وهو إشكالية التعارض بين أن يكون رفع العقاب (عدلاً) فالعقوبة الناتجة عن الذنب (ظلمٌ) لا يجوز على الله سبحانه وتعالى، وبين أن يكون رفعه (العقاب) ظلماً ـ بعد أن تقدّم الوعيد به في الحياة الدنيا ـ فإنّ طلب الاَنبياء أو الشفعاء بشكل عام، يُعّدُ طلباً للظُلم، وهم أبعد وأسمى من ذلك.
قد ذكرنا أنّ الذنب من المؤمن ليس علةً تامةً لوقوع العقاب عليه، وإنّما هو مقتضٍ للعقاب، فإن حصل هناك ما يمنع من وقوعه من الموانع التي قررّها المولى نفسه كالتوبة والشفاعة ارتفع العقاب، وإلاّ أثّر الذنب أثره.
وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله: «إذا قمتُ المقام المحمود تشفّعتُ في أصحاب الكبائر من أُمتي فيشفّعني الله فيهم، والله لا تشفعّت فيمن آذى ذريتي»(1).
وعلى هذا، فإنّ عقاب الله سبحانه للعبد المؤمن المذنب عين العدل، كما أنّ إعطاء الثواب للعبد المؤمن المطيع عين العدل، فلولا استحقاق العاصي للعقاب لم يبق فرق بينه وبين المطيع، إلاّ أنّ هذا الاستحقاق قد لا يصل إلى مرحلة الفعلية لتحقق مانع عنها كالشفاعة والتوبة.
وبهذا اتضح عدم التنافي بين قانون العدل الاِلهي، وقانون الشفاعة.