و متى تحققت الاستطاعة بذلك كان الحجواجبا مطلقا، لأن كونه واجبا مشروطا إنماهو بالنسبة إلى الاستطاعة، فمتى لم تتحققالاستطاعة لم يجب تحصيلها، لان شرط الواجبالمشروط لا يجب تحصيله، و متى تحققتالاستطاعة صار الوجوب مطلقا فيجب تحصيل مايتوقف عليه من المقدمات، و منها في ما نحنفيه قبول ذلك لان ما لا يتم الواجب إلا بهفهو واجب. و هذا بحمد الله واضح لا سترةعليه.
الثاني [هل يفرق بين البذل و التمليك فيوجوب القبول؟]
- الظاهر انه لا فرق بين بذل الزاد والراحلة و بين هبتهما في حصول الاستطاعة،لإطلاق النصوص المتقدمة. و ظاهر كلام جملةمن الأصحاب- بل الظاهر انه المشهور بينالمتأخرين- و هو الفرق، معللين عدم وجوبقبول الهبة بأن فيه تحصيلا لشرط الوجوب وهو غير لازم، و لاشتماله على المنة. و قدعرفت آنفا ما في التعليلين من الوهن والقصور، و لهذا ان الشهيد في الدروس- بعدان ذكر انه لا يجب قبول هبتهما جريا على ماهو المشهور بينهم- تنظر في الفرق بين الهبةو البذل، و وجه النظر ظاهر بما قدمناه.
قال شيخنا الشهيد الثاني في المسالك بعدقول المصنف-: و لو وهب له مال لم يجب قبوله-ما لفظه: لان قبول الهبة نوع من الاكتساب وهو غير واجب للحج، لان وجوبه مشروطبالاستطاعة، فلا يجب تحصيل شرطه بخلافالواجب المطلق. و من هنا ظهر الفرق بينالبذل و الهبة، فإن البذل يكفي فيه نفسالإيقاع في حصول القدرة و التمكن فيجببمجرده. انتهى.
أقول: لا يخفى ان قولهم (عليهم السلام) - فيما تقدم من الاخبار:
«من عرض عليه الحج أو من عرض عليه ما يحجبه فهو مستطيع»- صادق على من وهب له مال،فإنه متى قال له: «وهبتك هذا المال للحج»فقد صدق عليه