المشهد الثالث في دوام إلهيته و جوده ورحمته و كيفية صنعه و إبداعه و فيه قواعد
(1) قاعدة
اعلم أن جماعة من المتكايسين الخائضينفيما لا يغنيهم زعموا أن إله العالم كان فيأزل الآزال ممسكا عن جوده و إنعامه واقفاعن فيضه و إحسانه ثم سنح له في أن يفعل فشرعفي الفعل و التكوين و التقويم فخلق هذاالخلق العظيم الذي بعضه مكشوف بالحس والعيان و بعضه معلوم بالقياس و البرهان.و هذا الرأي من سخيف الآراء و من قبيحالأهواء فإن صفات الحق تعالى عين ذاته وكمالاته الفعلية التي هي مبادي أفعالهكالقدرة و العلم و الإرادة و الرحمة والجود كلها غير زائدة على ذاته تعالى و كذاالغاية في فيضه و جوده و الداعي له على ذلكليس إلا نفس علمه بالنظام الأكمل الذي هوعين ذاته فإن ذاته هو النظام المعقولالواجبي الذي يتبعه النظام الموجودالممكني لا كاتباع الضوء للمضيء و اتباعالسخونة للجوهر الحار. و الذي دعاهم إلىهذا الظن القبيح المستنكر ما توهموا أنحدوث العالم حسبما اتفق عليه أهل الشرائعالحقة من اليهود و النصارى و المسلمينتبعا لإجماع الأنبياء عليهم السلاميستدعي ذلك و لا يستصح إلا بنسبة الإمساكعن الجود و تعطيل الفيض إلى اللّه المعبود.و قدا وضحنا السبيل و أقمنا الدليل كماستقف إن شاء اللّه تعالى حسبما فصلنا فيكتبنا و رسائلنا على أن العالم بكله و جزئهحادث زماني و ذلك