بيان ذلك وهو: أنّ الاستنكاف عن الاِنفاق مما رزق الله هو كفرٌ وظلمٌ، فإذا
ما أُعيد آخر الآية إلى صدرها يتضّح أنّ المقصود اعتبار الذين لا ينفقون
مما رزقهم الله في سبيله من الكافرين، ولا ريب أنّ الكافرين لاتنالهم
الشفاعة يوم الدين.
فالمنفي بحكم السياق استحقاق قسم خاص من النّاس، للسّبب
المذكور، إذن، لا دلالة في الآية على نفي الشفاعة بنحو الاطلاق.
2 ـ اتباع الشيطان
قوله تعالى: (يَقُولُ الَّذينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِنَا بِالحَقِّ فَهَلْ
لنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أو نُرَدُّ فَنَعمَلَ غَيْرَ الَّذي كُنّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أنْفُسَهُم
وَضَلَّ عَنْهُم ما كانُوا يَفْتَرُونَ) (1).
وقوله تعالى: (فَكُبْكِبُوا فِيَها هُمْ وَالغَاوُن * وَجُنُودُ إبلِيسَ أجمعُونَ *
قَالُوا وَهُم فِيهَا يَخْتَصِمُون * تَاللهِ إن كُنْا لَفِي ضَلالٍ مُبِين * إذ نُسَوّيكُم بِرَبِّ
العَالَمِينَ * وَمَا أضَلّنا إلاّ الُمجرِمُونَ * فَمَالَنَا مِنْ شَافِعِينَ * وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ) (2).
ويتبين من خلال الآيتين الشريفتين المارتين أنَّ الذين نسوا الدين،
واتبعوا الشيطان وأهل الغواية محرومون من الشفاعة.
3 ـ المكذِّبون بيوم القيامة
ولاحظ قوله تعالى عن الذين كذّبوا بيوم الدين وأنكروا القيامة
(1) الاَعراف 7: 53.
(2) الشعراء 26: 94 ـ 101.