فصلاته صحيحة عند نفسه، مع ان الظاهر انالأمر ليس كذلك لأن المأموم يعتقد بطلانالصلاة بتركهما لوجوبهما عنده و ينسبالإمام إلى الغلط في اجتهاده و يحكم بخطئهو بذلك يظهر قوة القول المشهور. الا انهيمكن تطرق الإشكال إلى أصل ما بنى عليه هذاالكلام من القاعدة المشهورة بينهم و هو انالحكم بالصحة و البطلان دائر مدار مطابقةالواقع و عدمها بما قدمنا تحقيقه في كتابالطهارة من ان الحكم بالطهارة و النجاسة والحل و الحرمة و الصحة و البطلان ليستمنوطة بالواقع و نفس الأمر، فإن الشارع لمينط الأحكام بالواقع و نفس الأمر لأنهتكليف بما لا يطاق إذ لا يعلمه سواه سبحانهو انما جعلها منوطة بنظر المكلف و علمه، وعلى هذا فالظاهر ما علم المكلف بطهارتهالتي هي عبارة عن عدم العلم بالنجاسة لاالعلم بالعدم و مثله الحلية و نحوهما. وكذا لو صلى في ثوب نجس أو صلى الى غيرالقبلة واقعا أو نحو ذلك من شرائط الصلاةمع كون الصلاة في اعتقاده مستكملة لشرائطالصحة فإنها صحيحة يثاب عليها كما يثابعلى الصلاة المستكملة الشروط و لا يقالانها صحيحة بحسب الظاهر باطلة بحسب الواقعكما يدعونه لانه لا واقع لها هنا إلاباعتبار علم المكلف و عدمه لا باعتبار ماكان في علم الله تعالى فانا غير مكلفين بهو هو غير متيسر لنا فكيف يجعل الله سبحانهصحة عباداتنا و بطلانها مرتبا عليه؟ و على هذا فينبغي ان يقال ان بطلان صلاةالجماعة في هذه الصورة ليس من حيث ما ذكرهمن ان المأموم ان كان محقا في الجهة. إلىآخر ما ذكره مما أوضحنا بيانه و بينا انهمبني على تلك القاعدة المشهورة في كلامهمفإنها غير مسلمة لما عرفت، بل من حيث انكلا منهما مكلف شرعا بما ادى اليه اجتهادهفاقتداء المأموم في هذه الصورة عمل بغيرما كلف به شرعا لا من حيث بطلان صلاةأحدهما واقعا. و التحقيق في هذا المقام ان يفرق بينالأحكام الشرعية و موضوعاتها فيقال بانحكم الله تعالى في الأحكام الشرعية منوجوب و تحريم و نحوهما حكم واحد لا يتغير ولا يتبدل يصيبه من يصيبه و يخطئه من يخطئهو ان الصحة و البطلان و الثواب و العقابمنوطة