بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
الصلاحيات ما لم يعطوا غيرها من ولاتهم،فسارت في الشام سيرتها عشرين عاماً لايتناهون عن منكر فعلوه ولا ينهون. وقد كان الخليفة الثاني عظيم المراقبةلبعض عمّاله دقيق المحاسبة لهم دون بعض،لا يأخذه في ذلك مانع من الموانع أصلاً،تَعْتَعَ بخالد بن الوليد عامله على«قنسرين» إذ بلغه أنّه أعطى الأشعث عشرةآلاف، فأمر به فعقله «بلال الحبشي»بعمامته، وأوقفه بين يديه على رِجل واحدةمكشوف الرأس على رؤوس الأشهاد من رجالالدولة ووجوه الشعب في المسجد الجامعبحمص، يسأله عن العشرة آلاف أهي من ماله أممن مال الاُ مّة؟ فإن كانت من ماله فهوالإسراف والله لا يحبّ المسرفين، وإن كانتمن مال الاُ مّة فهي الخيانة والله لا يحبالخائنين، ثم عزله فلم يولّه بعد حتى مات. وكم لعمر مع بعض عمّاله من أمثال ما فعلهبخالد وأبي هريرة يعرفها المتتبّعون! لكنّمعاوية كان أثيره وخلّصه، على ما كان منالتناقض في سيرتيهما، ما كفّ يده عن شيءولا ناقشه الحساب في شيء، وربّما قال له:«لا آمرك ولا أنهاك»، يفوّض له العملبرأيه، فشدّة مراقبة الخليفة الثانيودقّة محاسبته كانت من نصيب بعض عمّاله،ولم تشمل الجميع على حدّ سواء، إذ أنّمعاوية ـ وهو عامله على الشام ـ كان طليقاليدين يفعل ما تشاء أهواؤه وما تبغيهشهواته. وهذا ما أطغى معاوية، وأرهف عزمه علىتنفيذ خططه «الاُموية» وقد وقف الحسنوالحسين من دهائه ومكره إزاء خطر فظيع،يهدّد الإسلام باسم الإسلام، ويطغى علىنور الحقّ باسم الحقّ، فكانا في دفع هذاالخطر أمام أمرين لا ثالث لهما: إمّاالمقاومة وإمّا المسالمة، وقد رأيا أنّالمقاومة في دور الحسن تؤدي لا محالة إلىفناء هذا الصفّ المدافع عن الدين وأهله،