وقال الزمخشري: وفيه دليل ـ لا شيء أقوىمنه ـ على فضل أصحاب الكساء(1).
ويمكننا استخلاص جملة من الاُمور من يومالمباهلة أهمها:
أوّلاً: الاُنموذج الحيّ:
إنّ إخراج الحسنين (عليهما السلام) فيقضية المباهلة لم يكن أمراً عادياً،وإنّما كان مرتبطاً بمعاني ومداليلخطيرة، أهمها: أنّ النبي(صلّى الله عليهوآله وسلّم) حينما يكون على استعدادللتضحية بنفسه وبهؤلاء الذين يعتبرهمالقمّة في النضج الرسالي، بالإضافة الىأنّهم أقرب الناس اليه فإنّه لا يمكن أنيكون كاذباً ـ والعياذ بالله ـ في دعواه،كما لاحظه وأقرّه رؤساء النصارى الذينجاءوا ليباهلوه، وكذلك يدل على تفانيه فيرسالته الإلهيّة وعلى ثقته بما يدعو اليه. ثانياً: في خدمة الرسالة:
إنّ اعتبار الإمام الحسن وأخيه الحسين(عليهما السلام) في صباهما المثل الأعلىوالاُنموذج المجسّد للإسلام وعي عقائديسليم فرضته الأدلة والبراهين التي تؤكّدبشكل قاطع على أن الأئمة الأطهار(عليهمالسلام) كانوا في حال طفولتهم في المستوىالرفيع الذي يؤهّلهم لتحمّل الأمانةالإلهية وقيادة الاُ مّة قيادة حكيمةوواعية، كما سَجَّل التاريخ ذلك بالنسبةلكل من الإمامين الجواد(عليه السلام)والمهدي «عجّل الله تعالى فرجه الشريف»حيث شاءت الإرادة الإلهية أن يتحمّلامسؤولياتهما القيادية في السنين الاُولىمن حياتهما، وهذا ليس بالغريب على منأرادهم الله حملة لدينه ورعاة لبريته،فهذا عيسى بن مريم يتحدّث عنه القرآنالكريم بقوله: (فأشارت إليه قالوا كيفنكلّم من كان في المهد صبيّاً *(1) الكشاف: 1 / 370، وراجع الصواعق المحرقة:ص153 عنه، وراجع الإرشاد للمفيد: ص99، وتفسيرالميزان: 3 / 238.