اعلم أن من الناس من يرى أمور القيامة وأحوالها بعين البصيرة و يحضر عنده شهودالآخرة فلا فرق في شهوده بين أن يكون قبلقيام الساعة أو بعده كما قال أميرالمؤمنين عليه السلام لو كشف الغطاء ماازددت يقينا فلا يحتاج مثله في الوصول إلىعالم اليقين و بروز الحقائق له إلى البعثلزوال الحجب عن عين بصيرته كما في قوله:فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَالْيَوْمَ حَدِيدٌ و ذلك لا يمكن إلابتبدل نشأتهم الدنيوية إلى نشأتهمالأخروية و إذا تبدلت نشأتهم تبدلتأسماعهم و أبصارهم و حواسهم إلى أسماع وأبصار و حواس أخروية تدرك بها أمور الآخرةو إلى هذا التبديل أشار تعالى بقوله:يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَالْأَرْضِ وَ السَّماواتُ وَ بَرَزُوالِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ و بقوله:نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَوَ ما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ عَلى أَنْنُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَ نُنْشِئَكُمْفِي ما لا تَعْلَمُونَ و بقوله: فَلاأُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ إِنَّا لَقادِرُونَ عَلىأَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ وَ مانَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ و بهذا التبديل فيالوجود سواء وقع قبل الموت أو بالموت أوبعده يستحق الإنسان لدخول الجنة و دارالسلام و يتحقق الفرق بين أهل الجنة و أهلالنار فأهل الجنة لهم أبدان مطهرة و صورمجردة عن رجس هذه المواد بخلاف أهل الجحيملعدم تبدل نشأتهم كما قال تعالى: أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْيُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ كَلَّا إِنَّاخَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ قالالمفسرون المعنى أنكم مخلوقون من نطفةقذرة لا يناسب المكون من هذه المادة عالمالقدس و الطهارة و قوله: فَلا أُقْسِمُبِرَبِّ الْمَشارِقِ وَ الْمَغارِبِ عقيبقوله: أَ يَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْأَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ كَلَّاإِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَيجري جواب عن سؤال مقدر كأنه قيل: إذا كانالمخلوق من ماء مهين لا يستأهل جوار ربالعالمين إذ ما للتراب و رب الأرباب فكيفيدخل المؤمنون جنة النعيم فقيل نبدلهمبنشأة خير من هذه النشأة فيحصل لهم بماأهلية الدخول في دار القدس كما قال سبحانه:إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَعَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ