و لم يعرفوا أن ذلك من جملة الاضطرابالشنيع و الاختلاط البديع. و من طريفأمورهم
أنهم رووا في صحاحهم أن نبيهم قال ما أظلتالخضراء و لا أقلت الغبراء على ذي لهجةأصدق من أبي ذر
و لم يرووا مثل ذلك لأحد من الصحابة و معذلك فلم يسموه صديقا و سمعت في كتابهم وصفجماعة بالصديقين فقال أُولئِكَ هُمُالصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَرَبِّهِمْ و لم يسموا كل واحد من أولئكصديقا.
و رووا فيما تقدم من هذا الكتاب من أحمد بنحنبل و كتاب ابن شيرويه و كتاب ابنالمغازلي عن نبيهم أن الصديقين ثلاثة حبيبالنجار مؤمن آل يس و خربيل مؤمن آل فرعون وعلي بن أبي طالب (ع) و هو أفضلهم
و ما تراهم خصصوا هؤلاء الثلاثة و أطلقواعليهم أو على أحد منهم لفظ الصديق و العجبأن يكون علي بن أبي طالب (ع) أفضل الصديقينو لا يسمونه صديقا و مع أنه كان أول من صدقنبيهم و آمن به كما تقدم في رواياتهم و أنهكان يقول على رءوس المنابر و مجمع الأشهادكما رووا أنا الصديق الأكبر و لم يسموه معذلك الصديق و خصصوا هذه اللفظة بأبي بكردون غيره من سائر الصديقين إن هذا مما تنفرمنه عقول المستبصرين