و اتباعه و قوله «يَتْلُوا عَلَيْكُمْآياتِنا» أراد بها القرآن «وَيُزَكِّيكُمْ» و يعرضكم لما تكونون بهأزكياء من الأمر بطاعة الله و اتباعمرضاته و يحتمل أن يكون معناه ينسبكم إلىأنكم أزكياء بشهادته لكم بذلك ليعرفكمالناس به «وَ يُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ» الكتاب القرآن و الحكمة هيالقرآن أيضا جمع بين الصفتين لاختلاففائدتهما كما يقال الله العالم بالأموركلها القادر عليها و قيل أراد بالكتابالقرآن و بالحكمة الوحي من السنة و ما لايعلم إلا من جهته من الأحكام و قوله «وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُواتَعْلَمُونَ» أي ما لا سبيل لكم إلى عملهإلا من جهة السمع فذكرهم الله بالنعمة فيهو يكون التعليم لما عليه دليل من جهة العقلتابعا للنعمة فيه و لا سيما إذا وقع موقعاللطف.
سورة البقرة (2): آية 152
فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَ لا تَكْفُرُونِ (152)
اللغة
الذكر حضور المعنى للنفس و قد يكون بالقلبو قد يكون بالقول و كلاهما يحضر به المعنىللنفس و في أكثر الاستعمال يقال الذكر بعدالنسيان و ليس ذلك بموجب أن لا يكون إلابعد نسيان لأن كل من حضره المعنى بالقول أوالعقد أو الخطور بالبال ذاكر له و أصلهالتنبيه على الشيء فمن ذكرته شيئا فقدنبهته عليه و إذا ذكر بنفسه فقد تنبه عليهو الذكر الشرف و النباهة و الفرق بين الذكرو الخاطر أن الخاطر ما يمر بالقلب و الذكرقد يكون القول أيضا و في قوله «وَاشْكُرُوا لِي» محذوف أي اشكروا لي نعمتيلأن حقيقة الشكر الاعتراف بالنعمة و فيقوله «وَ لا تَكْفُرُونِ» أيضا محذوف لأنالكفر هو ستر النعمة و جحدها لا ستر المنعمو قولهم حمدت زيدا و ذممته لا حذف فيه و إنكنت إنما تحمد أو تذم من أجل الفعل كما أنهليس في قولك زيد متحرك حذف و إن كان إنماتحرك لأجل الحركة فليس كل كلام دل على معنىغير مذكور يكون فيه حذف أ لا ترى أن قولكزيد ضارب دل على مضرب و ليس بمحذوف فالحمدللشيء دلالة على أنه محسن و الذم للشيءدلالة على أنه مسيء كقولهم نعم الرجل زيدو بئس الرجل عمرو و قالوا شكرتك و شكرت لك وإنما قيل شكرتك لإيقاع اسم المنعم موقعالنعمة فعدي الفعل بغير واسطة و الأجودشكرت لك النعمة لأنه الأصل في الكلام قالالشاعر:
هم جمعوا بؤسي و نعمى عليكم
فهلا شكرتالقوم إذ لم تقابل
فهلا شكرتالقوم إذ لم تقابل
فهلا شكرتالقوم إذ لم تقابل