إن حرف شرط و لم حرف يدخل على الفعلالمضارع فينفيه و يجعله بمعنى الماضي ويعمل فيه الجزم و تفعلوا فعل و فاعل و هومجزوم بلم و علامة الجزم فيه سقوط النون و«لَمْ تَفْعَلُوا» في موضع جزم أيضا بأن ولن حرف يدخل على الفعل المضارع فيخصهبالاستقبال و ينفيه و يعمل فيه النصب وعلامة النصب في تفعلوا سقوط النون أيضا وقال سيبويه في لن زعم الخليل أنها لا أن ولكنهم حذفوا لكثرته في كلامهم كما قالواويلمه و جعلت بمنزلة حرف واحد كما جعلواهلا بمنزلة حرف واحد و إنما هي هل و لا قالو هذا ليس بجيد لأنه لو كان كذلك لم يجززيدا لن أضرب و أقول أن معنى هذا القول هوأنه لو كان أصل لن لا أن و ما بعد أن يكونصلة لها و لا يجوز تقديم معمول ما في الصلةعلى الموصول فكان يجب أن لا يجوز تقديمزيدا في قولك لن أضرب زيدا على لن كما لميجز تقديمه على أن فلا تقول زيدا أن أضرب وزيدا لا أن أضرب و لا خلاف بين النحويين فيجواز التقديم هناك و قوله «وَ لَنْتَفْعَلُوا» لا موضع له من الإعراب لأنهاعتراض وقع بين الشرط و الجزاء كما يقع بينالمبتدأ و الخبر في قولك زيد فافهم ما أقوللك عالم و الاعتراض غير واقع موقع المفردفيكون له موضع إعراب.
المعنى
«فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا» أي فإن لمتأتوا بسورة من مثله و قد تظاهرتم أنتم وشركاؤكم عليه و أعوانكم و تبين لكم عجزكم وعجز جميع الخلق عنه و علمتم أنه من عنديفلا تقيموا على التكذيب به و معنى «وَ لَنْتَفْعَلُوا» أي و لن تأتوا بسورة مثلهأبدا لأن لن تنفي على التأبيد في المستقبلو فيه دلالة على صحة نبوة نبينا محمد (ص)لأنه يتضمن الإخبار عن حالهم في مستقبلالأوقات بأنهم لا يأتون بمثله فوافقالمخبر عنه الخبر و قوله: «فَاتَّقُواالنَّارَ» أي فاحذروا أن تصلوا الناربتكذيبكم و إنما جاز أن يكون قوله«فَاتَّقُوا النَّارَ» جواب الشرط معلزوم اتقاء النار كيف تصرفت الحال لأنه لايلزمهم الاتقاء إلا بعد التصديق بالنبوة ولا يصح العلم بالنبوة إلا بعد قيامالمعجزة فكأنه قال: «فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ لَنْتَفْعَلُوا» فقد قامت الحجة و وجب اتقاء«النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا» أي حطبها«النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ» و هي جمع حجر وقيل أنها حجارة الكبريت لأنها أحر شيءإذا أحميت عن ابن مسعود و ابن عباس والظاهر أن الناس و الحجارة وقود النار أيحطبها يريد بها أصنامهم المنحوتة منالحجارة كقوله تعالى: «إِنَّكُمْ وَ ماتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ