وقد تقدّم في هذا البحث أنَّ أبا بكر جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد وفاته وكشف عن وجهه وسلّم عليه وطلب منه الدعاء له عند الله، كما ورد نفس الاَمر عن الاِمام علي عليه السلام. وطلبه ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أنا مدينة العلم وعلي بابها» (1) يدل بما لا مزيد عليه على صحة الطلب من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى بعد وفاته.
وإذا دققنا في الآية القرآنية الشريفة: (وَلا تَحسَبنَّ الَّذينَ قُتِلُوا في سَبيلِ اللهِ أمَواتاً بَل أحياءٌ عِندَ رَبّهمِ يُرزقُونَ..) (2) والآية الشريفة: (وَلا تقُولُوا لمِن يُقتَلُ في سَبيلِ اللهِ أمواتٌ بَلْ أحيَاءٌ وَلَكن لا تَشعُرُونَ...) (3) نجد أنهما واضحتان في الدلالة على الحياة بعد مفارقة الدنيا، ولكن الاِنسان بطبيعته المادية لا يدرك هذه الحياة ولا يلمسها ولا يعرف حقيقتها إلاّ بعد الموت. ويقول العلاّمة الطباطبائي في تفسيره لآية (ولا تَقُولُوا لِمن يُقتل..): فالآية تدلُ دلالة واضحة على حياة الانسان البرزخية، كالآية النظيرة لها وهي قوله تعالى: (وَلا تَحسبنَّ الَّذِينَ قُتِلوا في سَبيلِ اللهِ أمواتاً بَلْ أحيَاءٌ عِندَ رَبْهِم يُرزقُونَ..) (4).
أما الموتى من المؤمنين من غير الشهداء فإنَّهم كما عبّرت روايات
(1) فتح الملك العلي في اثبات صحة حديث باب مدينة العلم علي، للسيد أحمد بن الصديق الغماري الشافعي ـ طبعة حديثة 1995 م.
(2) آل عمران 3: 169.
(3) البقرة 2: 154.
(4) الميزان في تفسير القرآن، للطباطبائي 1: 347 ـ 348.