(5) قاعدة في وجوه الفرق بين كلام اللّه وكتابه
الفرق بين كلامه تعالى و كتابه كالفرق بينالبسيط و المركب كما مر. و قد قيل: إنالكلام من عالم الأمر و الكتاب من عالمالخلق و إن الكلام إذا تشخص صار كتابا كماأن الأمر إذا تشخص صار فعلا كما قال«اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍوَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّيَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ» وقوله:«إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاًأَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ».
فالفرق بين الكلام و الكتاب بوجه كالفرقبين الأمر و الفعل فالفعل زماني متجدد كماستعلم و الأمر بريء عن التغير و التجدد والكلام غير قابل للنسخ و التبديل بخلافالكتاب: «يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ».
فصحيفة وجود العالم الفعلي الخلقي هيكتاب اللّه عز و جل و آياته أعيانالموجودات «إِنَّ فِي اخْتِلافِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ... لَآياتٍلِقَوْمٍ يَتَّقُونَ».
و أما كلمات اللّه التامات فهي الهوياتالعقلية النورية التي وجودها عين الشعور والإشعار و العلم و الإعلام و كما أن كتاباللّه مشتمل على الآيات «تِلْكَ آياتُالْكِتابِ الْمُبِينِ» فكلام اللّه مشتملعلى الآيات «تِلْكَ آياتُ اللَّهِنَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ».
و اعلم أن الأمر منه تكويني و منه تشريعي والأمر التكويني موجب للطاعة و القبولكإطاعة الملك و الملكوت بخلاف الأمرالتشريعي لأنه أمر بالواسطة فتطرق إليهالإباء و العصيان و الطاعة و الإتيان«فمنهم من أطاع و منهم من عصى».
و اعلم أن النازل على أكثر الأنبياء عليهمالسلام من اللّه هو الكتاب دون كلام اللّه.و هذا القرآن الذي أنزل على محمد صلّى اللهعليه وآله كلام اللّه و كتابه جميعاباعتبارين و أما سائر الكتب السماويةالمنزلة على سائر