الزوجة لابد من ان تكون ناضجة، وغير انقيادية، معطاءة كثيرة البذل والتضحية .. غير انانية، حتى يمكن تقويم الامور بمقاديرها الصحيحة، كما يجب ان تكون شخصيتها ايضا متسامحة، فلا تتوقف عند تفاهات الامور، ولا يكون همها تصيد الاخطاء، واثارة النقد والشكوى والتعبير عن عدم الرضا والراحة.

كما يجب التحذير من زواج الاكراه، وهو الزواج الذي يفرضه الاهل على الفتاة، كان تكون صغيرة السن والمتقدم اليها كبير السن، لكنه ثري او ان الفتاة لا ترغبه وترغب في آخر، وهذا النوع من الزواج له عواقب وخيمة، فاذااستمر فقد تصاب الفتاة بالاكتئاب بسبب عدم سعادتها وسوء احوالها النفسية او قد تهرب، وهناك الزواج المرتب وهو زواج ناجح، اذ تتدخل الاسرة بالاقناع وتحدد المزايا والعيوب، هو زواج عقلاني فيه تقارب، يقوم كل طرف فيه بدراسة ظروف واحوال الطرف الاخر، ومدى ملاءمة هذه الزيجة، اما الزواج السريع فتغلب عليه الاستمالات العاطفية ولا يتحقق فيه التكافؤ وقد ينجح او يكون مصيره الفشل.

ابراز الصفات الحسنة

كثير من الزوجات يحسبن ان خير وسيلة لاسعاد الزوج هي ان يقمن بواجباتهن المنزلية على خير مايرام، فالزوج اذا كان سعيدا في مملكته الصغيرة فخورا بها، خرج كل صباح الى عمله وفي اعماقه استعدادا كاملا لمواجهة كافة العراقيل والتغلب عليها، فهو يفكر ويشعر بالارتياح والسعادة ويستصغر كل عناء ، مادام في النهاية سيعود الى بيته ليقضي فيه اجمل اوقاته، وليكن هذا الزوج عاملا او طبيبا او مدير اعمال ، لايهم فالزوج ايا كان مستواه اذا احس بالسعادة وحسن المعاملة، نجح في عمله وحقق بهذا النجاح امالا كبيرة.

كما ان الزوجة الذكية هي التي تدرك الصفات الحسنة في شخصية زوجها، وتعلم تماما مواضع النقص فيه، كيف تضيف على تصرفاته ومعاملاته وشخصيته العامة مايجعله كاملا في اعين الأخرين، فيعود على الزوج، هذا الاحساس ويعرف به حقيقة نفسه وسعادته، فيحب زوجته ويحمل لها في قلبه كل تقدير واحترام، فليس كل رجل مهما كان مثقفا ذكيا بقادر دائما على ان تكون شخصيته اجتماعية ناحجة ومحببة، وعلى الزوجة ان تطرق احد المواضيع التي يحمل زوجها فيه خبرة ودراية واسعة، وسيحس هو على الفور بنفسه وبقيمته ويشارك سعيدا في المناقشة حول موضوع يحس انه يهمه ويجيده، وبهذه الوسائل تتفتح الشخصية الاجتماعية للزوج وتملآ السعادة حياته وحياة اسرته.

والناس لايحبذون طبعا ان يذكر الانسان امامهم امجاده ويمتدح نفسه، ولكنهم يجدونه شيئا طبيعيا ان تمتدح الزوجة زوجها، بل انهم يفهمون من هذا انها اسرة ناجحة وسعيدة، وعليها الا تذكر ضعف شخصية زوجها بل تساعده على التخلص منها.

سيادة الروح الاسلامية

ولابد من الاشارة الى ان الامراض النفسية بين غير المتزوجين اكثر منها بين المتزوجين، ان الله تعالى جعل الزواج سكنا وراحة نفسية، اما عدم الزواج فقد يسبب الانطواء والانعزال عن المجتمع وعدم القدرة على انشاء علاقات اجتماعية، وبالنسبة للمرأة - لو كانت تعاني من حالة الاضطراب - فان الزواج قد يوقعها في المرض النفسي ، لآن عليها اعباء كثيرة من انجاب وتربية الابناء والمسؤوليات الكثيرة، ومن هنا فالزواج بالنسبة لها يكون ضغطا نفسيا.

وهناك علاقات مرضية بين الزوجين كأن يكون الزوج نرجسيا، كل تفكيره متقوقع حول ذاته ، لايشعر بمشاعر زوجته، او احتياجاتها اورغباتها واحاسيسها، وهناك حالة اللامبالاة وعدم القدرة على التوافق والعطاء بسبب مرض الزوجة، او مرض الزوج، او المرض النفسي لآحدهما او العضوي.

ان الزواج يكون سعيدا ومستقرا وخاليا من اي اضطرابات نفسية اذا سادت روح الاسلام في جنبات الاسرة، واصبحت تعاليمه المرجعية العليا في كل شآن من شؤونها، وبغير سيادة هذه الروح فان قابلية الاسرة للاصابة بالمتاعب النفسية والعضوية تكون واردة بشكل كبير.

المعاملة اللينة وارهاف الحس

تود كل امرأة ان يقدم لها زوجها الحب الخالص الصادق وان يركز عليها اهتمامه وانتباهه ويسعى الى تحقيق احلامها قدر المستطاع دون تقصير او اهمال لطالما توفرت كل الظروف والسبل لتحقيقها.

والمرأة تفضل الرجل المرهف الحس المفعم بالشفافية، فالزوجة ليست آلة بل هي انسانة جديرة بالعطف والحنان والاهتمام بالامها واحزانها وافراحها ومشاكلها وان هذا الادراك والتفهم من جانب الرجل يزيل اي حاجز او فاصل قد ينشأ بينهما.

وبما ان المرأة تحتاج للمساندة والمعاونة فيجب ان يكون الزوج متفهما لارادتها ومشجعا لطموحاتها ومؤمنا بحقوقها الاجتماعية والشخصية.

فلا يكن الزوج العائق الاساسي الذي يحول دون الحصول على حقوقها فهي كائن متميز ومعطاء ولا يمكن له الاستغناء عنها فالا ينبغي ان يعاملها معاملة جافة وقاسية بل بالرفق واللين لقوله تعالى:

«وعاشروهن بالمعروف.»

/ 1