آيات المستنبط الطبوع، غير حائدين(1) عنرواية الصدق المبين، وغير مائلين عن رعايةالحق اليقين، فيستضئ المتعرف بأنوارمصنفاتهم ويرتدي المتحرف بأسرار بيناتهم،فأحببت أن أضع في ذلك كتابا متوسطا بينالخفيف والثقيل، وأجمع من كتب الفريقين مايغني عن التطويل، وإن كان فيما وضعواكفاية فهذا زيادة في الحسنى، وفيما صنعواهداية فهو تأكيد للمعنى. وكيف لا تصرفالعناية إلى قوم هم الأحبار الأشموالأبحار الأخضم أحد السببين اللذين مناعتلق بهما فاز قداحه، وثاني الثقليناللذين من تعلق بهما أسفر من جميل السرى(2)صباحه، ولايتهم نجاة في الأولى والعقبى،مودتهم واجبة (قل لا أسألكم عليه أجر إلاالمودة في القربى) فما من شرف تمتد إليهالأبصار، ولا من طرف يرتفع لديه اقتباسالأقدار، ولا باب تعظم فيه الأخطار،ولألباب تقحم به الآثار إلا وقد جازتهقادات الأطهار، وحازته سادات الأبرار، معسعي المعاندين في إطفاء نورهم ويأبى اللهإلا أن يتم نوره، وبغي الجاحدين تطريدهموتشتيت قبورهم ويريد الله أن يظهر حجتهومزبوره، فهل قدم عليهم إلا من سمل(3) عينالإيمان، وهل تقدمهم إلا من شمل قلبه علىالطغيان، وقد ضاءت مدائحهم ومتائحهم فيكتاب رب العالمين، وجاءت لأعدائهمقبائحهم وفضائحهم ظاهرة للناظرين، فوضعتهذا الكتاب وسميته:
الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم
مهديا إليه كل ذي عقل سليم. مسلكا فيه كلذي طبع قويم. وسأجمع فيه إن شاء الله منالأدلة العقلية والنقلية وأضع فيه منالبراهين القطعية الجلية والآيات التي لاتحتمل شيئا من التأويل، والرواياتالمغنية عن الفحص والتطويل، والأشعارالمنشئة من كل
1 - حاد عنه - من باب نصر -: مال واعرض.
- السير بالليل.
3 - سمل عينه - من باب نصر - قلعها.