فقد رفض المعتزلة الشفاعة وناقشوا فيها.. حيثُ يقول أحد أعلامهم وهو
أبو الحسن الخياط وهو يفسر قوله تعالى: (أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ العَذَابِ
أفأنْتَ تُنْقِذُ مَنْ في النَّارِ...) (1): «اِنّ الاَية تنص على أنّ من استحق العذاب
لا يمكن للرسول أن ينقذه من جهنم..» وفي ردّ ذلك يقول الشيخ
المفيد رضي الله عنه: «إنّ القائلين بالشفاعة لا يدّعون بأنّ الرسول هو المنقذ
للمستحقين النار وإنّما الذي يدّعونه إنّ الله سبحانه ينقذهم منها إكراماً
لنبيّه والطيبين من أهل بيته عليهم السلام.
هذا من جهة، ومن جهة اُخرى، فإنّ المفسرين يذهبون إلى أنّ الذين
حقت عليهم كلمة العذاب هم الكفار، وإنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يشفع لهم»(2)
ومن هنا يكون هذا الاِحتجاج بالآية الشريفة الآنفة على نفي الشفاعة
احتجاجاً غير صحيح.
ثانياً: إشكالات وردود
مع وضوح الشفاعة كمفهوم ثابت في القرآن الكريم، فإنّ تطوّر
المسائل الكلامية عند المسلمين أدّت إلى أن يثور الجدل حول هذا
المفهوم من جوانب متعددة، ومن ثم إيراد الاِشكالات عليه، وهي
إشكالات تنبع عادة من خلال الثوابت التي يؤمن بها كل فريق من الفرق
الاِسلامية التي ناقشت هذا المفهوم.
ونورد أهم الاِشكالات التي أُثيرت هنا ثم نناقشها ونبيّن بطلانها
(1) الزمر 39: 19.
(2) الشيعة بين الاشاعرة والمعتزلة، لهاشم معروف الحسني: 212 ـ 213 نقلاً عن الفصول
المختارة: 50.